|
|
من أينَ المَهْرَبُ ي.......ا-صويحب-؟
محمود حمد
الحوار المتمدن-العدد: 1715 - 2006 / 10 / 26 - 10:22
المحور:
الادب والفن
آواني القصبُ الباردُ بينَ ضلوعه.. ألْقَمَني الجوعُ دموعه.. أفْحَمَني الصمتُ.. ...... نَوبةُ موتٍ سوداءَ تُمَزِّقُ سِتْرَ "السِرِيِّةِ"..(1) وقطيعٌ فولاذيٌ مُغْبِرْ يُطْبِقُ كَفَّيْهِ على أنفاسِ "الكحلاءِ"..(2) من أين المهربُ يــــــــــا.."صويحب"؟!(3) ........ ماكُنْتُ لأمْضيَ بينَ الفلواتِ غريباً لَوْلا الأقدامُ العَرْيانةُ .. والصدرُ المُشْرَعُ للريحِ.. وقبورٌ دَفَنَتْ أهلي في كلِّ المُدُنِ الموبوءةِ بالجَّوْرِ.. ....... عَوَزٌ قارِسٌ .. ونوايا يَقْطُنُها المَوْتُ.. ومواعظُ تَغْشي الابصارَ .. ودبيبٌ يَنْفُثُ بَلَهاً في شريانِ "مَضايفنا"..(4) وبلادي تَنْزُفُ خيراً للغرباءِ.. ...... بِضْعَةُ صبيانٍ يَلْتَحِفونَ الفُقرَ بأطرافِ المُدنِ الملغومةِ.. نِباحُ شُقاةٍ بينَ الأنفاسِ يُلاحِقُنا .. كي لانَخْرُجَ من خلفِ القصبِ اليابسِ للطرقاتِ الإسْفَلتيِّةِ! ......قََدَمٌ جامحةٌ تَرْكِلُنا خَلْفَ جدارِ الليلِ الأزليِّ.. وعيونٌ زرقٌ تَرْمُقُنا مِن أطلالِ الوطنِ المنهوبِ.. حَفْنَةُ تَمْرٍ مُغْبِرْ في باحِ الحقلِ المُغْتَصًبِ الأهلِ.. تَنْخُرُها الديدانُ.. وبومُ المُحْتَّلِ! ...... رجالٌ.. بؤسٌ..يَفْتَرشونَ القَمْراءَ بلا خبزٍ بَعْدَ غروبِ العُمْرِ.. صوتُ المذياعِ يُلاحِقُنا ..أن نَحْسِبَ للقبرِ حسابَ الحَرْثِ لِحَقلِ العَنْبَرِ.. وأنا أخْفِقُ في أحصاءِ رفاقي المقبورينَ .. وأهلي المنفيينَ بِكُلِّ بِقاعِ الأرضِ! فَهزائِمُ جُنْدُ المُحتَّلِ مَصائِبُ تَقْصِلُ رأسَ فَسائِلِنا .. تُقْحِمُنا في مَحْضورِ القَولِ .. وتُقْبِرُنا في لائحةِ المنبوذينَ بقاموسِ : السُلطةِ.. والإرهابِ.. وجيشِ المُحْتَّلِ.. وكُتّابِ الأعمدةِ النفطيةِ.. .......... طفلٌ في الستينِ يُكَفْكِفُ عن وجهِ مَدينَتِنا طوفانَ التَفْخيخِ بأجسادِ الرُضَّعِ.. .. وسَبايا يَصْرُخْنَ بهذا الليلِ الأبديِّ الأعمى.. غُمَّةُ بُغْضٍ تَنشِرُها الريحُ الصفراءُ الـ- خَنَقَتْ- "نوزادَ" قُبَيلَ صلاةِ الفَجْرِ .. وفناءٌ يَسري في أنفاسِ بلادي! ...... أمٌ ضامِئَةٌ للغائبِ تُحْصي قَتلاها المَنثورينَ بِلا أكفانٍ حَوْلَ النهرينِ.. تَجْعَلِهُمْ كُحْلاً.. وبَريقاً بينَ جُفونِ العينِ.. وفتاةٌ .. طهرٌ.. تَرمقُ قُرصَ الشَمسِ بعينٍ يُفقئُها الحزنُ.. شمسٌ تتداعى وَجَعاً..وهشيماً بينَ "جبالِ الكُردِ" و"شطآنِ الفاوِ"..! .......... جَدلٌ يَقْمَعُني في منعطفاتِ العُمْرِ الصاخبِ.. يَحجِبُني عن رأسي .. يَجْهِضُ أسراري.. يوغِلُني في حبةِ قَمْحٍ مَنْسيَّة.. عِنْدَ تُخومِ الارضِ المَجْروفةِ بالدباباتِ البنّاءَةِ! ..... ..... تَسَمَّرْتُ لِجذعِ النَخْلَةِ كيْ أستريحَ مِنَ الحُلُمِ.. إنْطَوَيتُ في الحُلمِ لأسْتَعيرَ أقداماً مُضادةً للمُفَخخاتِ .. للرحلةِ في دروبِ العراقِ.. إنْسَفَيْتُ بالريحِ خِشْيَّةَ التَماهي في صليلِ الوعودِ المُجَنْزَرَةِ.. أرَّقَني ألشَوْقُ إلى الحُلْمِ .. تَبَدَدَتْ النهاراتُ بِهِزَعِ الدَمِ الدافقِ.. ......... تَنْتَهِكُ الأعاصيرُ المُشِعَّةُ السنابلَ في قرارةِ العراقِ.. تَفْزَعُ العصافيرُ من البَيْدَرِ المُفَخَخِ.. تَهرُبُ الفِتْنَةُ من أسارِ الأهازيجِ والمواعظِ .. الدُخانِ.. تَحْتَمي بجَريدِ النخلِ ، وريحِ الشمالِ.. تَسري الكلماتُ الزُعافُ كالوباءِ في الروحِ.. .....تُبَعْثِرُ الأزمنةَ الغَضَّةَ في الذاكرةِ.. .....تَنفَخُ فيها شواظَ القصائدِ الحبيسةِ في الصدورِ.. .....تَعيثُ الرمادَ في شهيقِ الصباحاتِ الفَتِيَّةِ.. .....تُكَبِلُ الخطواتَ بالشوكِ الجارحِ.. .....تَغشو البَصيرةَ بالشكِّ.. واليقينَ بالإستخفافِ..! ........... في آخرِ الليلِ يُلَمْلِمُ السَلاطينُ عَمائِمَهُمْ.. والغُزاةُ سيوفَهُمْ.. والفُقراءُ بُطونَهُمْ... والشُهداءُ قُبورَهُمْ... واللصوصُ..غنائمَهُمْ.. والدجّالونَ لُحاهُمْ.. والمنافِقونَ فِخاخَهُمْ.. يَتَدَحرَجُ الغُزاةُ والمُلَثَّمونَ من قِمَّةِ الوَهْمِ إلى قاعِ الغَيظِ.. تَتَفَجَّرُ القبورُ بوجهِ السيوفِ .. والبطونُ بوجهِ اللصوصِ.. والحدائقُ بوجهِ المفخخاتِ.. والطفولةُ بوجهِ البوارجِ.. ..... تَستَلقي الشوارعُ على ظهورها من فَرطِ الإعياءِ.. يستريحُ الناسُ في العراءِ بَعْدَ زوالِ الوحوشِ.. تَتَدفَقُ الموجةُ من عيونِ الصَخْرِ الى السهول التَرْفَةِ دونَ حواجِزَ مُسلحةٍ.. يَحمِلُ الشعراءُ قصائدهمْ لغرسِ الزهورِ خَلفَ القطعانِ المهزومةِ! يَسقطُ المطرُ مِدراراً.. .................................................................................. (1)السِرِيَّة:منطقة في مدينة العمارة بجوار سراي الحكومة ..كنا فتياناً نلتقي حتى الفجر في أحد دورها الفقيرة قبل اربعين عاما ، نمزج الحلم بالبؤس،والحماس بالخوف،نناقش " دورتحريرالرأسمال - في انقاذ محيسن الحمّال - من الأسمال". واليوم يعاودها الموت مثل بقية أحياء المدن العراقية بعد أن نكّلت بها الحروب والمتحاربون عقوداً من الزمن. وتفشَّت -أسمال محيسن- عبر تلك العقود حتى صارت زياً رسمياً لمعظم أهلنا. (2) الكحلاء: أحد أنهار مدينة العمارة ، يغذي ناحية الكحلاء التي إشتهر أهلها بالوعي الثوري المبكر ، وزراعة الشلب، والضيافة، ،وصيد الاسماك ،ومخاصمة الحكومات الفاسدة، والغناء المحمداي الاصيل،وجمال فتياتها. (3) صويحب: هو القائد الفلاحي- صاحب الملا خصاف - الذي إغتاله الإقطاع في ستينات القرن الماضي،ومَجَدَهُ الشعراءُ ، ودَثَرَتْهُ الحكومات ، وخَلَدَهُ الفلاحون. (4) مَضايفنا: " المَضايف" هي مجالِس الضيافَةِ في الرِيفِ العراقي، وملتقى التشاور والحوار بين ابناء القرية والقبيلة.
#محمود_حمد (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ميسانُ المَسْكونَةُ بالحرمانِ!
-
ويستيظُ الوحوشُ
-
بغداد لاجئة!
-
الظلمة والبزوغ- إلى الشهيد-سعدون-
-
هل انتهى نظام صدام حقا ؟
-
نص/ بين الرصافة والسجن
المزيد.....
-
-كان فظيعًا-.. سيسي سبيسك تتذكر كواليس مشهد -أسطوري- في فيلم
...
-
اشتهر بدوره في -محارب الظل-.. وفاة الممثل الياباني تاتسويا ن
...
-
عرف النجومية متأخرا وشارك في أعمال عالمية.. وفاة الممثل الإي
...
-
السيسي يوجّه بمتابعة الحالة الصحية للفنان محمد صبحي
-
الفنان المصري إسماعيل الليثي يرحل بعد عام على وفاة ابنه
-
الشاهنامة.. ملحمة الفردوسي التي ما زالت تلهم الأفغان
-
من الفراعنة إلى الذكاء الاصطناعي، كيف تطورت الكوميكس المصرية
...
-
-حرب المعلومات-.. كيف أصبح المحتوى أقوى من القنبلة؟
-
جريدة “أكتوبر” الصادرة باللغة الكردية والتابعة للحزب الشيوعي
...
-
سجال القيم والتقاليد في الدورة الثامنة لمهرجان الكويت الدولي
...
المزيد.....
-
الذين باركوا القتل رواية
...
/ رانية مرجية
-
المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون
...
/ د. محمود محمد حمزة
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية
/ د. أمل درويش
-
مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز.
...
/ السيد حافظ
-
إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
المرجان في سلة خوص كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
بيبي أمّ الجواريب الطويلة
/ استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
-
قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي
/ كارين بوي
-
ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا
/ د. خالد زغريت
-
الممالك السبع
/ محمد عبد المرضي منصور
المزيد.....
|