محاولة يائسة لزرع بذور الخصام بين اليسار المغربي وحركة جيل زد 212


أحمد رباص
الحوار المتمدن - العدد: 8507 - 2025 / 10 / 26 - 00:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

بدون مقدمات، تم القيام بهذه المحاولة من خلال مقال نشر مؤخرا على فضاء النت تحت عنوان: “أمام مؤشرات عزلة حركة زد، اليسار يسجل إصابة في شباكها”. وللإشلرة، فقد تم نشر هذا المقال في موقعين إخباريين: الأول عنوانه "النسبية" لصاحبه مصطفى روض، والثاني بديره عبد الرحيم التوراني باسم "السؤال".
يتكون المقال من ثمان فقرات. تبدو الفقرتان الأولى والثانية، وفيتين لعنوانه الذي يحاول إيهام القارئ بأن ثمة ما يشبه الصراع أو العداء بين حركة GenZ212 واليسار المغربي عموما، لكن الكاتب ما فتئ، في تينك الفقرتين، أن خص بالذكر الحزب الذي تستهدفه مناورته البليدة هاته.
وحتى أشرك معي القارئ في التحليل والاستناج، أجدني ملزما بأن أضع في متناوله الفقرتين الأوليين:
1) “ذكر الحزب الاشتراكي الموحد بسقف مطالبه باعتبار الملكية البرلمانية كمدخل لدمقرطة البلاد عبر دستور فصل السلط وتسليم السيادة للشعب”.
2) “دورة الفقيدة سامية عباد الأندلسي للمجلس الوطني للحزب الإشتراكي الموحد، التي انعقدت الأحد الماضي، جددت رفع مطلب الملكية البرلمانية من خلال رفعها شعار ” الملكية البرلمانية مدخل أساسي للتغيير الديمقراطي“.
في الفقرات الست الموالية، أطلق الكاتب العنان لنفسه ليقوم بتعداد الأخطاء التي وقعت فيها الحركة الشبابية في محاولة لإظهارها بمظهر الضعف والهوان، انسجاما مع نية سيئة لجعل القارئ يخرج بانطباع مفاده أن الحزب الذي رفع ذاك الشعار في دورة مجلسه الوطني ينظر بشماتة إلى عثرات شباب جيل زد 212، ويعتبرها عقابا لهم على خروجهم إلى الشارع للمطالبة بتحسين خدمات المدارس والمستشفيات العمومية خارج إطار التنظيمات ودون الإستشارة مع زعمائها.
في أولى الفقرات الست، يدرك القارئ أن المعني بالأمر هو الحزب الاشتراكي الموحد الذي تجاوز، في نظر كاتب المقال، "السقف المحدود لشباب Z"، معتبرا أن الأخيرين اكتفوا برفع مطالب تهم تطبيق دستور 2011 والإطاحة بحكومة عزيز أخنوش.
في الفقرة الثانية من الفقرات الستة، قال كاتب المقال إن حركة جيل زد 212 ارتكبت "خطأ فادحا عندما راسلت الملك مباشرة". ولا يفوت القارئ اللبيب أن يستنتج من هذا النقد أن صاحبه يمارس وصاية على الحركة الشبابية. وزاد على ذلك إقراره بأنه "بدأ للدوائر الحاكمة أن مطالبتها بحكومة جديدة لا يستقيم مع الهندسة الدستورية للمؤسسات". والسؤال الذي نريد من كاتب المقال أن يجيب عليه هو: ماهو المصدر الذي استقيت منه هذا الكلام الذي نسبته إلى "الدوائر الحاكمة"؟
في فقرته الثالثة، يقوم كاتب المقال بإقامة علاقة بين تراجع مجموعة جيل زد 212 عن التظاهر يومي الخميس و الجمعة ودعوة بنكيران إلى ذلك عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وأرى، بهذا الصدد، أن كاتب المقال مطالب بأن يكشف لنا عن حجته التي استند إليها وخولت له الربط بين التراجع وتدخل بنكيران.
وفي الفقرة الرابعة، يدعي كاتب المقال أن حركة زد 212 صعقتها الصدمة بعد خطاب الملك محمد السادس الذي لم يستجب لمطلبها المتعلق بحل حكومة أخنوش، ووقعت في حيص بيص. وفي الفقرة الخامسة، يكتشف الكاتب أن الحركة إياها تهتدي بـ"فكر محافظ" وأن سقف مطالبها واطئ جدا. كما يعبر عليها تعاملها مع "مبادرة تأسيس جبهة موسعة لمساندة مطالبها التي دعت إليها قيادتا (قيادتي، في المقال) الحزب الاشتراكي الموحد وحزب فيدرالية اليسار". وهنا، مرة أخرى، أطلب من الكاتب أن يكشف لنا عن المستندات التي أهلته لصياغة هاتين التخريجتبن.
أخيرا، يستخلص الكاتب من ادعاءاته تلك نتيجة يمكن تلخيصها في عزلة وتقوقع الحركة واقتصارها على التظاهر في المدن الكبرى و"فتح حوارات مع شخصيات سياسية وإعلامية وإعلامية من اليسار والصحافة المستقلة الموؤودة". وإذا كانت موؤودة، فلماذا تلتجئ إليها طالبا منها أن تنشر لك ما تكتب؟
ويبقى السؤال الكبير: من أذن لهذا المواطن بأن يتحدث في هذا الموضوع الحساس وينتقد حركة GenZ212 باسم الحزب؟ وفي الحقيقة، كان طرح هذا السؤال مناسبة تلقاها مني أحد الرفاق اليقظين بصدر رحب، وحاول الجواب عليه مع تأكيده عندما كتب يقول: “المقال ليس سوى نموذج فاضح للخلط بين التحليل السياسي والرغبة في الوصاية على الحركات الشعبية، وهو يفضح ذهنية قديمة تظن أن الحديث باسم “اليسار” يمنحها حق توزيع صكوك النضج السياسي، فلكل حراك قادته وطرق اشتغاله.(لي بغا يفرض الوصاية ديالو على شي حراك، يخرج الناس ديالو للشارع ويقودهم كيف بغا). ومن أذن أصلا لكاتب المقال بالحديث باسم الحزب؟