أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نعيم إيليا - فذلكة فلسفية لأطروحة ماركس الحادية عشرة














المزيد.....

فذلكة فلسفية لأطروحة ماركس الحادية عشرة


نعيم إيليا

الحوار المتمدن-العدد: 6492 - 2020 / 2 / 15 - 17:15
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لفهم رأي (ماركس) الشهير هذا الذي تضمَّنته أطروحتُه الحادية عشرة المثبتة في نهاية ملاحظاته (Thesen über Feuerbach) أطروحات حول فويَرْباخ:
Die Philosophen haben die Welt nur verschieden interpretiert es kommt darauf an, sie zu verändern
„ "لم يفعل الفلاسفة شيئًا سوى تفسير العالم بطرائق شتى، لكن الأهم هو تغييره" لا بدَّ من فهم معنى التفسير (Interpretieren) وكذلك معنى التغيير (Verändern) وما بينهما من نسبة؛ لأن هذين اللفظين بما يدلان عليه، هما اللذان تتقوّم بهما أطروحة ماركس الحادية عشرة. فمن دون فهم دلالات هذين اللفظين، لا سبيل للمرء إلى فهم رأي ماركس كما ينبغي للمرء أن يفهمه.
فما هو المعنى المستفاد من كلا اللفظين؟ وما هي نسبة أحدهما إلى الآخر؟
ظاهرٌ على السطح، أنهما في أطروحة ماركس، يستبطنان معنيين متعارضين، أو متقابلين تقابلاً يكاد يكون شبيهاً بتقابل النقيضين. فالتغيير الذي هو إحداث أثر في شيء ما، يعترض التفسيرَ الذي هو جلاء حقيقة شيء ما. وهو لا يكتفي بذلك، بل إنه ليزيغ التفسيرَ قليلاً أو كثيراً عن طريقه، ممّا يمهّد لحصول النتيجة التالية: ما في التفسير غَناءٌ وفير، وإنما الغناء كل الغناء في التغيير .
ولكنْ، كيف ذلك؟!
كيف للتفسير ألا يكون معادلاً للتغيير في الغَناء والجدوى، وفي التفسير جلاءُ الحقيقةِ؛ حقيقةِ العالم بشتى ظواهره وأبعاده وصوره؟ أوَليس معنى (فسَّرَ) الشيء، هو أبان حقيقةَ الشيء؟ فإذن كيف لا تكون الإبانة معادلة للتغيير في الغَناء والجدوى؟!
إن تغيير شيء من أشياء العالم، لا يتحقق للإنسان إلا بعد أن يكون الإنسان تمكَّن من تفسير هذا الشيء تفسيراً صحيحاً. فظاهرة الفقر – مثلاً - إن لم يتمكن الإنسان من أن يفسرها تفسيراً صحيحاً، فأنى له أن يغيّر ظاهرة الفقر؟ فإنه إن اعتقد أن الفقر مقدَّر عليه، فماذا عساه أن يفعل حينئذ؟ أتُراه يثور على القدر - وهو مؤمن به، وهو يخشاه - فيرغمه على أن يخلع عنه رداء الفقر، أم تراه يتبلَّد إزاءه فيستكين له في صغار وخنوع؟
فيترجّح مما سبق أنَّ (التفسير) صِنوُ (التغيير) في الجدوى والغناء والفضل. وإذ قد ترجَّح ذلك، فلا بد من السؤال: بأي منطق جاز لماركس أن يقدّم مهمة التغيير، على مهمة التفسير في الفضل والغناء؟!
فإن مهمة الفيلسوف في رأي ماركس، ليست هي أن يفسر العالم. مهمَّتُه الأجلّ أن يغيّر العالم. وهو بهذا الرأي إنما يجعل النسبة بين التفسير والتغيير قائمةً على التعارض. ولأن التعارض بين شيئين يستلزم التفاضل؛ فقد فاضل ماركس بين التفسير والتغيير، وخلص إلى أن التغيير أفضل وأجدى من التفسير.
بيد أنه قد تبين أن التفسير والتغيير صنوان في الفضل والجدوى؛ ولأنهما كذلك فمن الطبيعي ألا يكون بينهما تعارض بل يكون بينهما ترابط مبرم. أفلا يقتضي التغييرُ التفسيرَ؟ بلى! وهل يحدث التغيير إلا إذا حدث التفسير؟
فإذا تُحُقّق بعد ذلك من أمر الدلالة في لفظ (التغيير) على وجه آخر، ظهر أن لهذا اللفظ عند ماركس دلالة سياسية بحتة. فتغيير العالم (المجتمع) مهمة السياسيين الأولى. فإذا أراد ماركس الفلاسفةَ على أن ينخرطوا انخراط السياسيين في تأدية هذه المهمة، أسقط الحدَّ الفاصل بين الفلسفة والسياسة. ولعل ماركس إنما أراد بأطروحته هذه أن يرغم الفلسفة على أن تتحوَّل إلى نشاط سياسي ليست له من غاية سوى خدمة مصالح فئة من المجتمع تدعى البروليتاريا أو الطبقة العاملة الكادحة.
أجل، إن للفيلسوف أن يعالج كل قضايا المجتمع البشري، ولكن من حيث هو فيلسوف مفكر، يرى هذه القضايا تنطوي على حقائق عامة، ثابتة أو متحركة، موضوعيةٍ مجردة عن الهوى والمنفعة الفئوية، منزَّهةٍ عن الزيف والشَّوَه.
فالفيلسوف إذ يرى - على سبيل المثال – قضية الاستبداد (الدِّكتاتورية) أنها نتيجة لغياب العدالة الاجتماعية... إذ يراها نتيجةً لانقسام المجتمع إلى طبقتين أو فئتين: فئة حاكمة مستبدة، وفئة محكومة يقع عليها استبداد الفئة الحاكمة المستبِدَّة؛ فإنه إنما يرى الدكتاتورية شراً في كل الأحوال، وفي كل الأزمان.
فإذا استطاعت الفئة المحكومة التي كان يقع عليها الاستبداد، أن تتحرَّر من قهر الفئة التي كانت تستبد بها، وإذا شرعت هذه الفئة بعد انتصارها تستخدم الاستبداد منهجاً لها في حكم المجتمع مثلما كانت تستخدمه الفئة الحاكمة السابقة، فهل من الحكمة أن يعضد الفيلسوف بفكره استبداد هذه الفئة، حتى لو كانت حجة السياسي المؤازر لهذه الفئة أنها إنما غايتها أن تضع نهاية للاستبداد بالاستبداد؟



#نعيم_إيليا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دوّامةُ النهر الكبير (3)
- دوَّامةُ النهر الكبير (2)
- دوّامةُ النهر الكبير
- الرسالات السماوية
- صيغة التنزيه، برهان الطعن في المنزَّه
- نحن لا نخلق المعنى
- في حقيقة أن الأشياء تتغير ولا تتغير
- محاورة النرجسي
- وقول النصارى إله يضام
- الردُّ على ابن حزم في مسألة تحريف الكتاب المقدس
- مأزق العلمانية
- ما بين الدين والأفيون من ضروب التشابه
- حقيقة ما جرى في قرية الفردوس
- مشكلة المعرفة لدى ايدن حسين. (دحض المثالية)
- ياء ميم، ياء ميم الست مريم وصاحبها كريم
- خالق الموجودات
- مارس وفينوس
- حَدُّ المادة وأصلها
- صلوات حب على مدار العام 2
- صلوات على مدار العام 1


المزيد.....




- وزير الدفاع الإسرائيلي ردا على تصريحات بايدن: لا يمكن إخضاعن ...
- مطالبات بالتحقيق في واقعة الجدة نايفة
- هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن ينتج برامج تلفزيونية ناجحة في ال ...
- سويسرا: الحوار بدل القمع... الجامعات تتخذ نهجًا مختلفًا في ا ...
- ردًا على بايدن وفي رسالة إلى -الأعداء والأصدقاء-.. غالانت: س ...
- ألمانيا ـ تنديد بدعم أساتذة محاضرين لاحتجاجات طلابية ضد حرب ...
- -كتائب القسام- تعلن استهداف قوة هندسية إسرائيلية في رفح (فيد ...
- موسكو: مسار واشنطن والغرب التصعيدي يدفع روسيا لتعزيز قدراتها ...
- مخاطر تناول الأطعمة النيئة وغير المطبوخة جيدا
- بوتين: نعمل لمنع وقوع صدام عالمي


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نعيم إيليا - فذلكة فلسفية لأطروحة ماركس الحادية عشرة