أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نعيم إيليا - ثالوث الديالكتيك الماركسي















المزيد.....

ثالوث الديالكتيك الماركسي


نعيم إيليا

الحوار المتمدن-العدد: 7312 - 2022 / 7 / 17 - 14:48
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يقوم الديالكتيك في الفلسفة الماركسية على عمد ثلاثة: وحدة وصراع الأضداد، نفي النفي، تحول الكم إلى كيف.
وتعد هذه العمد عند الماركسيين قوانين عامة شاملة، تنطبق على كل موجود في الكون، وعلى كل ظاهرة من ظواهره.
وهذا الديالكتيك، عندهم، هو علم يدرس أحوال المادة والمجتمعات البشرية من حيث إنها متحركة بفعلِ محرك هو التناقض. غير أن هذا المحرك (التناقض) ليس موجوداً كالمحرك الأول في فلسفة أرسطو خارج المادة، خارج الكون، وإنما هو موجود داخل المادة أو الظاهرة الطبيعية - الاجتماعية.
وفي هذا الصدد، يقول بوليتزر :
„ الواقع هو حركة، غير أن الحركة هي نتيجة لتناقض ونضال بين الأضداد. هذا التناقض وهذا النضال هما داخليان أي أنهما ليسا خارجين على الحركة بل هما جوهر هذه الحركة... ".
ثم يدعم قوله بقول لماو تسي تونغ ورد في كراسته (حول التناقض) :
" سبب كل نمو أساسي للأشياء إنما لا يكون خارج هذه الأشياء بل داخلها، في طبيعة الأشياء المتناقضة، فلكل شيء ولكل ظاهرة تناقضاتها الداخلية الكائنة فيها. وهذه التناقضات هي التي تولد حركة الأشياء ونموها، وهكذا تكون التناقضات الكامنة في الأشياء والظواهر هي الأسباب الرئيسية لنموها ".
ثم يدعم قوله السابق بقول آخر من أقوال لينين: „ النمو هو نضال الأضداد".
ويضرب بوليتزر لقول لينين مثلاً توضيحياً:
" أوليس هذا الرجل الذي يدرس هو جاهل ومحتاج للمعرفة في نفس الوقت؟ فهو يمثل في درسه النضال بين هاتين القوتين المتناقضتين. ذلك هو جوهر الإنسان الذي يدرس.“.
وهذا الذي يقوله بوليتزر مؤيَّداً بأقوال عتاة البلاشفة، لا غبار عليه. ولكنّ العقل إذا أنعم النظر في عمد الديالكتيك الماركسي الثلاثة مجتمعة، فلن يلبث أن يكتشف تناقضاً بين قانون وحدة وصراع الأضداد، وبين قانون نفي النفي .
وهو تناقض ليس كالتناقض الذي هو في جوهر الأشياء والذي يدفعها إلى التطور والنمو، وإنما هو من التناقض الهادم للرأي أو النظرية.
كيف؟
الجواب: إن التناقض هو قضية صراع بين ضدين (أو أضداد) ينتهي بانتصار أحد الضدين على الآخر. بيد أنه توجد بين هذين الضدين وحدة. وبفضل هذه الوحدة يتمنع أن يفني أحدهما الآخر؛ لأن أحد الضدين إن أفنى ضديده، أفنى ذاته بالمقابل. فالسلام – مثلاً - إن أفنى الحرب، فني هو الآخر. ولذلك كان هيركليتس يذم الشعراء الذين يدعون إلى السلام دعوة تبيد الحرب من حياة البشر إبادة عن بكرة أبيها.
وتوكيداً لهذا الرأي يقول بوليتزر:
" لا يوجد تناقض إلا بوجود النضال بين قوتين على الأقل. ولهذا يحتوي التناقض على طرفين يتعارضان: فهو الوحدة بين الأضداد ".
ثم يضيف:
" لا تفصل الجدلية (الديالكتيك) بين الأضداد أبداً بل هي تنظر إليها في وحدتها التي لا تنفصم: لا موت بدون الحياة، ولا حياة بدون الموت. لا انخفاض بدون العلو، ولا علو بدون الانخفاض. لا سعادة بدون شقاء ولا شقاء بدون السعادة. لا صعوبة بدون سهولة، ولا سهولة بدون الصعوبة. لا زارع بدون ملاك زراعي، ولا بروليتاريا بدون برجوازية. ولا برجوازية...“ .
فعلى هذا، إن كان فناء الضد في قانون وحدة وصراع الأضداد مستحيلاً - وهو كذلك - فكيف يمكن التوفيق بينه وبين قانون نفي النفي الذي يبشر بحتمية انتصار الشيوعية؟
والشيوعية، في خيال الماركسيين، هي المرحلة الأخيرة من مراحل تطور التاريخ وهي المرحلة التي ستنمحي فيها كل الطبقات فلا يبقى لها من أثر.
ولكنَّ انمحاء الطبقات في المجتمع الشيوعي، ما هو إلا زوال للأضداد. فهل تزول الأضداد، وزوالها بحسب قانون وحدة وصراع الأضداد، ممتنع مستحيل؟
فإن كان لها أن تزول، فكيف سيتحقق التطور والنمو الذي تحدث عنه لينين وأثبته في قوله:
„ النمو هو نضال الأضداد". ؟
وقد تنبه فلاسفة الماركسية من البلاشفة لهذا التناقض الهادم لمنطقهم الديالكتيكي. لكنهم لم يعدموا خدعة ذهنية تحل لهم عقدة هذا التناقض، وتجعله سائغاً في عقول أتباعهم. فكانت خدعة ( التعارض) التي تشبه خدعة تخريج الآيات المقدسة تلك التي تصدم العقل وتذله.
وفي هذا الصدد أيضاً، يقول بوليتزر في كتابه ( أصول الفلسفة الماركسية ج1 ترجمة بهيج شعبان) وصدره ممتلئ بثقة عارمة أنه بقوله هذه قد استطاع أن يجتث التناقض الهادم من جذوره:
„ هناك سؤال يخطر ببالنا غالباً وهو أنه لا وجود للرأسمالية بدون تناقض داخلي، لأن الرأسمالية نظام استغلال تتعارض فيه مصالح البرجوازية مع مصالح البروليتاريا بصورة دائمة. ولكن ألا تقضي الاشتراكية على كل تناقض؟ ويجب الإجابة على ذلك: بأن الاشتراكية لا تخرج على قانون التناقض، وذلك لأنه طالما وجد المجتمع، طالما وجدت التناقضات التي تكون هذا المجتمع. ويقوم الوهم القائل بأن القضاء على الرأسمالية قضاء على التناقض أيضاً على خطأ بين التناقض والتعارض. إذ أن التناقض ليس سوى حالة خاصة من حالات التعارض: فكل تناقض متعارض وليس كل تعارض متناقضاً…
ماذا يحدث إذن عند حلول الاشتراكية؟ يزول التناقض بين الطبقات بفضل القضاء على البرجوازية المستغِلة. ومع ذلك تظل الخلافات قائمة ، لفترة ما، بين طبقة العمال وطبقة الفلاحين، بين القرية والريف، وكذلك بين العمل اليدوي والعمل الفكري. وليست هذه الاختلافات تناقضات بل هي تعارضات يجب التغلب عليها لأن الإنسان، في المجتمع الشيوعي، يمكنه القيام بمختلف ألوان النشاط التي يتقاسمها اليوم أفراد مختلفون، ولأن التعارض بين العمل اليدوي والعمل الفكري ينحل في وحدة أسمى. كما توفر الثقافة العلمية المتعددة الظروف لتحقيق هذه الوحدة التي تجعل من الفرد ممارساً وعالماً في نفس الوقت...“
وأعجب من قول بوليتزر الآنف هو قول لينين منتقداً بوخارين:
„ ليس التناقض والتعارض شيئاً واحداً. إذ يزول الأول بينما يستمر الثاني في النظام الاشتراكي".
ولينين يقول هذا مع أنه هو القائل قبل ذلك: „ النمو هو نضال الأضداد ".
وهكذا أحلَّ فلاسفة الماركسية البلاشفة (التعارض) محلَّ التناقض في محاولة منهم لإزالة التناقض الهادم بين قانوني ديالكتيكهم: قانون وحدة وصراع الأضداد، وقانون نفي النفي، وضربوا بعرض الحائط الحقيقة، حقيقةَ أن التعارض لا يقوم أبداً مقام التناقض. فليس في التعارض تطور ونمو، كما في التناقض الذي بين الطبقات.



#نعيم_إيليا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطعن على رأي الأستاذ منير كريم في الديالكتيك والمادية
- دَوّامةُ النَّهرِ الكبير 8
- الزمان بعداً رابعاً
- سُلَّم الوجود
- مشكلة النسبية
- ميزتا التعليق والتصويت في صحيفة الحوار المتمدن
- دَوّامةُ النَّهرِ الكبير 7
- الإلحاد والتطرف
- إفسادُ منطق الإمكان
- دَوّامةُ النَّهرِ الكبير 6
- أخطأ الرئيسُ ماكرون
- دوَّامةُ النَّهرِ الكبير 5
- دوّامة النهر الكبير 4
- الواجب الوجود بغيره
- فذلكة فلسفية لأطروحة ماركس الحادية عشرة
- دوّامةُ النهر الكبير (3)
- دوَّامةُ النهر الكبير (2)
- دوّامةُ النهر الكبير
- الرسالات السماوية
- صيغة التنزيه، برهان الطعن في المنزَّه


المزيد.....




- فريق كامالا هاريس يرد على انتقادات إسرائيلية لتصريحاتها عن غ ...
- العراق.. قصف على قاعدة عين الأسد
- كيربي حول صفقة تبادل بين إسرائيل وحماس: لا يزال هناك فجوات و ...
- الملك الأردني يبحث مع بايدن الوضع في غزة والتطورات في الضفة ...
- -نوفوستي-: أوكرانيا تنشر طيرانها على أراضي دول ثالثة
- كينيدي جونيور يتعهد بإنشاء احتياطي قدره 4 ملايين بيتكوين حال ...
- تركيا.. اشتباكات بين الشرطة ومحتجين بسبب مشروع قانون حول الك ...
- خبير يحذر من احتمالية تعرض مصر ودول في حوض النيل لسنوات عجاف ...
- كبار أعضاء فريق التفاوض الإسرائيلي: حياة العشرات من المخطوفي ...
- في اتصال مع بايدن.. الملك عبدالله يؤكد على ضرورة وقف حرب غزة ...


المزيد.....

- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج
- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نعيم إيليا - ثالوث الديالكتيك الماركسي