علاء عدنان عاشور
محامي وكاتب وباحث في السياسة والأدب والفلسفة والإقتصاد والقانون .
(Alaa Adnan Ashour)
الحوار المتمدن-العدد: 8385 - 2025 / 6 / 26 - 14:05
المحور:
قضايا ثقافية
في زمن تتزايد فيه التحديات الاقتصادية والاجتماعية بشكل متسارع، لم يعد تنظيم النسل مجرد خيار فردي أو رأيًا يُطرح في الهامش، بل بات ضرورة وطنية تمسّ جوهر قدرة الدولة على الاستمرار والوفاء بالتزاماتها تجاه مواطنيها.
في بلدان تعاني من شح الموارد، وعجز مزمن في ميزانها التجاري، لا يمكن تجاهل الأثر المدمر للانفجار السكاني. فالتعليم يتدهور، والخدمات الصحية تتآكل، والأمن يتراجع، وفرص العمل تندر أو تتبخر. كيف يمكن لدولة ينهكها النمو العشوائي في عدد السكان أن تحقق التنمية المستدامة أو حتى توفر الحد الأدنى من العيش الكريم؟
ورغم وضوح هذا الواقع، ما زالت بعض المفاهيم الشعبية تُهيمن على التفكير العام، من قبيل: "الولد بيجي ورزقته معه" أو "الله بيسرها". وهي مقولات، وإن بدت ذات طابع ديني أو إيماني، إلا أنها في الحقيقة تصطدم بالمنطق والعلم والتجربة. فالرزق لا يهبط من السماء على أسر لا تملك القدرة على تأمين الحد الأدنى من احتياجات أطفالها، والدولة لا تملك عصًا سحرية لمواكبة هذا النمو السكاني المنفلت.
إن التعامل مع قضية تنظيم النسل يجب أن ينتقل من خانة الوعظ إلى مربع القرار. يجب تقنين تنظيم النسل ليحظى بشرعية قانونية واضحة، ويُدرج ضمن السياسات العامة للدولة كأولوية تنموية، لا كخيار ديموغرافي هامشي.
وفي هذا السياق، لا يمكن السماح باستمرار هيمنة الخطابات اللاهوتية أو الدينية المغلقة على مجالات الحياة اليومية، خاصة حين تتناقض مع القوانين الطبيعية والبشرية التي تنظّم هذا العالم. فالكون محكوم بقوانين دقيقة، والعيش فيه يتطلب الوعي، والتخطيط، والمسؤولية.
تنظيم النسل ليس دعوة ضد الدين، بل هو موقف عقلاني يحترم الإنسان وكرامته وحقه في حياة لائقة. وهو في جوهره موقف أخلاقي، لأنه لا يسمح بقدوم أرواح إلى عالمٍ لا يجدون فيه ما يسدّ جوعهم أو يضمن لهم كرامتهم.
حان الوقت لمصارحة الذات ومجابهة الثقافة السائدة بالشجاعة اللازمة، إن أردنا بناء مستقبل مستقر لا تلتهمه الفوضى السكانية ولا تبتلعه المجاعات والبطالة والجهل.
#علاء_عدنان_عاشور (هاشتاغ)
Alaa_Adnan_Ashour#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟