أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - الشهبي أحمد - رحلة في الطوبيس: من الكرامة إلى الزحام














المزيد.....

رحلة في الطوبيس: من الكرامة إلى الزحام


الشهبي أحمد
كاتب ومدون الرأي وروائي

(Echahby Ahmed)


الحوار المتمدن-العدد: 8315 - 2025 / 4 / 17 - 05:48
المحور: كتابات ساخرة
    


لو كان هناك أحد يسعى لاختبار مدى صبره وقدرته على التحمل، فإن الطوبيس في المغرب هو الحل الأمثل. الطوبيس ليس مجرد وسيلة نقل، بل هو أشبه بتحدٍّ يومي من نوع خاص، حيث تبدأ الرحلة بمجرد أن تقرر أن تأخذ الطوبيس في الصباح الباكر، أو بالأحرى في وقت يتنافس فيه الكائنات الحية على من يستطيع التواجد في المحطة أولًا.

في المغرب، عندما تقرر ركوب الطوبيس، فأنت لست فقط على موعد مع "رحلة"، بل مع مغامرة لا تُقاس بمدى قربك من وجهتك، بل بمدى معاناتك في الوصول إليها. إن الطوبيس في المغرب هو حقًا ساحة معركة: "الكرامة ضد الزحام، والخوف من المستقبل ضد الخوف من الحاضر"

يبدأ كل شيء بفكرة "نظيفة": الطوبيس سيأتي في الوقت المحدد. "أنا فقط أحتاج إلى أن أكون في المحطة قبل دقيقة، ثم سيأخذني الطوبيس إلى حيث أريد، بأمان، راحة، وسلام". هذه هي الخطط المثالية، التي عادة ما تتحطم على صخرة الواقع. الطوبيس لا يأتي في الموعد أبدًا. هو مثل ذلك الصديق الذي يقول لك دائمًا "وصلت"، لكنك لا تراه إلا بعد ساعتين، وأنت تقف تحت الشمس، تحاول أن تقنع نفسك أن هذا هو "الوقت المثالي للانتظار".

وها هو الطوبيس، يأتي أخيرًا… وكأنك رأيت طائرة فضائية، لكنه في الواقع مجرد حافلة مليئة بالحكايات. يدخل الجميع، وأنت تبدأ في التراجع إلى الخلف قليلاً لأنك تشعر أن المساحة الموجودة لا تتسع حتى لجهازك المحمول، فكيف لجسدك؟ لكن لا مجال للهرب، لأن الركاب في كل زاوية، والحافلة قد امتلأت بكل شيء إلا الهواء.

وأنت، في وسط هذا الزحام، تبدأ رحلة "البحث عن الذات"… أين تجد مكانًا ليدك؟ أين مكان رجلك؟ هل يمكن أن ترفع ساقك بطريقة أفقية لتفادي "العاصفة البشرية" القادمة؟ ويفاجئك السائق الذي يقود كأنه في سباق سيارات، يفرمل فجأة كما لو أن لديه موعدًا مع القدر، ويدير المقود كأن الطوبيس هو دراجة نارية صغيرة.

أما الحواف؟ هل هناك شيء يسمى "الحواف" في الطوبيس؟ تصبح المحطات مجرد أكاذيب، عند كل محطة، يُضاف راكب آخر، وأنت تبدأ تفقد الأمل في الوصول إلى مكانك بأمان. لا، ليس المقصود "الأمان" من السائق الذي يقود مع الأعصاب المكشوفة، بل الأمان من "الحركة" التي تجدها في الأقدام المتشابكة، والأيادي التي تلامسك بدون إذن، والركب التي تخترق فخذيك وكأننا في مباراة مصارعة.

وإذا تحدثت إلى السائق، سيكون ردّه في غاية البساطة:
ـ "آش بغيت، ماشي ساعة ديال اللعب هنا"
فعلاً، ليس وقتًا للعب، لكنك، كراكب، تشعر أنك في لعبة "سيرك طوبيسات" حيث يضيق التنفس في "الجولات الأولى"، لكنك تعلم أن لا خيار لديك سوى أن "تتعايش".

وعندما تصل أخيرًا إلى المحطة، تشعر وكأنك نجوت من حرب عالمية، لا أحد من الركاب يحاول النظر إليك، لأنهم جميعًا مرّوا بنفس التجربة. والكرامة؟ نعم، الكرامة هي الكلمة الأخيرة في قاموسك، الذي تحتفظ به في جيبك من شدة الزحام.

الطوبيس في المغرب، ببساطة، هو معركة يومية على الهواء، وعلى النفس، وعلى البقاء في صراع مع الزمن، والكرامة، والحياة. كلما ركبت الطوبيس، تأكد أنك لست على متن "وسيلة نقل"، بل على متن "رحلة بحث عن الذات وسط الزحام، حيث الكرامة تصعد وتغادر دون أن تترك لك رسالة"



#الشهبي_أحمد (هاشتاغ)       Echahby_Ahmed#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المغرب يقود طريق السلام في الصحراء: رؤية تنموية تكشف زيف شعا ...
- خاتم من ورق وقفطان للذِّكرى… العُرس تأجيلٌ جماعي
- المجتمع الذي يربّي بسكين
- أرض النخبة وقوة القاع: رحلة في تفاوتات المغرب الاجتماعية
- صرخة أرفود: دم الأستاذة على جبين الدولة
- الأسرة التي أصبحت الآلة لتفريخ المجرمين بتفوّق
- الطماطم تحكم… والمواطن ينتخب الصبر
- الكرة في ملعبهم… ونحن في قاعة الانتظار
- الإيمان تحت رحمة الجغرافيا
- كاتب رأي... لا صحافي ولا هم يحزنون
- أعيدوها إلى السجن... حمايةً لما تبقّى من ملامح العدالة
- تازة... حين تتحول الصحافة إلى ميكروفون بلا شهادة
- جيل التسعينات: من الحلم إلى الاختناق؟
- المعلم ... من مربٍ إلى هدف
- الجزائر بين وهم الماضي وواقع المغرب المتقدم: الحقيقة التي لا ...
- طفولة المغرب بين مؤثرات الإعلام وتآكل القيم
- المغاربة… يكذبون الكذبة على الفايسبوك ويؤمنون بها
- الطاكسيات في المغرب: تقدر توصل وتقدر ما توصلش
- المغربي: بطل الأساطير في مسرح الحياة اليومية.
- صوتٌ يصدحُ من بين القيود: رؤيةٌ نقديةٌ ل-تحرير المرأة- مع قا ...


المزيد.....




- التمثيل النقابي والبحث عن دور مفقود
- الفنان التونسي محمد علي بالحارث.. صوت درامي امتد نصف قرن
- تسمية مصارعة جديدة باسم نجمة أفلام إباحية عن طريق الخطأ يثير ...
- سفارة روسيا في باكو تؤكد إجلاء المخرج بوندارتشوك وطاقمه السي ...
- كتاب -رخصة بالقتل-.. الإبادة الجماعية والإنكار الغربي تحت مج ...
- ضربة معلم من هواوي Huawei Pura 80 Pro.. موبايل أنيق بكاميرات ...
- السينما لا تموت.. توم كروز يُنقذ الشاشة الكبيرة في ثامن أجزا ...
- الرِّوائي الجزائري -واسيني الأعرج-: لا أفكر في جائزة نوبل لأ ...
- أحمد السقا يتحدث عن طلاقه وموقفه -الغريب- عند دفن سليمان عيد ...
- احتفال في الأوبرا المصرية بالعيد الوطني لروسيا بحضور حكومي ك ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - الشهبي أحمد - رحلة في الطوبيس: من الكرامة إلى الزحام