أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - الشهبي أحمد - الكيان الصهيوني: مشروع اغتصاب لا وطن














المزيد.....

الكيان الصهيوني: مشروع اغتصاب لا وطن


الشهبي أحمد
كاتب ومدون الرأي وروائي

(Echahby Ahmed)


الحوار المتمدن-العدد: 8333 - 2025 / 5 / 5 - 00:32
المحور: القضية الفلسطينية
    


في قلب القرن العشرين، وبين أنقاض الإمبراطوريات المتداعية، نهض كيان مسخ، لا يشبه الأمم، ولا ينتمي للتاريخ الطبيعي للشعوب. "إسرائيل"، الاسم الذي أرادوه بديلًا عن فلسطين، ليس اسم دولة، بل عنوان مشروع اغتصاب منظم لأرض، وهوية، وتاريخ. فليس هناك دولة في العالم وُلدت من رحم المجازر، ورضعت من ثدي الخداع والدعم الاستعماري كما حدث مع الكيان الصهيوني.

منذ أن خطَّ ثيودور هرتزل، مؤسس الصهيونية السياسية، أفكاره في كتابه "الدولة اليهودية" سنة 1896، بدأت تتشكل ملامح كارثة كبرى ستطال شعبًا كاملًا. لم يكن مشروعه سوى امتدادٍ لصراعات أوروبا الداخلية، ومحاولة من الغرب الاستعماري للتخلص من "المشكلة اليهودية" بنقلها إلى قلب الشرق، متسترين وراء أساطير توراتية وأوهام "أرض الميعاد".

كانت فلسطين حينها بلدًا حيًا، عامرًا بمزارعيه، ومثقفيه، وأسواقه، وتعدده الثقافي والديني. لم تكن صحراء قاحلة كما زعمت الدعاية الصهيونية، بل مجتمعًا حيًا يعيش على أرضه منذ قرون، قبل أن تبدأ آلة الاستعمار البريطاني بإفراغ الطريق أمام المشروع الصهيوني، ابتداء من وعد بلفور المشؤوم سنة 1917، وانتهاءً بنكبة 1948.

في تلك السنة السوداء، ارتُكبت أبشع الجرائم تحت سمع وبصر العالم. تم تهجير أكثر من 750 ألف فلسطيني قسرًا من بيوتهم، في أكبر عملية تطهير عرقي في القرن العشرين. لم يكن هذا التهجير محض مصادفة أو نتيجة حرب، بل خطة ممنهجة أشرفت عليها عصابات صهيونية مسلحة مثل "الهاغاناه" و"الأرغون" و"شتيرن". ارتكبت هذه العصابات مجازر مروعة، أشهرها مجزرة دير ياسين، التي قُتل فيها ما يزيد عن 250 مدنيًا بطريقة وحشية.

منذ ذلك الحين، لم يتوقف الكيان عن إنتاج المأساة. في كل عقد، هناك حرب، أو مجزرة، أو حصار. لبنان ذاقت ويلات القصف الإسرائيلي في أكثر من مناسبة، كان أفظعها مجزرة صبرا وشاتيلا سنة 1982، حين اجتاحت القوات الصهيونية بيروت، وسهّلت لمليشيات موالية لها تنفيذ جريمة مروعة راح ضحيتها الآلاف.

أما غزة، فليست سوى معسكر اعتقال جماعي في الهواء الطلق. منذ أكثر من عقد ونصف، يعيش أكثر من مليوني فلسطيني تحت حصار خانق، تخللته أربع حروب مدمرة (2008، 2012، 2014، و2021)، استُخدم فيها الفسفور الأبيض، وقُصفت فيها المدارس والمستشفيات والمخابز، وسقط فيها آلاف المدنيين، أغلبهم من النساء والأطفال.

الغريب في كل هذا، هو الإصرار الغربي على تصوير هذا الكيان كدولة "ديمقراطية" وسط شرقٍ متخلف، والاحتفاء به كضحية دائمة، رغم أنه يملك جيشًا من أقوى جيوش العالم، مدعومًا نوويًا، ويحتل أرضًا ليست له، ويقتل شعبًا لا يملك سوى الحجارة.

هذا التواطؤ الغربي ليس طارئًا، بل هو بنية ثابتة في النظام الدولي منذ الحرب العالمية الثانية. فالغرب الاستعماري، بقيادة الولايات المتحدة، يرى في الكيان الصهيوني امتدادًا استراتيجيًا لمصالحه في المنطقة. لذلك لا عجب أن تُستخدم الفيتوهات في مجلس الأمن كلما حاول العالم إدانة جرائمه. ولا غرابة أن يُعامل الضحية كمتهم، بينما القاتل يُمنح صكوك الغفران والتمويل العسكري والدبلوماسي.

لكن ماذا عن الموقف العربي؟ هنا يتضاعف الألم. فبعض الأنظمة، التي كانت ترفع شعارات المقاومة، وقعت في فخ التطبيع العلني، متذرعة بـ"السلام" و"المصالح الوطنية". الحقيقة أن أول من دشن هذا المسار كانت مصر، بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد سنة 1979، برعاية أمريكية. كانت تلك لحظة مفصلية، حيث خرجت أكبر دولة عربية من معادلة الصراع، وفتحت الباب أمام مسلسل طويل من الانبطاح السياسي.

توالت بعد ذلك اتفاقيات الذل، من وادي عربة في الأردن، إلى أوسلو في فلسطين، ثم جاء الطوفان مع ما سُمي بـ"اتفاقيات أبراهام"، التي شرعنت وجود الاحتلال وأقامت معه علاقات اقتصادية وعسكرية وثقافية.

ورغم هذه الخيانات، فإن الشعوب ما زالت حية. في كل انتفاضة، في كل جنازة شهيد، في كل صرخة أم ثكلى، يثبت الفلسطينيون والعرب الشرفاء أن القضية لم تمت. إنهم وحدهم من يعيدون تعريف الكرامة في زمن التواطؤ، ويحمون شرف أمة لم تعد تعرف من البطولة سوى صورها القديمة.

الكيان الصهيوني، مهما طال أمده، هو كيان مؤقت، قائم على العنف، ويعيش بحماية القوة. ومثل كل مشاريع الاستعمار التي سبقته، فإن نهايته حتمية، لا لأنها نبوءة، بل لأنها سنة تاريخية. لا شيء يصمد طويلاً حين يُبنى على الدماء.

ستبقى فلسطين، وسيعود الحق لأصحابه، أما الكيان، فمصيره كمصير كل باطل: إلى زوال.



#الشهبي_أحمد (هاشتاغ)       Echahby_Ahmed#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجابري... عقل لا يُنسى
- في حضرة صاحبة الجلالة
- شكراً بنكيران… لقد بلغت من الشعب مبلغ الميكروبات
- طنجة: مرآة الروح المكسورة - قراءة نقدية وتحليلية لرواية -الس ...
- ربة البيت: عاملة بلا أجر في وطن لا يعترف بها
- العيد الذي لا يخص أحدً
- مفقوص على الأساتذة؟ ليتك وقفت معهم بدل أن -تتألم-
- نقابتنا العزيزة... رفيقة درب الأتراك
- ملتحٍ؟ إذن أنت مشتبه فيه
- حين يُمسك التراب بالذاكرة: قراءة في وجع الإنسان وهشاشة المصي ...
- حَفْرُ الذاكرة في جدار الصمت: تزمامارت وتشريحُ الإنسانيّ عبر ...
- تشريح الصمت: قراءة نقدية وتحليلية لرواية المريضة الصامتة
- معرض الكتاب... جنازة ثقافية بكاميرات عالية الجودة
- حين تكشف الرقمنة المستور: الأمن السيبراني في عطلة مدفوعة الأ ...
- من أسامة مسلم إلى أحمد آل حمدان: حين يكتب التيك توك الرواية
- من التوقيف الى التصفيق
- الدعم… وقسمة الحظ
- موسم الانتخابات… نُمنح الحق في الحلم من جديد
- الخوف.. البضاعة التي لا تبور
- بين المساواة والنفقة… تضيع العدالة


المزيد.....




- الحوثيون يعلنون عزمهم فرض -حصار جوي- على إسرائيل
- الأردن.. إحباط محاولة تسلل وتهريب كميات كبيرة من المواد المخ ...
- ترامب يقول إنه لا يسعى للترشح لولاية رئاسية ثالثة
- بوتين يؤكد.. نملك كل ما يلزم لتحقيق هدفنا
- انفجار الوضع في السويداء مجددا.. اشتباكات وقصف بـ-الهاون- (ف ...
- رومانيا.. سيميون يتصدر الانتخابات الرئاسية بعد فرز 90% من ال ...
- لـ-أطفال غزة-.. وصية الراحل فرنسيس الأخيرة (صور)
- الأردن.. إحباط محاولة تسلل وتهريب كميات كبيرة من المواد المخ ...
- الحوثيون يخطرون منظمة الطيران الدولي والاتحاد الدولي للنقل ا ...
- مسيرة الفوج الخالد تجوب شوارع بيروت


المزيد.....

- سيناريوهات إعادة إعمار قطاع غزة بعد العدوان -دراسة استشرافية ... / سمير أبو مدللة
- تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل / غازي الصوراني
- حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية / فتحي كليب و محمود خلف
- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني
- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني
- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - الشهبي أحمد - الكيان الصهيوني: مشروع اغتصاب لا وطن