أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - -كمب ديفيد الإيراني: سلام يشبه الهزيمة أم هزيمة تُسوّق كسلام؟-














المزيد.....

-كمب ديفيد الإيراني: سلام يشبه الهزيمة أم هزيمة تُسوّق كسلام؟-


حامد الضبياني

الحوار المتمدن-العدد: 8387 - 2025 / 6 / 28 - 13:28
المحور: قضايا ثقافية
    


في قلب ليلٍ مثقل بالرماد والخذلان، ومن بين أنقاض مدننا المنهوبة وأحلامنا المنفية، ولد اتفاقٌ هشٌّ كخيط دخان، بين إيران وإسرائيل، برعاية رجل لا يُجيد سوى عقد الصفقات على جثث الشعوب، اسمه دونالد ترامب. اتفاقٌ لا يشبه السلام إلا في اللفظ، لكنه يحمل في جوفه بذور استسلام مموّه، تُسوّق له الفضائيات تحت إيقاع موسيقى الانتصار، بينما في الحقيقة لم ينتصر أحد سوى الخراب، ولم يُهزم أحد سوى الأمل.هل نشهد ولادة "كمب ديفيد" جديد؟
ربما، لكن هذه المرة بعباءةٍ سوداء بدلاً من بدلة السادات البيضاء، وربما بعِمامةٍ تخرج من رحم الحرس القديم، لا لتقود الثورة، بل لتدفنها بمراسم تشييع إقليمي. ترامب شكر الطرفين، كمن يُشكر عميلين أنجزا مهمة في مسلسل تجسس دولي. شكرٌ لم يكن مجاملة، بل رسالة: "لقد أدّيتم ما عليكم.. الآن نبدأ فصل الدمج والابتلاع والتطبيع".إيران، التي كانت تهدد بمحو تل أبيب، عادت تمسح غبار الصواريخ عن ثوبها وتتهيأ لابتسامة دبلوماسية. إسرائيل التي قالت إن المعركة لم تنتهِ، وقفت فجأة تقرأ شروط بوبيو في كتاب الحليف القديم، وترضخ، أو بالأحرى "تتنازل بتكتيك". وكأن الطرفين يدركان أنهما يخسران أكثر مما يربحان إذا استمرت النار مشتعلة. إذًا، فالسلام مؤقت، لكنه ممهّد لتحول عميق: تغيير نظام لا تغيير خطاب.سجن إيفين في طهران، ذلك القبر الجماعي المفتوح على صرخات 11 ألف أسير، معظمهم من العراقيين، والمعارضين للنظام، بات الآن ملفًا محرجًا في طريق "التجميل السياسي". ليس من المستبعد أن تُغلق أبوابه على صمت مطبق، لا بالرحمة، بل بالإبادة الصامتة. فالاتفاقات التي لا تمرّ من فوق جماجم الأحرار، تمرّ من تحت جلودهم، تحرقهم في صمت، وتعلن ميلاد عهد جديد على أشلائهم.
من الذي انتصر؟هل هو المحور الإيراني الذي يصف إسرائيل بـ"الكيان المؤقت"، بينما تُغتال علماؤه في عقر ديارهم وتُضرب مفاعلاته تحت الجبال، وتختبئ قياداته في الأنفاق؟أم هو "المنتصر المهزوم" الذي يحتفل إعلاميًا، بينما قادته يرتعدون من الظهور، ويكتفون بخطابات خلف الستار؟أم أن الحقيقة أن المنتصر الوحيد هو مشروع إعادة التدوير الإقليمي، الذي أدار الحرب، وحدّد نهايتها، وحدّد شكل السلام، وحدد حتى من يجب أن يموت في سجن إيفين ومن يستحق النجاة؟الملالي باتوا عبئًا، وأذرعهم الملطخة بدماء العرب بدأت تفقد مبرراتها أمام المجتمع الدولي، الذي لا يبحث عن مقاومين، بل عن موظفين. ما نشهده ليس فقط تقليمًا للمخالب، بل سلخًا تدريجيًا للحرس القديم لصالح واجهة جديدة. سيسي إيراني؟ سادات إيراني؟ أتاتورك إيراني؟... جميعها نماذج جاهزة تُفصل الآن في كواليس الاتفاق. وشاهٌ جديد لا يركب خيل الشاهنشاهية، بل يركب موجة الإصلاح المصنوع، على مقاس السوق الدولي ورضا التاجر الأمريكي.أما الذُّيول، أذرع إيران في العراق واليمن ولبنان وسوريا، فهؤلاء وقود الاحتراق القادم. لا مصلحة في بقائهم بعد الآن. فقد انتهى دورهم، واللعبة الآن تحتاج إلى قطع جديدة بألوان أقل دموية، وأصوات أقل صراخًا. وربما لهذا السبب تحديدًا، فإن الاتفاق لم يكن فقط لإيقاف إطلاق النار، بل لإعادة هندسة المنطقة: من محور مقاومة إلى محور مفاوضة.من رحم هذا الاتفاق، تولد شرعية جديدة، لا تشبه لا الثورة ولا الدولة، بل مزيج مشوه من الاثنين، مشهد يُدار بدقة مخرج هوليوودي، حيث الممثلون يرددون نصوصًا لم يكتبوها، والجمهور يصفق لمشهد النهاية، بينما الجثث الحقيقية تُسحب خارج الكاميرا. قد لا نرى خامنئي بعد الآن، ولا قادة الحرس، وقد يُعلن قريبًا عن إصلاحٍ سياسي إيراني مذهل. لكن لا تنخدعوا بالمشهد؛ فكل ما حدث لم يكن سلامًا، بل توزيع أدوار في حفلة وداع للشرق الأوسط القديم، وولادة جنين لم نعرف ملامحه بعد، لكنه حتمًا لا يحمل قلب بغداد ولا روح الشام.
سلامٌ يشبه الهزيمة، وهزيمة تُسوّق كسلام... وللجميع حصة في الفاتورة، عدا الأحرار.



#حامد_الضبياني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ترامب وصعود ميزان القوة الجديد: حين تعثّرت التنانين وتاهت ال ...
- في مطلعِ الهجراتِ تبكي السنون
- الفنُّ... رسائلُ الخلود في حضارة الرافدين
- الفزاعة التي لبست عمامة الخلافة
- التحية الأخيرة أمام الكاميرا: عندما يذوب الانضباط في حضرة ال ...
- -سلامٌ على شفرة السكين: حين يبتسم الدخان في الشرق الأوسط-
- ياسين خضر القيسي... طائر الإبداع ووجع الثقافة في زمن التبدّد ...
- ميرفت الخزاعي... فراشة السرد التي حلّقت من شط العرب إلى سماء ...
- بين قيدٍ وركام: المسرح العربي في متاهة الإحباط والفقدان .
- إيران ومضيق هرمز... حين تتدلّى يد الغريق فوق زر الحرب
- -فوردو تحت الجبل وتحت المطرقة: الضربة التي أطاحت بظل إيران ا ...
- -حين تهاوت قم من برج الطاووس... وانكسر قرن المجوس في مرآة ال ...
- حين استيقظَ الألمُ وبكى الخواء
- حين استيقظَ الألمُ وبكى الخواء .
- رماد الفتنة
- لا أحد يسمع الوجع
- -وطنٌ للبيع... من يشتري الذل-.
- على سفح التل… تُزهِرُ الحسرة وتُكمم الحقيقة.
- -الرگيّة التي فضحت نظام الحكم!-
- -سايكس بيكو الجديدة تحت توقيع ترامب... الشرق الأوسط يتهيأ لز ...


المزيد.....




- إيلون ماسك ينتقد مجددا مشروع قانون الإنفاق الذي اقترحه ترامب ...
- مقتل 20 شخصًا بينهم أطفال في غارة على سوق مزدحم في مدينة غزة ...
- بالصور: المشاهير يتوافدون على البندقية لحضور حفل زفاف جيف بي ...
- عودة 36 ألف لاجئ أفغاني من إيران في يوم واحد
- مظاهرات تطالب بإسقاط الرئيس الصربي بشبهة فساد
- جيش الاحتلال يلقي منشورات في غزة تتضمن آيات قرآنية
- مظاهرات إسرائيلية ترفض صفقة تبادل جزئية
- المجلس الإسلامي السوري يعلن حلّ نفسه
- أنباء عن تقدم بمفاوضات غزة وزيارة نتنياهو لواشنطن مشروطة
- محللون: مستقبل نووي إيران بات غامضا وإسرائيل ستعتمد التعامل ...


المزيد.....

- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - -كمب ديفيد الإيراني: سلام يشبه الهزيمة أم هزيمة تُسوّق كسلام؟-