الصويرة: افتتاح الدورة العشرين لمهرجان الأندلسيات الأطلسية


أحمد رباص
الحوار المتمدن - العدد: 8512 - 2025 / 10 / 31 - 18:13
المحور: الادب والفن     

تم تزيين مدينة الرياح بألف مصباح مساء الخميس لافتتاح الدورة العشرين لمهرجان الأندلسيات الأطلسية، الذي فرض نفسه على مر السنين كأحد الأحداث الفنية المرموقة على الصعيدين الوطني والدولي.
بمبادرة من جمعية الصويرة-موغادور، اجتذب هذا الحدث الموسيقي منذ انطلاقه جمهورا كبيرا من عشاق الموسيقى الذين جاءوا لاكتشاف الفروق الدقيقة الغنية في الموسيقى الأندلسية، يؤديها بإتقان فنانون من مختلف الجنسيات والأديان، في حوار ثقافي وروحي نابض بالحياة خاص بروح الصويرة التي كلماتها الرئيسية هي الانفتاح والتسامح والعيش المشترك.
تم تعزيز حفل الافتتاح بحضور مستشار جلالة الملك والرئيس المؤسس لجمعية الصويرة-موغادور، أندريه أزولاي، وشخصيات مغربية وأجنبية بارزة في المجالات الدبلوماسية والثقافية والفنية.
في كلمة افتتاحية، أشارت الأمينة العامة لجمعية الصويرة-موغادور كوثر شاكر بنعمارة إلى أن “مهرجان الأندلسيات الأطلسية يجسد جسراً حياً بين الحضارات وفضاء تتعايش فيه ذكريات وحساسيات ومواهب المغرب وغيره”، مذكرة بأن “هذا اللقاء لا يكتفي بإعادة النظر في الربرتوارات الأندلسية، بل يشكل مختبرا حيا للقاءات والابتكار والنقل، حيث يستكشف الفنانون آفاقا صوتية جديدة مع الحفاظ على جوهر تراث عمره قرون”.
وأشارت إلى أن “هذه النسخة تندرج ضمن رؤية للاستدامة والتبادل، حيث تلتقي الأجيال الشابة بأساتذة الموسيقى الأندلسية لتخليد تراث فريد، رمز للتراث اليهودي الإسلامي المشترك”، مؤكدة أن “هذا المهرجان هو ثمرة حب جماعي لثقافة السلام والاحترام والأخوة”.
وسلطت السيدة شاكر بنعمارة، في كلمتها، الضوء على الرمزية العميقة للصويرة، “المدينة الواقعة على مفترق طرق الثقافات والهويات، والتي تواصل التمسك بقيم المغرب المتعدد، المنفتح على العالم والوفي لتاريخه”، مضيفة أن “ها هنا، كل نوتة يتم عزفها تحكي ذكرى مشتركة وكل صوت يحمل رسالة وحدة وأمل”.
على المسرح الرئيسي الذي أقيم في صالة الصويرة الرياضية، افتتحت أوركسترا محمد العربي المرابط من طنجة بقيادة محمد العروسي افتتحت سهرة هذه النسخة بأداء بارع لمقطوعة تمهيدية مشبعة بالثراء والعمق أسرت الجمهور منذ النوتات الأولى، مما أدى إلى إقامة صلة حميمة بين الفنانين وعشاق الموسيقى الحاضرين.
ثم انضم إلى الفرقة الموسيقية الفنانون هناء طوق، دليلة مقصوب، سهيلا صحراوي و هشام دينار ليقدموا للجمهور انغماسا راقيا جدا في ربرتوار استثنائي من الكلاسيكيات العظيمة “العلاء” من مدارس تطوان، فاس، طنجة، مراكش، شفشاون ووزان.
من خلال إعادة روائع عبد الصادق شقارة، قدم الفنانون أداءات ذات كثافة نادرة، تسمو بالأعمال المميزة التي ميزت تاريخ الموسيقى العربية الأندلسية.
وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء أدلى به المدير الفني للمهرجان عبدالسلام خلوفي، أشار إلى إن إقامة هذه الدورة العشرين يؤرخ لـ”عشرين عاما من المغامرة الفنية والإنسانية الاستثنائية، قمنا خلالها ببناء تجربة رائدة مخصصة لحوار الفنون وإلهاماتها وجذورها المشتركة”.
وأوضح السيد خلوفي في هذا السياق أن “هذا المهرجان يتميز بهويته الفريدة، حيث تتقاطع المقطوعات الموسيقية، ويتم الاستماع إلى الموروثات وحوار الحساسيات”، مذكرا بأن الحدث يهدف إلى مواصلة تعزيز ثراء الموسيقى المغربية وبعدها العالمي.
من جانبه، قال المايسترو محمد العروسي إنه “يتشرف بالمشاركة في هذه النسخة الخاصة التي تحتفل بمرور عقدين من الولاء للتراث الموسيقي الذي لا يقدر بثمن”، مشيرا إلى أن “مسرح الصويرة يظل مساحة فريدة حيث يمكن للموسيقيين التحاور والإبداع ونقل وإعلاء قيم الانسجام والمشاركة التي تميز الموسيقى الأندلسية.
كما أشاد بالالتزام المستمر لجمعية الصويرة-موغادور بالترويج لموسيقى التراث المغربي ودورها الرائد في حفظ ونشر الفن الذي يوحد الناس ويتجاوز الحدود.
للإشارة، تعد برمجة هذه النسخة العشرين، والتي تستمر حتى 2 نوفمبر، بثراء انتقائي ومبتكر، مع أكثر من عشرين حفلة موسيقية ستقدم بانوراما كاملة للموسيقى الأندلسية والمغربية، مع تسليط الضوء على المواهب الشابة والفنانين المعروفين، فضلا عن معرض استعادي للربرتوار اليهودي الإسلامي في المغرب العربي تحت إشراف مكسيم كاروتشي.
وسيشمل المهرجان أيضا فرقة باليه الفلامنكو الأندلسية العظيمة بقيادة باتريشيا غيريرو، في حين ستسمح المنتديات الصباحية بالمناقشة والتبادل حول “أهمية المكان والارتباط”، وهي الركائز التاريخية للحدث.
وسوف يلتقي الجمهور مرة أخرى بريموند البدوية، ديفا المهرجان بلا منازع، في حفل ختامي نابض بالحياة واحتفالي، يرمز إلى 20 عاما من الشغف والمشاركة والاحتفال بالتنوع الموسيقي للؤلؤة المحيط الأطلسي ضمن أنقى تقليد صويري.