“نضال شبيبي ضد الفساد والاستبداد” شعار الجامعة الشتوية لحشدت ببوزنيقة


أحمد رباص
الحوار المتمدن - العدد: 8556 - 2025 / 12 / 14 - 04:51
المحور: حقوق الاطفال والشبيبة     

نظمت حركة الشبيبة الديمقراطية التقدمية (حشدت) بمركز التخييم ببوزنيقة جامعتها الشتوية خلال أيام 12، 13 و14 دجنبر الجاري تحت شعار: “نضال شبيبي ضد الفساد والاستبداد”.
انطلقت الجلسة الافتتاحية في اليوم الأول على الساعة السابعة مساء بتسيير من خالد يونسي، عضو اللجنة المركزية لحشدت، وشاركت فيها مجموعة من الكفاءات الأكاديمية والصحافية والسياسية التي تناولت بالدرس والتحليل موضوع “الحركات الاجتماعية وحرية التعبير”.
ألقت المداخلة الأولى هدى السحلي، الصحافية والباحثة في العلوم السياسية.
بطموح إلى فتح أفق جديد للتفكير وبعيدا عن إنتاج تحليلات مستهلكة، بدأت السحلي بهذا السؤال: ما الذي يجمع بين الحركات الاجتماعية الاحتجاجية التي عرفها المغرب؟
جوابا على هذا السؤال، قالت إن هناك خيطا ناظما يجمع بينها رغم اختلاف السياقات. وحددت الباحثة لهذا القاسم المشترك جوانب سردتها بالترتيب التالي: مركزية مطلب الكرامة والعدالة – زعزعة منطق الوساطة التقليدية – إنتاج معنى جديد للفضاء العمومي – الاحتجاج لم يعد فعلا ظرفيا بل شكلا من أشكال الوجود – عودة المجتمع إلى موقع الفاعل.
إلى ذلك، أضافت هدى السحلي ان الاحتجاجات ليست قطيعة بل سيرورة تراكمية تعيد تشكيل علاقة المواطن بالدولة ولو كانت مطبوعة بالصدام والتوتر، وأن احتحاجات جيل زد لم تأت فقط بتعبير جديد، بل فرضت على الدولة و الأحزاب أسئلة ملحة، من قبيل: كيف نعيد إدماج جيل لا يفهم اللغة السياسية التقليدية؟ كيف تتعامل المؤسسات مع واقع جديد مشكل على مواقع التواصل الاجتماعي؟ كيف ننتج أدوات سياسية تستوعب هذه الطاقة بدل أن نصطدم بها؟
وأكدت المتدخلة أن هذا الجيل لا يحتج بوصفه طرفا خارجا عن السياسة، بل بوصفه فاعلا يسائل شروط ممارسة السياسة نفسها.
ثم طرحت هدى السحلي مجموعة من الأسئلة، مثل: ماذا نفعل بكل هذه الطاقة الاجتماعية؟ كيف نستثمر الوعي الجديد الذي راكمه المجتمع؟ كيف نحول موجات الاحتجاج إلى قدرة على البناء، لا فقط إلى ردود الفعل؟ كيف ننتقل من الاحتجاج إلى الاعتقال، من الغضب إلى الفعل، من التشخيص إلى صنع البديل؟
وأكدت الفاعلة الإعلامية أن الأحزاب التي كانت دائما سندا للحركات الاحتجاجية ليس مطلوبا منها اليوم فقط أن تتضامن وتتعاطف، بل أن تقدم عرضا سياسيا يقوم على مستويين.
حددت المتحدثة المستوى الأول في أولوية الأخلاق وما يقتضيها من تعامل بصدق وبدون مجاملة ووضوح في المصالح وربط العدالة بالريع وتحويل مطالب المجتمع إلى سياسات قابلة للتنفيذ.
وعلى المستوى الثاني، نبهت هدى إلى أننا نعيش حاليا في سياق انتخابي تغيب فيه العروض المجتمعية والسياسية الحزبية لصالح المشاريع الملكية، لكن هل يمكن لهذه الأحزاب أن تصوغ عرضا سياسيا ينتزع من هذه المشاريع المستقبلية المصالح العامة (مخطط الحكم الذاتي، المونديال، ..إلخ..
وعلى مستوى الدولة، فطنت هدى إلى أنه لا يمكن الحديث عن الديمقراطية وحرية التعبير في وقت ما زال فيه المواطن لم يمتلك المجال الذي ما فتئ يخضع لتحكم الدولة المركزية، ولهذا طالبت بمركزية يملك فيها المواطن المجال عوضا عن الدولة، حتى يتحرر التفكير ويتم التعبير عنه جماعيا بعيدا عن رقابة الدولة المركزية التي تعيق، في نظرها، حرية التعبير والاقتراح والعمل والانتقال إلى الفعل المواطنتي.المداخلة الثانية ألقاها نجيب صابر، عضو المجلس الوطني للحزب الاشتراكي الموحد، وبدأها بالتذكير بأن قمع الحركات الاجتماعية يشكل هجوما مباشرا على الحقوق الأساسية لحرية التعبير والتجمع السلمي، والتي يكفلها القانون الدولي. وانطلاقا من من كون حرية التعبير والحق في التظاهر ركيزتين أساسيتين للمجتمعات الديمقراطية، كما تم تكريسهما في العديد من من النصوص الرئيسية، مثل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، خاصة في مادته 19 التي تضمن الحق في التعبير عن الآرء ونشرها دون تدخل، وترتبط الحركات الاجتماعية بحرية التعبير ارتباطا وثيقا، بحكم أن حرية التعبير (الحق في التظاهر والتجمع والتواصل) هي القوة الدافعة والأداة الأساسية للحركات الاجتماعية لإيصال مطالبها.
وفي عرف نجيب صابر، تعتمد هذه الحركات الاجتماعية على وسائل التواصل الاجتماعي (إكس، فيسبوك، إلخ..), لا سيما في التعبئة من خلال التجمعات والاعتصامات الجماهيرية، مما يتيح لها تتظيم تجمعات كبيرة في الفضاءات العامة، مثلما لعبت تلك الشبكات دورا هاما في حركة 20 فبراير سنة 2011 وحركة زد سنة 2025. وكله يقين بأن استخدام الشبكات الاجتماعيه سهل مشاركة الأفراد ذوي الخلفيات المتنوعة والروابط المحلية المختلفة، فضلا عن ظهور تحليلات وحساسيات مشتركة، وفرز تنسيق بعض الجهود الجماعية. ولذلك يعتبر البعض وسائل التواصل فضاء رئيسيا لتطوير ممارسات التنسيق والاحتجاج، وتعزيز الانفتاح عبر الهياكل الأفقية، التي تتيح مشاركة عدد كبير من للمواطنين في العمل المباشر.
ويرى نجيب صابرأن هذه هي الوسيلة التي تطورت بها أشكال الاحتجاج الاجتماعي، بالتوازي مع النقاش المرتبط باحتلال المساحات المادية والرقمية، والتي تعمل وفقا لنقس الهيكل الأفقي الذي يهدف إلى تسهيل الرؤية والمشاركة المفتوحة لجميع المتطوعين.
ولاحظ المتدخل أن بنية الشبكة تسهل التفاعل والمشاركة المفتوحة لجميع المتطوعين.
ورغم أن بنية الشبكة تسهل التفاعل والمشاركة، إلا أنها تتطلب التزاما قويا من كل فرد مشارك يستدعي عملية تعلم جماعية للاندماج الأمثل في ديناميات الحركة، ويبقى من اللازم اكتساب المهارات المطلوبة بما يتماشى مع حتمية الإدارة الذاتية.اهتم حمزة الفضيل بالثغرات التي اعتورت حراك جيل زد، وكانت أول ثغرة حذر منها هذا الشاب هي افتراض تحول العفوية التي بدأ إلى العشوائية، وهذا ما نعاينه اليوم. وثبت أن الشباب ما زالوا يعولون على لحظة الحماس الأولى، إلا المتحدث يستحسن العفوية والحماس لكنه يشترط أن لا يتجاوزا مرحلة البدايه، واعتبر أن حراك جيل زد كان في حاجة إلى سلوك التتظيم وتبني رؤية واضحة، مشددا على أن مسؤولية إنجاز هذا العمل تقع على كاهل الحراك والفاعلين السياسيين.
وحدد الفضيل الثغرة الثانية في ما أسماه بانغلاق الشباب المشاركين في الحراك على أنفسهم وانغلاق الأحزاب السياسية الوطنية الأقرب إلى الشارع. ولم ينف المتحدث نزول بعض الشخصيات الحزبية للتضمان مع المحتجين الصغار، لكنه أكد على أن الأحزاب السياسية كانت ملزمة بقطف ثمار اللحظة التي انفجر فيها الشارع، لكنها لا تمتلك الأدوات لتحقيق ذلك الهدف، على حد قوله. وفي نظره، كان على الحزب الاشتراكي الموحد وباقي الأحزاب التي ساندت حركة 20 فبراير أن تستثمر حراك جيل زد.
انطلق الناشط الحقوقي والسياسي خالد البكاري من مفهوم "اللاحركات الاجتماعية" ليحيل على حركات غير منظمة ولا تتغيى أهدافا موحدة، بل هي أفعال احتجاجية متفرقة يقوم بها المهمشون، ولا ترقى إلى حركات اجتماعيه لأنها غير منظمة وليست لها قيادة واضحة، ولا ايديولوجيا محددة. وأكد الأستاذ الجامعي خالد أن التحليل من خلال مدخل الحركات الاجتماعية لا يوفر فهما متكاملا. وفي المقابل، حدد المتحدث بعض سمات اللاحركات الاجتماعية كأن تكون انشطتها جماعية يقوم بها فاعلون غير جمعيين. لا اتفاق بينهم وإن كانت أعدادهم كبيرة وتتشابه ممارساتهم دون تغيير اجتماعي.
ومن سماتها كذلك غياب الإيديولوجيا والتلقائية واستعمال الشبكات عبر المسافات بحيث لا يكون التضامن إلا تخيليا.