أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الشهبي أحمد - الجابري... عقل لا يُنسى














المزيد.....

الجابري... عقل لا يُنسى


الشهبي أحمد
كاتب ومدون الرأي وروائي

(Echahby Ahmed)


الحوار المتمدن-العدد: 8332 - 2025 / 5 / 4 - 18:13
المحور: الادب والفن
    


في مثل هذا الوقت من كل عام، يعود إلينا الحنين بطعم الخسارة، كأن رحيل محمد عابد الجابري حدث بالأمس. لا ننسى، ولن ننسى، تلك الخسارة الثقيلة التي ألمّت بالفكر العربي حين توقف ذلك العقل المتقد عن النبض، لكننا أيضًا لا ننكر أن بريق أفكاره لم يخفت، بل يزداد إشعاعًا وانتشارًا مع مرور الزمن، بين من يختلفون معه ومن يتتلمذون على فكره، بين من يجادلونه ومن يقتبسونه دون تصريح.

كان الجابري لا ينظر إلى النقد كمجرد تمرين ثقافي أو عبث لغوي، بل كفعل تحرر، كمسعى لتفكيك ما تراكم في الذات العربية من خشب معرفي وسكون ذهني، كما كتب في "تكوين العقل العربي". لقد جعل من العقل ساحة معركة ومن التراث مادة للقراءة لا للعبادة، ونجح بذلك في تحريك راكدٍ ظل قرونًا يجتر نفسه.

من فكيك البعيدة إلى الدار البيضاء، خط الجابري مسارًا استثنائيًا، حمل فيه مشروعًا صلبًا امتد على أكثر من ثلاثين كتابًا، وكان مشروعه الأبرز هو "نقد العقل العربي" الذي بدأه بـ"تكوين العقل العربي"، ومرّ بـ"بنية العقل العربي"، و"العقل السياسي العربي"، وانتهى بـ"العقل الأخلاقي العربي". ليست مجرد كتب، بل صدمة معرفية هزّت قناعاتٍ، وأثارت خصومات، وأطلقت موجة من القراءات المضادة، أبرزها من جورج طرابيشي الذي كتب "نقد نقد العقل العربي"، في سجال لا يزال حيًا حتى بعد رحيل أصحابه.

في زمن الاستقالة الجماعية للعقل، وقف الجابري صامدًا ليقول إن ما نحتاجه ليس إعادة قراءة التراث فحسب، بل إعادة ابتكار العقل نفسه. عقل لا يتهرب من القضايا الكبرى، بل يتورط فيها بحس نقدي ومسؤولية معرفية.

اشتغل على التراث، ولكن بعين العصر، فكان "نحن والتراث"، وكان "التراث والحداثة"، وكان "المثقفون في الحضارة العربية". اشتغل على التعليم، على الهوية، على الدولة، على الديمقراطية، على العقلانية، على القرآن. ولم يكن منظّرًا معزولًا، بل مفكرًا داخل المعمعة، يمشي على أرض الأسئلة لا فوقها، يخطئ ويصيب، لكنه لا يتوقف.

ولأن الأفكار لا تموت، فإن الجابري – وإن رحل جسده في 3 ماي 2010 – لا يزال حاضرًا في كل نقاش حول الهوية، العقل، الحداثة، التراث. يطل من كتبه، من خصومه، من تلامذته، من حتى أولئك الذين لم يقرؤوه ولكنهم يرددون صدى أفكاره دون أن يدروا.

رحمك الله يا أستاذنا، ما زلت تفتح نوافذ في جدران أُغلقت من فرط الخوف والكسل.



#الشهبي_أحمد (هاشتاغ)       Echahby_Ahmed#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في حضرة صاحبة الجلالة
- شكراً بنكيران… لقد بلغت من الشعب مبلغ الميكروبات
- طنجة: مرآة الروح المكسورة - قراءة نقدية وتحليلية لرواية -الس ...
- ربة البيت: عاملة بلا أجر في وطن لا يعترف بها
- العيد الذي لا يخص أحدً
- مفقوص على الأساتذة؟ ليتك وقفت معهم بدل أن -تتألم-
- نقابتنا العزيزة... رفيقة درب الأتراك
- ملتحٍ؟ إذن أنت مشتبه فيه
- حين يُمسك التراب بالذاكرة: قراءة في وجع الإنسان وهشاشة المصي ...
- حَفْرُ الذاكرة في جدار الصمت: تزمامارت وتشريحُ الإنسانيّ عبر ...
- تشريح الصمت: قراءة نقدية وتحليلية لرواية المريضة الصامتة
- معرض الكتاب... جنازة ثقافية بكاميرات عالية الجودة
- حين تكشف الرقمنة المستور: الأمن السيبراني في عطلة مدفوعة الأ ...
- من أسامة مسلم إلى أحمد آل حمدان: حين يكتب التيك توك الرواية
- من التوقيف الى التصفيق
- الدعم… وقسمة الحظ
- موسم الانتخابات… نُمنح الحق في الحلم من جديد
- الخوف.. البضاعة التي لا تبور
- بين المساواة والنفقة… تضيع العدالة
- رحلة في الطوبيس: من الكرامة إلى الزحام


المزيد.....




- مركز الاتصال الحكومي: وزارة الثقافة تُعزّز الهوية الوطنية وت ...
- التعبيرية في الأدب.. من صرخة الإنسان إلى عالم جديد مثالي
- يتصدر عمليات البحث الأولى! .. فيلم مشروع أكس وأعلى الإيردات ...
- المخرج علي ريسان يؤفلم سيرة الروائي الشهيد حسن مطلك وثائقياً ...
- فنانون سوريون ينعون ضحايا تفجير كنيسة مار إلياس
- المفكر الإيراني حميد دباشي.. التصورات الغربية عن الهوية الإي ...
- فيلم -باليرينا-.. درس جديد في تصميم الأكشن على طريقة -جون وي ...
- التشادي روزي جدي: الرواية العربية طريقة للاحتجاج ضد استعمار ...
- ما آخر المستجدات بحسب الرواية الإسرائيلية؟
- تردد قناة ماجد الجديد لأطفالك 2025 بأحلى أفلام الكرتون الجذا ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الشهبي أحمد - الجابري... عقل لا يُنسى