على هامش انتخابات جماعية ...مسرحية أقنعة تكررت والشاهد هو التاريخ


مليكة طيطان
الحوار المتمدن - العدد: 2722 - 2009 / 7 / 29 - 07:24
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي     

بعد إسدال جزئي للستار... والأمر يتعلق بمسرح أقنعة يتكرر متى شاءت الفرص و الأقدار ...قد تتحدد في العهد الجديد في سنوات بعينها وأن الزيادة على سقف المألوف لامجال ... سواء باستفتاء أو بدون ...لماذا أنا الآن أشعر بالخجل رغم أن لا دور أسند إلي سواء رئيسي أو ثانوي أو تافه أو حتى كومبارس ...والأمر يتضح على الأقل لنفسي حينما أتأكد من أنني غبت طيلة زمن تجسيد الأدوار خارج تغطية الوطن ...هناك حيث استهواني هدوء الحياة فجعلت من نفسي وفكري مستقرا لجميع الصور الجميلة ...هناك في عالم الغرب من فرنسا إلى الأراضي المنخفضة وتحديدا أكثر هي بلد البقر المتحضر قال في حقه أحد مبتكري النكثة والمستملحات : ...يلزمنا قرن من الزمن أي مائة عام لكي نصل إلى حضارة أبقارهم ...إلى هذا الحد واجهته بالعتاب فتلا على مسامعي كل المتعلقات المرتبطة بالبقر ككائن ينطلق بترتيبات منظمة على سبيل المثال لا الحصر البقرة عندما تشعر بأن موعد حلبها قد حان تقصد الصف تراقب دورها وتسلم نفسها من أجل تنفيس الضرع والاسترخاء

كم تكالب التاريخ بعد طول انتظار ويا لها من مواقف جبانة ومغشوشة ونحن بصدد بسط مقارنات القدر ........صدقنا تبريهها حينما كان موقف للاستجداء من أجل أن يفسح مجال تغيير وتدبير لدولة وكيان مهدد بسكتة قلبية وسقطة مدوية ...حينها شددنا على قلوبنا خوفا من تنتقل عدوى الاندحار إلى كياننا الأسري ...عبرنا موظفين كل تقنيا ت التواصل لفظية أو كتابية أو مسموعة ...عقد أصحاب الاستجداء مدارس بسرعة الصوت كونت الخطباء والمنظرين والمنظرات والشارحين والشارحات

اللحظة فقط تكفيني لكي أتأمل موقف مقارنات... قدر ساق إلينا حقيقة شيخوخة أحزاب خلقت لكي تمارس سياسة بصيغة كل أشكال الاقصاء والتمييز والفرز والتصنيف فقبل الشيخوخة والهرم ثمة عماء أصاب عيون هذه المراصد الأحزاب ...أقول كلامي هذا وسبابتي تشير إلى من تتباهى بامتلاك تاريخ المقاومة والنضال وعبر مسار زمني موثق ومعلوم والآن صعب عليها امتلاك جغرافية انتخابات لم تكن على بال

حلوا علنا فأنجالنا ترفض وبل ليست في حاجة إلى تزويق الكلام وترديد نفس رسائل الخطاب وعند كل الأحزاب ...ابتعدوا عنا فليس من المنطق أن تنجب نفس الكائنات وبنفس المواصفات رغم أن الوطن في رحاب الحرية والاستقلال قطع نصف قرن ونيف من السنوات ...أعادت نفسها بصورة أكثر خسة وحقارة هي حقيقة يتوجب الجهر بها وليس القول تقزيم أوتجريح من نفس وطنية وليست أمارة بسوء

كم هو قدرتشابه فيه الزمن والشخوص والوجود يحمل كل مواصفات الصدفة وأيضا الرغبة في تحويل الأخيرة أي الصدفة إلى طموح الاستحواد على نار ودار الوطن ...أما الغريم أو الند فدونه أبواب مسارح تجسيد الأدوار بدأ من الحواضر مرورا بالبوادي والسهول والجبال وصولا إلى قبتي البرلمان ...كيف لي أن أبلع لساني مع العلم أنني أنتمي إلى جيل من عاين وفي الطفولة مرحلة تشقليب سياسي يحمل الحالي منه بعض المواصفات مع العلم أن من أتت سياسة الخسة والندالة ينتمي إلى نفس المدرسة والمنهج في السياسة والحياة ...طبعا ديدنها هو رغبة تغيير الاتجاه إلى مسلك الفتنة والاستئصال

ذات مساء من مساءات أيام الدراسة والمستوى الثالث ابتدائي بالتحديد صادف خروجنا من المدرسة نسوة حي ربات بيوت وليست بسياسيات بطبيعة الحال ...بل هو انطلاق زمن تبخيس السياسة من خلال تكوين وتأطير حرفيي مواسيم الانتخابات ...في المشهد السياسي يتحرك كائنين حزبيين مع العلم أن الثاني هو ولادة طبيعية من رحم الأول ...نسوة الحي هذه المرة لا يطبلون ويزمرون هاتفات كما هي عادتهن ...سياسي سياسي سيدي علال الفاسي ...مازال عقلي رغم صغره آنذاك يخزن متعة تنظيم كلام آخر مصحوب بشيء آخر غير عاد ... وما ذنب حمار تآكلت أركان جسده وضعت النسوة على ظهر الدابة شواري من دوم متآكل وفي طرف منه حمل أبله معوق أعور أجرب قصير القامة يضحك أحيانا ويأتي بحركات بهلوانية أحيانا أخرى ...أما الكلام الموزون وفق قافية لكنة شعبية ضاربة في البداوة فما زال محفور في الذاكرة أسترجعه متى شاءت الفرصة ، لم يكن توظيف هذا النسق اللغوي الشعبي رهين بلحظته الآنية فمازالت المدارك قاصرة والتصور منعدم حتى عند الكبار ، بل في أحسن الأحوال الحس الانتمائي للكيان السياسي البديل خضع لما هو عقيدي أما العقل والمنطق فلا مجال ...توظيف النسق هذا خضع لما هو آجل أي بعد حين من السنوات بل العقود ...والآن أستوعب بالواضح وبالمرموز لماذا ذات مساءات خرجت نسوة حي متهالك سبق للزعيم أن شرف إحدى حفلات عيد عرش وألقت فيه أختي الكبرى خطبة تباهى بها الوالدان والجيرة والأقارب بطبيعة الحال ......من التو و اللحظة السياسية المغربية استوعبت مقولة ( واكد؟؟؟ في الشواري ...أبولو عليه يادراري ) ...هي بداية تأسيس المخزن لحزبه وطبيعي أن يبقى عالقا بخلدي رغم طفولة تقلبت في ما يشبه الانتماء العقيدي لحزب يسمى الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ونقابة هي طبعا الاتحاد المغربي للشغل ...حينها كانت تمتلكني حيرة لا أفهم مغزاها أختزلها دوما في طرح استفسار طالما بحثت عن جواب عنه ...ترى لماذ الوالد قطع صلة رحم التواصل السياسي مع رموز حزب الاستقلال ؟ و بهذا الحي الغريب الأطوار حيث يسكن من يحتل مقدمة الهرم في الثراء وحيث حضيض البادية المطرود بفعل توالي سنوات عجاف المناخ ...حيرتي تزداد حينما ينظم الحزب المذكور احتفاءه بعيد العرش وتغلق جميع المنافذ المؤدية لما يشبه الشارع ...بمفردي ورغم طفولتي أحاول أن أتسلق أعمدة الحفلة وأن ألعب مع الأتراب لا أدري كيف الكبار ينتبهون لطفلة خائن هكذا كانوا يرددون اقتنع بمبادىء وخيارات ليست كما هي الأولى .....أستحضر دواخلي الآن وكأنها كانت تود أن تقول أنا مجرد صغيرة اتركوني ألعب أما الحصار المضروب على أسرتي من طرف سكان بؤساء تم تجييشهم من أجل نعتنا وأساسا الوالد بأنه مسخوط الملك والملكية على السواء ...لا أدعي بأن الوالد احتل الصفوف الأولى في تدبير وتنظير حزب القوات الشعبية ونقابة شكلت ملاد الكادحين بل كل ما هو عالق مرده فقط اقتناع صوفي عند الوالد يرحمه الله وصل حد الحلول مع رموز تعود ت حاستي السمعية على تكرار أسمائها في كل مناسبة وحين ... أقلها تمثل في رغبة الوالد دوما تقييم تحصيلي التعليمي الأولي حيث يناولني صحيفة الطليعة ويأمرني أن أتلو على مسامعه ماتيسر وماهو في المتناول .....يناولني عشرين فرنكا فأنا في طريق توظيف آليات القراءة أي حروف الهجاء

عقلي الصغير انتصر آنذاك وسجل بعضا من اللقطات الواقعية ، ولأن متعة الوجود والزمن مازالت تجود على لب يكاد الآن يتجاوز مرحلة الكهولة والسير في ما يليها من مراحل العمر عجز لساني وقلمي على ذكرها أو كتابتها ولا تنسى أيها القارىء المحترم بأن ساردة الحكي امرأة وشرح الواضحات من المفضحات كما يقال

.......................................................

ما أشبه اليوم بالأمس في بعض اللقطات ...تمادى حزب كان يطمح لكي يبقى وحيدا مهيمنا على تاريخ وجغرافية الوطن ولم يخطر على بال الساسة والسياسيين والناس أجمعين سرعة ولادة حزب خرج من رحم المربع المعلوم حيث تظافرت فيه عزائم كل النخب المخزنية والعسكرية ، بكل صدق اسم طبق الأصل ويصدق على طبيعة التحالف الذي أطلق عليه جبهة الدفاع على المؤسسات الدستورية مادام الدستور نفسه مصطنع ووفق معايير سوق المخزن قاطعته النخبة المتنورة آنذاك ...تجتمع الأطياف السياسية لكن وفق المفهوم المغربي الهجين وهكذا عاين عقلي الصغير صولة وجولة أصحاب المكان ...لا تسخر أيها القارىء من اعتقادي الطفولي آنذاك حينما اعتبرت أن هذا المكون السياسي نزل من السماء لكي ينتقم من رفاق والدي الاتحاديين حيث معاناتهم من قهر وظلم أصحاب حزب الاستقلال ظلت على طول خارطة التحرك والسياسة بادية للعيان ...وللتوضيح وشرح ما سبق وأن حصل من ممارسات يترجمه الحقد الدفين القابع في خانة اللاشعور وتقيأته أتفه الحشرات حينما ألصقت تهمة البتر والاستئصال إلى شهيد الوطن بل شعوب الأوطان المستضعفة فلا تخجل يا وطني فالمعايير انقلبت رأسا على عقب ولم نعد نميز فيها الضحية من الجلاد

ما أشبه اليوم بالأمس ولو أن التاريخ امتد لكي أكون شاهدة عيان على ما يحصل الآن لكن هذه المرة باسم الديمقراطية وحقوق الانسان ...ذلك الماضي يمتلك بضاعة الأمية وطلاسيم تلعب باسم السياسة في مواجهة ندرة المتنورين الوازنين الذين خرجو في التو واللحظة من قعر مأساة الاستعمار تفتقر لعقل يقرأ في نفس الزمان والمكان طبيعة سياسة مغلقة ولا علم بأصحاب قرار الكون بما حصل واستمر لكي يغطي مساحة من التاريخ حتى أذا ما طلع فجر ما يسمى بالتحول والتغيير أو طي الصفحة وفق معايير إصلاح ومصالحة و انتقي لها من الأسماء مرحلة سنوات الجمر والرصاص

ما أشبه اليوم بالأمس حينما تشكل وبسرعة قياسية تحالف جبهة استحودت على جمل السياسة وبما حمل من خلال انتخابات برلمانية أو بلدية فاختلطت المفاهيم أو ما أفرضه بأنها كذلك لكي تجتمع الوان طيف السياسة قادمة من عمق الحزب الأول وأيضا الثاني وبمعية الخونة خدام الاستعمار

أتركوني أبوح بما أملك من تحف نادرة ما زالت تسكن ذاكرة حمدا لله أنها ما زالت مستيقظة والآن أقصى ما يمكن أن تمنحه هو بسط المعطيات لعلها تسعف في فهم واستيعاب ما جرى بالأمس وما يجري في اللحظة والحين الآن

ما أشبه اليوم بالأمس حينما عم الاحتفال الجبهوي فضاء حيينا أطرته شيخات العيطة و من سجلت ذاكرة الحي المتواضع تميزه فيالنفخ على آلة ( الغيطة ) المرحوم ميلود الغياط

ما أشبه اليوم بالأمس حينما تشكلت نخبة تسيير البلدية من أطياف قادمة سواء من حزب الاستقلال أو الاتحاد وفي تلاحم مع من وجهت في حقه تهم خيانة الوطن وتقديم خدمة جعلت منهم محميين بالقوة والفعل يترجمه بند أساسي من بنود البروتكلات السرية وفي حضرة معاهدة( أكس ليبان )حيث فرض المحاور الاستعماري الحماية وتحصين هؤلاء وعدم التعرض لهم في الأرض والحياة ...وأعتقد أن نصف قرن وما يزيد عن هذه البروتوكولات السرية كافية لكي ترفع عنها يد الحجب حتى تنجلي الحقيقة و تتمكن على الأقل الأجيال من معرفة مواقع أجدادهم مع الوطنو الاحتلال

تلك بضاعة تناسب ذلك التاريخ حينما أطر عتاة الجريمة في المدينة والمسمى قيد حياته (حليوة)صولات وجولات الوافد الجديد أرغم المتيمين القدامى بزعمائهم الكارزميين رغم المسافة الضوئية بين الطبقات الاجتماعية ...أرغمهم على التراجع وملازمة الدور ولا داعي لترك الرؤوس مكشوفة للجميع

وعلى سبيل الختم أترك للقارىء الكريم فرصة التحليل والتركيب فقراءة ماوراء سطور البوح تيسر فهم لماذا أعاد التاريخ نفسه وفي صورة أكثر سخرية توشحها مستلزمات وقيم فخيارات تعد من أعز وأرقى ما توصل إليه الانسان في مواجهة الجور والطغيان ...ألم يتعلق الأمر في البداية بحكاية تجميع الديمقراطيين ؟؟؟