أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - علاء عدنان عاشور - هل تحتاج فلسطين إلى عملة وطنية؟ المفاضلة بين السيادة النقدية والاستقرار المالي .














المزيد.....

هل تحتاج فلسطين إلى عملة وطنية؟ المفاضلة بين السيادة النقدية والاستقرار المالي .


علاء عدنان عاشور
محامي وكاتب وباحث في السياسة والأدب والفلسفة والإقتصاد والقانون .

(Alaa Adnan Ashour)


الحوار المتمدن-العدد: 8357 - 2025 / 5 / 29 - 16:41
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


مقدمة

يُعد موضوع العملة الوطنية من أبرز التحديات التي تواجه مشروع الدولة الفلسطينية. في ظل غياب عملة فلسطينية رسمية، تعتمد الأراضي الفلسطينية حاليًا على ثلاث عملات: الشيكل الإسرائيلي، الدينار الأردني، والدولار الأميركي، مع سيطرة شبه كاملة للشيكل في المعاملات اليومية والتجارية. يطرح هذا الواقع تساؤلاً جوهريًا: هل من الأفضل لفلسطين أن تُبقي على الشيكل باعتباره عملة قوية ومستقرة، أم أن تسعى إلى إصدار عملة وطنية مستقلة؟

أولاً: جدوى إصدار عملة وطنية

من الناحية الاقتصادية، إصدار عملة وطنية يُعتبر خطوة طبيعية ضمن مسار بناء الدولة. فالنظام النقدي المستقل يُتيح أدوات فعالة للتحكم في السياسة المالية والنقدية، مثل التحكم في معدلات الفائدة، والتحكم بالكتلة النقدية، واحتواء التضخم.

المزايا الاقتصادية والسياسية تشمل:

تعزيز السيادة الوطنية: العملة رمز من رموز الاستقلال، وغيابها يعبّر عن تبعية اقتصادية ونقدية.

إمكانية تفعيل سياسة نقدية مستقلة: تساعد على مواجهة الركود، دعم الصادرات، وضبط السوق المحلي.

تشجيع الثقة بالمنظومة الاقتصادية الوطنية: في حال وُجدت مؤسسات مالية قوية، يمكن للعملة أن تصبح أداة لتثبيت الثقة المحلية.


لكن هذه المزايا تصطدم بعقبات حقيقية:

ضعف القاعدة الإنتاجية الفلسطينية: الاقتصاد الفلسطيني غير متنوع، ويعتمد بشكل كبير على إسرائيل كمصدر للواردات والأسواق.

غياب الاحتياطي النقدي الكافي: إطلاق عملة يحتاج إلى غطاء نقدي أو إنتاجي يحفظ قيمتها، وهو ما تفتقر إليه السلطة الفلسطينية حاليًا.

غياب الاستقرار السياسي والمؤسسي: لا يمكن الحديث عن عملة قوية في ظل انقسام سياسي ومؤسسات غير موحدة.


ثانيًا: الشيكل كخيار عملي

يُستخدم الشيكل الإسرائيلي على نطاق واسع في الضفة الغربية وقطاع غزة، سواء في الرواتب، المعاملات اليومية، أو العمليات التجارية والاستيراد. السبب في ذلك ليس فقط الجغرافيا، بل البنية التجارية المعقدة التي تربط الاقتصاد الفلسطيني بالإسرائيلي.

أهم مزايا الاعتماد على الشيكل:

استقرار نسبي في القيمة: الشيكل مدعوم من اقتصاد إسرائيلي قوي، ما يقلل من مخاطر التضخم أو الانهيار المفاجئ.

تيسير التجارة مع إسرائيل: أكثر من 60% من التجارة الفلسطينية تتم مع السوق الإسرائيلي، مما يجعل استخدام الشيكل أكثر عملية وكفاءة.

انخفاض التكاليف الإدارية: لا حاجة لطباعة عملة، إنشاء بنك مركزي، أو نظام نقدي مستقل – مما يوفر أعباء مالية وتنظيمية.


لكن هذا الاعتماد له آثار سلبية واضحة:

انعدام السيطرة النقدية: لا تستطيع فلسطين التحكم في الفائدة، العرض النقدي، أو أدوات السياسة النقدية الأخرى.

تبعية اقتصادية عميقة: يُرسّخ استخدام الشيكل التبعية البنيوية لإسرائيل ويحد من قدرة الفلسطينيين على تطوير نموذج اقتصادي مستقل.

عرقلة مشروع الدولة: يصعب الحديث عن كيان سياسي مستقل بلا نظام نقدي مستقل.


ثالثًا: نحو مقاربة وسطى؟

يمكن التفكير في حلول وسط، لا تقفز مباشرة إلى إصدار عملة مستقلة ولا تستمر في حالة التبعية المطلقة، مثل:

إنشاء عملة موازية مرتبطة بسلة عملات (مثل الشيكل والدولار): تستخدم في المعاملات المحلية وتحمل طابعًا وطنيًا، بينما تظل العملات الأجنبية تُستخدم في التجارة الخارجية.

اعتماد نظام الدفع الرقمي الوطني: لتقليل الاعتماد على البنية التحتية النقدية الإسرائيلية، دون إصدار عملة ورقية تقليدية.

تأسيس بنك مركزي فلسطيني مستقل وظيفيًا: حتى دون إصدار عملة، يمكنه تنظيم النظام المالي ووضع أساس للاستقلال المستقبلي.


خاتمة

السؤال عن العملة الفلسطينية لا يتعلق فقط بالأرقام، بل بالهوية والسيادة والاستقرار. ورغم أن استخدام الشيكل يبدو أكثر استقرارًا في الوقت الراهن، إلا أنه لا يمكن أن يكون خيارًا دائمًا لدولة تطمح إلى الاستقلال الكامل.

الاستراتيجية الأمثل تكمن في الانتقال التدريجي نحو نظام نقدي مستقل، يتكئ على بنية اقتصادية قوية، مؤسسات متماسكة، وشراكات إقليمية ودولية، بما يضمن لفلسطين استقلالها المالي دون الوقوع في فخ العزلة أو الفوضى النقدية.



#علاء_عدنان_عاشور (هاشتاغ)       Alaa_Adnan_Ashour#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السياسة أولا ولتذهب المحاماة للجحيم .
- من زمن العروبة إلى لحظة القُطرية: حين يغدو الاقتصاد هو المعب ...
- الساحر الأسمر
- ريال مدريد في القلب ...
- الزمن الجميل
- في محراب العقل: مرثية المعتزلة
- هنادي .....
- الأسرى في بلادنا... بين قدسية النضال وتجارة الوطنية .
- الحسين .....
- ثعلبة .....
- ذاكرةٌ تمشي على أرصفة الروح
- كتاب في الشعر الجاهلي .....
- غزة، بين رمزية النضال وسراب الإنجاز: هل يُفنى الشعب كي تُكتب ...
- نحن الشرارة التي أضاءت العالم
- إلى معلمة الفنون ....
- عالم ما بعد الصراع: أمريكا أولًا بوابة الاقتصاد العالمي .
- لا أريد أن أحزن ....
- -بين الأيديولوجيا والبراغماتية -: آن أوان إنقاذ ما تبقى من ف ...
- على عرش الفكرة
- النساء الناضجات


المزيد.....




- باكستان تعلن عن أول احتياطي إستراتيجي من البيتكوين
- خبراء: تعليق منح تأشيرات للطلاب الأجانب يضر بسمعة واقتصاد أم ...
- كيف تحول عثمان ديمبلي من لاعب زجاجي إلى مرشح للكرة الذهبية؟ ...
- طوكيو: الصين تستأنف استيراد المأكولات البحرية اليابانية
- الاقتصاد الهندي ينمو بوتيرة أسرع من المتوقع بالربع الأخير
- من المادة 122 إلى 301.. هذه خطة ترامب للإبقاء على رسومه
- صناعة السيارات البريطانية تسجل أضعف بداية سنوية منذ 2009
- مصر.. رد إعلامي على مزاعم -عسكرة الاقتصاد والتعليم- ومساعي - ...
- أكبر 10 دول استيرادا لآيفون في العالم بينها دولة عربية
- الهند تجتذب صندوق السيادة السعودي بإعفائه من بعض قواعد الاست ...


المزيد.....

- دولة المستثمرين ورجال الأعمال في مصر / إلهامي الميرغني
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / د. جاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - علاء عدنان عاشور - هل تحتاج فلسطين إلى عملة وطنية؟ المفاضلة بين السيادة النقدية والاستقرار المالي .