أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - ثيران في شاطئ ماريم...















المزيد.....


ثيران في شاطئ ماريم...


عبد الله خطوري

الحوار المتمدن-العدد: 7309 - 2022 / 7 / 14 - 01:05
المحور: الادب والفن
    


ثيران في شاطئ ماريم...خطوري عبدالله(قصة)...
كتابة غير صالحة لذوي الحساسية المرهفة...

أدْخَلُوا لوحاتي إحدى معارضهم. صالون من صالوناتهم البارزية المهيأة بطريقة تجعل جولتك شاعرية وأنت تعاين ما خربَشَتْ أناملي من هرطقات الألوان.لم يستشرني أحد.فعلوا ما بدا لهم لصالحي..كذلك قالوا..ثم إنهم ولو حاولوا أخذ رأيي لن يجدوني إلا في قعر إحدى قارورات الليل مرميا مغشيا عليَّ لا أميز حتى بين الأحلام التي تحلمني.. اوووف..ليفعلوا ما بدا لهم ماداموا يرونها طريقة ناجعة لتسديد ديوني المتراكمة على كاهلي..السجن في انتظاري..هكذا سمعت مرارا،وليس هناك حل غير هذي الخربشات المعلقة في الجدران أمام أعينهم يتمعنونها كمن يبحث عن شيء ذي بال..ليس ثمة إلا دروب باردة ضيقة كليشيهات كارت بوسطال لست أدري كيف أتتني فكرة وخاطر نقلها في لوحات...
في معرضهم..أسوار،من تاريخ رث،ممتدة شاهقة بشرفات مفرجة.داخل كل شرفة مدفع صدئ من طراز القرون الوسطى موجه جهة البحر حيث جيوش التتار ربما أو المغول أو خمن ما شئت..ستقبل عما قريب من صحارى يتناسل في بيدها معممون يشهرون سيوفهم متحفزين تكاد تُسمع جلبة وقع حوافر مطاياهم ممزوجة بصدى أصوات مصممة على.. ماذا يا بوزاتي..لست أدري..لا يهم..بعض التماثيل رصصتُها بعناية على جنبات تلك الأسوار تحدج مُوقها الجاحظة زرقة البحر أو تترقب شيئا آخر سيعن في الأفق دون إرادة دون حركة تظل على حالها ساهمة لا تلوي على شيء..كذلك شاهدتها..لم أفعل شيئا غير نقل ما تعاين عيني بميكانيكية محايذة..
في زاوية أخرى،رجل من الفيكينك يعتمر قبعة معدنية ذات قرنين ناتئين. بيده اليسرى قرن آخر معقوف مملوء خمرا..تَجَعَّدَ القرن آلآن..تبخر السائل القاني فيه..بيده اليمنى سيف سميك صقيل.مقبضه جَعَلْتُه في هيأة تنين خامد لا ينفث فاه اللهب.خمدت النار.بقي التنين عالقا في المقبض يتأمل هو الآخر زرقة البحر أو شيئا آخر غير البحر...
في الشاطئ..على مرمى البصر..كلبة عجوز تتأرجح أثداؤها متدليات تمسح حبيبات الرمال المبللة.تذرع بغير هدى مسافة محددة على الشاطئ جيئة ذهابا لاهثة غير آبهة بأعين الناظرين داخل اللوحة أو خارجها...
الأمواج ما تفتأ تتكسر على صخور صلدة لا حياة فيها أو على رمال مملحةمخضبة بيخضور أعشاب قيعان مقعرة...
في ركن آخر..لا لا..فلأكف عن ملاحقتها.. تلك لوحات تعرفني أعرفها لا شأن لي بها الآن..لأتركها لهم لأفهامهم لتشدقات عقولهم لعنجيتهم الصارمة..ههه..كانوا ينظرون بعدساتهم بنظراتهم يُقربون أنوفهم من حواف اللوحات يتشممون ربما عَرَق عِرْق تجرعَتْه الألوان من داخل أقباء خماراتي الأثيرة..ههه..ألم أقل لكم.. سلوك الهؤلاء المصطنع الرصين اليُتقن تفاصيل الإيتيكيت يثير في نفسي القرف..لا يهم ماداموا سيدفعون سيقتنون سيملكون سأتنفس من جديد.. ثم ليذهبوا الى الجحيم ما شأني..أقول لنفسي:
.."mêle-toi de tes oignons"..
دعكِ منهم..فكري في أدرانكِ الخاصة.لِمَ تنعتين خوالجك بأسمج التفاهات لِمَ تُسفهينها،ترسمين معالمها فقاقيعَ تنمو تنفجر بلا غاية..تلك نار مضطرمة تتقد في جوفكِ في كل شبر في حواياكِ،أروم طمسها،هل أقدر..طبعا لا..وهُنا تكمن مشكلتي وإياكِ..كأني أمعن في تثبيت فشلي مع سبق الإصرار والترصد..
je suis un homme raté
..لا أستطيع فعل شيء ضد هذا التيار اليطوقني من كل الجهات لا يترك لي فرصة حتى للملمة شتاتي المندلق من أمشاجي المهروقة..كيان هجين أنا..نتاج تشابكات خصي معارف والدتي..كُثُرًا كانوا يزورونها يمرقون يبصقون ما سيَكون جزءا من أقداري ثم ينصرفون.. عبثا بحثتُ في سجلات أوراق البلدية عن جذرٍ ما يُسوغ مجيئي الى شفير الهاوية..سأُسْحَق غدا..لِمَ جئتُ إذًا..ما الداعي ما المبرر..أنا لم أجئْ..لقد جيئ بي..في لحظة نشوة مسروقة بصقوني.. ليتهم ما فعلوا..ليتهم تركوا عبث سخف بارازيطهم في أكوارها تتعفن والخرءَ والبرازَ أو ليتهم سحقوها في لفافات كلينيكس يلقمونها أفواه بالوعاتهم لتغطس سحيقا كحشرة غرغوار تُطمَس ينتهي منذ البداية كل شيء...لكن،ما ذنب بقية البقية..ذنبهم أنهم هنا..دائما يتنفسون صلافتَهم،حاضرون،يلعبون، يرقصون،يأكلون، يتشدقون،يختلسون اللحظات يمتشقون نصالهم..الصدأَ يقذفون..آه..كانوا يضحكون..أكره ابتساماتهم اللبقة المصطنعة..أكره أشكال النسانس والخنازير تعلو سحنهم..قد يكون أحد هؤلاء أبي يمر أمامي خلفي يحاذيني تصادف كتفه كتفي ينظر.. désoler..ينبس..لا أعرفه لا يعرفني.. إيه..أيها الغاطسون في نعيمهم..أنا هنا في شوارعكم المصفدة يا سلالة المزابل أمقتكم أيها الدواب أيها الزاحفون وراء رب الأرباب إبليسُ مفستوفيليس رب الصئبان والخفافيش أمات أربع وأربعين طاعون الجرذان كْغَابُّو المستنقعات غائط البق الأسود براثن القراد السمين الذي لا تشبع أمعاؤه الثخينة من هَلْ من مزيد لهطة ذباب سوآت البغال فسو الرضع الصغار جوقة لغط السباب ثرثرة ضباح أعراف المناسبات أوكار السحالي أكوار دبابير البراري لعاب حلاليف الضباع إبر العقارب بول الأرانب كوليرا المجاري أمخاخ البراغيث زغب عانة الحملان المحنطة في أكفان الانتظار وكل اللقطاء..اوووف..تبا لي ولكم.. أجبرتموني..سحلتم غرارتي وأسرعت أنا كدب مغرور منتش بوهم الانتصار هويت من عدم الى عدم انحدرت..ولما سلخت جلدَ محجري،فتحت مقلتيَّ نظرت لم أجد أحدا..اوووه..أكانت أمي ضحية شهقات ماكرة تعد العدة تنصب الفخاخ تسم النزوات العابرة بميسم المحبة أو ميسم الرغبة أو ميسم الانسانية ثم تنتظر ريث يقع الذي يقع..لقد وقعَتْ أمي مرارا.تكسر عودها.بُتِرَ حلمها الجارف أن تغدو راقصة باليه ممشوقة قوام تسبح والسحاب أمام مرأى المعجبين هوت من حالق..لا شيء لها لا شيء لي..تجتر محاولات عيشها في درك عابرين شمعوا روحها مسخوها.موضوعًا اُوبجيه غَدَتْ لا غير يُلقى بكيانها داخل إطارات خشبية باردة تعرض في ردهات موحشة لا يعودها غير الخائبين..ألم أقل لكم إن ما يسمى العلاقات الاجتماعية تقرفني..قِلّتها كثرتها سيان..انعدامها أفضل..أليس كذلك نيسْبَّا N est-ce pas..لو أن الوجود يخلو من وجودها لأراح آستراح..ما عدت أدري ما يحصل لي..أكيد هم السبب..سحقا لهم..بوند دو كيغيتان bande de crétins..لينقرض الهوام كلهم..كيل زاي اوديابل..
qu il ailles au diable J ai rien à foutre..
أحس بردا ممتقعا في صدري،خيبة في الجوارح كلها،غصة في الحلق..أسعل مرارا..أختنق..التنفس في الأجواء الرطبة المحيطة بي غدا مهمة عصية لرئة نخرة كرئتي..أخالني مصابا بلوثة اللقطاء..لا لقيط يُلتقط في شوارع لوحاتي المفرغة. لقد آصطادتهم كلابيب دوريات الليل، أودعتهم أقبية السجون في آنتظار تصفية جماعية بعيارات رصاص بشحنات غاز..سيان..بوند دو كلوشاغ دو فاكابو كوم دي باغزيت كي إيغ باغ تو
bande de clochard de vagabonds comme des parasites qui errent par tout
il faut s en débarrasser
وحده الاسمنت المسلح والخرسانة المسيخة بالصفيح ما تلقطه عيناي يرسمها سديمي..لا عواطف لي..لا أحاسيس..برودة تامة الا بقية ضياء يتحشرج كمعتوه على مهل في أحشاء شمعدنات أمي يترنح وهجها الخافت كي..ههه..تنير أصباغ ألواني المعتمة.. إييه..أحس أسلاك نحاس فالقة تنزل علي كسياط زبانية السعير وأنا أرنو اليها تحدب علي عيناها النديتان تلحظ غرقي في السوائل الحارقة دون أن تستطيع فعل شيء لتُثْنيَني عن نزواتي تكتفي بمعاينتي أنفث دخان لفائفي كثور أهوك كاسِد لفظته الخرافة فخَرَّ صريعا بين أفخاذ الزناة كأي آبن حرام لا أصل له غير أسماء مستعارة تجود بها سبل العابرين..اووف..عيني اليمنى تورمت أمست مثل زجاجة روج رخيص..بعد ساعات قليلة،لاحظتُ أنها آنغلقت تماما.
استعنتُ بماء ساخن مخلوطا ملحا في تهدئة انتفاخها..كذلك علمتني والدتي..لا
فائدة..في الليل،وصلت العدوى العين اليسرى..ما عدت أرى الألوان في ألواني..
قاتمة شاحبة غدت فارغة..جلها هناك في العلية راكمتُها على بعضها في آنتظار أن تباع أو..تبا..ما عساني أفعل بها ولها.. لتركن هناك أفضل لها من فضول أعين البصاصين..أرَى أمي في أقبيتهم لازالت معراة شلحوا آدميتها الشفيفة سلخوا روحها..من جبص هش كامد أضحتْ من ورق خش هش بألوان شاحبة..هوووف.. فقاعات..هذا ما جنته حياتها..إني أكره أن أكون فقاعة لأني أخاف آنفجار الخواء..أمي لم تنفجر..أمي شاخت مُسخت ساحت تناثرت تلاشت ذَوَّبُوها كعلب صابون علبوها فانتهت قبل أن تنتهي..بالون هواء فُرغ من هوائه..انتفخ بكاربون آزوت حُرِك دون أن يستوي آنطاد اضطرب ترنح ثم آصطدم بفراغ.. لم ينفجر..انسحق كما تنسحق الزجاجات وسط أحشائي أحتسيها تحتسيني يودي بها قرفي من الأحياء والحياة..وإذ تتهاوى والدتي،كأوراق الخريف تذوي غدائرها الناغية مخلفة أشلاء مهروقة من دمي وبصمات قُدر لها أن تكون بصماتي و..تنتهي..لا..لم تجهض أمي.. ولدتني دويا يصخ أذان المارقين..كفى.. إني أبغض هذه التداعيات لَمَّا تستدعي طيفها..أتوجس من رؤاه في المنام..لذا،
أحرص دوما أن تكون بين رأسي والمخدة شفرة حادة أتوعد بها وساوس تفرز براثنها تُعَرِّقُني..أتلامُ تجاعيد تتضخم تصبح أفاع تمرق من كل ناحية في بدني تَحُفُّ بي تشهر أفواها تقذف لهبا باردا حارقا..أتجرع غصصي..تزداد النار آتقادا..أعدو أجري أفر الى ما يصادف أو يشبه أمامي دون أدرك أين تأخذني قدمااي..أعرق أعطش أبحث عن ماء..أعثر على قنينة كحول مكتوب عليها(مجانا لإطفاء العطش نحن هنا في خدمتكم)أو شيئا مثل هذا القبيل..متلهفا
أفك السدادة..وحين أضع شفتي على الفوهة،أفاجأ بالقنينة وما حوت تتحول خنفساء تُكور نتانة سميكة تلاحقني..كل شيء غدا ضخما هائلا الا انا ظللت قزما سكيرا تتضاءل قامتي تتقلص تتكمش حتى تمسي في حجم إصبع إبهام يمسك ريشة تخط ألوانا وأشكالا ومشاهد في فراغ..تلحقني الدوامة..أمعن في الفرار لئلا تطمسني..جريت صوب مقطورات تقطر بين أجنحة مَراوح هواء عنت مرقتْ من إحدى لوحاتي..حاولت ايقاف دورانها المحموم،لكنها لم تستجب، فرسمَتْ ريشتي قضبانا أسياخ حديد جعلْتُ أسويها في طريق الكومة التي طفقت تكبر تكبر..أخطوها خطوات خائفة أطير..تتبعني الكومة..أفر أعبر السكة..يهرع القطار تزداد سرعته..ثم..
بوووم..عشرات النجوم تتراقص أمام عيني..ينقلب كل شيء رعودا تتشظى كحمم ماغما البراكين مخلفة رائحة زنخة كرائحة مازوط آحتراق المؤخرات.. يتحطم القطار..يختفي..تختفي معه الكومة الكريهة..تطمس كل الصور في مساحة المجال أمامي إلا والدتي ظلت هناك في مراسمهم يلتقطون لها لي بغوفيل دو ميغد بوند دو فوايو..
..bandes de voyous..
فلنسكرْ جميعا بلا توقف بلا فضيلة بلا مزايا بلا فروسية بلا فلسفات بلا شهامة بلا ندامة..لنفرغ الفراغ في فراغنا المحدق فينا عبر المداخن المسخمة باليحموم،عبر ثقوب النوافذ السود،عبر الأرصفة المتراصة كالفجيعة،عبر قراميد الأسقف الباردة،عبر الطرقات المشرعة على الخواء،عبر قناطر مهجورة تنتظر فرقعات وقع أرجل العابرين..
Sous le pont Mirabeau coule la Seine Et nos amours..
ميييغد..عبر أشجار مسيجة ببياض،عبر ما تبصق ريشتي من مصائر بلا أعمار.. أبصقها أبصقهم كما بصقوني...

لم أكن أتوجهُ إلى الحان.كانوا يمنعون ذلك عني خشية أفعلَ شيئا يضر بي، هكذا قالوا قرروا كتبوا ما كتبوا في أوراق رسمية،لم يكلفوا أنفسهم حتى عناء عرضها عليَّ لأمضيها.كنتُ غير مسؤول عن تصرفاتي في نظرهم؛ولما كانت الأمور كذلك،وأحيانا أسوأ،فإنهم بحثوا في ما تبقى لي في الدنيا من أقارب ومعارف..ههه..تُضحكني هذه الكلمة..فلم يجدوا غير أمي التي أخذت على عاتقها مرغمة مسؤولية تبعاتي.. ولما كانت شديدة العطف عليّ،فإنها لم تكن لتفسد عليّ خلوتي المحبوبة في غرفتي المعزلوة.كانت تعرف مدى ولعي بالخمرة والغرق في مهامهها الجذابة؛ورغم قلقها على صحتي التي كانت تزداد تدهورا يوم عن يوم،فإنها لم تكن تمنع عني ما تبقى لي من حبل يربطني بحياتي الرتيبة..تصب لي بمحبة قدح مارتيني وآخر ويسكي،وقدحيْن من فودكا و..ثم أستقل في الأخير بقنينات كاملة شتى وحدي،وألجُ منتشيا بالجمار وعثير الغبار إلى فضاء اللوحات التي كانت ألوانُها المفترضة تنتظر كي أتمم رسم ملامح أشكالها..كل يوم لوحة..كل يوم سُكْر..كل لحظة فوران في العذاب والزوال..أتناول رشفة كبيرة من كأس صغيرة..الرشفة رجفة لا تكفي..الكأس لا يكفي..أطلب المزيد..الكؤوس تتوالى، تكتسح يديّ أغطس أغرق في السوائل الكابية أتجرعها رشفة رشفتيْن خامسة و..أغمض العينين أتلذذ بحدة خيالاتي تحتسيني تجهز علىَّ تشربني تستمنيني يجرفني التيار أنهارُ في سديم الدنيا المتراكم عبر السلالات المهيضة الجناح.. أستلُّ ريشتي من غمدها كما يستل ساموراي سيفه الأخير لا ليقتل الخصوم بل...أوووف...مهزلة..سخافة هي إرادة الحياة.أهيل الأصباغ على فراغ مساحات متحدية..أخلق أجوائي الخاصة..قد لا تعجبكم شوارعي المعتمة،أزقتي الكابية، والدور المنتشرة كالفطر بين الرموس في مقابركم المنسية..ميغْدْ لا يهم..هي هنا في رأسي المبعوج تسكنني،أبَيْتُ أو رضيتُ،لا أرى سواها..فما يضيرُ شيئا إعجابكم أو نفوركم آلساخط مادام هذياني هو دوائي من أدواء الأوهام التي تعشعش أمخاخكم المقيتة..هيهْ..يا أنتم اكتبوا عني عن خزعبلاتي الجارفة هذه.. اكتبوا أيها السدنة المحترمون أنه آتنابتني حالة آمتقاع وغثيان حاديْن عند رؤيتكم تختلسون تسرقون النظر تتفحصون لوحاتي البكماء خربشاتي الرعناء وهذي الكلمات،تتلصصونها لإرضاء فضولكم..أوووف..تتأففون تقرفون تحملقون..اكتبوا عن هرطقاتي، عن دُوار الوقائع المفلوجة تُقَطِّعُ مفازات صدري المشرع على ألف مناحة وسؤال.. ماذا أيها آلبصَّاصون في عتمات ردهات الأقبية المسماة معارض..ماذا أيها القراء الأعزاء الأنقياء النبلاء الأسوياء العقلاء الفصحاء النقاد الدارسون الرصينون العارفون بأسرار الاحتمالات المتأكدون من مطلق الإجابات عما تبحثون هنا وأنتم تدعون المجال لجحوظكم الماكر يقفو أثر الأشكال الممسوخة،يلتقط نبرات الحروف المدعوكة في أحشاء مرمدة الحياة..إيييه..لا رُواء داخل المرسم لا أفياء لا ظلال في الكلمات سوى الضَّلال مزيدا من الضَّلال يتلو الضَّلال يدثر فضاضتي يودي بي إلى جُرُف الهلاك كشموس صقيع حارقة توهبُ السعيرَ سعيرَه تُعقر الأحشاء تبصق درن الدماء..نعم..هو ذاك..سكييير أنا..فَلْتحيا الخمور..ابن زنا أنا ومَنْ يبالي..نتاج ما لا يحصى من براز خصى الآخرين..سكير هاو محترف يهوى المهاوي الماحقة وسخف المجالي حيث يتكسر حال الأنام وحالي أسكر على الريق كما لم يسكر من قبل أحد صباحا، أسكر في الليالي نائما في الأحلام،أسكر باكيا أسكر باسما أسكر على مضض مقهقها لاغبا غاضبا أسكر ناقما لاغيا شاهرا لساني الفاتك شامتا بالأيام بالليالي لا رجاء لي غير بقية من مزيد عته أصرّ عليه أنتشله من قعر القارورات أودِعُه مساغبي التي لا تشبع،أنتفض كديك من لدائن ميكا ساخط،أراني مشعثا كثور مجازر الآحاد هائجا ينخر يخور يتبخر يتمرمر أبورُ أذرع الطرقات المترعة بالغياب،أكرع أرخص الخمور سارقا ما يمكن من اللحظات في البارات الساقطة،كأعْور بُّو Poe آلصفيق أتربصُ حين يخلد الهوام إلى خلودهم الوهمي يغطون في أسِرتهم الملغومة مترقبين ما لا يأتي من الجنان الناغيات،تجدني قدام عتبات الدور الموصدة أتمسح بالأبواب بالأسياخ بالحيطان المبرصة..لا حُلْم لي إلا دياجير المحال أقبعُ مقعيا فيها مترنحا كشمبازي عجوز زجرته جراء تلعق خنائنَها..في الأقبية في المجاري أحيا مترنحا أموتُ في نفوقي أدور أُسْحَقُ أدوخُ أحيا أُطْمَسُ تحت وطأة عجلات جحود وجود لقيط..ههه..يدور.. أدور وإياه ثم كما تتكسر الأمواج على شواطئ ماريم المهجورة أغرق أتَقَيَّأُ في الغياب وعلى مهل أمووتُ ...

في آلشاطئ بئر.على حافة آلبئر تدورُ بَكَرَة.يهبط آلحبلُ إلى أسفل،لكن آلدلو لا يصلُ إلى الماء.أنا بجانب آلبئر أتلهفُ أطفئُ عطشي..لكن..اللعنة..الدلو لا يصل.. الحبل قصير.أنا قصير.الماء بعيد.أنا صديان.أجذب الحبل إليَّ.أنزع ملابسي. أصنعُ حبلا آخر.أعقلُ آلحبل بالحبل.أتأكدُ من متانة عقدة آلرباط.ألقي الدلو في الماء..إنه يصل..نعم..أخيرا سأبلُّ ريقي.. أجذبُ..يرتفعُ آلدلو بتلكُّؤ.إنه ثقيل..آه.. فيه لزوجة ماء..فيه صورة أمي في آلظلام عارية شفافة كصورة الملائكة فيما يسمى آلأحلام.تلقم فِيَّ ثدييْها آلحادبيْن معا..أهمُّ أَ..أَ..أَ..أفعلها..تختفي الصورة.يختفي الزلال..تحلُّ محله ثيرانٌ سمينة سوداء بيضاء حمراء معقوفة آلقرون ناتئة آلأبدان متصلبة متجهمة منتصبة تنخرُ ترمي عيونُها شررا أصفرَ، ومن أفواهها يخرج مخاط لزج يلتصق بعضه ببعض..حاولتُ آلفرار،فأمسكوا بي..ثم..رنوتُ هنا هناك مددتُ يديَّ..لا..لمْ يكن يحيط بي غير خواء قاتم موحش طوقني من كل ناحية دون أَنْ أرى أمي كَرَّة أخرى في غياهب آلعتمات..ارتعت.. استيقظتُ.أردتُ فتح عيني..عجزت.. ازداد انغلاق تورمهما.جعلت أتحسس رقبتي..أفاجأ بدم جامد وآخر ندي بهدوء ناعم يسيل..نعم..هو دم دون شك.. اووف..هل فعلا فعلوا ما فعلوا..هل ذبحوني..هل..اللعنة..لابد أنها آثار الخمرة في رأسي ماتزال..علي أن أكرع المزيد على الريق ليُذْهِب الأثرَ الأثرُ..آه..هذه الشفرة..ما تفعل في يدي..خلتُها ريشة ألواح..لقد جرحْتُ نفسي إذًا..اوووه..علي ايقاف النزيف..لكن العينين..لابد من فتحهما..استعصى الأمر في البداية..لكن مع توالي المحاولات نجحتُ..كان منظرهما مثيرا للاشمئزاز..هرعت الى الصنبور..غسلت أمكنة العطب..والدماء تنبجس تتدفق تيبس بالسرعة التي تسيل بها..لا أبالي..أتجرع الأمواه كما آتفق مستسيغا برودتها الصباحية حتى إذا آستوفيت أو كدت،تحول الزلال بولا عطنا برائحة سمك نتن يطفر ميْتا يطير يتهاطل من لجج بحر رسمْتُه أزرقَ في لوحة(ماريم)تكلله سحب في أفق في سماء في حلم ساخط عابر لم يَعْبُرِ.. برعب أغلق الصنبور..أصرخ..أستغيث..
آمْوَا آمْوَا..حتى آجتمعت حولي العائلة تحف بي كملائكة..هدؤوني بلسموا هلعي أقنعوني أن الأمر مجرد هذيان يعتري المحموم إثر ارتفاع حرارته..صدقتهم..
احتضنوني..وفي لحظة،كدت أنام فيها..
ههههه..ألم أقل لكم لا عائلة لي..هههه..
مقهقها مزمجرا رحت أصخب في وجه ثيران جعلت تلاحقني..اوووه..انها اللعنة مرة أخرى..لست أعي ما يحصل لي.. كرعت مزيدا من الشراب عسى يذهب الشرابَ الشرابُ..كان البول يحرق متانتي..أسرع أفرغها..لكن عوض البول يخرج سائل قان كأتربة الأطيان اللازبة.. أفتح فاي..اااه ه ه..يتحول السائل نارا حارقة ذات أسياخ من لهب..أغمض العينين أفتحهما..ألفي النار تأكل النار فيما تبقى من ثيابي في شَعري في عُريي..أستغيث كرة أخرى..الثيران تتلاحق..أرى صورتي كما رسمتُها تتقد تمسي شِلوا من حطب ثم كفحم آستحالت ثم كجمرة تنطفئ جذوتها على مهل تحتضر تحت قطرات بول يَسّاقط رذاذا من فوق..عبر..اوووف..خصي من لا خصي لهم..تغدو رمادا مجرد رماد كنت رسمتُه ذات لحظة من..اوووه..في لوحة ضائعة سميتُها..ثيران في شاطئ ماريم...

تمت
_خطوري عبدالله
تازا شتاء ٢٠١٥



#عبد_الله_خطوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - ثيران في شاطئ ماريم...