أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - أوزجان يشار - المتقاعدون: ثروة وخبرة تُستثمر لا تُهمَّش – نحو سياسات مستنيرة للعطاء المستدام














المزيد.....

المتقاعدون: ثروة وخبرة تُستثمر لا تُهمَّش – نحو سياسات مستنيرة للعطاء المستدام


أوزجان يشار

الحوار المتمدن-العدد: 8394 - 2025 / 7 / 5 - 10:43
المحور: المجتمع المدني
    


يمثل خريجو سوق العمل، حاملي راية الخبرة والعطاء، كنزًا مجتمعيًا لا يُعوَّض. فالأفضل لهم ولمجتمعاتهم ليس الانكفاء، بل الاستمرار في البذل ونقل الحكمة والإسهام الفاعل. العقل السليم يزدهر بالتفكر والتعلم والتعليم، بغض النظر عن السن. وتدرك الدول الرائدة هذه الحقيقة، فتحتضن متقاعديها كرصيد وطني ثمين، وتصمم سياسات تمكنهم من مواصلة العطاء. بينما تواجه بعض الأنظمة - خاصة في عالمنا العربي - تحديات في التكيف مع هذه الرؤية التقدمية، ما يستدعي مراجعةً وتطويرًا في السياسات لمواكبة الرؤى التنموية الشاملة.



عقولٌ متوهجة.. وخبراتٌ لا تُعوَّض:

تقدم التجارب الدولية نماذج ملهمة للاستفادة المثلى من خبرة المتقاعدين:
• اليابان: “جمعيات الحكمة” (شيوا نو كاي) تدمج المتقاعدين في تدريب الشباب عبر جلسات نقاش ومرافقة مهنية، مقابل أجر أو امتيازات.
• الولايات المتحدة: منصات مثل “Encore.org” تشجع العمل التطوعي والمهني الجزئي في القطاع غير الربحي والتعليمي، دون المساس بالمعاش.
• هولندا: شركة “KLM” تستعين بطواقم متقاعدة بعقود مرنة في مواسم الذروة، عبر منصات متخصصة، مع تقديم حوافز مثل النقل المجاني.
• دول أوروبية (كألمانيا والسويد): تشجيع العمل بعد التقاعد بامتيازات ملموسة كخصومات المواصلات والرعاية الصحية.

هذه النماذج لا تستنزف الميزانيات، بل تعزز التماسك الاجتماعي وتُحقق عوائد اقتصادية ومعرفية كبيرة.



نحو سياسات عربية مُلهمة ومستقبلية:

تسعى رؤى النهضة والتطوير في مجتمعاتنا العربية إلى استثمار كل الطاقات. ولتمكين المتقاعدين من المساهمة الفعالة، يمكن تطوير السياسات الحالية لتصبح أكثر مرونة واستشرافاً للمستقبل، مثل:
• نظام المساهمة العادلة: بدلاً من الخصم من الراتب التقاعدي، يمكن استقطاع نسبة رمزية من أي دخل جديد (إن وجد) كمساهمة في التأمينات أو الخدمات المجتمعية.
• ملاحظة ضرورية: من المهم أن ندرك أن راتب المتقاعد ثابت بطبيعته، ولا يتلقى زيادات دورية تراعي نسبة التضخم السنوي كما يحدث مع بعض الرواتب الأخرى. لذا، فإن ملاحقة المتقاعد لمجرد أنه قرر العودة للعمل، وكأنه ارتكب جريمة لا تُغتفر، هو أمر مجحف وغير منصف. فذلك الراتب هو استحقاق عن مدة الخدمة الطويلة، وليس منحة مشروطة بعدم الإنتاج. إذا قرر المتقاعد العمل مجددًا، فيجب أن يُعامل ضمن أطر جديدة مرنة تضمن مساهمته بجزء من راتبه الجديد في صندوق التأمينات، دون المساس بحقوقه التقاعدية أو تشويه صورته كمواطن مساهم.
• حزمة تحفيزية: منح امتيازات تشجيعية للمتقاعدين العاملين (خصومات مواصلات، رعاية صحية متميزة، تخفيضات) كما في النماذج الأوروبية.
• توسيع نطاق العمل التطوعي والمشروط: تشجيع العمل الجزئي أو الاستشاري أو التطوعي في مجالات التعليم، الإرشاد، الدعم المجتمعي، والتدريب، بمكافآت رمزية أو بدونها حسب طبيعة العمل والرغبة الشخصية.
• ربط المعاش بالتضخم: مراجعة دورية وعادلة للمعاشات لضمان حياة كريمة، وهو أساس يُبنى عليه أي تشجيع للعطاء الإضافي.



اقتصاد الخبرة: استثمار ذو عوائد مجتمعية ضخمة:

استقطاب خبرات المتقاعدين ليس ترفاً، بل ضرورة استراتيجية:
• دعم الأجيال الشابة: نقل الخبرة يختصر وقت التدريب ويقلل الأخطاء، كما في تجارب الإشراف الأكاديمي في فنلندا والمرافقة القانونية في فرنسا.
• مواجهة الأزمات: أثبتت أزمة كوفيد-19 في بريطانيا وغيرها فاعلية إعادة توظيف الكوادر الصحية المتقاعدة.
• الاستقرار المؤسسي: الخبرة العميقة تُكسب المؤسسات حكمة واستقراراً في القرارات المعقدة.
• التماسك الاجتماعي: يشعر المتقاعد الفاعل بقيمته ويقضي على العزلة، مما يعزز الروابط المجتمعية.



دعوة للتطوير المستدام:

إن المرحلة الحالية، بكل تحولاتها وطموحات النهضة، تفرض إعادة النظر في فلسفة التعامل مع مرحلة ما بعد التقاعد. فالمعاش التقاعدي هو حق مكتسب عن سنوات العطاء، وليس منحة مشروطة بالتوقف عن الإنتاج. فتح المجال أمام المتقاعدين للاستمرار في العطاء، وفق أطر مرنة ومحفزة، هو استثمار في رأس المال البشري الأكثر نضجاً وثراءً، وخدمة جليلة للمجتمع بأسره. إن تطوير التشريعات لمواكبة هذه الرؤية ليس تنازلاً، بل قفزة نوعية نحو مجتمع أكثر إنتاجية واستدامة وعدالة.


من التهميش إلى التمكين:

أسمى تكريم للمتقاعد هو تمكينه من مواصلة العطاء والإحساس بدوره الفاعل. بإعادة صياغة السياسات لتصبح داعمة ومحفزة، وليس معيقة، نفتح الباب لاستثمار كنز ثمين من الحكمة والخبرة، ونبني معاً مجتمعاً يتعلم من ماضيه ليبني مستقبله.

“ما دامت الروح تنبض بالعطاء، والعقل يشتعل بالرغبة في البذل، فالتقاعد ليس نهاية المطاف، بل بوابة لحضورٍ أكثر حكمةً وعمقاً.”
— أوزجان يشار



#أوزجان_يشار (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رؤية خضراء لإحياء الصحراء: مقترح بيئي شامل لإعادة تأهيل الصح ...
- الصهيونية والعقيدة اليهودية: تفكيك خرافة دينية وخيانة أخلاقي ...
- معاهدة الماء: حين يصبح الصمت ديانة
- فلسفة وابي سابي: حين تصبح الشقوق ذهبًا — دع النور يتسرّب من ...
- العالم على مائدة واحدة: حين تتحوّل الشهية إلى مرآة للهوية
- أحبّهم… لكنهم يُطفئونني: الشخصيات السامّة بعيون الوعي
- الثقة الحذرة: فن بناء الجسور مع الآخر دون الوقوع في فخ المظا ...
- حين يُصاب الضمير العام بالشلل: الفساد الأخلاقي والإعلام بوصف ...
- الديمقراطية المعلّبة: أمريكا تُصدّر الحروب… وترامب يدخل المع ...
- الفوضى: هندسة الوجود بين العلم والسياسة والفن
- ومضات في حياة البروفيسور شريف الصفتي: ما بين الحقيقة والتهوي ...
- “الحمار الذهبي”: رحلة التحول بين الجسد والمعرفة
- السلاح النووي: قنبلة معلقة فوق رقبة البشرية
- هل حان الوقت لبناء ملاجئ بدلًا من أوهام السلام؟
- “رحيل”.. حين تهمس الروح بالحياة وتختبر الحب كفناء
- الجسر لا السيف: في مدارات الجدل الإنساني الراقي
- فيليس ويتلي: حين كتبت العبدة قصائد الحرية
- درهمٌ في مؤخرة الحافلة: حين يصطدم جنون الثروة بجنون السلطة
- المتعة لحظة… والسعادة قرار: من فخ اللذة إلى جسر الحكمة
- تغيير التفكير… بوابة لتغيير المصير


المزيد.....




- اعتقال المئات في فرنسا مع بدء الاحتفال بالعيد الوطني
- عراقيل التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة وتبادل الأسرى ...
- منظمة إس أو إس هيومانيتي تطالب بوقف التعاون مع تونس في إنقاذ ...
- اليونيسف تؤكد مقتل 5 أطفال في قصف صاروخي جنوب غربي اليمن
- خطة إسرائيلية لاقتطاع 40% من غزة وتحويل رفح إلى -معتقل غوانت ...
- محامية أبو صفية: موكلي فقد 40 كيلوغراما تحت التعذيب والإهمال ...
- جريمة مركبة في سنجل: عنف استيطاني ممنهج برعاية جيش الاحتلال ...
- بعد رفع العقوبات الدولية.. آمال الإغاثة في سوريا تصطدم بواقع ...
- الجيش الإسرائيلي يستهدف نقاط توزيع المياه على النازحين في غز ...
- الشرطة الإسرائيلية تعلن اعتقال 373 عاملاً من الضفة و61 مشتبه ...


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - أوزجان يشار - المتقاعدون: ثروة وخبرة تُستثمر لا تُهمَّش – نحو سياسات مستنيرة للعطاء المستدام