أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود حمد - -نصبُ الحريةِ- يُسْتَعبَدُ بالخوفِ!














المزيد.....

-نصبُ الحريةِ- يُسْتَعبَدُ بالخوفِ!


محمود حمد

الحوار المتمدن-العدد: 1755 - 2006 / 12 / 5 - 04:56
المحور: الادب والفن
    


كانَ الليلُ طويلاً والناسُ نيامٌ..
مِقبرةُ الكرخُ الميسورةِ تَكْتَّظُ بأفواجِ القتلى..
فوجٌ يدفعُ فوجاً من جوفِ الأرضِ إلى طرقاتِ المقبرةِ الخلفيةِ..
يَسْتَّلُ "جوادٌ"(1) هَيكلَهُ من تحتِ رُفاةِ الأموات..
يَتسلقُ جوفَ الأرضِ إلى أرصفةِ الأحياءِ الموصودَةِ بالجثثِ الملغومةِ..
يَبحثُ عن دربٍ دونَ دماءٍ للبابِ الشرقيِّ..
يَتوقفُ وَسطَ الساحةِ قُدّامَ النُصبِ (2) المخذولِ بأبراجِ الدباباتِ المحتلةِ..
يَسالُ امرأةً عابرةً في الشارعِ أن تَمنَحَ "شيلتها" لفتاةٍ سافرةٍ تَصرخُ وسطَ النصبِ ..
خَوفَ فتاوى القَتَلةِ..
أُمُ شهيدٍ تَتَرَجلُ من نصبِ الحريةِ لشوارعِ بغداد المسبية..
تَتْركُ مأتَمَها لعشيرٍ ما نَكَثَ العَهْدِ بَتاتاً..مُنذُ عقودٍ..
تَحملُ والنسوةُ جُثمانَ الأبناءِ المجهولةِ لمقابرَ بِكرٍ صارت تَتَفَردُ فيها ارضُ النهرينِ..
تَتَكاتفُ وامرأةٌ تحملُ جثمانَ شهيدٍ من أرصفةِ الكرادةِ..
تُقَلِبُ وجهاً في وجهِ أم شهيدِ الكرادةِ..
تَصرَخُ..
ابنتيِّ الصُغرى "خنساء" صارتْ أماً منكوبةً..
تَزَوَجَتْ الطفلَ الأشولَ ..
يَحبو في بابِ ضريحِ نبي الله الـ"صالحِ" (3)..
تَمشي تَتَعثرُ وابنَتَها خنساءَ الصارت أُماً بين زحامِ النَدّاباتِ ..
يَلِجْنَّ النَفَقَ الَليليَّ القاتِمَ..
في بلدٍ ما عادَتْ فيه دروبٌ سالكةٌ إلاّ الأنفاقِ الملغومةِ بالريبةِ..
ويَصِلْنَّ إلى مدنٍ تَلْتَفُ جِهاراً بعباءةِ حُزنٍ سوداء ..
تَتَزاحمُ فيها نسوانٌ تَعرِفُهُنَّ صغاراً رُضَّع..
صِرْنَ كتائبَ حُزْنٍ في جيشِ الثَكلى..
************
جُنديٌّ معروقُ الجبهةِ يَتفاقمُ غَضَباً في قلبِ النُصْبِ..
بَدَدَ جُدرانَ الظُلمَةِ من دربِ الفلاحينَ الفقراء..
كانَ رفيقاً للمحراثِ وكيرِ الحَدادِ..
.... سَخِياً في مرتفعاتِ الجولانِ وحَيفا..
........................
تَهاوى من بينَ ضلوعِ النُصُبِ..
......إلى أرصفةِ الأسمالِ وأكداسِ الخردةِ في البابِ الشَرقيِّ..
صارَ نَزيلاً أبدياً في جبهاتِ النَصرِ المَقبورةِ..
..... أسيراً في أقفاصِ الغُربَةِ..
...... شحاذاً في باصاتِ النقلِ المكتظةِ بالأشباهِ..
.......نَشالاً لرغيفِ الخُبزِ الجائعِ..
.......قُرباناً لبريمر في عيدِ الشُكرِ..
*********
فتاةٌ فاتنةٌ تومِئُ في كفٍ لنهوضِ الأمةِ..
وتُلَوِّحُ بالأُخرى نارَ الحُريةِ في وجهِ الأصنامِ الورقيةِ..
خَطواتٌ واثبةٌ دونَ قيودٍ للأرضِ..
صَدرٌ مثلَ طيورٍ تَخفِقُ فَوقَ الغَيمِ..
وصُبحٌ يُشرقُ عند الخَدينِ..
فتاةٌ حالمةٌ..
وَعدٌ يَتَجَذَرُ..
امرأةٌ..
تَتَقَدَمُ فَجْرَ الحُريةِ ..
تَعقِبُها أزمنةَ المستقبلِ..
يُمْسِكُها الوِدُّ إلى ألواحِ النُصْبِ الحاني..
وَوعيدٌ تَحتَ جدارِ النُصبِ بعصرٍ دَمويٍ اسود..
......................................... يوئِدُها!
**********
عُمالُ المَسطَرِ في غبشِ الصُبحِ..
يَلوذونَ بمطرقةِ العاملِ في نُصُبِ الحُريَةِ..
خِشيَةَ قِطعانُ ذئابٍ سارحةٍ في طرقاتِ المُدُنِ المُحتلةِ..
تَنهَشَهم سياراتٌ ذاتَ نقابٍ ..ملغومةٍ..
..........تَفْتِكُ حِقداً بجياعِ الأهلِ..
......... تُبَعْثِرُ أحلامَ الأطفالِ المنتظرينَ ببابِ الأكواخِ العجفاء..
........تُفْشي داءَ الجوعِ بأحشاءِ الوطنِ المنهوكِ الأوصالِ..
تَتَزَحْزَحُ مِطرقةُ العاملِ من مَوطِئِها ..
تَفسحُ مأوىً لطوابيرِ العمالِ المُنَتفضينَ..
تَهطِلُ قَطْرَةَ غَيظٍ من جَبهتهِ لِسنابلَ سبعٍ يابسةٍ ..
تَغدو حَقلَ رخاءٍ يَغمُرُ وَجهَ الوطنِ الناصعِ من "سدي كان" (4) إلى "رأس البيشة"..
-------------------------------------------
(1) جواد:هو الفنان جواد سليم مبدع نصب الحرية.
(2) نصب الحرية الذي يشكل قلب بغداد الحضاري المعارض.
(3) قبرنبي الله (صالح) الموجود في الكرادة الشرقية ببغداد.
(4) سدي كان: احد اجمل مواقع كردستان العراق الجبلية في اقصى الشمال بين الحدود الايرانية والتركية.و(رأس البيشة) سهل رملي في اقصى جنوب العراق المطل على الخليج العربي.



#محمود_حمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -سومرُ- تَصْطَّفُ إلى طابورِ الأيتامِ!
- لوحةٌ عاريةٌ في مجلسِ المساءِ!
- مَنْ مِنّا لَمْ يَدفِنَ قَتلاهُ بحَقلِ الحِنْطَةِ؟!
- المَقابرُ تَشْفِقُ علينا؟!
- تَشهَدُ الشوارعُ في يومِ الحَشْرِ!
- نساءٌ عراقياتٌ..وبُرْكَة الدَمِ..!
- تباً لَكُمْ ..أوْرَثتُمْ دجلةَ كُتباً ورؤوساً مقطوعة!..
- -عبير- والجيش المحتل!
- أفولُ الصَنَمِ.. وبزوغُ فَجرِ الأصنامِ
- -نقطة تفتيش-* في رأسي!
- فاطمةٌ ..والسلطة
- -نزيهةٌ-*و-سُلْطَةِ النَزاهَةِ-**
- مفردات التوحش في العراق(1)*
- يُمْنَحُ العمالُ العَقاربَ بديلاً للدنانيرِ!
- شظايا عراقية
- قَتلةُ الحلاجِ!
- ذبابُ السُلطةِ!
- قُنْبُلَةٌ في -جثة-!
- من أينَ المَهْرَبُ ي.......ا-صويحب-؟
- ميسانُ المَسْكونَةُ بالحرمانِ!


المزيد.....




- الإعلان الأول حصري.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 159 على قصة عش ...
- أكشاك بيع الصحف زيّنت الشوارع لعقود وقد تختفي أمام الصحافة ا ...
- الكويت.. تاريخ حضاري عريق كشفته حفريات علم الآثار في العقود ...
- “نزلها لعيالك هيزقططوا” .. تردد قناة وناسة 2024 لمتابعة الأغ ...
- تونس.. مهرجان الحصان البربري بتالة يعود بعد توقف دام 19 عاما ...
- مصر.. القضاء يحدد موعد الاستئناف في قضية فنانة سورية شهيرة ب ...
- المغربية اليافعة نوار أكنيس تصدر روايتها الاولى -أحاسيس ملتب ...
- هنيدي ومنى زكي وتامر حسني وأحمد عز.. نجوم أفلام صيف 2024
- “نزلها حالًا للأولاد وابسطهم” .. تردد قناة ميكي الجديد الناق ...
- مهرجان شيفيلد للأفلام الوثائقية بإنجلترا يطالب بوقف الحرب عل ...


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود حمد - -نصبُ الحريةِ- يُسْتَعبَدُ بالخوفِ!