خالد خليل
الحوار المتمدن-العدد: 8392 - 2025 / 7 / 3 - 20:11
المحور:
الادب والفن
وفي الصمتِ الذي صارَ أغنية،
بدأتُ أرى الكلماتِ تسيلُ من عظامي،
كلُّ حرفٍ منها كان ظلَّ صرخةٍ قديمة،
لم تُسمَعْ،
لكنّها تركت ندبةً في شكل المدى.
نهضتُ من نفسي،
فوجدتُني معلّقًا بخيطٍ من وهم،
وكلّما حاولتُ لمس الأرض،
تحوّلتْ قدماي إلى طيفين يتناسلان من العدم.
رأيتُ عقربَ الوقت يبتلعُ ذيلَه،
يتقيّأُ اللحظةَ التي لم تحدثْ بعد،
ويضحكُ،
ضحكةً تجرحُ الهواء وتخيطُهُ بخيوطِ لا تُرى.
أدخلتُ رأسي في مرآةٍ مكسورة،
فرأيتُني جالسًا في صدري،
أشربُ قهوتي مع شبحٍ يشبهني،
وكانت الملعقةُ تدورُ من تلقاءِ نفسها،
تحرّكُ الغيابَ في قعرِ الكوب.
سألتُ ظلي:
هل أنا أنت؟
فقال:
أنا ما تبقّى منك بعد أن مشيتَ فيك دون أن تدري.
أنا عَرَقُ الرغبةِ على جبينِ الخلود.
وفي المنعطفِ الذي لا ينتهي،
رأيتُ وجهي يتبدّل كلّ ثانية،
مرّةً كنتُ زهرةً تُطاردها يدُ طفلٍ ميت،
ومرّةً كنتُ عينًا تُحدّق في الله ولا ترمش.
الكونُ أصبحَ حاسّةً سابعة،
أشعرُ به حين لا أفكّر،
ألمسهُ حين أُغلقُ روحي ككتابٍ
نسيَ أن يُكتب.
سقطتُ في فتحةٍ بين كلمتين،
فوجئتُ بعالمٍ من أصواتٍ لم تُنطق،
نباتاتٌ تتكلّمُ بنبضها،
وصخورٌ تنامُ وهي تحلمُ بنعاسِ الماء.
وفي قلبِ القصيدة،
رأيتُها،
التي لم تُولد بعد:
امرأةٌ من دخانٍ يفكّر،
تُصلّي للعدم كي يبقى،
وتلدني من خاصرتها كفكرةٍ نادمة.
قالت لي:
لا تبحثْ عنك فيك،
أنتَ حادثٌ لغويٌّ مؤقّت،
ونحنُ الخطأُ الجميلُ في نطقِ الحقيقة.
ضحكتُ،
فانفجرتْ الأرضُ ضوءًا،
واكتشفتُ أنني لم أكن أبحثُ،
بل كنتُ أُصغي لحنينِ المعلومةِ إلى أن تصيرَ لحمًا.
ومن ذلك الحين،
بدأتُ أتنفّسُ من عيني،
وأكتبُ القصائدَ على سطحِ الزمن،
بمدادٍ من لامعنى
هو كلُّ ما تبقّى من المعنى.
#خالد_خليل (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟