أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - الشهبي أحمد - ربة البيت: عاملة بلا أجر في وطن لا يعترف بها














المزيد.....

ربة البيت: عاملة بلا أجر في وطن لا يعترف بها


الشهبي أحمد
كاتب ومدون الرأي وروائي

(Echahby Ahmed)


الحوار المتمدن-العدد: 8330 - 2025 / 5 / 2 - 00:14
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    


في دولة تُبجِّل أوراشها الكبرى، وتُراكم دراسات الجدوى في رفوف الوزارات، لا أحد توقّف ليسأل: من يلمّ فوضى الحياة اليومية بينما أنتم تخططون لـ"نموذج تنموي" لا يتسع حتى لمنديل مطبخ؟ من يشتغل دون أوراق، دون أجرة، دون اعتراف قانوني، دون حتى مجرّد ذكر في لوائح الإحصاء؟ إنها "ربة البيت"، أو كما تسميها الدولة: "بدون".

اللافتة التي ظهرت في الصورة، والتي كتب عليها "الشقا حتى هو خدمة"، ليست شعارًا نضاليًا قدر ما هي بلاغ رسمي صادر من الهامش، من تحت طاولة الحكومة، من حوض المطبخ الذي نسيته السياسة العمومية. تقول اللافتة ما لا يقال في خطب الوزراء: أن هناك قطاعًا غير مهيكل، غير مدفوع، غير مؤمّن عليه، هو العمود الفقري للحياة الاجتماعية... اسمه: الشغل المنزلي غير المؤدى عنه.

عقد البلد: 0 درهم.
هذا ليس نكتة، بل رقم السياسة الصمّاء. الدولة، بكل جلالة قدرها، لا تعترف بهذا العمل ضمن الناتج الداخلي الخام، ولا تُدرجه في إحصائيات التشغيل، ولا تُخصّص له برامج دعم أو حماية أو حتى نية في الاعتراف. المرأة التي تُدير أسرة، تُربّي أطفالًا، تنظّف، تطبخ، ترعى، تُسهِر، تُداوي، هي في نظر الدولة "غير نشيطة اقتصاديًا". تخيّلوا الوقاحة.

في برامج التنمية البشرية، نقرأ عن تمكين النساء، عن محاربة الهشاشة، عن الإدماج السوسيو-اقتصادي، لكن لم نرَ قط بندًا يتحدث عن العدالة لربّات البيوت. والسبب بسيط: لأن الدولة تعتبر أن ما يتم داخل الجدران الأربعة لا يعنيها، كأن هذه الجدران ليست هي الأساس الذي تقوم عليه بيوتها ومكاتبها ومشاريعها.

ليست المشكلة في الزوج – هذه المرة – بل في مؤسسات تُكرّس الإقصاء تحت شعارات تنموية براقة. الدولة التي تحتفل بعيد الشغل ولا توجه حتى رسالة رمزية لهؤلاء النساء، لا تعاني من النسيان بل من التجاهل المقصود. هي تعلم، لكنها لا ترى فيهن ناخبات محتملات، ولا يد عاملة تُجلب بها الاستثمار، فتمحوهن من كل خطاب.

نحن أمام اقتصاد خفي، تُدار فيه الملايين من ساعات العمل سنويًا دون احتساب. لكن من يهتم؟ الدولة مشغولة بدعم سيارات الأجرة الكبيرة، وبرسم استراتيجيات فلاحية لا تصل إلى مطابخ النساء اللواتي يطهون تحت خط الفقر. أما "الشقا"، فليبقَ شأنًا داخليًا، تُعالج تبعاته بالدعاء وصبر أيوب.

والمفارقة المريرة أن أرقى مهنة على الإطلاق، لا تجد لها بندًا في موازنات الدولة ولا اعترافًا في دفاتر الحقوق. "ربة البيت" ليست خادمة، بل عماد أساسي في بناء أجيال متزنة نفسيًا، إنسانيا، وقيميًا. حين تكون المرأة مستقرة في بيتها، مؤمنة بقيمتها، مدعومة من الدولة، محمية بحقوقها، فإنها تصنع مجتمعًا سليمًا من الجذر، لا يحتاج إلى مراكز تأهيل، ولا إلى إعادة إدماج.

لكن من أين للدولة أن تفهم هذا؟ كيف يمكن لمن لا يرى في الإنسان سوى رقم في البطاقة الوطنية أن يعترف بعمل لا يُدرّ عليه ضريبة ولا صوتًا انتخابيًا؟ وهكذا تستمر المهزلة: المرأة التي تصنع الوطن من الداخل، تُعامل كأنها عاطلة، في وطن لا يملك حتى الشجاعة ليعترف بفضلها.

في النهاية، ما يُطلب من هذه الدولة ليس أن تمنّ على النساء، بل أن تخجل من صمتها، أن تخرج من المكاتب المكيفة وتدخل إلى مطبخ الوطن الحقيقي، حيث تُطهى الحياة وتُربّى الأجيال... بلا أجر، بلا قانون، وبكثير من الكرامة المنهكة.



#الشهبي_أحمد (هاشتاغ)       Echahby_Ahmed#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العيد الذي لا يخص أحدً
- مفقوص على الأساتذة؟ ليتك وقفت معهم بدل أن -تتألم-
- نقابتنا العزيزة... رفيقة درب الأتراك
- ملتحٍ؟ إذن أنت مشتبه فيه
- حين يُمسك التراب بالذاكرة: قراءة في وجع الإنسان وهشاشة المصي ...
- حَفْرُ الذاكرة في جدار الصمت: تزمامارت وتشريحُ الإنسانيّ عبر ...
- تشريح الصمت: قراءة نقدية وتحليلية لرواية المريضة الصامتة
- معرض الكتاب... جنازة ثقافية بكاميرات عالية الجودة
- حين تكشف الرقمنة المستور: الأمن السيبراني في عطلة مدفوعة الأ ...
- من أسامة مسلم إلى أحمد آل حمدان: حين يكتب التيك توك الرواية
- من التوقيف الى التصفيق
- الدعم… وقسمة الحظ
- موسم الانتخابات… نُمنح الحق في الحلم من جديد
- الخوف.. البضاعة التي لا تبور
- بين المساواة والنفقة… تضيع العدالة
- رحلة في الطوبيس: من الكرامة إلى الزحام
- المغرب يقود طريق السلام في الصحراء: رؤية تنموية تكشف زيف شعا ...
- خاتم من ورق وقفطان للذِّكرى… العُرس تأجيلٌ جماعي
- المجتمع الذي يربّي بسكين
- أرض النخبة وقوة القاع: رحلة في تفاوتات المغرب الاجتماعية


المزيد.....




- مؤتمر إشبيلية لتمويل التنمية.. نحو عدالة مالية تخدم شعوب الج ...
- سلفة 50.000 دينار للموظفين والمتقاعدين من مصرف الرافدين بفائ ...
- استعلام رواتب المتقاعدين في العراق 2025 وحقيقة الزيادة الجدي ...
- -المرصد العمالي-: 80% من الاحتجاجات العمالية في الأردن خلال ...
- “المرصد العمالي”: 80% من الاحتجاجات العمالية في الأردن خلال ...
- موعد صرف رواتب المتقاعدين شهر يوليو في العراق 2025 وحقيقة ال ...
- السفارة الأميركية تعلن مغادرة المزيد من الموظفين
- الرئيس السوري يرفع رواتب الموظفين وأصحاب المعاشات 200%
- وزارة المالية العراقية تُعلن موعد صرف رواتب المتقاعدين شهر ي ...
- اعتقال 29 فلسطينيا و9 انتهاكات إسرائيلية في أسبوع بحق المزار ...


المزيد.....

- الفصل السادس: من عالم لآخر - من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الفصل الرابع: الفانوس السحري - من كتاب “الذاكرة المصادرة، مح ... / ماري سيغارا
- التجربة السياسية للجان العمالية في المناطق الصناعية ببيروت ( ... / روسانا توفارو
- تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات / جيلاني الهمامي
- دليل العمل النقابي / مارية شرف
- الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا ... / خميس بن محمد عرفاوي
- مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها / جهاد عقل
- نظرية الطبقة في عصرنا / دلير زنكنة
- ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟ / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - الشهبي أحمد - ربة البيت: عاملة بلا أجر في وطن لا يعترف بها