علاء عدنان عاشور
محامي وكاتب وباحث في السياسة والأدب والفلسفة والإقتصاد والقانون .
(Alaa Adnan Ashour)
الحوار المتمدن-العدد: 8352 - 2025 / 5 / 24 - 14:07
المحور:
الادب والفن
يا سائلاً عن المعتزلة،
عن أولئك الذين نصبوا العقل إمامًا،
وشيّدوا له محرابًا من نورٍ وحبر،
وأشعلوا فيه مصابيح الشكّ لا خوفًا، بل يقينًا بأنّ الحقَّ لا يُوهب، بل يُنتزع.
كانوا، كأنهم سلالة أفلاطون،
ولدوا في زمنٍ كان فيه الفكر مقموعًا تحت عمائم السرد،
يمشون في دروب الكلام،
يطرقون أبواب الغيب بمطارق المنطق،
ويقولون: "لا نؤمن حتى نفهم، ولا نسجد حتى نتبيّن."
هم الفلاسفة الحائرون في مدينة الخوف،
حملوا مرآة ديكارت،
سألوا الوجود: "هل أنا موجود؟"
وجعلوا من الشك سُلّمًا يصعدون به إلى العرفان.
رأوا الله بعين العقل،
لا على جبل الطور،
بل في هندسة الأكوان، في تناظر الآيات، في انسجام القَدَر.
"العدل أصلٌ، والتوحيد عقلٌ،"
قالوا،
ونصبوا من أرسطو إمامًا في قاعات الكلام،
فجعلوا للحق قياسًا، وللإيمان حدودًا،
وآمنوا بأن الحسن قُبيل الشرّ في طبيعة الأشياء،
لا لأنه مأمور، بل لأنه معقول.
يا صاح،
ليسوا زنادقة كما صرخ الغاضبون،
بل عشّاق نور،
حفروا أسئلتهم في صخر اليقين،
وأشعلوا نار الفهم في كهف النص.
هم من أنكروا أن يكون الله ظالمًا،
وجعلوا الإنسان حرًّا في اختياره،
حَمَلوا وزر أفعالهم،
وقالوا: "لو كان مجبورًا، لكان معذورًا."
لكنهم لم يطلبوا العذر،
طلبوا الحقيقة، عاريةً، خاليةً من أسطورة.
في زمنهم،
كان الإيمان خضوعًا،
وكانت أسئلتهم تمردًا،
لكنّهم لم يتمردوا على الدين، بل على الجمود،
ولم يكفروا، بل فَكّروا.
فصمتوا حين صاح المماليك،
وغابوا حين جاء السيف يطلب رقاب العقل،
وأُطفئت مصابيحهم،
لكن ظلّ الدخان شاهداً على احتراق المعرفة في دهاليز السلطان.
فقل لي الآن:
أليسوا مثاليين حين ظنّوا أن العقل وحده يهدي؟
أليس فيهم من ديكارت وجده، ومن أرسطو قاعدته؟
أم هم طائر فكرٍ حُبس في قفص التاريخ،
ينشد الحرية في كل عصر،
ولا يُسمع له سوى صدى؟
#علاء_عدنان_عاشور (هاشتاغ)
Alaa_Adnan_Ashour#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟