(ورقة ثانية ) ...من مقدمة أوراق سيرة لم تكتمل ...دعوني أتكلم


مليكة طيطان
الحوار المتمدن - العدد: 5493 - 2017 / 4 / 16 - 18:24
المحور: سيرة ذاتية     

هل أفل وهج النضال ووحدته فالتحامه ...؟
اختفت معالمه بعد تفتيت الرفاق ...خفت صدى ايقاع الشعارات ...اعتادت حاسة السمع على ايصاله كترانيم تلزم الأجساد على الرقص ...ترفع دقات الطبول درجات الخشوع ...بوثيرة واحدة متراصة تصدح أصوات اليافعين والشباب ...ينتفض الشيوخ يطلقون عنان خناجرهم لترديد ترانيم كنائس وجوامع النضال ...يتلا مقدس الخطاب ...يرفع آذان متزامن مع رنين الأجراس ...حينها كنت أرفع يدي مبتهلة أن يستجيب قدر النضال لتحقيق المراد .

بالأمس كنت بينهم رغم أن تواجدي معهم لا يساير أعراف التقاليد والنساء ...رجوتهم أن يعتبرونني نغمة نشاز بالإمكان أن تدرج ضمن سمفونية النضال لا يتقن إدماجها إلا (مايسترو) لا يجهل قواعد الموسيقى حينها ستحصل معجزة موزار .
كنت بينهم أجلس قبالة محراب التفسير والخطابة والسجال ...ألتزم فقط بالإصغاء كتلميذ نجيب ...رتبت مادة النضال في عقل مصقول يافع اعتاد على حسن الإصغاء والمتابعة والتسجيل يحتفظ بشفرات ما وارء الكلام بعد تنقيتها من الشوائب والإبقاء على ما أجعل منه عكازا أتكئ عليه حتى أصل مرحلة الثمالة والارتواء ...تيسر لي استغلال القدرات ...سحبتها من غمدها فيها الغض الطري البكر ...بل لم أبخل بالمصقولة الحادة وظفتها في كل اتجاهات تبخيس النضال وأيضا تلك التي اعتادت على الضرب في صميم كل المبادرات ...مرات تلو مرات جروني من جدائلي ومباشرة إلى معسكرات على جدران أبنيتها المرعبة آثار دماء تسجل لمقولة الإنسان ذئب لأخيه الإنسان ...ضيافات خفيفة ترسم بلون واحد متدرج على وجهي وأرادفي تلك الكدمات ... هذه بداية الخطوبة ...قبل إرغامي على الاقتران بعقد سيؤشر عليه عدولهم والقضاة ... بعدها يجبرونني على أن أزف محمولة في هودج الرعب حيث إقامتي في دار دقة الزجر والمتابعة إلى حين قضاء ما تيسر و ما اقتطف من عمر الياسمين والزهور .

معذرة مضطرة أن أعرج على الزمن والمكان ...لست أنا الناكرة أو الجاحدة لإنسان هذا المكان ... بالمناسبة مؤخرا قصدت الزقاق أتأمل المتغيرات وقفت طويلا أمام باب أهل النار والدار أخاطبه هل يتذكر ؟ هل من مجيب ؟ يبدو أنه تحول كتابا لأبناء السكان البؤساء ...قصدني شيخ بالكاد يتحرك يبدو أنه من بقي بعد من مات أو عجز أو أنصرف ...طبع على جبهتي قبلة حارة استرعت انتباه المارة يبدو أن زملاءه التجار البسطاء لا يعلمون حقيقة زقاقهم فهي مسجلة بإزميل خارجين من الطوق حار في أمرهم الشر والأقوياء ...

دأب عل تحيتي كل مساء المكان والإنسان ...بائع الجرائد يسكب لي كأس شاي بنعناع البلاد المعطر ...بائعة الخبز تحتفظ لي بما يكفي رفاق النضال الكادحين من أجل قتل جوع العمل اليومي والمساء ...لا يبخل علي بائع شريكات السردين والحوت ومتى كانت الجودة ... جرت العادة أن يرسلها أشترط فيها نظافة ودقة التقديم أولا و متى كانت الجودة وتقنيات ووقت الصيد اعتاد أن يخاطبني ولم أسأله أن الأمر يتعلق أستاذة بصيد الفجر فقط يستحيل أن نمارس الغش مع خبيرة الحر الأصيل ومع فضلات بنات البحر عودت رفاقك على لذة لوز البحر ممزوج بنسمة محاره .

عود على بدء ...كم خفضت بصري وشحنت سماعي لخاطابتهم الملقاة على صوان النضال ...كتبتها عدة مرات ...حفظتها متى كانت حنكة خطيب قادر على الغوص في أعماق متلقي غير عادي دأب على الفرز والتصنيف واستحضار ما فات ...يزورنا زعماء مركز النضال والآن ألعن أنفتي
وكبريائي فلا أبادلهم حتى السلام ...اضع مسافة مع جلهم يشهد بها الآن من صاروا شيوخ النضال ...كما جرت العادة من أجل الخطابة وتيسير التواجد والنضال ...عشت نضالي كله كلامهم ...توجيهات فمستجدات مقرونة بحب النضال وحده مجردا من كل متعلقات سأستوعبها فيما بعد مختزلة في التموقع والانتهازية واقتناص فرص الزعامة ولو كانت على حساب التواجد المسؤول الجاد ...مرت من أمامي كائنات تعد من غرائب تاريخ النضال تستجدي تبن علف البهائم كما تستجدي المواخر والحانات ...كنت أكتفي بلغة النضال ودعاوى الثبات على المبادئ و القناعات ...تعابير بالفصحى والعامية ملح الكلام مفعة بالإحساس والاعتبارات ...عشت عمر نضال في مرتبة التواضع لم أهتم بسلاليم التنظيم والمجالس والدرجات ...أقسم برب عتبة درج المقر والسوق الخانز وشارع الرباط مادامت المعالم مقدسة على الأقل بالنسبة لي لأنها تقتسم معي مشاعري والاعتزاز ...لا أخفيكم سرا في هذا التاريخ بالضبط ...هاتف في أعماق إحساسي يناديني ...اصحي عزيزة قوم النضال ... لقد وفروا حماية لهم خناجر من وراء الستار مستعدون أن يشهرونها في وجهك بل كل من تجرأت من النساء ...عقبت على الفضلاء ...يبدو أن أن رغبة الإزاحة والعدم والاستئصال تسكن رفاق درب النضال ...عن قرب يتم الهمز واللمز وإصدار الإشارت ...لم أتمكن من رفع شكايتي أو وجعي لأي كان لأن المرحلة مجردة من حس حقوق النساء كضرب من ضروب حقوق الإنسان من باب المناصفة والمساواة ورد الاعتبار ...لا مجال لعقود االإلتزام والإعتراف ...جمعت من التفاصيل وجزئيات التفاصيل مالم تستوعبها موسوعات معرفة ثقافة استنهاض همة نساء وطني فيما بعد ...أعتبرها دوما بوابة تأريخ القضية في بعدها الاقصائي حتى من طرف رفاق درب النضال قبل الشق المتخلف باسم التقاليد والعادات ...
مرة أخرى حصنت ذاتي أحصي خيبة الرفاق ...حتى الحريم خاطبتني مرات تلو أخرى في السر كما العلن موجهة لي انتقاد ( ذات ) دأبت على على اقتحام خلوة بعولهن النضالية ... انخراطي في عرفهم الهجين لا يساير طبيعة ذوات الانكسار ورغم هزالة الامكانات العلمية اعتبرت حينها أن الأمر يتعلق بصراع نوع تساهم في رعايته حتى النساء في مواجهة النساء ...حينها تأكدت أن المرأة في مجتمعنا تستنشق من عبوديتها نسيم حريتها فكيف ستنظر إلى نفسها بأنها قيمة إنسانية لكي تسعى للدفاع عنها من خلال كل النساء ؟ .
وإليكم المشهد السريالي في الصراع ...تحمل جثة المناضل على أكتاف الرجال ...تقترب الإستثنائية ابنة أخيه المصاحبة للمتوفى قبل المرض والوداع ...ينهرها المناضل الذكر الرث بدعوى نقل النعش موكول أمرها فقط للرجال ...أعترف بانتفاضتها التي حار في أمرها رجال الحال ودرجات العدالة والقضاء ...لسانه الراحلة الآن الا ينطق إلا جادة النضال ...لا تأبه بالمظهر والهندام ومتعلقات نساء الصالون ولأنها لا تتوفر على جلباب هكذا مناسبات اكتفت بارتداء واحدة لمساعدتها غير آبهة باللون والمقاس ...لحظتها وجدتها تبحث عني في خضم جوقة المشعيات حدودهن رسم لها حدود لا تتجاوز باب منزل العم الفقيد ...خاطبتني بازدراء كمعلمة توبخ تلميذتها المتهاونة ...سقطت فشلت عزيزتي في امتحان النضال ...عقبت على تحميلي مسؤولية ترك همج النضال ...هو تداعي وغياب أقر به لو كان لعقلي زر أستطيع أن أضغط عليه لكي يصور ويسجل شطحات وملاحم نضال الرفاق ما ترددت لحظة يبقى كأمانة موتقة كلفني بنقلها التاريخ ...عزيزة النضال إمنحيني قبسا من اهتمامك قبل توجيه اللوم ...لعلمك دأبت على أيام نضال تتآكل وأعضاء تتداعى حتى تخر ...لم يسعفني عقلي الغض في فهم قفزات الزعيم مع العلم أن بطانته يجيدون الضرب تحت الحزام في واضحة النهار والظلام ...ينفردون بتقليد إقصاء الشابة في أقرب محطة وفرع بصفاقة التنظير المفترى عليه تعوض بأبناء جنسهم ولو تعلق الأمر بالفراغ والمعتوه والرعديد .
.....هذا قسط من مقدمة أوراق سيرة لم تكتمل ...هي ولادة أخرى من الولادات حملت لي تجربة قلق بصيغة خبرة معاشة منذ البدء كان عزمها إقتيادي إلى مقصلة العدم ...لا تغادروا أعزائي عزيزاتي الحلقة فسرد الأوراق ما زال مفتوحا .