أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة صرخة وطن .














المزيد.....

مقامة صرخة وطن .


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 8362 - 2025 / 6 / 3 - 09:52
المحور: الادب والفن
    


مقامة صرخة وطن :

في خضم ثورة العشرين المجيدة , حيث هب العراقيون دفاعًا عن أرضهم وكرامتهم ضد المحتل البريطاني , انطلق أخو الشاعرة فْطيمة آل علي الظالمية وابنها نحو معركة جسر السوير , كانت تلك فترة عصيبة , تجسدت فيها روح الوحدة والتضحية في سبيل الوطن , لكن سرعان ما تحولت الفرحة إلى فاجعة , فعاد الخال وحيدًا , يحمل في عينيه حكاية الفقد الموجع , حين سألته فْطيمة عن فلذة كبدها , أجابها بمرارة شعرية : (( چن لا هزيتِ وْلوليتِ )) , كلمات قليلة , لكنها تحمل في طياتها معنى الفقد الأبدي , وكأنه يقول لها : (( لقد انتهى كل شيء , وكأنك لم تحتضنيه طفلاً يومًا )) , لكن قلب الأم المفجوعة لم يستسلم لليأس , فردت بصوتٍ يعكس عمق الألم والثبات : (( هزيت ولوليت لهذا )) , نعم , لقد هزت مهده وولولت عليه طفلاً , وهذا الفقد هو ثمن الحرية والكرامة.

وبعد مرور عقود, وتحديدًا بعد الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003 , تكررت مأساة الفقد والضياع بأشكال أخرى , فبدلاً من محتل أجنبي واضح المعالم , تسلط على رقاب العراقيين ساسة طوائف وعرقيات فاسدون , كانوا أدوات طيعة بيد الاحتلال الجديد , هؤلاء القادة , الذين نصبوا أنفسهم حماة للطوائف والمذاهب , دفعوا بالمجتمع العراقي إلى دهاليز مظلمة من التخلف والوحشية والتخندق الطائفي المقيت , بدلًا من بناء دولة قوية وموحدة , عملوا على تمزيق النسيج الاجتماعي , وإذكاء نار الفتنة الطائفية لضمان بقائهم في السلطة وتقاسمهم للغنائم , لقد استغلوا ضعف الدولة وهشاشة المؤسسات التي خلفها الاحتلال , ونهبوا ثروات البلاد علنًا , واستباحوا سيادة الوطن واستقلاله دون أدنى شعور بالمسؤولية أو الخجل , وبسبب هذه الممارسات الخبيثة , لم يعد الكثير من العراقيين يهتمون بانتهاك سيادة بلادهم أو سرقة ثرواتهم , فقد اعتادوا على هذا الواقع المرير, وأصبحوا أسرى لصراعات طائفية وعرقية لا تنتهي .

إن الحوار الشعري بين فْطيمة وأخيها يمثل صرخة أجيال من العراقيين الذين فقدوا أحباءهم ووطنهم في خضم الصراعات والحروب , وكما فقدت فْطيمة ابنها في سبيل تحرير العراق من الاحتلال البريطاني , فقد فقد الكثير من العراقيين أبناءهم وأحلامهم في ظل حكم الساسة الفاسدين الذين جاءوا على ظهر الدبابات الأمريكية , إنها مأساة مستمرة , وجرح عميق في جسد الوطن , يستدعي منا جميعًا الوقوف وقفة جادة لمراجعة الماضي واستخلاص العبر , والعمل بجد وإخلاص لبناء عراق جديد , حر ومزدهر, يحفظ كرامة أبنائه ويصون ثرواته وسيادته .

وفي العراق أيام ثورة العشرين شاركت المرأة مع الرجل في كل المجالات مثل الشاعرة العمارية انجيده ومن أشعارها : (( عربيد إسم امك يا الهيبه )) , وهناك شاعرة أخرى اسمها (عفته بنت صويلح ) أسر الانكليز ولدها وخشيت ان يتعذر من فعلته وحمل البندقية مع الثوار ضد الانكليز , وهو مارعليها مقيداً مع الانكليز فقالت له ((بس لا يتعذر موش آنه)) , يعني انه يقول للانكليز أنا لست من الثوار , فأجابها ولدها (( حطوني بحلكة وكلت آنه )) , أي وضعوني بفم الموت ( راووني الموت) ولم اعتذر عن كوني ثائر, فما احوجنا في هذه الايام ايام التردي والخوف والضعف الى مثل هؤلاء الرجال الابطال وهؤلاء النسوة الصلبات المضحيات .

يموت عشاق المستقبل شوقاَ إلى ركن في حضن قصيدة الوطن , وعلى ناصية الشوق في بيوت تشبه فكرتهم , لم يبق من الأوطان إلا قلوب عشاقها الثوار, لتظهر بعد الأحتلال شاعرات مثل فاطمة الفلاحي التي تقول في أغتيال العراق من ديوانها (رسائل شوق حبيسة المنفى) :(( شهدت أجندة الغرب , وأصابع العرب , غيلتك , فتم اغتيالك , أثقلتك زج الرماحفي أقلامك , أصابوا الطيبة فشيعوها , أسجفوا العشير طوائفَ , وأسرجوا الدستور عرقيًا لَمَّ اللهُ شعثَك ياعراق , بين رافديك , سأقف لألملــــم شتات ظلي , ونسيج الصمت في دجلة والفرات يئن الكلم في جوانحي , ممزوجًا بدم الأحبة , ووحشة الغربة , فقايضني الألم بحورًا , وحسرة تنز من الأدمة )) , ليرجع لها الصدى كلام الشاعرة غرام الربيعي : (( اشتغل الغرب بتطوير حياتهم كي يعيشوا , واشغلونا بالعالم الأزرق , كي ننسى الحياة ونموت أحياء , افكر كثيرا في هجرة هذه الزرقة الكاذبة )) .

(( لَميعةُ فَكَّتْ شَعْرَها وتَنَهَّدَتْ وغَنَّتْ مِنَ الحُزْنِ العِراقيِّ ألحانا
لِأهوارِها عادتْ لِتَلْقى طُيُورَها بلا قَصَبٍ والطينَ يَكْدَحُ عَطشانا
كأيَّةِ أُنثى لا تُؤجِّلُ دَمْعَها رأَتْ أرضَها الأُولى ولَمْ تَرَ إنسانا
كشاعرةٍ لَمْ يُنجِبِ الحُلْمُ مِثْلَها حَكَتْ لِمُريديها جميعَ الذي كانا
تُجَمِّعُ مِنْ نخْلِ الأساطيرِ باقَةً لِتَغرِسَ في ثِلْجِ المُحِيطاتِ بُستانا
تُبَشِّرُ بالأُنثى الزعيمةِ دائمًا وتَحْكُمُ بالشِّعْرِ المُعَظَّمِ بُلْدانا
كأيَّةِ مَندائيَّةٍ مُستهامَةٍ تقولُ لِماءِ النهرِ : قُدِّسْتَ مَوْلانا )) .

صباح الزهيري .







الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة العتاب .
- مقامة الأسكافي .
- مقامة البصرة .
- مقامة تكريم كريم .
- مقامة الطيور .
- مقامة المصطلم .
- مقامة النداوة .
- مقامة دين ابن عربي .
- مقامة الجزع .
- مقامة المطارف و الحشايا .
- مقامة يا أمة ضحكت .
- مقامة إلا الزلق .
- مقامة توقيت الأنسحاب .
- مقامة القوة الناعمة .
- مقامة حمار بوريدان .
- مقامة صبر النائبات .
- مقامة الموتات الأربعة .
- مقامة الديموقراطية .
- مقامة مطعم الجامعة .
- مقامة المثقف .


المزيد.....




- مخرج أفلام إباحية كان من بين أكثر المطلوبين لـ FBI يقر بالذن ...
- فنانة لبنانية شهيرة ترد على منتقديها بعد رسالتها إلى أفيخاي ...
- شاما والجو فنانان يعيدان إحياء الثرات المغاربي بلمستهما الخا ...
- فنانة شهيرة توجه رسالة إلى المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي حول ...
- فنانة شهيرة توجه رسالة إلى المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي حول ...
- مكتبة الحجر: كيف تروي محمية الدبابية المصرية قصة مناخ الأرض ...
- ظهور سينمائي مفاجئ.. تركي آل الشيخ ينشر فيديو -مسرب- لزيزو ب ...
- نقابة الفنانين تنعى الفنانة غزوة الخالدي
- ” اضبطها وشوف أفلام العيد” تردد قناة روتانا سينما الجديد 202 ...
- توم كروز يدخل -غينيس- بمشهد مرعب في فيلم -المهمة المستحيلة - ...


المزيد.....

- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة صرخة وطن .