عبدالله عطوي الطوالبة
كاتب وباحث
الحوار المتمدن-العدد: 8386 - 2025 / 6 / 27 - 10:31
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لنفرض أن طالبةً أو طالباً توجه/ت إلى أحد الدكاترة في الجامعة
بالسؤال: هل خلق الله الدنيا في ستة أيام أم سبعة؟ الإجابة، كما نتخيلها نحن، ستكون إما ناقصة أو متلعثمة أو زاجرة، حسب عقلية الدكتور المسؤول ولون مخزونه المعرفي ونوعيته. لماذا؟!
افتراضنا المومأ اليه قبل قليل، قائم على أن السائلَ أو السائلةَ قرأ/ت الآيتين الكريمتين (الأعراف 54) و(هود 7 ) في القرآن الكريم، وحديثاً في صحيح مسلم.
في الآيتين الكريمتين، الجواب ستة أيام: (إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش). (وهو الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء ليبلوكم أيكم أحسن عملا). أما في الحديث موضوع حديثنا، فالإجابة سبعة أيام: "قال أبو هريرة: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فقال "خلق الله، عز وجل، التربة يوم السبت. وخلق فيها الجبال يوم الأحد. وخلق الشجر يوم الاثنين. وخلق المكروه يوم الثلاثاء. وخلق النور يوم الأربعاء. وبث فيها الدواب يوم الخميس. وخلق آدم، عليه السلام، بعد العصر من يوم الجمعة، في آخر ساعة من ساعات الجمعة، فيما بين العصر والليل".
ينقلنا السياق إلى الراوي، وهو أبو هريرة. فهو لم يرَ النبي، وفق أثبت ما تكاد تُجمع عليه المصادر التاريخية، أكثر من واحد وعشرين شهراً. فهل يُعقل أن يروي 5374 حديثاً؟!
نعفي القارئ العزيز مما قال علي بن أبي طالب وعمر بن الخطاب، وهما من هما في تاريخنا، عن أبي هريرة. فمن يهمه ذلك، بمقدوره العودة إلى مراجعنا التاريخية، أو الاستعانة بمحرك البحث "جوجل" ولا أظنه سيبخل عليه. للتذكير فقط، نستحضر من مصادرنا التاريخية العربية الرصينة، ما ينسب لأبي هريرة نفسه: "ما كنت أستطيع أن أقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى قُبض"أي مات" عمر"."
ومن ابي هريرة ننتقل إلى راوٍ آخر عن النبي، ونعني عبدالله بن عباس. كان عمر ابن عباس عشر سنوات أو أزيد قليلاً عند وفاة النبي، وهو المولود قبل الهجرة بأربع سنوات أو ثلاث (ولد سنة 618 أو 619 ميلادية وفقاً لمصادرنا). فهل من المعقول أن يروي ابن عباس حوالي ألفي حديث، وردت كلها في صحيحي البخاري ومسلم؟!
للتذكير، ثقافتنا ما تزال ثقافة أجوبة جاهزة، منذ ألف سنة على الأقل. أما السؤال، فإنه أكسجين العقل ومنطلق المعرفة، فلا معرفة من دون سؤال. لكن العقل المكبَّل بقيود تقديس السلف، لا يجرؤ على السؤال، ناهيك بالتدقيق والتحقيق والتمحيص والمراجعة. لذا، لا غرابة أن يظل واقعه راكداً، إلى الجمود والتكلس الذهني أقرب.
#عبدالله_عطوي_الطوالبة (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟