الشهبي أحمد
كاتب ومدون الرأي وروائي
(Echahby Ahmed)
الحوار المتمدن-العدد: 8315 - 2025 / 4 / 17 - 08:40
المحور:
كتابات ساخرة
في المغرب، حين يُقال "مدونة الأسرة"، يُصاب المواطن بارتباك يشبه من يحاول قراءة رواية فلسفية وهو يعاني من صداع نصفي… المدونة التي قيل إنها جاءت لتحقّق "المساواة"، فإذا بها تُخرج الرجل من باب الرجولة، وتُدخل المرأة من نافذة الاستقلالية، وتترك العدالة تنام في قبو المحكمة.
المساواة؟ رائعة من لا يريدها؟ أن تحصل المرأة على فرص العمل، والتعليم، و"السوشل ميديا"، وأن تقود السيارة، وتدير المشاريع، بل وتشرح للرجل معنى الرجولة في الندوات الحقوقية… لكن ما إن تنطق كلمة "طلاق"، حتى يتقلّب ميزان القوى: تُخرج المدونة دفتر النفقات، وتُمسك القاضي قلم الحِسبة، وتبدأ المحاكمة الكبرى ضد الكائن الذي كان يُدعى "زوجاً".
الرجل، في لحظة واحدة، يتحوّل من "شريك حياة" إلى "بنك متنقّل"، يُطالَب بالنفقة، والسكن، والتطبيب، والحضانة، والنقل، والمصاريف الاستثنائية، ومصاريف لا نعرف من أين جاءت أصلاً، حتى الهواء الذي تنفسته الزوجة يُحتسب من ضمن الفاتورة.
ـ "سيدي القاضي، لقد استنشقت الأوكسجين في بيت الزوجية لمدة خمس سنوات"
ـ "يؤمر الزوج بدفع مقابل الأوكسجين مع الفوائد القانونية."
أما المساواة، تلك التي نتغنّى بها صباح مساء، فتغادر القاعة بهدوء، وتعتذر بأنها لا تعمل في ظروف الطلاق. المرأة تُطالب بالاستقلال المادي، ولكن بشرط أن يبقى الرجل هو المموّل الرسمي. تُطالبه بحقها في العمل، ثم تُطالبه بالنفقة كأنها لم تبرح بيت العائلة. تريد الحرية، لكن لا ترفض "شي باركة كل شهر"، فقط لزوم الحفاظ على الروح الحقوقية.
وإن تجرأ الرجل وقال: "أنا أيضاً أطالب بالمساواة"
أُسكت فوراً، واتُّهِم بمحاولة تقويض مكتسبات المرأة، وبأنه يعاني من عقدة التفوق الذكوري، وربما يُتهم ضمنيًا بأنه "ما بقاش راجل."
المدونة صارت مثل تلك السيارة القديمة التي كلما أصلحوها من جهة، تعطلت من جهة أخرى. إن أردت تعديل النفقة، اشتكت لك الجمعيات. وإن طالبت بتقاسم المسؤوليات، قيل لك: "ماشي رجولة" وإن اقترحت أن تُحاسَب المرأة على مدخولها أثناء الحضانة، نُظِر إليك كما لو أنك اقترفت خيانة عظمى.
باختصار، المساواة التي أردناها صارت مثل طبق الكسكس يوم الجمعة: "كلشي باغيه، لكن ماشي كلشي كيعاون فالعرك." والرجل المغربي، الحائر بين كونه "راجل الدار" أو "خزنة العائلة"، بدأ يحنّ لأيام العزوبية، حين كان الخلاف الأكبر هو نوع البيتزا، وليس المادة 84 من المدونة.
وفي ظل هذا "التمغريب القانوني"، ضاعت العدالة. خرجت ذات صباح ولم تعد، يُقال إنها شوهدت آخر مرة وهي تحاول تقرأ نصاً في المدونة، ثم ألقت بالقلم وقالت: "صافي، أنا غادي نبدّل المهنة… ندير شي كشك فالكورنيش"
#الشهبي_أحمد (هاشتاغ)
Echahby_Ahmed#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟