أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - الشهبي أحمد - حين يرقص التعليم على جراحه














المزيد.....

حين يرقص التعليم على جراحه


الشهبي أحمد
كاتب ومدون الرأي وروائي

(Echahby Ahmed)


الحوار المتمدن-العدد: 8349 - 2025 / 5 / 21 - 22:05
المحور: كتابات ساخرة
    


لم يعد في الأمر غرابة. فالتعليم عندنا، وقد أعياه العرج والتيه، قرّر أخيرًا أن يتعلّم الرقص. لا مجازًا، بل حرفيًا. والوزارة، في لحظة تجلٍّ استراتيجي، استدعت خبيرًا دوليًا في "الهيب هوب" و"البريكينغ" ليؤطر أساتذة التربية البدنية، ويوجههم صوب المستقبل الزاهي الذي لا مكان فيه لمن لا يتقن الرقص على الإسفلت.

إنها ليست نكتة. ليست منشورًا في صفحة هزلية، ولا سيناريو في مسرحية عبثية. إنها مراسلة رسمية ممهورة بخاتم الوزارة، تدعو فيها الأكاديميات إلى اختيار أساتذة مميزين، بل "مهتمين" بهذا الفن الراقي، كي يُدرَّبوا على حركات "البريك" وأخلاقيات "الستريت دانس"، ليُعاد تصديرهم مكوِّنين في الجهات والأقاليم.

أمام هذا البلاغ، جلسنا كمعلمين ومعلمات، لا نعرف أَنضحك حتى الاختناق أم نبكي حتى الجفاف. أهذا هو الدعم الذي انتظرناه؟ كنا نحلم بقاعات رياضية مسقفة، بكرات لا تسكنها الثقوب، بمضامير لا تعرج على الحصى، بحصص لا يقتسمها ستة أساتذة في نفس الساحة، فجاءنا الرد براقص أميركي يعلمنا كيف نلفُّ أجسادنا على الأرض!

هل الهيب هوب يا سادة بات أولوية تربوية؟ هل صار شرطًا للارتقاء الوظيفي أن تُجيد "السلايد" وتعرف أن تقف على رأسك وتدور كما "القرصان المدمج"؟ وهل سيدخل التلميذ الامتحان الشفهي في "الراب" ويقدّم مشروعه في التنشيط التربوي على شكل "فريستايل"؟

بل، ماذا عن قرانا التي لا تعرف حتى معنى "الرياضة المدرسية"، والتي يُمضي فيها الأستاذ حصة العدو الريفي وهو يطارد التلاميذ بين الصخور؟ ماذا عن المدارس التي ما زالت ترسم حدود الملعب بالحجر والعصا؟ هل سيبعث سيادة الخبير "راميريز" حقائب من الكرطون والسراويل الواسعة إلى هناك؟

وإن كان منطقنا يسعفنا بشيء، فهو أن الجسد المتعب لا يرقص، وأن التلميذ الذي لم يجد مكانًا ليجلس فيه، لن تهمه كثيرًا تفاصيل "البريكينغ"، بل كيف يكسر جدار الفقر قبل أن يكسر عنقه فوق الأسفلت.

نحن لا نكره الفن، ولا نرفض انفتاح المدرسة، لكننا نرفض أن يُستعمل الرقص غطاءً لستر العجز، وأن نُزَيّن مأساة التعليم بحركات دائرية تجعل الواقع يبدو ظريفًا.

يا معالي الوزير، قبل أن نرقص، هلا مشينا أولًا؟
قبل أن نقف على رؤوسنا، هلا وقفنا على أقدامنا؟
وقبل أن نُدخِل الهيب هوب إلى المدرسة، هلا أخرجنا البؤس منها؟



#الشهبي_أحمد (هاشتاغ)       Echahby_Ahmed#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوطن ككابوس وحلم: تأملات في تناقضات الرواية المغربية «الوطن ...
- حين انفجرت الدار البيضاء... واهتزّ قلب الوطن
- -الطلياني: عندما يصبح العقل آخر ملاذ للبقاء- ـ قراءة نقدية و ...
- الأستاذ... من القسم إلى تيك توك
- حين تُطل الحرب من نافذة كشمير: العالم على حافة الزر النووي
- الكيان الصهيوني: مشروع اغتصاب لا وطن
- الجابري... عقل لا يُنسى
- في حضرة صاحبة الجلالة
- شكراً بنكيران… لقد بلغت من الشعب مبلغ الميكروبات
- طنجة: مرآة الروح المكسورة - قراءة نقدية وتحليلية لرواية -الس ...
- ربة البيت: عاملة بلا أجر في وطن لا يعترف بها
- العيد الذي لا يخص أحدً
- مفقوص على الأساتذة؟ ليتك وقفت معهم بدل أن -تتألم-
- نقابتنا العزيزة... رفيقة درب الأتراك
- ملتحٍ؟ إذن أنت مشتبه فيه
- حين يُمسك التراب بالذاكرة: قراءة في وجع الإنسان وهشاشة المصي ...
- حَفْرُ الذاكرة في جدار الصمت: تزمامارت وتشريحُ الإنسانيّ عبر ...
- تشريح الصمت: قراءة نقدية وتحليلية لرواية المريضة الصامتة
- معرض الكتاب... جنازة ثقافية بكاميرات عالية الجودة
- حين تكشف الرقمنة المستور: الأمن السيبراني في عطلة مدفوعة الأ ...


المزيد.....




- مهرجان أفلام المقاومة.. منصة لتكريم أبطال محور المقاومة
- بعد أشهر من قضية -سرقة المجوهرات-.. الإفراج عن المخرج عمر زه ...
- الإمارات.. إطلاق أول نموذج ذكاء اصطناعي باللغة العربية
- 6 من أبرز خطاطي العراق يشاركون في معرض -رحلة الحرف العربي من ...
- هنا أم درمان.. عامان من الإتلاف المتعمد لصوت السودان
- من هنّ النجمات العربيّات الأكثر أناقة في مهرجان كان السينمائ ...
- كان يا ما كان في غزة- ـ فيلم يرصد الحياة وسط الدمار
- لافروف: لا يوجد ما يشير إلى أن أرمينيا تعتمد النموذج الأوكرا ...
- راندا معروفي أمام جمهور -كان-: فلسطين ستنتصر رغم كل الظلم وا ...
- جبريل سيسيه.. من نجومية الملاعب إلى عالم الموسيقى


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - الشهبي أحمد - حين يرقص التعليم على جراحه