أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء عدنان عاشور - الإسلام السياسي ومعضلة الأمن القومي العربي .














المزيد.....

الإسلام السياسي ومعضلة الأمن القومي العربي .


علاء عدنان عاشور
محامي وكاتب وباحث في السياسة والأدب والفلسفة والإقتصاد والقانون .

(Alaa Adnan Ashour)


الحوار المتمدن-العدد: 8362 - 2025 / 6 / 3 - 22:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في خضم التحولات الكبرى التي تعصف بالمنطقة العربية، تبقى معضلة الأمن القومي واحدة من أخطر التحديات التي تواجه الدولة القومية. ويُعد الإسلام السياسي، في أحد أوجهه، عاملاً رئيسًا في تعميق هذا التحدي، نظراً لارتباطاته الإقليمية العابرة للحدود، خاصة مع قوى إقليمية مثل تركيا وإيران، فضلاً عن دعم خفي أو علني من بعض الدول العربية الثرية ذات الأجندات الخاصة.

لقد أنتج هذا التداخل المركب بين الحركات الإسلامية والسياسات الخارجية الإقليمية خللاً بنيويًا في مفهوم الدولة القومية، وضربًا صريحًا في أساس شرعيتها ووحدة أراضيها، عبر تغذية النزاعات الطائفية والدفع بأيديولوجيات تتصادم مع مفاهيم التعايش والدولة المدنية.

ومن جهة أخرى، لعب التطرف الديني، وما صاحبه من تشدد تجاه الآخر المختلف دينيًا وثقافيًا، دورًا مدمّرًا في تقويض الاستقرار المجتمعي والسياسي. فالعنف باسم الدين لم يعد مجرد تهديد أمني، بل أصبح أداة لتفكيك المجتمعات من الداخل وإضعاف مؤسسات الدولة.

في المقابل، ما تزال غالبية الدول العربية تتبنى شكلاً من العلمانية الجزئية أو "البراغماتية"، لا تتعارض في جوهرها مع روح الإسلام الوسطي، ولا تنفصل عن إرث تاريخي يمتد إلى فترات ازدهار حضاري كما في العهدين الأموي والعباسي، حيث كانت السياسة تُدار بمنطق الدولة، بينما ظل الدين مرجعية روحية وأخلاقية بعيدة عن صراعات السلطة.

السياسة بطبيعتها تقوم على موازين القوى، والمصالح، والتكتيك، وليس على الميتافيزيقا أو الغيبيات. ولهذا فإن العلمانية — بوصفها إطارًا تنظيميًا يفصل بين المجالين الديني والسياسي — تُعد اليوم ضرورة استراتيجية وليست ترفًا فكريًا. إنها الضامن الأول لبناء دول مستقرة، متماسكة، عصيّة على الاختراق الخارجي والأجندات العابرة للحدود.

وعلى الرغم من محاولات حركات الإسلام السياسي تجديد خطابها، إلا أن منحنى التأييد الشعبي لها في تراجع واضح، سواء في العالم العربي أو حتى على مستوى اليمين الديني العالمي. فالعالم، بكل تعقيداته، بات يطالب بمنهج اقتصادي وسياسي عصري قائم على الليبرالية الرشيدة، والشفافية، وكفاءة الإدارة، لا على الخطابات الشعبوية أو الأوهام الخلاصية.

إن المستقبل العربي الآمن يمرّ عبر بوابة الدولة المدنية، والدولة المدنية لا تقوم إلا على قاعدة من العقلانية السياسية، والتعايش، والمواطنة الكاملة. وهذه القيم لا يمكن أن تزدهر في ظل خلط مريب بين الدين والسياسة، بل عبر بناء نظام سياسي يفصل السلطات، ويؤمن بحرية الضمير، ويحصّن الأوطان من العبث الخارجي، مهما اختلفت مسمياته.
ولا تقتصر إشكاليات الإسلام السياسي على البعد النظري أو العلاقة مع الخارج فحسب، بل تتجلى أيضًا في قضايا مصيرية كالقضية الفلسطينية. لقد آن الأوان أن يُدرك الإسلاميون في فلسطين أن قضيتهم الوطنية العادلة — التي تمثل وجدان الأمة ومحور صراعها الوجودي — أكبر من أي إطار أيديولوجي أو ارتباط تنظيمي عابر للحدود.

إن استمرار ارتباط بعض الفصائل الفلسطينية بجماعة الإخوان المسلمين، بمواقفها وتحالفاتها ومشروعها العابر للدولة الوطنية، قد أضرّ بالمشروع الفلسطيني، لا سيما حين تقاطعت هذه الأجندات مع حسابات إقليمية لقوى ليست بالضرورة منحازة للمصلحة الفلسطينية الخالصة.

على الإسلاميين الفلسطينيين أن يتحرروا من هذا الإرث الحزبي، وأن ينخرطوا في مشروع وطني شامل يتجاوز الانقسامات الفكرية والعقائدية، ويضع فلسطين أولاً، فوق كل اعتبار. فالقضية الفلسطينية ليست ميدانًا لصراع الأيديولوجيات، بل ساحة لنضال تحرري ينبغي أن يتوحد فيه الجميع، على اختلاف أطيافهم، تحت راية الدولة الفلسطينية المستقلة، الديمقراطية، والمتصالحة مع تنوع مجتمعها وعمقها العربي والإنساني.

إن التحرر من قيود التنظيمات العابرة للحدود، والعودة إلى منطق الدولة والمصلحة الوطنية العليا، هو ما يمكن أن يعيد البوصلة الفلسطينية إلى اتجاهها الصحيح، ويعزز من حضورها في المعادلة الدولية. فالقضية الفلسطينية بحاجة إلى وحدة القرار، لا تعدد المرجعيات، وإلى خطاب عقلاني جامع، لا شعارات تفرّق الداخل وتربك الخارج.

وبذلك، تكتمل معادلة الأمن القومي العربي: دولة مدنية قوية، تفصل الدين عن السياسة، وتقدّم المواطن على العقيدة، والوطن على التنظيم.



#علاء_عدنان_عاشور (هاشتاغ)       Alaa_Adnan_Ashour#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين وهم الجهاد والانتحار الجماعي: من يسرق الحياة من الفلسطين ...
- ال ثقافة استعراض: عندما تصبح الكتابة زيًّا اجتماعيًا
- نعيق النوارس
- هل تحتاج فلسطين إلى عملة وطنية؟ المفاضلة بين السيادة النقدية ...
- السياسة أولا ولتذهب المحاماة للجحيم .
- من زمن العروبة إلى لحظة القُطرية: حين يغدو الاقتصاد هو المعب ...
- الساحر الأسمر
- ريال مدريد في القلب ...
- الزمن الجميل
- في محراب العقل: مرثية المعتزلة
- هنادي .....
- الأسرى في بلادنا... بين قدسية النضال وتجارة الوطنية .
- الحسين .....
- ثعلبة .....
- ذاكرةٌ تمشي على أرصفة الروح
- كتاب في الشعر الجاهلي .....
- غزة، بين رمزية النضال وسراب الإنجاز: هل يُفنى الشعب كي تُكتب ...
- نحن الشرارة التي أضاءت العالم
- إلى معلمة الفنون ....
- عالم ما بعد الصراع: أمريكا أولًا بوابة الاقتصاد العالمي .


المزيد.....




- البيت الأبيض: ترامب -فوجئ- بتصرفات إسرائيل في غزة وسوريا.. و ...
- وصفها بالمبادرة -غير المسؤولة-... وزير الخارجية الفرنسي ينتق ...
- كشفتها حبيبته الأخيرة.. نشر أسرار حصرية عن أينشتاين في كتاب ...
- محكمة مصرية تأمر بشطب اسم الناشط علاء عبد الفتاح من قائمة ال ...
- -تروث سوشيال- مرآة لتقلبات ترامب منذ عودته إلى البيت الأبيض ...
- مخاطر حقيقية بأفريقيا بعد تفكيك الوكالة الأميركية للتنمية ال ...
- وزراء ونواب إسرائيليون يطالبون بضم الضفة أسوة بالجولان
- إيران تستبق اجتماع اسطنبول بإتهام الاوروبيين بالتقصير بتنفيذ ...
- اختبار الثقة بين الإيكواس وتحالف الساحل
- هذا هو حلم إسرائيل الأكبر في سوريا


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء عدنان عاشور - الإسلام السياسي ومعضلة الأمن القومي العربي .