أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - شُمُوسٌ سُود















المزيد.....

شُمُوسٌ سُود


عبد الله خطوري

الحوار المتمدن-العدد: 7321 - 2022 / 7 / 26 - 17:59
المحور: الادب والفن
    


الواحدة الآن تحتضر ستترك مكانها بُعيد قليل للثانية ثم الثالثة التي ستشهق شهقتها ثم تنسحب من جديد تعقبها رديفات تزفر زفرات تذوب..تك تك تك..تنصهر متفرقات تتثاءب ملمومات تتشابك مكسورات الخاطر كسيفات الجناح..اُوووف..ما الذي أخرجه في هذا الأُوار؟؟يطرح سؤالا لا جواب له..خرج وكفى رغم كسله آلبادي رغم آلخدر الذي يطوقه رغم رتابة الأوقات التي يحس بها تنسرب ما بين يديه ورجليه وأضلعه وكل مسام تفاصيله.إنه في الخارج إذن عليه أنْ يَ..تَ..مَ..لْ..مَ..لَ...لا غير...مضطر هو وإلا قتلته ضغينة شمس صمايم تموز المهددة تحرق الغابات هناك في آلأعالي تشخر..خخخخ..أشباهُ محركات طائرات تبصق مخاطها في فراغ مترع بفراغ يلتهبُ، تعود بخفي حُنَين قريبا من بلدة التراب..آآآ..بَبَا بَبَبا آآلَهْلُوووهْ..يَصيتُ متذمرون.. وَدَّ لو يعود حيث كان بعدَ أن ساوره ندم خفيف جراء خروجه العشوائي إلى دروب لا معنى لها مثقلة بصهد صاعد من مشاريع أبنية نَصْ نَصْ كقهوة فَطور مُغَشاة بغبار مسالك مزفتة محفرة محجرة تتبخر أحشاؤها العارية وقد آختلط سافلها بأديمها تتعجن تتنمل كقطعة علك تلوكها مومس مقرفة تُشير بيَدٍ يائسة لعابري سبيل في طريق لا يقف زفيرُ المارقين فيها، فهُم يلهثون لا غاية تُوحدهم يكرون يفرون يدبرون يُقْبلون يُثرثرون يصمتون يتناسلون في مرورهم تضج محركاتهم الصدئة المعفرة بربو صفيق تسعل..طخ طخ..تنفث ضراطا يحموما سخاما ودخانَ حريق قطران يَمرون يشتمون بعضهم بعضا لا يقفون..أوووف..حياة محاصرَة بين بين.. زَوَالٌ الآن بتُؤَدة يَزولُ في سراديب ميازيب فَضاء عَتَبَةٍ صارخ في تناقضاته.فوضى المجال في كل مكان..ما يشبه واجهات مَقاهي تَقِيئُ غَزْوَ مصارينِها في وجوه آلعابرين لا تترك لهم فرصةً للمرور إلا إذا توغلوا أكثرَ داخل أحشاء أخرى لطرقات أنْبَتَتْهَا صدفٌ مشوهة ناتئة مُسننة مقعرة محدودبة..سيارات أسواق لا ينتهي مُروقها الخاطف الأهْوجُ الأعرج..جَرّارات فلاحية ونصف حاملات مزدوج خفيفة مفخخة مشروخة مُحَمَّلَة دوما بما لا يطيق جوفُها وسطحها المفتوح على كل آحتمال مُنتظَر وغير مُنتظَر، تَتحرك برعونة مسرعة في شروط لا تلائمها السرعة..حافلات توصل راكبيها إلى مناطق(أغادير إينزكان آيت باها)وثُخوم الصحراء إذا شاؤوا_وكيف لا يشاؤون ونصف سكان البلدة والجوار مُجَنَّدون من درجات دنيا ألْقِيَ بهم مباشرة هناك حيث الرمالُ تطوق الرمالَ_..شاحنات عملاقة ومتوسطة وصغيرة تعبر..فُوووو..في كل وقت وحين مكدسة بحَمولات ثقيلة من إسمنت مُسلح وصفائح قصدير ورُفات طحين الفارينا المعجن وأنواع من السلع المتزاحمة تُوزعها على حوانيت منتشرة في خريطة بلا معالم تضبط هندستها وآنتشارها..سيارت عائلية وغير عائلية حديثة العهد تسير جنبا لجنب ونظيرات لها من أرذل الأعمار..شخير تريبورْتورات توك توك يُبعبع صَدَؤُهُ بلا آتزان..نخير ضجيج محلات تلحيم سُودُورْ ما يشبه حِدادة ونجارة ألمنيوم وخشب وميكانيك وما لَذ ولَمْ يَـطب من مهن عابرة يقعقع بلا هوادة صَريرُها آلنّاشزُ ممزوجا بنقْع أدخنة لازبة وصُداع مخلفات حشرجات سُعال مجروح لمحركات تحتضر وآحتكاك عجلات مأكولة..زْدَفْ دَفْ..بحُفر بمطبات غائرة وحناجر تَصّاعدُ لباعة رابضين ومتجولين غادين رائحين هنا هناك بلا آطمئنان تتشابك أنفاس المارين آلعابرين آلمُتسوقين والمتسكعين وسماسرة السيارات وخدام الجماعات والمسافرين وغير المسافرين..ووو..إلخ...
..و..كلاب سائبة كانت هناك في الخارج عَرَاها الهَرَمُ رغم سن بعضها آليافع تَعْبُرُ أو تسير بمحاذاة الطريق.لا تلوي على شيء..فقط تلهث بتكاسل رتيب رُبما لإرهاق أصابها نتيجة أنشطة نهارية وليلية لا تنقطع.لم يكن ينهرها أحد.ليس ثمة مَنْ يُناوش مَسيرَها لتظل في ما كانت فيه دون إزعاج..(كان هنالِك صغار يرتعون بأقدامهم الحافية في أرض شبه مُبللة ذات أتربة داكنة قَلَبَهَا صاحبُها ذاتَ مرة ولم يزرعها أو زرعها ولم ينبت بعدُ زرعها..يصخبون يتراشقون بالحجارة والأطيان والكلام الخايب غير آبهين بأمطار الحر التي تزايدت وتيرتُها)..الشجرة جنب المدخل بدت شاردة تبسط سعفها المُشَذبَ بوَصيدٍ تَطَأ درجاتِه أقدامٌ بأحذية مُفلطحة لا تبالي..أسراب من طيور اللقلاق توزعت أعشاشها فوق إحدى الأبْراج الشاهقة وفوق صوامع جوامع موصدة.. هادئة ظلتْ أجنحتُهاجامدة كمُسنين متقاعدي لانتريت من الجبل قضوا عهودا في الكد والتعب والشقاء وهاهم ينكسون هاماتهم بأنوفها الشامخة المعقوفة مُدَثّرينَ بجلابيبَ شتائية ثخينة رقطاءَ نَايْتْ وَرايَنْ رغم آلصر في آنتظار الذي يأتي والذي لا يأتي..اللقالِقُ آلعجفاءُ في قِممها الوهمية هالَها تواتر زخات رعود متعاقبة، لا تتحرك، لا تنتفض، لا تُبدي رد فعل، لا تَسمع لها صوتا ولا صدى تَتَلَقْلَقُ فيه مناقرُها الحمراء الطويلة..ساكنة كانت مستسلمة لحَمّارة الشمس، لقدوم ظلام رعود(إيدْجَاجَنْ)، لهبوب ريح الجنوب (أجُوفِي)لافحة قوية، لنزول مطر أدهم قان، وعالم من لغب ولجب حولها لا يهدأ لا يفتر أبدا...ولأني لم أستطع صبرَها، آضطررتُ إلى مغادرة لاتيراس إلى داخلٍ مقهى مخلُوط صداعُه بمزيج غير متجانس من وشوشات وشهقات وزفرات ملوثة وحركات وسكنات غير مستوية وأشعة مُدَمّاة طفقتْ تغيب تارة تظهر في مساحة ضيقة في أفق بلا أفق...
كُلُّ شيء فاتر يفور في لاتيراس قُبيل مَسيل الأصيل..اَلْغَبَشُ آلدَّامي، الأعين السّاِرَحةُ، لَوْنُ آلأدخنة آلهاربة من مناخير مُشعرة وآلأفواه الجائرة تحت كتاتين كمامات متسخة، الهواء المعلب، الحوارات الصفيقة، الثرثرات، لغط الصيف، مشروع الاِبتساماتُ، الجَهْرُ، الهمس، الغمز، اللمز، النميمة، الغيبة، وصفقات بيع وشراء وآلمارقون هناك.. الكراسي البيضاء الواسعة المُبَطَّنَة بنمارق حمراء لينة..أُصُصٌ كبيرة من مِيكا كابية مُستطيلة تُزرب جَنبات جهة الشرق والغرب بنبتات أشجار قزمية داكنة الأفنان تُذَكِّرُ آلرّائيَ إكليلَ الجبل، لكن لا علاقة لها بتربة وجذور وتوابل المرتفعات ما عَدَا ذاك الشكل واللون الأدهم ليَخْضُور غامق يصبغ أغصانا تتجمع تلتف على بعضها دون هُدى بعد أن عملت يَدُ آلتشذيب في ثناياها ما عملتْ لِتَظَلَّ نصف شاهقة ترنُو بوجَل إلى ما يشبه سماءً مُدثرةً بحجاب(بَاش)سميك مُغَبَّر اللون يتدلى من سقف خشبي كمقصلة حَادة مُهَدِّدَة قد تهوي في أي وقت وحين.. شاشات عملاقة من نوع آخر صيحة موزعة على الأركان الأربعة للواجهة الأمامية المفتوحة على البوابة الرئيسة المُطِلَّة على الشارع الكبير للبلدة حيث المدخل والمخرج..مُلتقى طرق يسمح بالتوغل في مهامه الأسواق الفوضوية ومحطة الأسفار الضيقة المختلطة المكتظة الموزعة آتجاهاتها في كل الأنحاء بين مَنْ يُفضل البقاء لهُنيهات أو يطيل المكوث لزيارة الأحباب أو يقف أو يمر أو يعبر قاصدا باقي المناطق التي هناك جهة الجبل حيث الآفاااق العميقة تذكر بمَدًى سحيق يُخفي أكثر مما يعلن..يبدو أن البلدة ومحيطها القريب قد ودعت إلى غير رجعة صدى ذاك المدى، فلم يعد هناك أمل لحضور تقَاسيمَ عاشتْ هنا ذات زمن(سحن سكان المغرب الأولون /تَاقَنْسُوسْتْ تَاقْديمْتْ نَتْمُورْتْ..)..كل شيء معتقل هنا حتى إشعار آخر، ولا أخَالُ أن هناك إشعارا آخر لا في قريب أو بعيد من المدى..الأمور حُسِمت..وحدها تجاعيد شموس سوداء ترتع في المجال..ثم بعد حين من آلدهور، سيقال للزائرين والعابرين والماكثين والمقبلين والمدبرين تريثوا لا تقنطوا قريبا سنفتح آلأبواب ستذهب كورونا ستأتي كورونااات وتموتون جميعا ميتة مظفرة ستشرع معارج آلسماء في وجوهكم المعفرة سنحفر لكم مقابر عميقة هادئة مخضلة بالورد وزعفران القيامة، ستصدح آلأكنان فوق هاماتكم تُهدي أرواحكم المحررة أناشيد القمر الأحمر المخضبة بشذى شموس سود لا قِبَل لكم بها..تريثوا..لا تيأسوا..وفي آنتظار ذاك الغد الكئيب ها أنَذا معلق بين الواحدة والثانية زوالا أتجرع سَودائي المقرفة في وجوم غير مبال ...



#عبد_الله_خطوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أُوَار...(قصة)
- ضرورة آلثقافة
- رَجُلٌ يَنَامُ
- حُلْمٌ بَارِد
- عِيدٌ لَا يشبه باقي آلأعياد
- زُرْقَةٌ لَا تُطَاقُ ...
- الجبل السحري المازيغي
- مقام الخوف
- عنبر كورونا
- عطسة
- ثيران في شاطئ ماريم...


المزيد.....




- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...
- ثبتها الآن تردد قناة تنة ورنة الفضائية للأطفال وشاهدوا أروع ...
- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - شُمُوسٌ سُود