أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - -حين تعزف الدولة على لحن فنائها: عزاءٌ لوطنٍ يُقصف من داخله-














المزيد.....

-حين تعزف الدولة على لحن فنائها: عزاءٌ لوطنٍ يُقصف من داخله-


حامد الضبياني

الحوار المتمدن-العدد: 8390 - 2025 / 7 / 1 - 11:37
المحور: قضايا ثقافية
    


في الأزمنة التي ينقلب فيها المنطق على رأسه، لا يعود من الغريب أن ترى الدولة تُعدّ مشانقها بيدها، وتغرس خناجرها في خاصرتها، ثم تُعزي نفسها في مآتم تقام على أنقاضها. ليس خيالًا أدبيًا جامحًا، ولا لوحة سريالية من عصور الجنون، بل واقع مرير تشهق به الأرض كلما سُمعت صرخة أرملة، أو تساقطت أحلام جيل لم يُمنح حتى حق البكاء على وطنه.فهل يُعقل أن تقصف الدولة نفسها؟،،هل من المنطقي أن تقف "الدولة"، بما تملكه من مؤسسات وسيادة وعَلم ونشيد رسمي، تتفرج على أطرافها وهي تلتهم بعضها كوحوش جائعة، تُرضع الفتنة، وتُرضي غرائز الأسياد خلف الحدود؟،،لا تُخطئوا فهم ما يحدث. ليست هذه حربًا أهلية كما يُروَّج لها في أدبيات التبرير المعلب. بل هي خطةٌ ممهورةٌ بتواقيع الخنوع، ومغلفةٌ بشعارات الوطنية المزيفة، تلك التي تصنع من الخيانة بطولة، ومن العملاء رجال دولة.،،الدولة لم تُقصف من العدو، بل من داخلها. من غرف القرار. من الأيدي التي أمسكت بمفاتيح السلطة، ثم باعتها في سوق النخاسة مقابل حفنة من النفوذ، أو وعدٍ بكرسيٍّ في المعبد الكبير حيث تُنسج الخيانات.كان يمكن أن تُقصف الدولة في حرب عادلة، في معركة دفاع عن الشرف، في صراع من أجل السيادة.لكنها اليوم تُقصف طواعية.بأصابع أبنائها.بمباركة بعض من تسللوا إلى قلبها كدودة تنخر الثمرة من الداخل حتى تتعفن وهي ما زالت تتزين باللون الأخضر.من الذي قرر أن تكون السيادة سلعة؟،،من سمح بأن تتحول المنافذ إلى صناديق جباية لأحزاب مسلحة؟،،من رضي أن تُقطع الطرقات ليمر عبرها السلاح المستورد لا الكتاب المدرسي؟،،من اقتنع أن الوطن يُدار بمنطق الميليشيا لا الدستور؟،الكل مسؤول. لا أحد بريء حين تصمت الضمائر. لا أحد نزيه حين يغتسل بالدماء ويدّعي الطهارة.الطامة ليست في من خان. فالخونة كُثر، وقد علمنا التاريخ أن الطعنة غالبًا ما تأتي من الداخل.الطامة في من عرف وسكت.في من رأى وطنه يُسلب على أيدي "الأذرع" ولم يهتف إلا بما يُرضي سيده.في من استُبدل ولاؤه لتراب الوطن بولاء مؤقت لراية عابرة، لا جذور لها في تاريخ الأرض ولا في ذاكرة الشعوب.لقد صار الوطن مسرحًا مفتوحًا للدم، والكل يزعم البطولة.كلهم يُمثّلون دور المنقذ، فيما تتهاوى الجدران، وتُحرق المدارس، ويُشرد الناس، وتُرسم خرائط جديدة لجمهوريات الخوف والولاء.أين الشعب؟...أما زال يسمع؟،،أم أنه اعتاد صوت الانفجار فلم يعد يميز بين النشيد الوطني وصفارات الغدر؟...أما آن له أن يستفيق؟..أما آن له أن يقول كفى؟...لقد تجاوزنا مرحلة الوجع، ودخلنا عصر الاستهزاء.الدولة تهزأ بشعبها، تضحك عليه وهو يصفق لها كلما باعوا من ترابه كيلومترًا جديدًا.كلما أحرقوا شجرة.كلما اغتيل أمل.فإلى أين نمضي؟...أي بلدٍ هذا الذي يُدار بالتحريض، ويُحكم بالمكر، ويُبنى على ركام الحقيقة؟..إنها لحظة مفصلية في تاريخ هذا الوطن،لحظة لا يصلح فيها إلا صوت الشرفاء، لا شعاراتهم.لا مجال للبكاء على الأطلال، فالأطلال نفسها دُفنت تحت ركام الخيانة.لقد احترق الأخضر واليابس،وهذه الأذرع، التي زُرعت كأنياب في الجسد العراقي، لا تزال تنهش آخر ما تبقى من عافية.هم لا يعرفون معنى الوطن، لأنهم لم يتربوا عليه.باعوا العرض قبل الأرض.سلموا المفاتيح لجلاد لا يعرف إلا لغة الدم.ومع ذلك، لا يزال هناك أمل.في كل بيت أمّ تُنجب رجلاً لا يخون.في كل مدرسة تلميذ يحفظ النشيد وهو يعرف معناه.في كل قلب ضمير ينتظر أن يُوقظ من سباته الطويل.لا نحتاج لمعجزة.نحتاج فقط أن نرفض.أن نقول:لا.بصوت عالٍ.لا لكل من استباح البلاد.لا لكل من جعل من الطائفة سيفًا، ومن الدين حجةً، ومن الجوع وسيلةً لتركيع الناس.الوطن ليس مائدةً تُقسّم.الوطن روح.ومن يبيع الروح لا يستحق جسدها.فليكن هذا المقال جرس إنذار،صرخة في ظلامٍ طال كثيرًا،ودعوة لأن نتوقف عن إقناع أنفسنا أن ما يحدث طبيعي.فالدولة... لا تُقصف هكذا، إلا إذا قررت أن تنتحر.لكننا – نحن الشعب – لسنا مستعدين لأن نموت معها.بل آن لنا أن نكتب فجرًا آخر، لا تتقاسمه الأذرع، ولاترسمه أصابع الغدر.
فهل نبدأ؟



#حامد_الضبياني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العراق… صندوقٌ فارسيُّ الأختام
- الطبيب الذي خلع عباءته… وصار جزارًا في معطفٍ أبيض .
- -ويحَ مَن آذى عائشة... فالعرضُ عرضُ نبيٍ والأذى أذًى للسماء- ...
- -مزرعة البروكرات... حين أُطفئت شموعُ العقل وأُشعلت قناديلُ ا ...
- العلم الذي يُغتال... وأمة تنزف ضوءها .
- العقدة الخالدة: سردية الكراهية المتجذّرة ضد العرب منذ فجر ال ...
- -كمب ديفيد الإيراني: سلام يشبه الهزيمة أم هزيمة تُسوّق كسلام ...
- ترامب وصعود ميزان القوة الجديد: حين تعثّرت التنانين وتاهت ال ...
- في مطلعِ الهجراتِ تبكي السنون
- الفنُّ... رسائلُ الخلود في حضارة الرافدين
- الفزاعة التي لبست عمامة الخلافة
- التحية الأخيرة أمام الكاميرا: عندما يذوب الانضباط في حضرة ال ...
- -سلامٌ على شفرة السكين: حين يبتسم الدخان في الشرق الأوسط-
- ياسين خضر القيسي... طائر الإبداع ووجع الثقافة في زمن التبدّد ...
- ميرفت الخزاعي... فراشة السرد التي حلّقت من شط العرب إلى سماء ...
- بين قيدٍ وركام: المسرح العربي في متاهة الإحباط والفقدان .
- إيران ومضيق هرمز... حين تتدلّى يد الغريق فوق زر الحرب
- -فوردو تحت الجبل وتحت المطرقة: الضربة التي أطاحت بظل إيران ا ...
- -حين تهاوت قم من برج الطاووس... وانكسر قرن المجوس في مرآة ال ...
- حين استيقظَ الألمُ وبكى الخواء


المزيد.....




- السعودية.. ضجة وفاة -الأمير النائم- بين تداول تصريح سابق لوا ...
- مصر.. رد علاء مبارك على تعليق ساويرس عن عمر سليمان نائب حسني ...
- سوريا.. السفارة الأمريكية بعد لقاء مع مظلوم عبدي: الوقت قد ح ...
- أسرار الحياة المزدوجة لـ-السلطان- زعيم المخدرات المولع بالبو ...
- هجوم على النائب العربي أيمن عودة.. كسروا زجاج سيارته وبصقوا ...
- بالفيديو.. الجزيرة نت داخل سفينة حنظلة المتجهة لكسر حصار غزة ...
- إسرائيل تستهدف صيادين حاولوا دخول بحر غزة
- تداول فيديو لـ-الشرع بين أنصاره على تخوم السويداء-.. ما صحة ...
- وزير الدفاع الإسرائيلي يشيد بعملية -مطرقة منتصف الليل-
- العشائر السورية تعلن إخراج كافة مقاتليها من السويداء


المزيد.....

- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - -حين تعزف الدولة على لحن فنائها: عزاءٌ لوطنٍ يُقصف من داخله-