ناضل حسنين
الكاتب الصحفي
(Nadel Hasanain)
الحوار المتمدن-العدد: 8376 - 2025 / 6 / 17 - 08:37
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
أقسمُ بحذاء طفلٍ فلسطيني، لا زال عالقًا بين الركام، أنه أطهر من كل وزراء دفاعنا، وأصدق من كل قصائدنا الوطنية. نحن لا نقف على هامش التاريخ، كما يحلو للمذيع أن يقول. لا… نحن نتراكم في حاويته، ننام بين العناوين الصفراء، ونقتات على فُتات المجد من فم الماضي.
نحن الذين نهرع لكتابة نشيد وطني مع بداية كل هزيمة... نحن من نعيد تلحين الخيبة ونغنيها في طوابير الانكسار. نحن الذين نسمّي المقابر "عرين الأسود"، ونمنح ضحايا عجزنا أوسمة الشهادة، لعلهم يغفرون لنا خيانتنا.
نحن الذين اعتدنا الصلاة بدل العمل، والدعاء بدل التخطيط، والبكاء بدل الفعل. نحن الذين نستهلك كل شيء، حتى الكرامة، مثلما نستهلك الفياغرا، ثم نتساءل: لماذا لا يحترمنا أحد؟
نحن الذين نرفع السبابة باسم الدين، وننام على الوسادة باسم العجز. نستقوي على بعضنا، ونخشع أمام الخواجة. نلعن الغرب ونتزاحم أمام سفاراته للهجرة إلى بلاده.
نُدمن انتظار المعجزات، ونخشى المواجهات، ونرتعب من التغيير. نخاف أن نسأل: لماذا لا نملك مراكز أبحاث؟ لماذا لا نملك جامعات تُنتج فكرًا؟ لماذا لا نملك قرارًا إلا إذا سُمح لنا به؟
نحن لا نريد حربًا، يا أخي. لا نريد دمارًا، ولا عنتريات، ولا قعقعة سيوف من خشب. نريد عقلًا. نريد خجلًا. نريد أن ننظر في المرآة ونقول: نحن الضعفاء، لا لأنهم أقوياء... بل لأننا لا نريد أن نكون أقوياء.
نحن الذين نملك بحارًا وجبالًا وذهبًا ونفطًا وأجيالًا… لكننا ندفع الجزية للبيت الأبيض. ضعفاء… لأننا بلا إرادة. ضعفاء… لأننا حتى اليوم لم نعترف بضعفنا. ضعفاء… لأننا نختبئ خلف أسوار العزّة المزعومة، وداخلنا مدينة مدمّرة.
فلا تقولوا لي: "هناك أمل". لأن الأمل يحتاج لعمل، ونحن كسالى اتكاليون على "نعم الوكيل"، لا نؤدي سوى واجب التعبد علّه يرضى عن عجزنا... نحن نملك شهداء أكثر مما نملك علماء.
لذا يكفينا ما لدينا من أوهام. وربما أول خطوة نحو القوة… أن نتوقف عن الكذب على أنفسنا.
#ناضل_حسنين (هاشتاغ)
Nadel_Hasanain#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟