النواصر: هدم مبنى فاخر بسبب البناء غير القانوني في بوسكورة دون اكتراث بحاجة المنطقة إليه


أحمد رباص
الحوار المتمدن - العدد: 8526 - 2025 / 11 / 14 - 23:18
المحور: الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر     

تستمر الحملة الإقليمية الواسعة لمكافحة جرائم البناء والتعمير العشوائية التي تنفذها سلطات إقليم النوصر لأسابيع. منذ الأربعاء، تم هدم أحد أفخم المباني الواقعة في أراضي جماعة بوسكورة بسبب مخالفة واضحة لقوانين التعمير الحضري واستخدام الأراضي.
بدأ كل شيء من عدة ملاحظات. تجاوز بادئ المشروع شروط الترخيص الأولي. وقام ببناء مبنى ضخم على أرض مصنفة على أنها زراعية، في انتهاك واضح لقوانين تخطيط المدن واستخدام الأراضي. تم تشييد المبنى الفاخر دون مراعاة لطبيعة الترخيص الممنوح من الجماعة. وأشارت مصادر رسمية إلى أن الجرائم المسجلة في هذه القضية تندرج تحت “العيار الثقيل”، نظرا لحجم المشروع وتكلفة المبنى التي تجاوزت، بحسب تقديرات غير رسمية، 16 مليار سنتيم.
وبحسب هذه المصادر، ستعمل السلطات على تكييف الجرائم قانونيا وفرض عقوبات مالية على الشخص المعني، مع إمكانية اتخاذ إجراءات إضافية إذا تبين أن هناك تجاوزات أخرى.
بعد تسجيل هذه المخالفات قامت الجهات المختصة بسحب رخصة البناء من صاحب المشروع، ثم قررا هدم المبنى. وأخيراً أبلغت صاحب المشروع بالقرار قبل البدء بعملية الهدم يوم الأربعاء. تمت هذه العملية وفق الإجراءات القانونية المعمول بها بحضور ممثلين عن السلطة المحلية وتقنيين من مصلحة التعمير وعناصر من الدرك الملكي والقوات المساعدة، وذلك لضمان تنفيذ القرار في ظروف جيدة وتجنب أي مقاومة محتملة.
تأتي هذه العملية بعد تعليمات صارمة أصدرها عامل إقليم النواصر للتعامل مع كافة أشكال البناء غير القانوني على الأراضي الزراعية، خاصة في جماعات الإقليم التي تشهد ضغوطا حضرية متزايدة بسبب قربها من العاصمة الاقتصادية الدار البيضاء. كما أنه يتماشى مع الحملة الإقليمية الواسعة لمكافحة جرائم البناء العشوائي والتعمير الحضري التي نفذتها سلطات إقليم النواصر لأسابيع.
بدأت هذه المعركة تؤتي ثمارها: فقد تم بالفعل هدم العديد من المباني والمنشآت المخالفة للقانون من أجل استعادة الامتثال لقواعد تخطيط المدن وضمان توازن المساحة الإقليمية.
وفي قراءة أخرى، كان المشروع الذي انطلقت أشغاله قبل سنوات، في مراحله الأخيرة. كان يُرتقب أن يضم فندقاً مصنفاً وقصراً عصرياً للمؤتمرات، ما كان سيمنح المنطقة دفعة قوية في المجال السياحي والاقتصادي، ويُسهم في تعزيز جاذبية بوسكورة كوجهة واعدة، خصوصاً في ظل النهضة الاستثمارية التي يعرفها المغرب استعداداً لاحتضان كأس إفريقيا للأمم 2025 وكأس العالم 2030.

غير أن السلطات بررت قرارها بوجود مخالفات تعميرية، اعتبرها صاحب المشروع بسيطة ولا تستدعي هدم المشروع برمّته، مؤكداً أنه استثمر ملايير الدراهم على مدى سنوات لتشييد هذا الفضاء الذي كان من المنتظر أن يشغل عشرات اليد العاملة ويخلق دينامية اقتصادية في المنطقة.
القرار المفاجئ خلف حالة من الغضب والاستغراب في أوساط عدد من الفاعلين المحليين والمهتمين بالشأن الاستثماري، الذين رأوا أن مثل هذه الخطوات قد تسيء إلى مناخ الأعمال وتشكل رسالة سلبية للمستثمرين، في وقت تسعى فيه الدولة إلى جلب الاستثمارات وتحفيز المقاولات على المساهمة في التنمية المحلية.
ويثير هذا القرار تساؤلات عديدة حول مستوى التنسيق بين السلطات والمستثمرين، وحول غياب مقاربات بديلة كالتسوية أو المعالجة الإدارية للمخالفات بدل اللجوء إلى الهدم الكامل، خصوصاً وأن عامل الإقليم، جلال بنحيون، سبق أن شغل منصب مدير المركز الجهوي للاستثمار بجهة طنجة–تطوان–الحسيمة سنة 2021، وهو منصب يرتبط مباشرة بتشجيع الاستثمار وتبسيط المساطر.
وفي انتظار توضيحات رسمية، وتدخل مباشرة من وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت باعتباره الوصي الأول على وزارة الداخلية صاحبة القرار، يبقى الوضع مؤلماً ومرعبا للمستثمرين المغاربة والأجانب ويعارض توجيهات الملك محمد السادس والتي كان أخرها خطاب افتتاح الدورة البرلمانية يوم 10 أكتوبر 2025، حيث دعا إلى تسريع وتيرة التنمية وخلق فرص الشغل للشباب، مؤكداً أن “البرامج المحلية الجديدة مطالبة بإحداث أثر فعلي في حياة المواطنين”، ومشدداً على أنه “لا يمكن القبول بوجود تنافس بين المشاريع الكبرى والبرامج الاجتماعية، فكلها تهدف إلى هدف واحد: تطوير البلاد وتحسين ظروف العيش”