أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رانية مرجية - -بسمة الصباح وظلّ خالد: حين يتحوّل الحزن إلى حارس-














المزيد.....

-بسمة الصباح وظلّ خالد: حين يتحوّل الحزن إلى حارس-


رانية مرجية

الحوار المتمدن-العدد: 8400 - 2025 / 7 / 11 - 07:59
المحور: الادب والفن
    


في عالمٍ يهجس بالموت، ويتفلت من بين أصابع الحنين كالماء، تأتي قصة بسمة الصباح كجرح مفتوح على تخوم الحلم والواقع، حيث تختلط الأرواح بما تبقّى من وجع، ويغدو الحزن حارساً، لا عبئاً.
قصة "صوت من العتمة" لا تنتمي فقط إلى أدب الرعب أو الغموض، بل هي نصّ مشبع بالرمزية الوجدانية والفلسفة النفسية العميقة. هي ليست حكاية فتاة فقدت شقيقها فدخلت في نفق الحزن، بل هي سرد وجودي عن العلاقة المتواصلة مع من رحلوا، وتحوّل الذاكرة من فعلٍ تأريخي إلى ممارسة يومية للنجاة.
نور، البطلة، لا تصرخ كما يتوقّع الآخرون، بل تغوص إلى الداخل، حيث الألم لا يُعرض على الملأ، بل يُعتّق في صمت الأرض اليابسة. حين تفقد إنساناً بحجم خالد، لا تبكيه، بل تستدعيه بكل الطرق الممكنة، حتى تصبح رؤاه امتدادًا داخليًا لحسّ النجاة من الفقد.
الخيال كآلية دفاع نفسي
في علم النفس، يُشار إلى أن بعض أشكال الحزن العميق تؤدي إلى ما يُعرف بـ"الهلوسة التعزية"، وهي ظاهرة شائعة حيث يرى أو يسمع بعض الأشخاص من فقدوا أحباءهم أصواتهم أو صورهم أو يحسون بوجودهم الفيزيائي بعد الموت. لكن النصّ هنا لا يكتفي بتفسير الظاهرة نفسياً، بل يحوّلها إلى رسالة عميقة حول الحماية، وكأن الغياب ليس انفصالاً بل انتقالاً إلى وظيفة جديدة: الحراسة.
هل يحمي الغائبون من بقي في هذا العالم؟ أم أن من بقي، حين يعجز عن تقبّل الفقد، يُسقط حاجته للحماية على صورة الغائب؟
نور تحوّلت إلى نبيّة صغيرة في عالم لا يصدّق الرسائل، وفي مجتمع يسارع إلى وصم المختلف بـ"الممسوس". لكن أليست المجتمعات الخائفة من الحزن هي نفسها التي تخاف من الحقيقة؟ أولئك الذين يتهامسون عن الأشباح، يعيشون حياة أشدّ فراغًا من العدم.
جماليات النص: الرمزية والظلّ
الجمال في قصة بسمة الصباح ليس فقط في بنائها الأدبي المتقن، بل في الصور التي تنتقل بنا من ضوء القمر الناقص إلى صوت يأتي من أعماق البئر، إلى كلمات تُكتب على المرآة… كأن كل ما حول البطلة يتآمر ليقول إن الفقد لا يعني الرحيل، بل إعادة التشكيل.
القصة توظّف الرموز ببراعة:
المرآة: ليست فقط أداة رؤية، بل بوابة روحية بين العالَمين.
الممرّ المعتم: تمثيل للعبور بين الحياة والموت، بين المعرفة والحدس.
السوق: مركز الحياة اليومية، يتحوّل إلى مسرح للحذر والتأويل.
كل هذه التفاصيل ليست اعتباطية، بل ترسم عالمًا شبه سريالي، حيث يمتزج المادي بالميتافيزيقي في سلاسة سردية مذهلة.
البعد الاجتماعي: العار من الحُزن المختلف
تتحوّل نور، شيئاً فشيئاً، من أخت شهيد إلى امرأة محاصرة بالشكوك، وتتحوّل رسائلها من فعل نجاة إلى تهمة بالمسّ. إن وصم المرأة التي ترى ما لا يُرى هو امتداد تاريخي لعقاب المختلفات. القصة هنا تعرّي هذا البعد القاسي، وتجعله مرآةً لنا: كيف نتعامل مع من اختبر الفقد بشكل غير مألوف؟ لماذا نرفض تصديق من يدّعي التواصل مع من رحل، بينما نؤمن بالخرافات السطحية؟
خاتمة: عن الحُبّ الذي لا يموت
في نهاية المطاف، لا تقول لنا بسمة الصباح إن خالد حيّ، لكنها تقول إن الحب لا يموت. وإن بعض الأرواح تختار ألا ترتاح، فقط لتحمي من تُحب. وفي زمنٍ يعجّ بالصخب، تُصبح همسات الغائبين أكثر صدقًا من صراخ الأحياء.
"هل يُمكن للحزن أن يتحول إلى حارس؟"
نعم، تقول نور… حين يكون الحبُّ أقوى من الموت.



#رانية_مرجية (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخلاص بالنعمة... حين تتكلم النفس بلغة بولس
- عدالة السماء بعد الانتقال والسماء السابعة في الفكر المسيحي
- اتحبني؟
- دراسة فلسفية وجدانية لقصائد الشاعرة فوز فرنسيس ،
- مدرستي... منارةُ القلبِ والعقل
- نعمة الامتنان والشكر: دهشة الوعي وارتقاء الروح
- هناك من يقتل فخرا وهناك من يقتل جهلا
- الحياة بعد الموت : حين تشتاق الأرواح إلى بيتها الأول ،
- الدكتور نبيل طنوس: حين تصبح الكلمة وطنًا، ويصير الناقد أمين ...
- الظلام لا يُحاور النور… فلماذا أفتح نوافذي له؟
- حين يُدفن الصوت قبل الجسد – التنمّر والانتحار في مرآة الوجود
- التوحد: بين دهشة الاختلاف وجمالية التنوع الإنساني
- تقمّص الأرواح: ما بين سرّ الوجود وحكمة التكرار
- سحر خليفة تُضيء -مصابيح أورشليم-: رواية تكتب الوجع المقدسي ب ...
- بين التعميم والتضليل والتحريف... حين تُغتال الحقيقة بأيدٍ نا ...
- **الحرية الحقيقية: تأملات فلسفية في جوهر الوجود**
- غسان كنفاني... حين تصبح الكلمة بندقية واللاجئ نبيًّا
- الأدب الفلسطيني بين 1995 و2024: بين النزيف والنهوض
- أمام الله، بكل قوتي-
- الفوضى التي تصنعنا ، كيف تُهندس الصدمات ملامح أرواحنا ،


المزيد.....




- مليون مبروك على النجاح .. اعتماد نتيجة الدبلومات الفنية 2025 ...
- الإعلام الإسباني يرفض الرواية الإسرائيلية ويكشف جرائم الاحتل ...
- صدور نتيجة الدبلومات الفنية برقم الجلوس 2025 تجاري وصناعي وز ...
- بسرعة “هنا” نتيجة الدبلومات الفنية كافة التخصصات على مستوى ا ...
- ظهور نتيجة الدبلومات الفنية 2025.. أعرض نتيجتك بسرعة من “هنا ...
- عاجل.. ظهور نتيجة الدبلومات الفنية emis.gov.eg جميع التخصصات ...
- عاجل.. ظهرت نتيجة الدبلومات الفنية جميع التخصصات “هنا” بسرعة ...
- “رابط مباشر” نتيجة الدبلومات الفنية صنايع وزراعي وفندقي وتجا ...
- ظهور نتيجة الدبلومات الفنية جميع التخصصات الأن على بوابة الت ...
- “الرابط اشتغل” نتيجة الدبلومات الفنية 2025 جميع التخصصات على ...


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رانية مرجية - -بسمة الصباح وظلّ خالد: حين يتحوّل الحزن إلى حارس-