عبدالله عطوي الطوالبة
كاتب وباحث
الحوار المتمدن-العدد: 8383 - 2025 / 6 / 24 - 08:13
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يبدأ مؤلف كتاب "الهيمنة الصهيونية على الأردن" حديثه عن مشروع "قناة البحر الأحمر- البحر الميت"، أو قناة البحرين، بالقول:"بدأنا نحس أن انقلابًا سياسيًّا في موقف الأردن سيبدأ أو قد بدأ فعلًا. ففي سنة 1994 وُقعت اتفاقية وادي عربة، وبدأت الجهات السياسية في الأردن تُسرب شيئًا فشيئًا رغبتها بتبني فكرة قناة تربط البحر الأحمر بالبحر الميت، بمشاركة اسرائيل، بهدف إنقاذ بيئة البحر الميت، خِلافًا لكل ما سبق وقلنا في أروقة الأمم المتحدة، وحشدنا العالم من أجله".
يعتقد الأردن الرسمي أن مشروع القناة هذا سيحل المشكلة المائية في الأردن حتى عام 2035، إذ سيوفر 570 مليون متر مكعب سنويًّا من المياه للأردن، و270 مليون متر مكعب للسلطة الفلسطينية واسرائيل. ولم يلحظ الأردن الرسمي أن سيخسر من مياهه الجوفية 484 مليون متر مكعب. فمن أخطر أخطار قناة البحرين بالنسبة للأردن، احتمال حدوث تسرب مياه البحر المالحة من القناة لأسباب عدة، قد تكون سوء مصنعية، أو تصدعًا، أو تشققًا ناتجًا عن انزلاقات الجبال والصخور أو الزلازل، أو التخريب المتعمد. إن حدوث أي تسرب لأي من هذه الأسباب منفردة أو مجتمعة، سيؤدي إلى كارثة تملح المياه الجوفية في وادي عربة. وفي موضوع المياه أيضًا، يشير التل إلى تنازل الأردن في اتفاقية وادي عربة عن آبار المياه الواقعة في الأراضي الأردنية للكيان، حسب نص المادة (IV) تحت عنوان "المياه الجوفية في وادي عربة/ منطقة هاعرفا". ففي البند الأول من هذه المادة نقرأ:"بموجب معطيات هذه المعاهدة، فإن بعض الآبار التي حفرتها واستعملتها اسرائيل، وكذلك أنظمتها المرافقة ستقع على الجانب الأردني من الحدود. إن هذه الآبار وأنظمتها المرافقة تخضع للسيادة الأردنية، وستستمر اسرائيل باستعمال هذه الابار والأنظمة بالكميات والنوعية الموضحة في ذيل هذا المرفق الذي سيتم إعداده إعدادًا مشتركًا بحلول 30 كانون أول 1994. ويمتنع أي بلد من اتخاذ أو السماح باتخاذ أي إجراء من شأنه أن يؤثر بشكل ملحوظ في تقليل إنتاج هذه الابار أو في نوعيتها". وكلما قرأنا مادة أو بندًا وردا في "اتفاقية وادي عربة"، يجتاحنا شعور بأنها كُتبت بأيدٍ اسرائيلية.
بحسب المؤلف، ونرى أنه مُحق بالكامل، فإن أي تخريب في القناة، حتى وإن كان مدبَّرًا، سيعبره الكيان عجزًا أردنيًّا عن تنفيذ نصوص المعاهدة، وبالتالي مبررًا لاحتلال الجبال الشرقية لوادي عربة، التي يحلم العدو بالسيطرة عليها منذ زمن بعيد.
ويضيف التل إلى ما سبق، أن قناة البحرين ستقام بالكامل على أرض أردنية لتكون احد مصادر الماء والكهرباء لإسرائيل. وبموجب اتفاقية وادي عربة، سوف يترتب للكيان حقوق دولية جديدة في الأراضي الأردنية، وستطالب بحماية مصادر مياهها وكهربائها إذا ما تعرضت لخطر. وقد تختلق الخطر، كما هو ديدنها، وتفتعل الأسباب لاحتلال الجبال الشرقية لوادي عربة كما احتلت الجولان، كما يرى المؤلف، ورؤيته صحيحة مئة بالمئة.
ويطرح التل بدائل لمشروع قناة البحرين، منها إقامة محطة تحلية خاصة بالأردن في خليج العقبة، ومشروع السد الأخضر المطروح قبل حوالي عشرين عامًا، ويقوم على أساس الإفادة من مياه الأمطار في البادية الشرقية عن طريق السدود والحواجز المائية.
ومن مشروعات المياه المشتركة مع الكيان التي يتطرق إليها التل، ما يُعرف ب"اتفاقية ناقل البحرين بين الأردن واسرائيل". وهي بحسبه، أي الإتفاقية، سرية لم تُعلن الحكومة الأردنية عنها، لكنها تسربت ونُشِرت. لذا يشير التل إلى أن الترجمة العربية لهذه الاتفاقية غير رسمية. المشروع برمته اسرائيلي يُقام على أرض أردنية. ويلفت إلى توقيع الاتفاقية بين الأردن والكيان، واستثناء السلطة الفلسطينية. ومن أهم مكونات المشروع، محطة ضخ على الشاطئ الشمالي لخليج العقبة ملاصق للحدود بين الأردن وفلسطين المحتلة بطاقة استيعابية تتراوح ما بين 300- 700 مليون متر مكعب سنويًّا. يُضاف إلى ذلك، محطة لتحلية المياه تقع شمال مطار العقبة على الأرض الأردنية، وتشمل خطوط أنابيب وخزانات مياه وشبكات نقل وغيرها من المستلزمات.
بموجب الاتفاقية بحسب المؤلف، الأردن يشتري المياه المحلاَّة ويبيعها لاسرائيل. ويشير أيضًا إلى "أولوية للأردن بالتعامل مع نفايات المشروع". ويرى التل أن الاتفاقية غير دستورية، لأنها تخالف نصوص الدستور الأردني، وعلى وجه الحصر المادة (33) التي سبقت الإشارة إليها. وتنص على أن "المعاهدات والاتفاقات التي يترتب عليها تحميل خزانة الدولة شيئًا من النفقات أو مساس في حقوق الأردنيين العامة أو الخاصة لا تكون نافذة إلا إذا وافق عليها مجلس الأمة".
وُقعت اتفاقية ناقل البحرين، بحسب التل، بتاريخ 26 شباط 2015، على نُسختين كلاهما باللغة الانجليزية، ولا توجد نسخة عربية، وهو ما يثير الريبة ويرسم علامات استفهام كثيرة. وبخصوص إدارة المشروع، فمشتركة من الأردن واسرائيل من دون الطرف الفلسطيني. كما أن قرارات هيئة الإدارة المشتركة مُلزمة للطرفين، ولا يجوز إصدار أي فعل أو توجيه بشأن مكونات المشروع إلا بعد موافقة الهيئة. ويلحظ التل أن المادة (24) من الاتفاقية لم تذكر أي شئ عن جودة المياه للأردن، على الرُّغم من أنها ستكون بلا تنقية وبلا تحلية وبلا ضخ. وتشير المادة (14) إلى شروط شراء المياه المحلاة وبيعها، وأن الأردن سيشتري المياه المحلاة من مقاول البناء والإدارة والتسليم من دون ذِكر شروط. وجاء في المادة (15) أن اسرائيل توافق على شراء المياه المحلاة بشروط، هي:
-ألا تقل الكمية عن 35 مليون متر مكعب سنويًّا.
-تسلم المياه في نقطة تحددها حكومة اسرائيل وليس الإدارة المشتركة على الحدود الأردنية.
-تحدد جودة المياه ومعدلات تزويدها.
-تشتري اسرائيل المياه المحلاة إن كانت جودتها ومعدلات تزويدها مطابقة لما هو متفق عليه. وتنص المادة (16) على أن "لإسرائيل الحق في زيادة مشترياتها السنوية من المياه المحلاة من محطة التحلية من خلال إشعار مسبق للأردن، ويضمن الأردن تلبية هذا الطلب. بموجب هذه المادة، لا سقف لما تحصل عليه اسرائيل من المياه المحلَّاة. كما تعطي هذه المادة اسرائيل حق شراء المياه المحلاة كاملة، بما فيها حصة الأردن، والأردن مُلزم بتلبية الطلب بالأسعار المحددة ذاتها. ونصت المادة (19) على أن يدفع الأردن والكيان اللقيط بالتساوي الحساب النهائي لتكاليف النفقات الرأسمالية والتشغيلية، بعد خصم المساهمات والمنح المقدمة لمشروع البناء. ونصت المادة (28) على أن "توفر الحكومة الأردنية الأرض ومنافعها لبناء وتشغيل أي مكون من مكونات المشروع في الأردن دون مقابل أو ضرائب أو أجور طوال مدة كل مكون من مكونات المشروع". ويخبرنا التل، أن الحكومة الأردنية أضافت إلى "كَرَمِهَا" الحاتمي في المادة (27) إعفاء المشروع من أي ضرائب أو جمارك أو جبايات على استيراد أي مادة ومعدات بإسم تشجيع الاستثمار. وبذلك، قدم الأردن الأرض لمكونات المشروع دون أن تحتسب لها قيمة أو أجر في المشروع. أما الخازوق الكبير في هذه الإتفاقية فنجده في المادة (30)، وقد نصت على أنه "لا يجوز إحالة النزاع إلى أي طرف ثالث للتحكيم أو هيئات دولية". هذا يوحي بحسب التل ونحن نوافقه الرأي، أن هناك الكثير مما تم الاتفاق عليه تحت الطاولة ولا يجوز لطرف ثالث الإطلاع عليه.
ويختم المؤلف كلامه عن اتفاقية ناقل البحرين بالقول إنها "أحد مشروعات الهيمنة الصهيونية على الأردن، ودمج اسرائيل في المنطقة وسيطرتها على بنيته الأساسية مع بقية التحركات في المنطقة، الهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية، كتدمير المخيمات وتهجير سكانها وسحب الجنسيات وتصفية وكالة الغوث واقتسام المسجد الأقصى". ومن صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية يقبس:"هذا المشروع يعفي اسرائيل من إقامة محطة تحلية مستقلة في إيلات(أم الرشراش)، أو الارتباط بالمشروع القطري الذي ينقل المياه من طبريا إلى النقب، وهي مشاريع ذات تكلفة عالية. كما ترمي الخطة إلى إيجاد آلية بديلة لما ورد في اتقاقية وادي عربة بخصوص تحويل 50 مليون متر مكعب سنويًّا من اسرائيل إلى الأردن". يتبع.
#عبدالله_عطوي_الطوالبة (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟