الهيئة المغربية لحقوق الإنسان تحمل وزارة الداخلية مسؤولية ما عرفته الانتفاضة السلمية للشباب المغربي من إجهاز على الحريات والحقوق


أحمد رباص
الحوار المتمدن - العدد: 8498 - 2025 / 10 / 17 - 01:24
المحور: حقوق الانسان     

أصدرت الهيئة المغربية لحقوق الإنسان بيانا بتاريخ 15 أكتوبر الجاري بيانا تقول صدارته: “انتفاضة الشباب المغربي تعبير سلمي مشحون بالدلالات، تترجم حجم الغضب الشعبي وتسائل الجميع بشأن حاضر المغرب ومستقبله، ترفع شعار الحريات والحقوق، وتطالب بالعيش الكريم، وتتحمل وزارة الداخلية المسؤولية وكل التبعات في ما وثقه العالم بالصوت والصورة عصفا بالدستور، خرقا للقانون، وإجهازا على الحريات والحقوق”.
إلى ذلك، يضيف البيان الذي توصلت تنوير بنسخة منه أن الاحتجاج الشبابي الذي تفجر بأكثر من أربعين مدينة مغربية منذ يوم السبت 27 شتنبر الفارط، فرض ذاته على طاولة المكتب التنفيذي للهيئة الحقوقية صاحبة البيان، وشكل محور جدول أعمال إجتماعه الدوري المنعقد حضوريا بالرباط يوم الأحد 05 أكتوبر 2025، وكانت فرصة وقف فيها العضوات والأعضاء على مجمل التقارير وتفاصيل الحيثيات وكيف تتالت الأحداث بمختلف المواقع والجهات، وكيف تطورت وتصاعدت إلى المطاردات والإعتقالات والعنف المفرط ودهس المواطنين ورميهم قتلى بالرصاص!
وفي خضم نقاش صرخة الشباب المغربي التي دوت قوية، تطالب بالحرية الكرامة والعدالة الاجتماعية، إستحضر الاجتماع مضامين التقرير الصحفي الذي عممته الهيئة المغربية لحقوق الإنسان، يوم 03 يوليوز 2025 بمقر الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وهي تنظم ندوة صحفية إحياء للذكرى الـ15 لولادتها.
لحظتها أكدت الهيئة المغربية لحقوق الإنسان على نحو من التنبيه والتحذير بأن المغرب دخل حالة حظر خطيرة تتهدد الحريات وأساسا حرية الرأي والتعبير والتنظيم والتجمع والتظاهر والإحتجاج السلمي، وحينئذ ألحت ذات الهيئة الحقوقية على ضرورة تشكيل جبهة وطنية موحدة للمقاومة، عاما بأنها لم تكن تستبعد مثل هذا النهوض الشبابي، بل تعتبره تجليا لتردي الأوضاع ورد فعل طبيعيا يكشف درجات اليأس في صفوف الطفولة والشباب، وقد سبقه قبل فترة قليلة بالفنيدق تجل آخر أعنف وأشد فظاعة وقتامة، وتمثل في الهروب الجماعي الذي انخرط فيه مئات الشابات والشبان بالمخاطرة عبر ركوب البحر ولو بالموت غرقا.
إن المكتب التنفيذي للهيئة المغربية لحقوق الإنسان وهو يقف في دورته العادية، لتشخيص الوضع الحقوقي في بعديه الدولي والوطني يخلص إلى إعلان ارتياحه الكبير لإعلان قرار وقف الحرب على غزة الذي تأخر بعد عامين كاملين من الدمار والتقتيل والتهجير والتجويع وكل أشكال الإبادة الجماعية.
ويشيد بزخم التضامن العالمي العظيم مهنئا الشعب الفلسطيني، خاصة الغزاويات والغزاويين، على الصمود البطولي والمقاومة التي لم تكسر ولم تستسلم، فانتصرت بحجم وعي شعوب العالم بحقيقة الكيان الصهيوني الغاصب وشركائه المتورطين معه في جرائمه غير المسبوقة في تاريخ الإنسانية، وانتصرت أيضاً بحجم التضامن العالمي الممتد وكل أشكال الإحتجاج التي هبت إليها شعوب العالم مؤازرة لفلسطين وضد موت الضمير العالمي و صمت مؤسساته ومنظماته المعنية برعاية حقوق الإنسان وضد التطبيع وكل أشكال التواطؤ المخزي مع قادة الكيان الإرهابي، قتلة الأطفال والنساء والصحفيين والأطباء والملاحقين من طرف محكمة الجرائم الدولية.
هذا، ويعلن المكتب التنفيذي تأكيده على أن لا رهان على ضمان الإلتزام باحترام قرار وقف الحرب على غزة إلا رهان نضال الشعوب وتنسيق وحدتها ومبادراتها لإنهاء الإستعمار الصهيوني الغاصب لأرض فلسطين، موجها تحية عالية إلى كافة المشاركات والمشاركين في الأسطول الدولي ضمنهم المغربيات والمغاربة، لفك الحصار عن غزة، ومفترضا أن تشكل هذه الخطوة اللبنة الأولى نحو وحدة الشعوب المغاربية وشعوب حوض البحر الأبيض المتوسط وتشكيل جبهة المقاومة المدنية .
كما يسجل كل ما تسرب إلى احتجاجات الشباب المغربي من سلب وانفلات أمني في حوادث بعينها، ومسؤولية وزارة الداخلية من خلال التدبير القمعي الذي جنحت إليه للإجهاز على الحق في الاحتجاج والتظاهر السلمي وقرارات منع المسيرات والملاحقات التي طالت العديد من المواطنين وبأكثر من جهة، وما تلاها من عنف مفرط واعتقالات عشوائية بالمئات ودهس المواطنين بسيارة “الأمن” شابين من وجدة”، وارتقت حدة العنف بشكل خطير إلى استعمال الرصاص الحي وسقوط ثلاثة شبان بالقليعة.
ويعتبر زحف الشباب على الشارع للاحتجاج في أكثر من مدينة مغربية، تعبيرا احتجاجيا سلميا متميزا ببصمته الإلكترونية كآلية للتواصل مشحونة الدلالات، ةبمطالب اقتصادية واجتماعية مناهضة بلفساد والإفلات من العقاب، وهو كتراكم يغني الدلالات عن المطالب التي يبدعها الشعب المغربي وينوعها رافضاً للسياسات العمومية الإجهازية والتراجعية والمقاربة الأمنية التي جعلت وزارة الداخلية فوق القانون وخارج المحاسبة.
كما يجدد مطلب الهيئة المغربية لحقوق الإنسان بمنح الحرية وإطلاق سراح كافة المعتقلات والمعتقلين على خلفية الاحتجاجات السلمية ووقف المتابعات وجبر الضرر للضحايا والمصابين، مع تشديده على احترام التزامات المغرب الحقوقية الدولية والوطنية وتنفيذ ما وقع عليه من اتفاقيات ومعاهدات وضمان تفعيل الدستور في فصله المتعلق بحقوق الإنسان وحرياته الأساسية، بما في ذلك الحق في التنظيم والتعبير والتظاهر السلمي.
ويجزم بأن أية محاكمة تطال شباب المغرب، غالبيتهم أطفال قاصرين، وتستثني محاكمة الذين عملوا على استفزاز الأطفال المراهقين وشباب مسالم، عبر إمضاء قرار فض الاحتجاجات والمسيرات السلمية والزج بالقوة العمومية في استعمال العنف المفرط، وتستثني محاكمة عناصر إنفاذ القانون المتورطين في انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان تتعلق بالإجهاز على الحق في الحياة بالقتل، وبأحداث عاهة مستديمة بشابين بفعل الدهس بمركبة الشرطة؛ باستثناء هؤلاء جميعاً لن تكون المحاكمة عادلة ولن تتسم بالمساواة أمام القانون، بل بالعكس تفسح المجال للانتقام من الشباب وتترجم استمرار الإفلات من العقاب وهي لن تزيدهم إلا تمرداً واحقاقاً.
ويشدد على أن مطالب الشباب المغربي هي: الحق في الصحة والتعليم، الحق في الشغل والكرامة، مناهضة الفساد وربط المسؤولية بالمحاسبة، الحق في الرأي والتعبير والتنظيم والتجمع والتظاهر والاحتجاج السلمي. هذه المطالب هي بعينها وجميعها تشكل بالذات مطالب الحركة الحقوقية المغربية بالدرجة الأولى، وهي نفسها المطالب التي خرج من أجلها حراك الريف قبل ثمان سنوات ولا يزال مناضلوه قابعين بالسجن وبأقصى العقوبات، وهي نفسها المطالب التي خرج من أجلها حراك جرادة، وخرجت من أجلها ساكنة قرى ومدن بالأطلس، في أكبر وأطول مسيرات جهوية، وهروباً من الأوضاع المعيشية الصعبة ومن مستقبل أسود قاتم يضطر معه شباب المغرب إلى الهروب الجماعي و المخاطرة بالموت غرقاً في البحر، ما يعني أن المطالب تعني الشأن السياسي والاجتماعي والاقتصادي للمغاربة وينبغي أن تجد حلولاً لها الحكومة والبرلمان للاختصاص، وبأعمال العقل السياسي وآلية النقاش المفتوح للاختلاف، بعيداً عن العقل الأمني ومن خلال الحكامة القائمة على الإشراك والتفاوض والحوار، بعيداً عن أي إقحام لمؤسسة القضاء وفي غنى عن حشر القوة العمومية.
أخيرا، يحث المكتب التنفيذي كل مناضلاته ومناضليه بمختلف الفروع واللجان التحضيرية على الانخراط دعماً لمطالب الشباب في كل مبادراتهم ومؤازرة عائلات المعتقلين مع الحرص على رصد كل الخروقات وتوثيق تقاريرها. وبهذه المناسبة، تجدد الهيئة المغربية لحقوق الإنسان نداءها إلى السيد وزير الداخلية وعبر السيد رئيس الحكومة من أجل تمتع الهيئة المغربية لحقوق الإنسان من حقها في الوصل القانوني، وإنهاء التضييق ووقف انتهاك حقها في التنظيم الذي يسلط عليها وعلى امتداد أكثر من ستة سنوات، منذ مؤتمرها الثاني (نوفمبر 2019)، ولا جواب واحداً توصلت به من أية جهة برغم كل الأبواب التي طرقتها!