أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علاء عدنان عاشور - في حضرة الطغيان














المزيد.....

في حضرة الطغيان


علاء عدنان عاشور
محامي وكاتب وباحث في السياسة والأدب والفلسفة والإقتصاد والقانون .

(Alaa Adnan Ashour)


الحوار المتمدن-العدد: 8376 - 2025 / 6 / 17 - 15:12
المحور: الادب والفن
    


تضربُ بعصاها الغليظة،
تلوّح بها كما لو كانت الحقيقة،
تظنُّ أن الكلَّ قطيعٌ من خرافٍ مذعورة،
وأن الأرض وُلدت لتسجد تحت أقدامها.

لم تزل تتململ من زقزقة الحمائم،
تراها طعنةً في خاصرة الحقد،
وترتجفُ من بياض السلام،
كما يرتجفُ الليلُ من تباشير الفجر.

أرعبتها صواريخُ الفاتحين،
أولئك الذين أكلوا من الجوع وقاتلوا،
لم يعرفوا للراحة بابًا،
لكنهم آمنوا أن للمظلوم صوتًا
يعبرُ الحديد، ويتحدى جدار الصمت.

هي تكابر،
تهددُ البحرَ وأمواجَه،
كأنّ المدَّ جريمةٌ تستحقُّ العقاب،
وكأنّ زَبَدَ اليمِّ مؤامرةٌ كونية!
تملك القوة، نعم...
لكنها لا تحوز الإيمان،
ولا تعرفُ معنى أن يُولد الإنسان حُرًّا
حتى في لحظة موته.

قنبلةٌ، صاروخٌ، حجرٌ،
هو سلاحُ الفقير الذي لا يملكُ إلا كرامته،
يقاتلُ وحده في ظلِّ انكسار الجميع،
يرى وطنه في دمعة طفلٍ،
وفي غصّة أمٍّ تبحث عن ظلِّ جدار.

لن ينكسر،
ولن يمدّ يده ليرتشف ماءً دنسًا
من برك الوحوش المتعطشة للدم،
هو يعرفُ أن الحرية لا تُستعطى،
بل تُنتزعُ من أنياب الوحش.

لكن، لِمَ يتقاتلون؟
على سيادة الحظيرة؟
على فتاتِ العلفِ المسكوب من موائد العدو؟
أين هي أمة الضاد؟
نامت،
وغاصت في سباتٍ عميقٍ
كأنّ الأمرَ لا يعنيها...

وفيما الحالمون يتبادلون النكات،
يتقاسم الغرباءُ الكعكةَ،
يقطّعونها بهدوءٍ بارد
فوق أشلاء الأطفال
من الجسد المحمدي،
كأنّ الدم لا يوقظ أحدًا،
ولا صرخةَ الرضيع تُحرّكُ الحجر!

لم يعنيهم رجفُ الضعفاء،
ولا دمعةُ البسطاء الذين يقفون على حوافّ الأمل،
ينتظرون معجزةً من السماء،
أو صوتًا عربيًا واحدًا يتجاوز الضجيج ويكسر الصمت.

الكل العربي ممزق،
بلا وجهة، بلا راية جامعة،
تائهٌ بين ذاكرة أمجادٍ قديمة،
وصور حاضرٍ مشوّهٍ بالتبعية والهزيمة.

في قاهرة العروبة،
حيث كان يُنسج التاريخ بخيوط الثورة،
لا صوت يعلو،
ولا نبض في الشوارع.
كأن المدينة نُزعت منها الروح،
وأهلها ما زالوا يعتنقون قوانين القدماء،
الذين ظنوا أن الكون ثابتٌ لا يتغير،
وأن الجمود ضمانة البقاء.

لكن في بلادٍ ليست ببعيدة،
رغم اختلاف المزاج،
واختلاف اللسان واللهجة والخبز والماء،
نقف معهم،
نحمل الهمّ ذاته،
نشدّ على جراحهم بحبال العقل والإيمان،
نقتسم الأمل كما نقتسم الدعاء،
ونحفظ اسم القدس في صلواتنا،
كما نحفظ أسماء أمهاتنا.

نرجو نصر القائمين للصلاة،
في محراب الأقصى
الذي نسيه الكثيرون،
وغابت مآذنه عن خرائط القلب.

لم يعد قبلة البعض،
فالقبلة تغيّرت،
أصبحت بنوكًا وأسواقًا وناطحاتِ سحاب،
وأصبح المال ربهم،
والمتعة دينهم،
وتحوّل طريق الصواب إلى طريقٍ موحش
مقطوع الإشارات،
لا يمرُّ به أحد.

ومع كل ذلك،
نظل نؤمن أن في آخر النفق بصيص نور،
وأن في كل طفلٍ يرتجف على أنقاض منزله نبيٌّ قادم،
وأن الأرض التي بكت دمًا،
ستُثمر كرامة،
وأن المدينة التي خذلها القريب،
سيعود إليها البعيد طائعًا،
حين تناديه جراحها باسم الحق.

وهذا الجشع في بلاد العم سام،
يتبجح بالقوة،
كأنّه إلهٌ جديدٌ نزل من أبراج البورصة،
يرفع شعارات الحرية وهو يدهس أعناق الشعوب،
يتحدث عن حقوق الإنسان
ويُعدّ قنابلَ أكثر من كتبه،
يتفاخر بعضلاته،
وهو أخرق، بلا عقلٍ ولا بوصلة،
إلا مضاعفة الأموال
وتكديس الأرباح على جماجم الفقراء.

سليطُ اللسان،
يبصق على عروبتنا علنًا،
ويهين ديننا بلا تردد،
ولا نردُّ،
بل نزداد خنوعًا،
نرمي له التريليونات،
كما ترمي الضحية جسدها بين أنياب الوحش،
ثم نتساءل: لمَ إلتهمونا؟

كفى جبنًا،
كفى صمتًا مبللاً بالذل،
أما تعبنا من الدوران في فلك التبعية؟
أما آن أن نقطع هذا الحبل السُرّي
الذي يربطنا بذلّنا بإختيارنا؟

أم أن حالهم يقول:
نحن رواد أعمال،
نمتلك البزنس والبيزنس يربح،
ولو باع القدس في المزاد العلني!
نحن نرتفع في أبراج الخيانة،
ونرى العالم من فوق،
لكننا فقدنا الأرض،
وفقدنا الهمّة،
فلا نقارع عدواً،
ولا نكتب سطرًا في كتاب المجد،
بل نرقص ونمرح،
ونسكر على أنغام الانفصال عن القضية،
ولا نبالي بنعيق النوارس
فوق شواطئ المدن المدمرة،
في بلادٍ أبيدت
من وحش الإنكسار العربي.

لم نودّع الشهداء كما يليق بهم،
لم نحمل جراحهم إلا كعلامة ضعف،
لم نقتل الصبر إلا لنلبس قناع "البراغماتية"،
ونقول في بلاهة: "الواقعية تقتضي الاستسلام".

لكن كفى،
كفى صمتًا
يا أمة المليار!
كفى وهناً يلبس ثوب الحكمة،
كفى كذبًا باسم المصلحة،
كفى استهتارًا بدماء الأنبياء فينا،
كفى رقصًا على إيقاع النكبة،
كفى ليلًا طويلًا بلا فجر.

هذه ليست نهاية الحكاية،
لكنها الصفحة التي إن لم تُقلب،
سنظل عالقين فيها،
نمضغ خيبتنا
ونسمّيها "سلامًا".



#علاء_عدنان_عاشور (هاشتاغ)       Alaa_Adnan_Ashour#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في غزة ....
- الإسلام السياسي ومعضلة الأمن القومي العربي .
- بين وهم الجهاد والانتحار الجماعي: من يسرق الحياة من الفلسطين ...
- ال ثقافة استعراض: عندما تصبح الكتابة زيًّا اجتماعيًا
- نعيق النوارس
- هل تحتاج فلسطين إلى عملة وطنية؟ المفاضلة بين السيادة النقدية ...
- السياسة أولا ولتذهب المحاماة للجحيم .
- من زمن العروبة إلى لحظة القُطرية: حين يغدو الاقتصاد هو المعب ...
- الساحر الأسمر
- ريال مدريد في القلب ...
- الزمن الجميل
- في محراب العقل: مرثية المعتزلة
- هنادي .....
- الأسرى في بلادنا... بين قدسية النضال وتجارة الوطنية .
- الحسين .....
- ثعلبة .....
- ذاكرةٌ تمشي على أرصفة الروح
- كتاب في الشعر الجاهلي .....
- غزة، بين رمزية النضال وسراب الإنجاز: هل يُفنى الشعب كي تُكتب ...
- نحن الشرارة التي أضاءت العالم


المزيد.....




- بوابة التعليم الفني.. موعد إعلان نتيجة الدبلومات الفنية 2025 ...
- البندقية وزفاف الملياردير: جيف بيزوس يتزوج لورين سانشيز في ح ...
- شاهد.. الفنانون الإيرانيون يعزفزن سمفونية النصر في ساحة الحر ...
- طلبة التوجيهي يؤدون امتحان -اللغة الإنجليزية-.. مروحة واسعة ...
- “برقم الجلوس والاسم فقط” Link الاستعلام عن نتيجة الدبلومات ا ...
- العراق يواجه خطر اندثار 500 لهجة محلية تعكس تنوعه الثقافي ال ...
- رحيل الفلسطيني محمد لافي.. غياب شاعر الرفض واكتمال -نقوش الو ...
- موعد نزال توبوريا ضد أوليفيرا في فنون القتال المختلطة -يو إف ...
- الليلة..الأدميرال شمخاني يكشف رواية جديدة عن ليلة العدوان ال ...
- أعظم فنان نفايات في العالم أعطى للقمامة قيمتها وحوّلها إلى م ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علاء عدنان عاشور - في حضرة الطغيان