أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - نعيم إيليا - الزمان بعداً رابعاً















المزيد.....

الزمان بعداً رابعاً


نعيم إيليا

الحوار المتمدن-العدد: 7100 - 2021 / 12 / 8 - 17:12
المحور: الطب , والعلوم
    


من الحق أن يقال إن أجدر العلوم بالإجابة عن سؤال الزمان (ما هو في حقيقته) هو علم الفيزياء النووية والجاذبية والكون. وهو ليس جديراً بالإجابة عن هذا السؤال وحسب، بل هو جدير أيضاً بالإجابة عن أسئلة أخرى مما لها اتصال بالزمان لا تقل صعوبة عنه، من مثل: هل هو مطلق أم هو نسبي يتغير مقداره بتغير مكانه؟
ومن مثل: فإن كانت له علاقة بالمكان، فكيف هي علاقته به؟
ومن مثل: أللزمان اتجاه واحد ثابت يمضي سهمه فيه قدماً نحو الأمام على الدوام، أم له اتجاه معاكس للأول أن يرتدَّ إلى الوراء ؟
فكيف يجيب علم الفيزياء عن هذه الأسئلة الصعبة على ضوء نظرية (الزمكان) التي استكشفها والتي تقول لنا إن الزمان لا يكون واحداً في كل مكان من الكون بل يختلف مقداره من مكان إلى مكان؟
فيما يتعلق بسؤال الزمن ما هو ؟ فإن عالم الفيزياء ألبرت آينشتاين 1879 – 1955 مؤسس نظرية النسبية الخاصة والعامة، يجيب عنه بقوله: "هو ما يمكن للمرء أن يقرأه مما تسجله ساعة من الساعات بعقاربها“. ولا شك في أن هذا التعريف المادي، بسيط للغاية حتى ليستطيع أن يأتي بمثله طفلٌ في مدرسة ابتدائية، وحتى إن عالم الطبيعة الإنجليزي اسحق نيوتن 1643- 1727 الذي صاغ في بداية القرن الثامن عشر مفهومَ (الزمن المطلق) المضاد لمفهوم الزمن كما في نسبية آينشتاين ، لو أنه كان عاش في زمن آينشتاين وسمعه يُعرّف الزمن هذا التعريف المادي البسيط، لما وجد في تعريفه ما ينغص عليه عيشه.
ولكن آينشتاين يختلف مع نيوتن في فهم حقيقة الزمان، وإن كان تعريفه البسيط للزمان لا يسبب إزعاجاً وضيقاً لنيوتن. فبينما ينظر نيوتن إلى الزمان على أنه مطلق يتدفق في كل أرجاء الكون على وجه واحد من التدفق دون تغير أو زيادة أو نقص، وينظر إليه أيضاً على أنه موجود وجوداً مستقلاً عن مراقبة مراقب له من الخارج، ينظر آينشتاين إليه على أنه نسبي ذاتي لا ينفصل عن المكان بوجه. فمنذ الانفجار العظيم، لن يكون ثمة مكان بلا زمان في نظر آينشتاين، ولا زمان بلا مكان. مما يعني أن الزمان والمكان مندمجان في وحدة يحسن أن يعبَّر عنها بمصطلح (الزمكان)، ومما يعني أيضاً أن الزمان بعد رابع للمكان.
وليس آينشتاين وحده هو الذي يؤكد بنظريته أن الزمان هو أحد الأبعاد الأربعة للمكان، بل جلّ علماء الفيزياء يؤكدون هذه الحقيقة العلمية. من هؤلاء العلماء عالم الفيزياء النووية ستيفن توركات من جامعةTU Dresden وهو القائل: "الزمن يشبه المكان تمامًا. إنه يتكون من مكونات X و Y و Z. والوقت هو المكون الرابع لما يسمى بالزمكان".
وعلى هذا، فإن الزمان يكوّن مع أبعاد المكان الثلاثة الأخرى (الارتفاع، العرض، العمق) وحدةً لا تنفصم عراها كما سبق أن تبين لنا ذلك في نظر آينشتاين إليه. وعلى هذا أيضاً، لا يصحّ أن يكون الزمان مطلقاً على نحو ما كان نيوتن يتخيله؛ لأن الزمان في الواقع مرن قابل كالأبعاد الأخرى للتشكل والتغير بتأثير ثقالة الأجرام الكونية عليه أو فيه. فإن الجرم الكوني بثقالته أو بجاذبيته يؤثر في المكان فيحنيه، يقوسه، يقعّره، كما تؤثر فيه السرعة أيضاً إذ تمده وتوسعه. ولأن الزمان رابعُ مكونات المكان، فلا بد له من أن ينحني، أن يتقوس، أن يتقعر متأثراً بثقالة الأجرام الكونية كما تتأثر الأبعاد الثلاثة للمكان. وهو أيضاً يتأثر مثلها بالسرعة فيمتد ويتّسع؛ مما ينتهي بنا إلى نتيجة حاسمة هي أن الزمان لا يتدفق في كل مكان بصورة مطلقة على وتيرة واحدة، بل يتغير بتغير المكان تحت تأثير الجاذبية، وهي أنه أيضاً ليس واحداً عند كل فرد منا، بل هو مختلف باختلاف موقع كل فرد منا واختلاف حالته.
وفي هذا الصدد يقول عالم الفيزياء النووية ستيفن توركات: "في كل مكان حيثما وجد المرء نفسه، استطاع المرء أن يحدد زمنه؛ وذلك لأن الزمن مرتبط بالمكان الذي يجد المرء نفسه فيه “. ويؤكد هذا العالم في الوقت عينه أن "سهم الوقت أو الزمن يتجه دائماً نحو الأمام. وهذا الاتجاه الزمني هو اتجاه كل أشياء الكون حتى الجسيمات والجسيمات المضادة "
أما عالم فيزياء الجاذبية هيرمان نيكولاي مدير معهد ماكس بلانك في بوتسدام، فإنه يؤكد ذلك أيضاً بقوله: „الزمن نسبي وهو يصف تعاقب الأحداث، وله بكل وضوح اتجاه واحد لا نكوص له عنه".
ولكنه يتساءل معترفاً بمشقة مواجهة هذه الحقيقة: كيف يكون هذا مع الاعتقاد بنسبية الزمن؟ إنه لأمر حتى العلماء المتمرسون لا يجدونه سهلاً: "من الصعب جدًا التحدث عن اتجاه الزمن عن جريانه الدائم المطلق إلى الأمام، عندما يكون مفهوم الزمن هذا في حد ذاته مفهومًا نسبيًا يشمل كل شيء، كل جسيم مما يجب تحديده بشكل مستقل؟".
فحتى بالنسبة لرائد الفضاء (ألدرين)، فإن تكتكات ساعته وهو على سطح القمر، كانت تماثل تكتكات ساعة أخرى على كوكب الأرض. مما يوهم بأنه لا يوجد ثمة فرق بين زمن رائد الفضاء، وهو على سطح القمر، وبين زمن شخص آخر، وهو على سطح الأرض. والحق أن ثمة فرقاً بين الزمنين ولكننا لا نلحظه ! فإنا ونحن على الأرض لا نستطيع بالقطع أن نلحظ تأثير المكان على الزمان، ولا نستطيع ذلك أيضاً لو كنا راكبين صواريخ التحليق، والطائراتِ النفاثة البطيئة بطء الحلزون بالنسبة لسرعة الضوء. إن رواد الفضاء الذين كانوا على سطح القمر، لم يلحظوا تأثير المكان على الزمان. والسبب في ذلك أن ساعاتهم التي كانت تدق بانتظام كما كانت تدق الساعات على الأرض دون اختلاف بينها في التوقيت، لم تمكنهم من أن يلحظوا فرق الزمن بين المكانين. ولكن تأثير المكان على الزمان حقيقة علمية لا يمكن إنكارها.. فإن تأثيرات الجاذبية والسرعة على الوقت - وإن لم تدرك أو تلحظ – قابلة للقياس. فكلما قلَّت قوة الجاذبية، أسرع الزمن. إن سكان طابق علوي من مبنى شاهق مثلاً، يعمرون في ثمانين سنة بفارق زمني بينهم وبين سكان الطابق الأرضي مقداره90 جزءًا من المليون من الثانية.
ولكن، لأن كوكبنا مسرف في الضآلة بالقياس إلى الكون، فإن دور الزمكان فيه لا يلحظ؛ ولأنه لا يلحظ، يخيل إلينا وكأن الوقت أو الزمن واحد في كل نحوٍ من أنحاء الأرض والكون، مع أنه في الواقع ليس كذلك. فما بين أيدينا من أجهزة القياس والتوجيه، يثبت لنا أن ثمة فروقاً في الزمان؛ أي إن الزمان ليس واحداً في كل مكان. إن أنظمة أجهزة القياس والتوجيه لا يمكن أن تعمل إلا حين تأخذ في الحسبان الفروق الزمنية التي تسببها مكونات الارتفاع والسرعة والمسافة. وقد أوضح هذا عالم الفيزياء الفلكية هارالد لِيش بقوله: "لذلك في كل مرة يخبرك فيها هذا الصوت (صوت جهاز التوجيه) في السيارة: لقد وصلت إلى الهدف إلى وجهتك المقصودة، تكون نظرية النسبية العامة والخاصة حققتا لديك هدفهما أيضًا ".
ولكن نسبية الزمكان لا تتجلى إلا في السرعات القصوى الهائلة مثل سرعة الضوء وقوى الجاذبية الهائلة. إن سرعة الضوء، قوة الجاذبية هي فقط التي تجعل تغير الزمكان حقيقة محسوساً بها. ويعزز عالم فيزياء الجاذبية هيرمان نيكولاي هذه الحقيقة بقوله: "هناك جسيمات لا يتحرك فيها الوقت على الإطلاق. فجسيمات الضوء أي الفوتونات ، تتحرك بسرعة الضوء. ولذلك فإن الزمن بالنسبة لها يقف ساكنًا". مما يترتب عليه أن المرء لو أمكنه أن يقوم برحلة فضائية لوقت قصير بسرعة الضوء، فإنه عند عودته إلى الأرض لن يقابل أبناءه الذين غادرهم بل سيقابل أحفاده في دار العجزة أو المسنين.
ويمضي عالم الفيزياء الفلكية هارالد ليش إلى القول: إن هناك شيئاً واحداً لا يعتريه الشك، هو أننا لو لم نكن في عالم لا يشير فيه سهم الزمن دائمًا إلى المستقبل ، ما كان لنا أن نوجد، ويقول : "هناك فرق لا يُصدق بين المكان والزمان. فإننا يمكننا أن نذهب إلى مكان ما مرتين وأكثر ولكن ليس في وقت واحد. مما يدل على أن الزمان بُعد نوعي، وأن المكان بعد كمي ". وهذه الحقيقة حقيقةُ أن الزمان بعد نوعي، لا تنقض مقولة آينشتاين البسيطة: "الوقت هو ما تقرأه على مدار الساعة". إذ قد ثبت في الواقع أن الساعة المضبوطة تشير دائماً إلى الوقت المحدد الذي ينطبق على المكان الواحد الذي توجد فيه. إن اهتزازات الذرات التي تعد أساساً لأجهزة قياس الزمن الحديثة، تبين تأثير الجاذبية والسرعة على الزمن؛ ولأن للجاذبية والسرعة تأثيراً على الزمان، فلا مندوحة لنا من أن نستنتج أننا نعيش في الزمكان، وإن كنا لا نلاحظ ذلك.. وإن كنا لا ندركه كما ندرك موجودات الطبيعة كالجبال والسهول والمياه والحيوانات والغابات...

عن:
mdr . WISSEN https://www.mdr.de/wissen/was-ist-zeit-raumzeit-100.html



#نعيم_إيليا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سُلَّم الوجود
- مشكلة النسبية
- ميزتا التعليق والتصويت في صحيفة الحوار المتمدن
- دَوّامةُ النَّهرِ الكبير 7
- الإلحاد والتطرف
- إفسادُ منطق الإمكان
- دَوّامةُ النَّهرِ الكبير 6
- أخطأ الرئيسُ ماكرون
- دوَّامةُ النَّهرِ الكبير 5
- دوّامة النهر الكبير 4
- الواجب الوجود بغيره
- فذلكة فلسفية لأطروحة ماركس الحادية عشرة
- دوّامةُ النهر الكبير (3)
- دوَّامةُ النهر الكبير (2)
- دوّامةُ النهر الكبير
- الرسالات السماوية
- صيغة التنزيه، برهان الطعن في المنزَّه
- نحن لا نخلق المعنى
- في حقيقة أن الأشياء تتغير ولا تتغير
- محاورة النرجسي


المزيد.....




- ما حقيقة المقابر الجماعية في مجمع ناصر الطبي؟
- أجمل أغاني لولو والنونو.. استقبل الان تردد قناة وناسة أطفال ...
- نزلها الأن ..تردد قناة بداية 2024 عبر القمر الصناعي نايل سات ...
- الإمارات.. منازل وطرقات مغمورة بالمياه جراء أسبوع قياسي من ا ...
- سواء كان رملًا أو ثلجًا أو صخورًا.. ناسا تدرب كلبًا آليًا لا ...
- معضلة تناول الإعلام الألماني لليمين الشعبوي: التجاهل أم التع ...
- ناسا تحقق اكتشافا على المريخ قد يكون علامة على وجود -كائنات ...
- -ستوكس 600- عند أعلى مستوى في أسبوع بدعم من أسهم التكنولوجيا ...
- أب عراقي يشتكي شركة نفط بريطانية بعد وفاة ابنه بسرطان الدم
- حبوب منع حمل ذكورية.. هل يُقبل الرجال عليها؟


المزيد.....

- المركبة الفضائية العسكرية الأمريكية السرية X-37B / أحزاب اليسار و الشيوعية في الهند
- ‫-;-السيطرة على مرض السكري: يمكنك أن تعيش حياة نشطة وط ... / هيثم الفقى
- بعض الحقائق العلمية الحديثة / جواد بشارة
- هل يمكننا إعادة هيكلة أدمغتنا بشكل أفضل؟ / مصعب قاسم عزاوي
- المادة البيضاء والمرض / عاهد جمعة الخطيب
- بروتينات الصدمة الحرارية: التاريخ والاكتشافات والآثار المترت ... / عاهد جمعة الخطيب
- المادة البيضاء والمرض: هل للدماغ دور في بدء المرض / عاهد جمعة الخطيب
- الادوار الفزيولوجية والجزيئية لمستقبلات الاستروجين / عاهد جمعة الخطيب
- دور المايكروبات في المناعة الذاتية / عاهد جمعة الخطيب
- الماركسية وأزمة البيولوجيا المُعاصرة / مالك ابوعليا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - نعيم إيليا - الزمان بعداً رابعاً