أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أوزجان يشار - فلسفة وابي سابي: حين تصبح الشقوق ذهبًا — دع النور يتسرّب من الشقوق














المزيد.....

فلسفة وابي سابي: حين تصبح الشقوق ذهبًا — دع النور يتسرّب من الشقوق


أوزجان يشار

الحوار المتمدن-العدد: 8387 - 2025 / 6 / 28 - 17:48
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


حين تكون الشقوق أجمل ما في الكأس

في داخل كلٍّ منّا صدعٌ صغيرٌ لا يُرى، تتسرّب منه الحياة شيئًا فشيئًا. نحاول مرارًا سدّه بالكمال، بالنجاح، بالظهور المتقن، بالتصنّع. وحين لا تأتي الحياة كما نرجو، نرفع سوط اللوم ونجلد أنفسنا. نعيش أسرى “لو” و”كان ينبغي” و”لماذا فشلت؟”، كأننا مُلزمون بتقمّص صورة مثالية لا تشبهنا.

لكن… ماذا لو كانت التشققات التي نحاول إخفاءها هي بالضبط ما يمنحنا عمقنا؟
ماذا لو كان في الانكسار جمالٌ لا يُرى إلا لمن يعرف كيف يتأمّل؟
من هنا، تأخذنا فلسفة الوابي سابي اليابانية إلى ضفة أخرى… ضفة القبول الهادئ، والبساطة الحكيمة، والاعتراف بجمال النقص والزوال.



وابي سابي: عندما يكون العطب هو الذهب

“وابي سابي” ليست مصطلحًا للزينة ولا ذوقًا سطحيًا، بل رؤية فلسفية للحياة.
في اليابان، حين ينكسر إناء خزفي، لا يُرمى، بل يُرمَّم بخيوط من الذهب في فنّ يسمى “كينتسوغي”. لا يُخفى الكسر بل يُبرَز، ويُحتفى به، ويُمنح قيمة جديدة.

هكذا تُعلّمنا وابي سابي أن الإنسان لا يُقاس بمدى كماله، بل بعمق ندوبه التي تخبر من أين أتى، وما تعلّمه، وماذا تجاوز.
أن تقبل ذاتك كما أنت، يعني أن تؤمن بأنك كائن متحوّل، هشّ، لكنه قادر على أن يحوّل هشاشته إلى قوة، وندوبه إلى ذهب.



في مواجهة جلد الذات: دعنا نُعيد تعريف الفشل

جلد الذات لا يأتي من الخطأ ذاته، بل من المثالية التي نحاكم أنفسنا بها.
نحن لا نغضب لأننا فشلنا، بل لأننا كنا نعتقد أننا لا نُفشل.
وهنا يأتي وابي سابي ليهمس في أذنك:

“لست ناقصًا لأنك لم تكتمل، بل جميل لأنك إنسان يتغيّر.”
“دع الأشياء تكون كما هي… في ذلك سلامك.”

إن قبول نتائج الحياة لا يعني التراخي أو التخاذل، بل يعني الامتناع عن معاقبة النفس حين لا تجري الأمور كما خُطّط لها. القبول لا يُلغي الطموح، لكنه يُنقذ النفس من الهوس، ويعلّم القلب كيف يعيش بطمأنينة حتى في العسر.



ثمة أمثلة من فلسفة وابي سابي: حيث تقيم الروح في التفاصيل
1. كوب الشاي المُرمَّم بخيوط الذهب: لم يُخفوا كسره، بل جعلوه مركز الجمال.
2. حديقة يابانية تترك أوراق الخريف في مكانها: لا تزيلها، لأن الذبول فصل من فصول الجمال.
3. بيت خشبي غير مصقول في جبال كيوتو: يحتفي ببساطة الخامة وأثر الزمن.

كل هذه الأمثلة تقول: دع الأشياء تتنفس بطبيعتها. لا تُجبِرها على الكمال.



القبول لا يعني الاستسلام… بل التحرّر

قد يظن البعض أن القبول استسلام، لكنه في حقيقته تحرّر من الصراع مع ما لا نستطيع تغييره. أن تقول: “لقد فعلت ما بوسعي، وسأسامح نفسي على ما لم أفعله”، هو أسمى أشكال الوعي.

الفرق بين القبول والاستسلام، أن الأول نابع من حكمة، والثاني من يأس.
القبول يترك باب التغيير مفتوحًا دون أن يجلد الحاضر، ويتيح للنفس أن تستمر دون أن تُثقَل بالندم.



اقتباسات من قلب هذه الفلسفة العريقة:

“في كل ندبة حكاية. وفي كل حكاية معنى. وما المعنى إلا جوهر الجمال.”
“الزهرة التي تتفتح في غير موسمها لا تُلام، بل تُبجّل.”
“الجمال لا يسكن في التماثل، بل في الأثر، والسكينة، والمُضي.”



اجعل من خيباتك ذهبًا

توقّف عن مطاردة الصورة المثالية. توقّف عن جلد ذاتك على كل تفصيل لم يتحقق.
أحبّ نفسك كما تُحبّ الكأس الذي شُفي بشقوقه الذهبية.
تذكّر: لا أحد كامل. لا أحد نجا دون خيبة. لكن هناك من علِم كيف يحوّل خيبته إلى مدرسة، وانكساره إلى حكاية، وجرحه إلى جمال هادئ.

“ليس المطلوب أن تكون نسخة مثالية… بل أن تكون صادقًا مع أثر الزمن فيك.”
“دع النور يتسرّب من شقوقك… ففيها يكمن سرك.”



#أوزجان_يشار (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العالم على مائدة واحدة: حين تتحوّل الشهية إلى مرآة للهوية
- أحبّهم… لكنهم يُطفئونني: الشخصيات السامّة بعيون الوعي
- الثقة الحذرة: فن بناء الجسور مع الآخر دون الوقوع في فخ المظا ...
- حين يُصاب الضمير العام بالشلل: الفساد الأخلاقي والإعلام بوصف ...
- الديمقراطية المعلّبة: أمريكا تُصدّر الحروب… وترامب يدخل المع ...
- الفوضى: هندسة الوجود بين العلم والسياسة والفن
- ومضات في حياة البروفيسور شريف الصفتي: ما بين الحقيقة والتهوي ...
- “الحمار الذهبي”: رحلة التحول بين الجسد والمعرفة
- السلاح النووي: قنبلة معلقة فوق رقبة البشرية
- هل حان الوقت لبناء ملاجئ بدلًا من أوهام السلام؟
- “رحيل”.. حين تهمس الروح بالحياة وتختبر الحب كفناء
- الجسر لا السيف: في مدارات الجدل الإنساني الراقي
- فيليس ويتلي: حين كتبت العبدة قصائد الحرية
- درهمٌ في مؤخرة الحافلة: حين يصطدم جنون الثروة بجنون السلطة
- المتعة لحظة… والسعادة قرار: من فخ اللذة إلى جسر الحكمة
- تغيير التفكير… بوابة لتغيير المصير
- قوة التفكير الإيجابي: قراءة في كتاب جيسون وولبرز
- فلسطين أولاً: تفكيك أسطورة “إسرائيل” في النصوص الدينية والتا ...
- قراءة نقدية في رواية الإسكافي: حين يُخاط الجلدُ الروح
- الشخصية الجدلية: بين الجاذبية والتنافر


المزيد.....




- -صليت وسط الأنقاض-.. علي شمخاني مستشار مرشد إيران يكشف ما حد ...
- كيف أحبطت قطر هجوم إيران على -العديد- أكبر قاعدة أمريكية في ...
- سي إن إن: هكذا أحبطت قطر الهجوم الإيراني على قاعدة العديد
- مراسل فرانس24 في طهران في قلب مراسم تشييع قتلى الحرب بين إسر ...
- ترامب: محاكمة نتنياهو تعيق قدرته على التفاوض مع إيران وحماس ...
- موجة حر شديدة تضرب جنوب أوروبا، فهل تغيّر طقس القارة العجوز؟ ...
- Day at the Races 789club – Cu?c ?ua t?c ?? m? màn chu?i th?n ...
- عاجل | وزير الخارجية الفرنسي: نعتزم مع شركائنا الأوروبيين ال ...
- العقوبات تتجدد.. هل تنجح أوروبا في كسر شوكة بوتين؟
- فيديو.. عامل معلق رأسا على عقب في الهواء بعد صدمة مفاجئة


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أوزجان يشار - فلسفة وابي سابي: حين تصبح الشقوق ذهبًا — دع النور يتسرّب من الشقوق