أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أوزجان يشار - من نباح الامان الى عواء الحرية















المزيد.....

من نباح الامان الى عواء الحرية


أوزجان يشار

الحوار المتمدن-العدد: 8396 - 2025 / 7 / 7 - 22:45
المحور: الادب والفن
    


رواية تُروى على لسان الخروف الناجي الذي عاد

بداية

“الحقيقة كالمرعى: قد يكون العشب خلف السياج ألذّ، لكن ثمن الوصول إليه قد يكون أجسادنا.
لطالما تساءلت: أيهما أخفّ وطأة؟
جهلٌ يطمئن القلب، أم معرفةٌ تمزق الحجاب؟”



الفصل الأول: الثلاثة الذين خرجوا من الزريبة

[فناء المزرعة – آخر النهار]

كنتُ هناك. رأيتهم قبل أن يرحلوا.

كان الحمار يطأ الأرض بنظرة العارف،
والجدي ينظر إلى السياج كمن يبحث عن الشقوق،
أما الأرنب، فكان يقفز وسط الدجاج وهو يهتف كخطيب مهرجان.

الحمار (بتأمل ثقيل):
“هذا الظل ليس حقيقيًا… الشمس ليست كما ترونها.
أنا رأيت ما لم تروه… الليل ليس ليلًا، والخروج لا يعني التيه.”

الجدي (بعينٍ نصف مغمضة):
“هذا الكلب لا ينام… لماذا؟
لماذا لا يسمحون لنا بالاقتراب من التل؟
من بنى هذا السياج؟ ومن قرر أننا لا يجب أن نعرف؟”

الأرنب (وهو يخطب واقفًا على صندوق علف):
“أيها القطيع… من منكم يعرف لماذا نأكل ذات العشب كل صباح؟
من يرضى أن يعيش ببطنه في أمان بينما رأسه في قفص؟
أنا… سأقفز فوق السياج، وسأعود إليكم بالحقيقة.”

صفّق الدجاج بتردد.
نفش الديك ريشه، وأدار وجهه كأنه غير معني، لكنه استمع.

الأرنب يصرخ:
“من لا يلحقني… فليتعلّم كيف يُندب نفسه!”

[أفكر بصمت]: “هل الندب قدر كل من يرفض اليقين الجاهز؟
أم أن الشجاعة وحدها تكسر قيود العقل المعلّب؟”



الفصل الثاني: وادي ما بعد السياج

عبر الثلاثة، كلٌّ بطريقته:
• الحمار لم يلتفت لأحد، سار كمن يُنفّذ ما كُتب عليه.
• الجدي راوغ الحراس ببطءٍ وشك، قفز ثم اختفى.
• الأرنب صرخ قبل أن يذهب: “من لا يلحقني… فليتعلّم كيف يُندب نفسه!”

عند حدود الوادي، لم تكن هناك فخاخ…
بل كائن غريب ينتظرهم بابتسامةٍ ناعمة تخفي أنيابه الحادة، بدا كذئبٍ مهذب ومثقف.

الذئب الرمادي (يتقدّم قطيعه مرحبًا بصوت رخيم):
“من قال لكم إن الحماية لا تعني السيطرة؟
من أقنعكم أن الكلب أوفى من عقولكم؟
أليس الأجدر أن تسألوا… لا أن تتبعوا؟”

[أفكر]: “لكنّ السؤال نفسه كان فخًّا…
كمن يمنحك مصباحًا لينير طريق الهلاك.”

الحمار (هامسًا):
“لقد عرفت ذلك… كنت أنتظرك، لا أعرف من أنت، لكنني أعرف أنك جزءٌ من هذا الطريق.”

الجدي (بصوت ساخر):
“كل شيء هنا يشبه الحكاية… لكنه ليس حكاية.
كل شيء… أكثر وضوحًا من الأسئلة التي لم يُجبنا عنها أحد.”

الأرنب (مبتهجًا):
“أنتم سمعتموه؟ الحرية ليست خلفنا، بل أمامنا.
دعوني أعود إليهم… لأحمل لهم بشارة المرعى وهذا العشب الجديد.”

كان الذئب الرمادي يعرف جيدًا أن لا داعي للعجلة،
ما دام الصيد وفيرًا.



الفصل الثالث: العودة بالأجوبة

عاد الثلاثة.
الحمار يمشي ببطء، يحمل بعض العشب فوق ظهره.
الجدي يلتفت كثيرًا، لكنه لا يتكلم.
الأرنب يقفز هنا وهناك، يثرثر بلا توقف.

الأرنب (وسط الدجاج والخراف):
“أيها النائمون، افتحوا أفواهكم:
هذا العشب لم تمسه يد هذا الكلب المزعج.
هذا عشب جديد… طعمٌ لا يُشبه المألوف.”

الحمار (بصوتٍ ثقيل):
“من أراد الحقيقة، لا يحتاج إذنًا… بل خطوة.”

الجدي (همسًا لم يسمعه غيري):
“ما وجدناه ليس كله حقيقة…
بل مرآةً لعطشنا.
الظمأ إلى المعرفة قد يدفعنا لشرب السراب!”

الدجاج دار حول الأرنب…
الديك بقي على مسافة، صامتًا، كأنه ينتظر نتيجة التجربة قبل أن يشارك.



الفصل الرابع: الطقوس

حين قررنا أن نلحق بهم،
لم نرَ ما توقعناه.
لم نجد حفرةً، ولا ذئبًا مكشرًا…
بل واديًا هادئًا، وجلساتٍ، وأصواتًا مطمئنة.

كل يوم خطبة جديدة يتلوها علينا الذئب،
كل ليلة حديث عن الذين “انتقلوا” فداء للوادي:
خطبة عن الصبر، وأخرى عن الفداء.

“لا تقلقوا عليهم… إنهم في مكانٍ أرحب من هذا الوجود الضيق.
اصبروا حتى تلحقوا بالراحلين.”

ثم بدأ الثلاثة يختفون:
• الحمار لم يُرَ أو يُسمع، صمت نهقه للأبد.
• الجدي اختفى مع الفجر، قيل إنه صار أحد حكماء التلال.
• الأرنب… سمعنا صراخه، لكنهم قالوا إنه صار أعلى من أن نسمعه.

[أفكر]: “الغياب يصنع الأساطير،
والحضور يصنع الشكّ.
أيّها أثقل على الروح؟”



الفصل الخامس: العودة

كنتُ وحدي من قرّر العودة.
لا لأنني أذكى، بل لأني كنت أكثرهم ارتباكًا.
أحببت الأرنب، وصدّقت الحمار، وتعاطفت مع الجدي.
لكنني شعرت أن هناك شيئًا ينقصهم جميعًا… ولم أستطع تسميته.

خرجت من الوادي عائدًا إلى أمان الكلب المتسلط… بصعوبة.

مررت بجثة حمارٍ صارت جسرًا من عظامٍ لقافلة جديدة،
وبجلد الجدي المعلّق كرايةٍ لمنطق الوهم،
وصوت الأرنب الذي تحوّل إلى ترنيمةٍ للمغترّين.

[أفكر]: “أهكذا تذوب الحقيقة في أوهام الحرية؟”



الفصل السادس: بجوار القفص

الكلب ما زال حيًا.
في قفص حديدي، ينظر إليّ بصمت.

أنا:
“لقد فضّلنا الموسيقى على النباح…
ظننّاها حرية، فإذا هي النشيد الأخير.”

الكلب (بصوت متعب):
“الخوفُ قفصٌ أيضًا،
لكن بعض الأقفاص تحفظ الأرواح لا تسرقها.”

أنا:
“أفكّر أن أحرّرك.
ليس لتقودنا، بل لأن نباحك الوحيد هو الصدق والامان …
يقطع صمت الذئاب اللئيم المخادع.”



الفصل الأخير: ما بعد الصياح

عاد الديك يصيح…
لكن صياحه صار سؤالًا لا نداءً:

“هل اليقين موتٌ بطيء،
أم أن الشكَّ حياةٌ متقطعة؟”

أدركتُ أن العودة من معبد العُواء نصرٌ هشّ.

فقد صرتُ أعرف أن الحرية الحقيقية ليست في كسر الأقفاص،
بل في معرفة أيّ الأقفاص يحميك… وأيّها يلتهمك.

الكلب المتسلّط؟
ربما كان حارسًا لم يتعلّم التملّق فنفرنا منه.

الذئب الرمادي؟
كان ساحرًا لم يتعلّم الصدق فاتبعناه.

أما أنا…
فأصبحت الخروف الذي يحمل جرحًا في روحه:

رغبةٌ في المعرفة تطحنه،
وامتنانٌ للجهل الذي أنقذه.

هذا هو الثمن الأقسى:
أن ترى الحقيقة عاريةً…
فتشتهي ظلَّ الأكذوبة الدافئة.



#أوزجان_يشار (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من فولتير إلى بيل غيتس: رحلةُ الوعي بين التنوير والكلاشينكوف
- المتقاعدون: ثروة وخبرة تُستثمر لا تُهمَّش – نحو سياسات مستني ...
- رؤية خضراء لإحياء الصحراء: مقترح بيئي شامل لإعادة تأهيل الصح ...
- الصهيونية والعقيدة اليهودية: تفكيك خرافة دينية وخيانة أخلاقي ...
- معاهدة الماء: حين يصبح الصمت ديانة
- فلسفة وابي سابي: حين تصبح الشقوق ذهبًا — دع النور يتسرّب من ...
- العالم على مائدة واحدة: حين تتحوّل الشهية إلى مرآة للهوية
- أحبّهم… لكنهم يُطفئونني: الشخصيات السامّة بعيون الوعي
- الثقة الحذرة: فن بناء الجسور مع الآخر دون الوقوع في فخ المظا ...
- حين يُصاب الضمير العام بالشلل: الفساد الأخلاقي والإعلام بوصف ...
- الديمقراطية المعلّبة: أمريكا تُصدّر الحروب… وترامب يدخل المع ...
- الفوضى: هندسة الوجود بين العلم والسياسة والفن
- ومضات في حياة البروفيسور شريف الصفتي: ما بين الحقيقة والتهوي ...
- “الحمار الذهبي”: رحلة التحول بين الجسد والمعرفة
- السلاح النووي: قنبلة معلقة فوق رقبة البشرية
- هل حان الوقت لبناء ملاجئ بدلًا من أوهام السلام؟
- “رحيل”.. حين تهمس الروح بالحياة وتختبر الحب كفناء
- الجسر لا السيف: في مدارات الجدل الإنساني الراقي
- فيليس ويتلي: حين كتبت العبدة قصائد الحرية
- درهمٌ في مؤخرة الحافلة: حين يصطدم جنون الثروة بجنون السلطة


المزيد.....




- التشكيلية ريم طه محمد تعرض -ذكرياتها- مرة أخرى
- “رابط رسمي” نتيجة الدبلومات الفنية جميع التخصصات برقم الجلوس ...
- الكشف رسميًا عن سبب وفاة الممثل جوليان مكماهون
- أفريقيا تُعزّز حضورها في قائمة التراث العالمي بموقعين جديدين ...
- 75 مجلدا من يافا إلى عمان.. إعادة نشر أرشيف -جريدة فلسطين- ا ...
- قوى الرعب لجوليا كريستيفا.. الأدب السردي على أريكة التحليل ا ...
- نتنياهو يتوقع صفقة قريبة لوقف الحرب في غزة وسط ضغوط في الائت ...
- بعد زلة لسانه حول اللغة الرسمية.. ليبيريا ترد على ترامب: ما ...
- الروائية السودانية ليلى أبو العلا تفوز بجائزة -بن بينتر- الب ...
- مليون مبروك على النجاح .. اعتماد نتيجة الدبلومات الفنية 2025 ...


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أوزجان يشار - من نباح الامان الى عواء الحرية