عبدالله عطوي الطوالبة
كاتب وباحث
الحوار المتمدن-العدد: 8371 - 2025 / 6 / 12 - 13:24
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
عزيزي وأخي الأردني، هل سمعت يومًا عن منظمة اسمها "اسرائيل لاند فاند"، أو "صندوق أرض اسرائيل"؟!
الدكتور سفيان التل يُعرفنا بهذه المنظمة الشيطانية، في كتابه "الهيمنة الصهيونية على الأردن"، وذلك من خلال تصريح لمديرها أرييه كينغ، لوكالة الصحافة الفرنسية. يقول هذا المأفون في تصريحه الذي يهمنا نحن في الأردن:"إن منظمته، التي يؤكد التل أنها يمينية متطرفة، تعتزم شراء العشرات من العقارات في الأردن عبر وسطاء أوروبيين". وتُعد هذه المنظمة الأردن جزءًا مما يُسمى "اسرائيل الكبرى" المتوهمة.
ويتوقف التل في كتابه عند ظواهر مشبوهة بدأت تظهر على السطح في البترا سنة 2011، منها شراء سيارات من الأهالي هناك بأسعار أعلى من قيمتها في السوق بنسبة 10- 20%، وبشيك مؤجل الدفع لمدة أربعة شهور. بعد ذلك، يبيع المستثمر ذاته السيارة بخصم يصل في حده الأعلى 20%، أي أن السيارة ذات القيمة السوقية البالغة عشرة آلاف دينار، ابتاعها المستثمر ب12 ألف دينار، وبعد دقائق باعها المستثمر ذاته بسعر الكاش بمبلغ ثمانية آلاف دينار. هنا، ثمة علامات استفهام مُحقَّة، لأن ما نحن بإزائه يخالف منطق التجارة بالفعل وأبسط شروط الاستثمار. ويثير شبهات عمليات غسل أموال، أو التحضير لعمليات نصب كبيرة.
في الإطار ذاته، يشير التل إلى شراء أراضٍ من المواطنين في البترا بوكالات غير معروف لمن ستؤول ملكيتها في النهاية. واللافت كما في موضوع السيارات، أن الأسعار مغرية ولا بد أن فيها استغلالًا لحاجة الناس وظروفهم، وفيها أيضًا تحفيز للطمع بسهولة الحصول على ربح غير متوقع من دون جهد.
للتوضيح أكثر، بدأت قضية البيع الآجل بتاجر واحد مكشوف، يزاول هذا العمل علنًا، وفي سنة 2014 ظهر تاجر آخر، إلى أن وصل العدد إلى ثمانية تجار يزاولون مهنة تجارة الأراضي والسيارات عن طريق البيع الآجل. هذا النوع من البيع، تجارة بيع ما ذُكر بمبالغ تزيد عن القيمة الفعلية بنسب تتراوح بين 25- 40%، قفزت إلى 100% في أسعار الأراضي. أما الدفع، فبشيكات مؤجلة تُصرف بعد أربعة أشهر من تاريخ البيع. وبحسب روايات متعاملين بهذا البيع، كما يؤكد المؤلف، كانت الشيكات الآجلة تُصرف في مواعيدها من دون مشاكل.
في سنة 2011 استُجوِبت حكومة عبدالله النسور في البرلمان عن تجارة البيع الآجل، وعن مصدر الأموال الهائلة التي تُنفق فيها. لكن الحكومة، على ما يفيد التل، "لم تُجب، أو كانت إجاباتها سلبية، وغير واضحة وتنفي أن هناك بيع أراضٍ". ويضيف المؤلف أيضًا:"وفي الوقت نفسه، كان بعض التجار يؤكدون أن مصدر الأموال من خارج الأردن. وكان محافظ البنك المركزي يؤكد عدم وجود شبهات حول الأموال القادمة من الخارج، وذلك في رده على سؤال لنائب المنطقة(البترا) في البرلمان".
ويلفت التل النظر إلى تزامن ذلك مع تعديل مجلس النواب آنذاك للمادة (22) من قانون سلطة إقليم البترا التنموي السياحي رقم (15) لعام 2009. وكانت المادة قبل التعديل تنص على ما يلي:" على الرغم من أي نص ورد في هذا القانون أو أي تشريع آخر يحظر يحظر التصرف بأراضي المحمية والمواقع الأثرية التي تقع خارج حدود المحمية سواء بالبيع أو التأجير أو التفويض أو الاستثمار أو بأي صورة أخرى إلى أي جهة عامة أو خاصة أو أي شخص طبيعي أو معنوي سواء كان أردنيًّا أو غير أردني، ويسري عليها قانون الآثار رقم (15) لسنة 2009". واضح أن هذه الفقرة، كما يقول المؤلف، تحظر التصرف بأراضي البترا بأي صورة من الصور للأردنيين وغيرهم. وعليه، يتساءل المؤلف وهو مُحق، ما الذي دعا الحكومة ومجلس النواب إلى تعديل القانون، وإلغاء حظر التصرف بأراضي البترا، كما هو مفصل في المادة المومأ اليها قبل قليل.
وقد جاء التعديل بإضافة الفِقرة "ب" إلى المادة (22) على النحو التالي:"ب- مع مراعاة أحكام الفقرة (أ) من هذه المادة وقانون الآثار يتم تنظيم تأجير الأموال غير المنقولة في الإقليم لغير الأردنيين والأشخاص المعنويين بموجب نظام يصدر لهذه الغاية، على أن تكون الأموال غير المنقولة خارج حدود المحمية أو المواقع الأثرية الأخرى في الإقليم وحسب المخطط الشمولي لمنطقة السلطة".
ويضئ التل على ما يسميه "سقطة اعلامية أو عملية تضليل مقصودة"، ويعني تناول وسائل الإعلام الأردنية للموضوع وتركيزها على أن التعديل يمنع بيع أراضي البترا أو تأجيرها لمستعمري فلسطين. لكن العكس هو الصحيح، كما يرى التل، إذ يقول:"لم يرد في القانون المعدل أي نص على استثناء أو حظر بيع أو تأجير الأراضي لحملة الجنسية الإسرائيلية".
بالعودة إلى موضوع البيع الآجل، يذكر التل أن مزاوليه من التجار توقفوا عن صرف الشيكات الآجلة سنة 2015، بعد حوالي أربعة سنين على صرفها بانتظام وعند استحقاقها. ووصلت أعداد الراجعة منها إلى 250 ألف شيك. إثر ذلك تشكلت حالة من الهرج والمرج والفوضى في المنطقة، وبدأ الناس يطالبون بأموالهم غير المدفوعة، وبشكل خاص أولئك الذين باعوا كل ما يملكون من سيارات أو عقار أو ثروة حيوانية للدخول على خط هذه التجارة المشبوهة. وتطورت الاحتجاجات إلى دعوات لاعتصامات وعصيان مدني وأسئلة برلمانية موجهة للحكومة. تفاقمت المشكلة، وشُكلت لجان شعبية عقدت اجتماعات مع التجار لصرف استحقاقات المتضررين التي لم تُدفع. وحمَّل المحتجون المسؤولية للحكومة والتجار والبنوك.
أخذت الحكومة تشعر باحتمال وجود شبهة فساد في قضية البيع الآجل، وشكَّلَت لجنة تحقيق. وفي يوم 28 أيار 2016 أوقفت سلطة إقليم البترا أفواج السياح مؤقتًا حفاظًا على أرواحهم، بعد اندلاع أعمال شغب من قِبَل محتجين وملثمين أغلقوا العديد من الطرق بالحجارة والإطارات المشتعلة، وأضرموا النيران بمحلات تجارية يملكها أحد كبار تجار البيع الآجل.
وبتاريخ 28 أيار 2015 تدخلت هيئة مكافحة الفساد، وأصدر مدعيها العام قرارًا بالحجز التحفظي على أموال تجار وممتلكاتهم. اتُّخِذ هذا القرار بعد مخاطبة وحدة غسل الأموال في البنك المركزي، للتأكد من مصدر الأموال المستخدمة في التجارة. ولا بأس هنا من التذكير بتوجيه بعض النواب أسئلة للحكومة ومحافظ البنك المركزي سنة 2011، وكانت الإجابات عدم وجود شبهة على ما أنف بيانه.
أخيرًا وليس آخرًا، عزيزي الأردني، إذا كنت تسير بسيارتك بغض النظر في أي مدينة، أو حتى في البترا ذاتها، وحصل معك حادث لا قدر الله، لا تستغرب أن يكون الطرف الثاني في الحادث "اسرائيليًّا"...نعم، اسرائيلي. يؤكد الدكتور التل على لسان مدير معبر وادي الأردن (ذكر اسمه) أن المركبات الإسرائيلية التي تدخل الأردن تستبدل بلوحة أرقامها لوحة أردنية، مشيرًا الملكاوي إلى أن هذا الإجراء روتيني مع كافة المركبات الاسرائيلية دون غيرها. نيال "شركائنا في عملية السلام" بنا، بكرمنا ولطفنا الزائدين معهم، وهم يستحقون على كل حال، بعد أن أثبتوا حسن نواياهم تجاهنا وحرصهم المبالغ به على صنع السلام معنا !!!
ونختم بخصوص البترا، بالدعوة إلى إصدار وثيقة رسمية تصارح الناس بالحقيقة أيًّا كانت وبمنتهى الشفافية، بناء على ما ورد في كتاب "الهيمنة الصهيونية على الأردن". يتبع.
#عبدالله_عطوي_الطوالبة (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟