الشهبي أحمد
كاتب ومدون الرأي وروائي
(Echahby Ahmed)
الحوار المتمدن-العدد: 8331 - 2025 / 5 / 3 - 07:33
المحور:
التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية
لا نعرف إن كان السي عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، يعاني من ضيق في الصدر أو فائض في اللسان، لكن المؤكد أن الرجل لا يُفوّت فرصة أمام ميكروفون إلا ويُهين من لا صوت لهم. آخر خرجاته، وصف بعض المغاربة بأنهم "ميكروبات" و"حمير"، فقط لأنهم تجرأوا على التعبير عن أولويتهم في دعم القضية الوطنية، دون أن يتخلّوا عن تضامنهم الثابت مع الشعب الفلسطيني.
بنكيران الذي كان يوماً رئيساً للحكومة، لم يعد اليوم سوى ظلٍّ غاضب لرجلٍ خسر السلطة ولم يستوعب بعد أن زمنه قد ولّى. صرخاته العصبية، ونبرته المتعالية، وشتائمه الرخيصة، كلها مؤشرات على سياسي لم يتقبّل أن الشعب الذي كان يصفق له، صار اليوم يصمّ آذانه عن صراخه. لا ندري إن كانت "الميكروبات" التي يقصدها هي ذاتها التي صوّتت له يوماً، أم أنه يتحدث عن شعب آخر لا نعرفه.
الخطاب السياسي حين يفتقد للرزانة، يتحوّل إلى مونولوغ هجومي، إلى بلاغة منزوعة الأخلاق. والسي بنكيران لا يبدو أنه يفرّق بين معركة الأفكار، ومعركة الإهانات. فعوض أن يناقش، يتهكّم. عوض أن يبني، يهدم. وكأن السياسة عنده ليست فناً لتدبير الشأن العام، بل مسرحاً يصرخ فيه وحده، ثم ينتظر التصفيق.
نحن لسنا "ميكروبات"، لكننا نعيش وسط عدوى سياسية عمرها سنوات. ولسنا "حميراً"، لكننا نحمل على ظهورنا وزر وعود وُزعت ذات يوم باسم العدالة والتنمية، وتبخّرت في أول مواجهة مع الواقع. ولسنا "أشباه الوطنيين"، لأن الوطنية لا تُقاس بالصراخ على فلسطين ولا بالمزايدة على المغاربة في حبّ بلدهم.
السي بنكيران، إن كنت قد تعبت، فاسترح. وإن كنت لا تجد في قاموسك سوى الشتائم، فاعتزل. فمنصب رئيس الحكومة كان يستدعي رجال دولة، لا هواة خطب عصبية. والمغاربة، كما يقول فنان هذا الوطن رشيد الوالي، "ما كيبقاوش ديما ساكتين"، وقد يسكتون عن جوعهم، عن فقرهم، عن ظلمهم، لكنهم لا يسكتون عن الإهانة.
وإذا كنتَ تصرّ على الحديث، فتحدث بما يليق. لا أحد يريد منك أكثر من ذلك. فقط، لا تترك للناس ذكراك في شكل شتيمة، ولا تجعل من نفسك نموذجاً لسياسي يخذله لسانه بعد أن خانه التاريخ.
#الشهبي_أحمد (هاشتاغ)
Echahby_Ahmed#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟