اليسار المغربي يؤيد دينامية جيل z ويستنكر المقاربة الأمنية المفرطة في مواجهة الشباب


أحمد رباص
الحوار المتمدن - العدد: 8482 - 2025 / 10 / 1 - 04:53
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية     

شهدت عدة مدن مغربية، يوم السبت 27 شتنبر 2025، مظاهرات عفوية قام بها شباب من الجيل Z، بناء على دعوة جماعية من “GenZ 212”، للتنديد بتدهور الخدمات الوطنية في قطاعي التعليم العمومي والصحة العامة. وسرعان ما قامت الشرطة بقمع هذه الدينامية السلمية، مما أثار موجة من السخط داخل اليسار الذي يدين الانجراف الاستبدادي.
في هذا الإطار، أدان الحزب الاشتراكي الموحد في بيان له ما وصفه بـ "المقاربة الأمنية المفرطة" للتعبئة المشروعة والسلمية. واحتج الحزب على "الاعتقالات التعسفية وغير المبررة" التي استهدفت عدداً من المتظاهرين الشباب في مدن الرباط والدار البيضاء وطنجة ومراكش ومكناس.
كما انتقد الحزب الاشتراكي الموحد "تجييش" الفضاء العام، مؤكدا الانتهاك من جديد للحق الدستوري في التظاهر والتعبير السلمي، ومستنكرا سياسات الحكومة المعادية للمجتمع، والمسؤولة، وفقا له، عن تفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تؤثر على الصحة والتعليم والتشغيل والإسكان.
ودعا الحزب السلطات إلى الانفصال عن المنطق الاستبدادي، وفصل المال عن السلطة السياسية، والاستماع إلى المطالب المشروعة للشباب. كما دعا إلى إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين، ولا سيما معتقلي حراك الريف، وكذلك وضع حد للملاحقات القضائية ضد الصحفيين والمدونين والناشطين المناهضين للتطبيع.
من جانبه، أعلن حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي تعليق مشاركته في المشاورات الانتخابية الجارية مع وزارة الداخلية، ردا على القمع الذي يعتبر "وحشيا وغير مبرر" لتجمعات الشباب المغربي.
وبفعل ذلك، تحولت الشوارع إلى مشاهد الملاحقات الأمنية والاعتقالات. وتم إسكات أصوات الشباب المطالبين بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية بالهراوات، وذلك ما استنكره الحزب، محذرا من أنه لا يمكن إجراء حوار سياسي جدي في مناخ انتهاك الحريات الأساسية، ومشددا على أنه لا يمكن بناء الديمقراطية على أنقاض حقوق الإنسان.
وتدين فيدرالية اليسار الديمقراطي الافتقار إلى الإرادة السياسية لأي إصلاح حقيقي، ويحذر من أن هذا الاندفاع المتهور نحو القمع يهدد بتفاقم التوترات الاجتماعية. كما تدعو إلى خلق مناخ سياسي صحي، وضمان احترام الحقوق والحريات، وإلى إنشاء جبهة ديمقراطية واجتماعية موحدة للدفاع عن المطالب المشروعة للشباب المغربي بصفة خاصة وللشعب المغربي بصفة عامة.
ويختم الحزب بيانه قائلا: "ستظل أيدينا ممدودة للحوار الصادق والمسؤول الذي يؤدي إلى تغيير حقيقي، لكننا نرفض التواطؤ في تمثيلية سياسية تتجاهل محنة شبابنا".
وفي ظل هذه الأجواء القمعية، لم يجسد الجيل Z سوى احتجاجات متفرقة ترتبت عنها عشرات الاعتقالات حيث
ألقي القبض على عشرات الشباب يوم السبت في جل أنحاء المغرب خلال مظاهرات دعت إليها مجموعة تسمى " جينز 212 "، للمطالبة بإصلاح عميق لمنظومة التعليم وتحسين خدمات الصحة العمومية.
وأثارت هذه الاعتقالات الجماعية، غير المعتادة في سياق تسمح فيه السلطات عموما بالتجمعات، موجة من السخط.
في هذا السياق المضطرب، صرح حكيم سيكوك، رئيس فرع الرباط للجمعية المغربية لحقوق الإنسان لوكالة فرانس برس بأنه
لاحظ اعتقال أكثر من 70 شخصا من بين المشاركين في اعتصامين. ووفقا له، تم إطلاق سراح المتظاهرين تدريجيا بعد التحقق من هويتهم.
وبحسب العديد من مقاطع الفيديو المتداولة على شبكات التواصل الاجتماعي، وبناء كذلك على شهادات الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، فقد تم أيضا تفريق تجمعات أخرى في الدار البيضاء وطنجة ومراكش ومكناس بعنف.
وتظهر العديد من مقاطع الفيديو على شبكات التواصل الاجتماعي شباباً يدينون الاعتقالات التعسفية، التي لستهدفت، حسب قولهم، المواطنين "الذين جاءوا ببساطة للتعبير عن آرائهم سلمياً".
للإشارة، تقدم مجموعة GenZ 212، التي ظهرت قبل أيام عبر تطبيق Discord، نفسها على أنها "فضاء للنقاش" حول قضايا مثل الصحة والتعليم ومكافحة الفساد، مع تأكيد ارتباطها بالوطن.
للحقيقة والتاريخ، تأتي هذه المظاهرات على خلفية احتجاجات اجتماعية قوية، تميزت بما يسميه الناشطون الآن "حركة المستشفى" أو " مستشفى الحراك " والمقصود هنا ذلك الحراك الذي أثير بعد وفاة ثماني نساء حوامل جئن لإجراء عملية قيصرية في مستشفى أگادير الجهوي. على إثر هذه المأساة، قامت وزارة الصحة بإقالة مدير المؤسسة وفتح العديد من المسؤولين المحليين تحقيقا داخليا وأعلنوا عن استثمارات جديدة في هذا القطاع.
وفي 14 شتنبر، اندلعت بالفعل اشتباكات بين المتظاهرين والشرطة أمام نفس المستشفى، حيث ندد المتظاهرون بالنقص الصارخ في المعدات والأدوية.
كما تم منع اعتصامين في كل من تزنيت و الصويرة، مما أدى إلى الاعتقال المؤقت لعشرات الأشخاص، بمن فيهم العديد من أعضاء الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، الذين تم إطلاق سراحهم لاحقا.