أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - ولاداتٌ في سماوات زرقاء يعج في أكبادها الخواء














المزيد.....

ولاداتٌ في سماوات زرقاء يعج في أكبادها الخواء


عبد الله خطوري

الحوار المتمدن-العدد: 7329 - 2022 / 8 / 3 - 16:36
المحور: الادب والفن
    


لعل العواصف التي تولد من رحم الشتاء ويشغف بها آلربيع، ستعيد الى الذاكرة صخب الولاداتُ المُنسَلِتَةُ الهاربة من العُرْف والعَادة والطبيعة والفطرة الانسانية، مُحَاوِلَة بناءَ عوالم خاصة بها، غَرائبيةً تَظهرُ أو شاذة مادام الاستثناء البشري يستلزم ولادات آستثنائية غير خاضعة لمنطق أو فهم أو حساب...
ويتم على ضوء مثل هذه الولادات العَجَائبية الخارقة تفسير وتشكيل فَهْمِ سلوك الشخص وطُرُق رؤيته وتعامله مع العالم والوقائع والآخرين؛ وأمثلة ذلك كثير في عَوالم الكتابة السردية..ولعل هؤلاء يستلهمون في واقع الأزمة الحادَّة التي يعيشونها ولادةً انزياحية رامزةً كتلك التي شهدها المسيح أو كتلك التي دأبنا سماعها وقراءتها في الأساطير، كل الاساطير الانسانية بما فيها خُرافاتنا الشعبية التي كُنَّا نتلقفُها ونحن بَعْدُ صغار من أثداء وأفواه أمهاتنا المُتجذرة عُروقهنَّ في أعماق تربتنا الآدمية..إنها شهقات مَخاضات عسيرة في واقع يُطَوِّقُ الولادات والنهضات كلها بألف طَوْقٍ وحصارٍ؛ وأمثلة ولاداتِ"علاء الدين نجيب"في رواية منيف وجبرا( عالم بلا خرائط)،و"الزين"الطيب صالح وأبله دوستويفسكي،وطفولة"مصطفى سعيد"و"لاز" الطاهر وطار و...ما هي إلا إشارات إيحائية لرغبة مُلِحَّة في تمرد ثائر على الوقائع المَعيشة في مُجتمعاتنا المتخلفة التي تصر بطرق شتى على إعادة إنتاج نظام الوأد لولادات حية صنفها الوائدون ضمن خانة المهملات التي يجب التخلص منها درءا لاستشراء الفساد في جسم مجتمع سليم مُعافى، كأننا أمام مصائر أوديب والنبي موسى وفلذات يودي بهم آلآباء خشية ذهاب ملك أو سلطان أو مكانة(يمكن مقاربة لوحة زحل يلتهم آبنه للإسباني فرانشيسكو غويا في هذا الباب)...
والأمر، على أيٍّ، ليس مَقصورا على محكيات عربية محلية؛ بل إن هذا التوجه العجائبيَّ في رسم صورة الطفولة والولادة بشكل فنطاستيكي نجده مُنتشرا في الروايات الانسانية بمختلف تصنيفاتها، ولعلي أُذَكِّرُ نفسي وأذَكركُم بصورة"الأبله"التي تَتَنَاصُّ ايجابا _بطبيعة الحال_مع النصوص السردية التي عانقتْ عوالمَ وحَيواتِ العائشين على ضِفاف العقل الانساني. وما من شك فان روايات دوستويفسكي تلفتُ الانتباه في هذا المجال..هي وعوالم"ويليام فوكنر"بمَعتوهه "بينجي"..أتذكرون"بينجي"وهو يروي ما يحسه من أحاسيس في تعالقاته الفطرية الساذجة بالكون والكائنات في الفصل الخاص به من رواية(الصخب والعنف)وصَريخَه الحادَّ في وجه العالم المليئ بالصَّلفِ، أتذكرون أهوكَ"فئران ورجال"شتاينباك..وغيرهم كثير..أتذكرون الطفلَ "أوسكار"في رواية الألماني "غونتر غراس/طبل الصفيح"ودَرْدَابَهُ وجُؤارَهُ وجؤارَه اليصكُّ الآذان الصماء حين يقولها صراحة:..لا..!!.. مُصِرّاً الإصرار كله أنْ لا يكْبُرَ، إذ منذ بلوغه السنة الثالثة، قرر أنْ يُجَمِّدَ نُمُوَّه الجسديَّ ويبدأ مشواره في الحياة على شكل انسان يختزلُ العُمْرَ الانسانِيَّ في عُمْرٍ واحدٍ هو:عُمْرُ الطفولة..أتذكرون الرغبة المُلِحَّة في آستعادة زمننا الفطري الهارب منا في ألبوم"بينك فلويد"الغنائي الموسوم بِــ:"الجدار"..أتذكرون حريق الحرقة المشتعل في الحنايا ليلَ نهار؟؟وصورة أطفال المدارس الذين ثاروا تمردوا على أنظمة الضبط والجبروت..أتذكرون..؟؟..

We don t need no education
We don t need no thought control

هي صورة طفولة قررتْ ذات لحظةٍ أَنْ لا تَكْبُرَ رغما عنها ضمن نمط معين، لذلك فهي تحاول استعادة توازنها المفقود عن طريق استشراف ولادات بديلة للولادات المفروضة في عالم لا يؤمن بالولادات الجديدة التي يختارها قصدا مجانينُ هذه الدنيا..ولعل الأعراف والعادات والتقاليد والقوانين المتناسلة عبر عصور الإنسانية شغلت بالها كثيرا في خلق طرق حصار وتطويق وردم كل ما له صلة بيرقات الإنس لئلا تتحول الى ديدان زاحفة لفراشات طائرة، وإن تَمَّتْ عملية التحول، فعليها أن تحترم مسارات جماعية مُعدة سلفا على الفرد أن يسلكها يحترمها ولا يتخطى حدودها..
ذاك الطفل الذي كان فينا، يجب أن يكون بصيغة الكائن فينا حيا أبدا لَمْ لن يموت، لن يتزحزح عن جذور منبته آلأولى، سيظل يجمع في صلبه وترائبه سر الوجود وعمق تعقيد الخلود، جوهر الحيوات الحية الخالدة التي نرتضيها نتعايش وإياها في سلامِ هُدنةٍ الى حين زوال الأزمنة البائدة، سيكابد سيقلق سيتعب في مسار رتيب داخل أحشاء وجود أَعرج، لكنه سيصل الى مبتغاه بإلحاح مشاكس لا يلوي على شيء غير مواصلة العناد في عالم يبذل عقلاء البشر فيه جهدهم لتطويق الانطلاقة التواقة الى مطلق اللحظات بحصارها وعَقْلِهَا بأربطة قيود زاهية متلونة مصبوغة بكلمات رنانة جميلة آبتدعوها وتداولوها بينهم ليكمل الجميع مسيرة حياة بلا حياة آمنينَ مطمئنينَ..فأنشأ وَهَنُنا ما أسميناه مدارس نعقلن بها عقلنا؛ وجذور كلمة(عقل)نفسها لا تعني فيما تعنيه في نهاية المطاف، بل في بدء المطاف سوى آلربط ومزيد قيد، قيد ماذا يا هذا؟؟قيد تلك الحيوات العاشقة الولهانة الساعية الى فك الانطلاقة من عُقدها والانعتاق من طوق قيوده والحرية من أغلالها، أغلال تعمل على تكبيل القلوب والعقول والأنفاس والأرواح، وجعل نسمات الحياة غارقة في قماقم أُعِدَّتْ سلفا لتسجن داخل حناديس عتماتها كلَّ محاولة مناورة أو مشاكسة أو معاندة بإبعادها وإجلائها ما أمكن عن سموات زرقاء يعج في أكبادها الخواء.. وأبدعنا ووتفننا، وا أسفاه، في إنشاء مزيد من سجون المارستانات كي لا يُقلق حمق"المجانين"راحتنا الوهميةَ وسِلْمنا وهُدنتنا الزائفيْن..وفي تاريخ جنون أوربا العصور الوسطى بحوثٌ عميقـةٌ لفوكو وغير فوكو تُجَلِّي الظاهرةَ تبرز أبعادها ومتاهاتِها الفيحاء الرهيبة التي مازلنا نحن المتخلفين نرزح تحت ويلاتها التي لا تبقي ولا تذر...



#عبد_الله_خطوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العالم الذي هناك..(بخصوص فيلم:-vivre sa vie-لجون لوك غودار)
- فِي آلْعَاشِرةِ أَوْ يَزِيدُ
- لِطَنْجَةَ غَوْرٌ أحِنُّ إلَيْهِ
- هَا أَنَذَا !!
- بَلْدَاتُ أعْمَاقِ آلْعِنَادِ
- ثُمَّ تَنْسَحِبُ ...
- مُطْلَقُ آلجنون وكفى
- مُطاردة
- غِياب
- مُولايْ عَبقادرْ جيلالي تَزَكَّا
- شُمُوسٌ سُود
- أُوَار...(قصة)
- ضرورة آلثقافة
- رَجُلٌ يَنَامُ
- حُلْمٌ بَارِد
- عِيدٌ لَا يشبه باقي آلأعياد
- زُرْقَةٌ لَا تُطَاقُ ...
- الجبل السحري المازيغي
- مقام الخوف
- عنبر كورونا


المزيد.....




- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - ولاداتٌ في سماوات زرقاء يعج في أكبادها الخواء