عبدالله عطوي الطوالبة
كاتب وباحث
الحوار المتمدن-العدد: 8373 - 2025 / 6 / 14 - 13:02
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
من البترا ينقلنا الدكتور التل إلى شأن آخر في السياق، اختار له عنوان "التنسيق والتعاون الأميركي الأردني الإسرائيلي".
يبدأ المؤلف هذا الفصل بما نشره موقع الجريدة الرسمية الأردنية، بشأن موافقة الأردن رسميًّا في السابع من شباط 2016 على اتفاقية وُقعت مع أميركا سنة 1996، تتعلق بوضع القوات الأميركية المؤقت في الأردن. وبعد الموافقة الرسمية على الإتفاقية، أصبح وجود هذه القوات قانونيًّا.
وتضمنت الاتفاقية منح الموظفين المنتدبين في وزارة الدفاع الأميركية المتواجدين بشكل مؤقت على الأراضي الأردنية، وضع الكادر الإداري والفني العامل في السفارة الأميركية في عَمَّان. واتُّفِق أيضًا على أن يستخدم هؤلاء الموظفون هوياتهم الشخصية الصادرة عن حكومة بلادهم للدخول إلى الأردن والخروج منه. كما تضمنت الإتفاقية السماح لهم أيضًا بارتداء اللباس العسكري، خلال تأديتهم مهامهم الرسمية وحمل السلاح في أماكن العمل. وقد جاء في عدد الجريدة الرسمية الأردنية رقم 5387 الصادر يوم الأربعاء 16 آذار 2016 ما نصه في الصدد:"تحترم حكومة الولايات المتحدة الأميركية، الإجراءات المُتَّبَعة بخصوص الأذونات الدبلوماسية التي تُمنح للطائرات الأميركية عند الهبوط والإقلاع، والأذونات اللازمة لدخول السفن من خلال الموانئ. كما تقترح حكومة المملكة الأردنية الهاشمية منح دخول وهبوط مجاني داخل الحدود الأردنية، وإعفاء ضريبي للصادرات والواردات، وإعفاء من الرسوم الداخلية والضريبة على المنتجات والممتلكات والمواد والأسلحة المستوردة إلى المملكة، من قِبَل حكومة الولايات المتحدة الأميركية بهدف تغطية الأنشطة التي تنص عليها هذه المذكرة". هنا، يلحظ الدكتور التل مخالفة صريحة للبند الثاني من المادة (33) في الدستور الأردني، وينص على أن "المعاهدات والاتفاقيات التي يترتب عليها تحميل خزانة الدولة شيئًا من النفقات أو مساس في حقوق الأردنيين العامة أو الخاصة لا تكون نافذة إلا إذا وافق عليها مجلس الأمة، ولا يجوز في أي حال أن تكون الشروط السرية في معاهدة أو اتفاق ما مناقضة للشروط العلنية". وعليه، فإن إعفاء الطائرات الأميركية عند الهبود والإقلاع، من الحصول على التصاريح اللازمة من السلطات الأردنية، عند الدخول أو الخروج، مع ما يترتب على ذلك من رسوم يتوجب تأديتها إلى هيئة تنظيم الطيران المدني، يشكل مخالفة لهذا النص الدستوري. الشئ ذاته ينسحب أيضًا على منح القوات الأميركية في الأردن اعفاء ضريبيا من الصادرات والواردات، ومن الرسوم الداخلية والضريبة على المنتجات والممتلكات والمواد والأسلحة المستوردة إلى الأردن من قِبَل الحكومة الأميركية لتغطية نشاطات قواتها على الأرض الأردنية.
الإتفاقية بالإضافة إلى ما ذكرنا، تنتهك السيادة الأردنية، كما يقول المؤلف، لأسباب عدة. فهي لم تُعرض على مجلس الأمة، ولم تبين مدة تواجد القوات الأميركية في بلدنا ولم تحدد أعدادها وطبيعة مهامها . أما تصنيف عسكر أميركا في أرضنا على أنهم ضمن كوادر سفارة بلادهم، فيعطيهم حصانة دبلوماسية. كما سمحت لهم بدخول الأردن والخروج منه بهوياتهم الشخصية، ناهيك بالسماح لهم بارتداء اللباس العسكري الخاص بهم وحمل السلاح أثناء العمل. وأعفت الاتفاقية القوات الأميركية من أي مسؤولية مدنية وجزائية عن الفقدان أو الأضرار بالأشخاص والممتلكات والمعدات، بحيث تُترك تسوية أية أضرار للتفاوض بين الحكومتين.
وتجدر الإشارة إلى أغرب ما يشير إليه التل بخصوص الاتفاقية، ومفاده أن بدايتها خطاب موجه من سفارة واشنطن في عَمان، لم يلبث أن تحول إلى اتفاقية دولية مُلزمة للأردن تسمح بتواجد قوات أجنبيه على أرضنا دون تحديد مدة زمنية لوجودها، بالإضافة إلى ما سبق ذكره بخصوص الامتيازات الممنوحة لأفراد هذه القوات.
ويتناول الدكتور التل في هذا الفصل إنشاء مراكز للتدريب العسكري في الأردن، بتمويل وإشراف أميركِيَّيَن، منها بحسبه، مركز الملك عبدالله الثاني لتدريب العمليات الخاصة. وقد افتُتِح هذا المركز في 19 أيار 2009، على مساحة 500 دونم في ياجوز، بكلفة 200 مليون دولار. ومما قال الجنرال ديفيد بيترايوس، قائد القيادة المركزية الأميركية في الافتتاح يقبس المؤلف:"سيوفر هذا المركز فُرَصًا عديدة للتدريب المتميز والمتخصص لقوات العمليات الخاصة الأردنية والشركاء على مستوى الإقليم والعالم".
ويورد التل أمثلة عدة من المتدربين في مراكز التدريب في الأردن، ومنهم ثلاثة آلاف شرطي فلسطيني تلقوا دورات عسكرية استمرت 19 أسبوعًا في مركز الشرطة الدولي في الأردن، الذي بُني بدعم أميركي سنة 2003 من أجل تدريب الشرطة العراقية. وقد جرى تدريب الشرطة الفلسطينية تحت اشراف الجنرال الأميركي، كيث دايتون. وقد انتُدب دايتون ليكون المنسق الأمني الأميركي للشؤون الإسرائيلية الفلسطينية، وأرسلته إدارة بوش الإبن سنة 2005 إلى فلسطين، من أجل وضع خطط لتصفية المقاومة الفلسطينية المسلحة تحت شعار مكافحة الارهاب. ولهذا الغرض عمل على إنشاء جهاز أمني تلقت عناصره التدريب في الأردن.
ويتطرق المؤلف إلى تدريب ضباط وأفراد أمنيين لبنانيين في الأردن على يد ضباط أميركيين، في المركز الأردني الدولي لتدريب الشرطة"، حيث تُلقى عليهم محاضرات تتهم حزب الله اللبناني بأنه تنظيم ارهابي. مثل هذا الكلام أيضًا يُلقى في محاضرات على أفراد الشرطة الفلسطينية. ويورد المؤلف أمثلة من مضامين دراسات اسرائيلية في المقررات التدريبية، إذ يقول على سبيل المثال لا الحصر:"في كل فقرة تتحدث عن "الإرهاب الإنتحاري" يرد اسم حزب الله. لكن الأمر لا يقف عند حدود لبنان، بل يتعداه إلى حركات المقاومة في فلسطين". ويضيف، بحسب المقرر الأميركي، "بدأ الارهاب الانتحاري في اسرائيل في عام 1993، بحماس والجهاد الاسلامي الفلسطيني. وهما جماعتان استلهمتا أفكار حزب الله، وكانتا تتلقيان المساعدة منه. وقد ركزت حماس والجهاد الاسلامي في فلسطين هجماتهما الانتحارية الأولى على أهداف عسكرية في الأراضي(لا يذكرون صفة المحتلة)، لكنهما تحولتا بعد ذلك إلى مهاجمة المدنيين في الأماكن المكتظة والمدن الرئيسة. وأوقعت هاتان المجموعتان عددًا كبيرًا من الإصابات بين السكان المدنيين الإسرائيليين، ما ترك أثرًا عميقًا على إحساس الشعب الإسرائيلي بالأمن الشخصي". ولنا ان نلاحظ حجم التلفيق المقصود به غسل أمخاخ من تُلقى عليهم أكاذيب من هذا النوع. لا يوجد شئ اسمه "الشعب الاسرائيلي"، بل الموجود هو تجمع استعماري صهيوني في فلسطين المحتلة. ولا يوجد في الكيان الصهيوني مدنيون، بل كل أفراد التجمع الاستعماري الصهيوني في فلسطين عسكريون غاصبون إما في الخدمة أو في الاحتياط.
ومن أكاذيب المدربين الأميركيين لتشويه صورة المقاومة، في فلسطين على وجه الحصر، الزعم بأن "أول امرأة من حركة حماس قامت بعملية تفجير انتحارية، وهي أم شابة لطفلين، كانت على علاقة خارج الزواج، وقيل إن قتلها لنفسها مع عدة اسرائيليين كان هو الوسيلة الوحيدة لاستعادة شرفها". يتبع.
#عبدالله_عطوي_الطوالبة (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟