أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - الشهبي أحمد - بوحمارة... حين امتطى المغربَ رجلٌ فوق حمارة














المزيد.....

بوحمارة... حين امتطى المغربَ رجلٌ فوق حمارة


الشهبي أحمد
كاتب ومدون الرأي وروائي

(Echahby Ahmed)


الحوار المتمدن-العدد: 8382 - 2025 / 6 / 23 - 08:41
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


لم يكن الجيلالي الزرهوني، الشهير بـ"بوحمارة"، مجرد متمرد من الهامش، بل كان مرآة مشروخة لانكسارات الدولة المغربية في بداية القرن العشرين. موظف بسيط عند القايد، درس في صفوف الجيش كطالب مهندس، قبل أن ينتقل إلى مشهد مختلف تمامًا: من خنادق السلطة إلى خرافة الثورة، ومن عباءة المخزن إلى مقام "القداسة".

ولد بوحمارة سنة 1862م بجبل زرهون قرب فاس، لكنه اختار لنفسه نهاية على شاكلة الملاحم القديمة: رجل يركب حمارة ويجوب القرى والجبال، يوزع البركات والخطب، يدّعي أنه المولى محمد بن الحسن، الأخ الضائع للسلطان، ويطالب بالعرش… لا بورقة شرعية ولا بسيف، بل بلسانٍ قادر على التنويم والإقناع.

أسّس لنفسه زاوية صوفية وزاوج بين التدين والسياسة، واستطاع أن يخلق حوله هالة قدسية جذبت البسطاء واليائسين، حتى استمال قبائل بأكملها. وعندما أسّس "سلطانه البديل" في تازة سنة 1902م، وأخذ عامل المدينة يسلمه مفاتيحها طواعية، بدا أن الرجل لم يعد مجرد مهرج بخيال جامح، بل مشروع فتنة حقيقية يهدد كيان الدولة.

واجه جيش السلطان عبد العزيز وهزمه شر هزيمة، فارتبكت الدولة، وارتبك معها الأوروبيون. بريطانيا أرسلت أسطولاً قرب جبل طارق، فرنسا جهزت بوارجها من وهران، وإسبانيا وضعت جنودها في حالة تأهب… رجلٌ على حمارة هزّ شمال المتوسط كله.

وبينما كانت السلطة تحاول استعادة أنفاسها، شن بوحمارة هجماته الليلية، وقطع الطرق، وأحكم قبضته على الريف والشرق، حتى أن فرنسا لم تجد حرجًا في التدخل سنة 1907 تحت ذريعة "إعادة الأمن"، وهي ذريعة ستقود بعد خمس سنوات إلى توقيع الحماية على المغرب.

أُسدل الستار عن هذه الفتنة العجيبة بطريقة مأساوية تليق بعصر دموي: أُلقي القبض على بوحمارة في الزاوية الدرقاوية سنة 1909، وُضع في قفص حديدي يُعرض فيه للناس كل مساء في فاس، ثم سُلخ جسده وسُلم للأسود.

لكن أكثر ما يخيف في قصة بوحمارة، ليس خرافاته، بل الواقع الذي سمح لتلك الخرافات أن تصبح واقعًا لحظة من الزمن. ضعف الدولة، فساد النخبة، خيانة بعض الأعيان، فقر الناس، واستغلال الدين… كل هذا جعل رجلًا على ظهر حمارة يفرض سلطته على مدن وقبائل، ويهزم جيش السلطان، ويؤجج قلق القوى الأجنبية.

قصة بوحمارة ليست مجرد فانتازيا تاريخية من الماضي… بل تحذير دائم من هشاشة الدولة حين تفقد ثقة الناس، ومن خطورة المزج بين القداسة والسياسة، ومن عبثية أن تُدار الأوطان بمنطق الخرافة... سواء امتطى صاحبها حمارًا أو شاشة.



#الشهبي_أحمد (هاشتاغ)       Echahby_Ahmed#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثورة الكوميرة: حين صرخ الفقراء فدوّى الرصاص
- إيران بين الضربة والصفقة: من يرسم حدود الشرق القادم؟
- بوجلود بين الذاكرة والتشويه
- مديونية المغرب: حين يتحوّل الدين إلى أسلوب حياة
- بين رصاص الحدود وظلال الوطن: مأساة العودة في قلب التوتر المغ ...
- مقبرة الصمت: لماذا تخشى الأمم المريضة أصوات المهرطقين؟
- من سيقود المغرب؟ سباق الأحزاب نحو حكومة ما بعد الإحباط
- ابن كيران: سياسة -الزواق- بخطاب -بلا نفاق-
- سبعة دراهم لفنجان قهوة... والقدرة الشرائية في غرفة الإنعاش
- الضباع تلتهم قيمنا
- سردٌ يُنصت لصوت الإنسان العربي بين جذور الماضي وتقلبات الحاض ...
- -شيء من بعيد نادني-: بين الهويّة المتجددة والاغتراب الوجودي
- -متتالية حياة-: نشيد الصبر في زمن الانكسارات الصغيرة
- حكايات الهدوء النبيل في زمن الاضطراب: تأملات الناصر التومي ف ...
- -الوقوف على عتبات الأمس-: كتابة ضد النسيان في زمن القطيعة
- -المتشابهون-: احتجاج ناعم على صمت الأجيال
- قراءة في -عيد ميلاد ميت- لأحمد طايل: حين يتحوّل الموت إلى طق ...
- حين يرقص التعليم على جراحه
- الوطن ككابوس وحلم: تأملات في تناقضات الرواية المغربية «الوطن ...
- حين انفجرت الدار البيضاء... واهتزّ قلب الوطن


المزيد.....




- لا للعدوان الصهيوني -الامبريالي ضد ايران، نعم لفلسطين مستقلة ...
- لمحة عن التكنولوجيا المستخدمة في ملاجئ الأغنياء
- الشيوعي العراقي يدين العدوان الامريكي ويدعو إلى وقف الحرب ال ...
- تحميل كتاب شابور حقيقات: إيران من الشاه إلى آيات الله، حول ا ...
- أممية رابعة : اختتام أعمال الدورة الثالثة عشرة للمدرسة الإقل ...
- في مواجهة الحرب بين إيران وإسرائيل، ثمة طريق ثالث ممكن!
- لجنة من أجل حياة النساء وحريتهن: لا للحرب . لا لهجوم إسرائيل ...
- -ليس للرئيس الحق!-.. شاهد رد فعل بيرني ساندرز عند علمه بالضر ...
- م.م.ن.ص// دروس الحرب: اختراق الجدران
- قناة السويس ليست ممراً للعدوان.. أوقفوا مرور سفن أمريكا وإسر ...


المزيد.....

- ثورة تشرين / مظاهر ريسان
- كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - الشهبي أحمد - بوحمارة... حين امتطى المغربَ رجلٌ فوق حمارة