خليلة الكلب المحترم ...( عن هول ما جرى أحكي لكم )


مليكة طيطان
الحوار المتمدن - العدد: 6507 - 2020 / 3 / 7 - 02:44
المحور: أوراق كتبت في وعن السجن     

عن هول ما جرى أحكي لكم
حكاية خليلة الكلب المحترم
/////////////////////////
مجرد النطق بكلمة الكلب في أي نقاش أو بشكل عابر و في كل الأحوال تقريبا نوع من الإهانة فلابد أن يقرن اللفظ بتعبير ( حشاكم ) إلا أن السيد الكلب المحترم بطل سجن بولمهارز كلام آخر في التبجيل والإحترام ...مفارقة تتسم بالغرابة , صراع بين رؤية تتفاوت بين الهزل والجد في ترتيب محكيات زمن السجن و الواقع التافه مكنني من معاينة سلسلة من الأحداث المخالفة للعقل و المنطق ...
استيقظت نساء الحي ذات صباح و بمجرد فتح أبواب مرتع القيامة الدنيوي على خبر سجينة بوجادية ( وافدة جديدة ) التصق بها كعنوان ما اقترفت ممارسة بغاء مع السيد الكلب ... ذروة السخرية و العبث و الضحك استمرت طيلة مدة سجنها . وقبل أن أستوعب قصتها استطعت تجميع تفاصيل هذا السر الغريب الملصق بشابة لم تجرؤ طيلة مدتها على رفع رأسها وبالتالي تمييز ملامحها , و لأنني صرت مهووسة إلى حد الفضول فاضت تساؤلاتي بين الرضى و القبول وبين الزجر والابتعاد ...اعتبرت كل قصص الاعتقال المتأرجحة بين الحقيقة والتضليل بين الصدق والكذب , فكم من سجينة تراوحت مدد حكمها من الاعدام إلى شهر أو اعتقال احتياطي تسرد الأسباب و دواعي الاعتقال برداء الكذب حتى تصل مرحلة تصدق فيها كذبتها ...
اقتربت منهن كثيرا حتى وصلت مرحلة جعل كل سرد أسعى دوما إلى تكراره من مصدره نعم جعلت منه عملا إبداعيا حقيقيا مع الحرص على الفهم الواضح لما يتواتر أمامي من حكايات وما يستتبعها من إشاعة أو نقد ... مؤهلاتي آنذاك الفكرية وآليات تحليل الكلام متواضعة جدا , لكن الذاكرة لم تخنني صارت بمثابة لوحة إلكترونية حصنت تفاصيل المحكيات طبعا لأنني كنت مستمعة وقارئة في صمت غير عادية شكلت الاستثناء , أنا هنا لست فنانة أو مبدعة قصة أو رواية ... أنا ناقلة للوقائع إذن ثقوا في الحكاية لأنها صادرة من آلة تصوير وتسجيل ممن عاينتها عاشتها في عين المكان .
قد يبدو لكم العنوان المفارقة ( صاحبة الكلب ) بعيدة عن الاحتمال و بالتالي أن تنزل في الواقع ... صدقوني عن هول ما جرى أحكي لكم عن نص من مسرحية واقع ميلودرامية تابعها المشاهدون بالمؤنث أثاث الغرف السوداء , وحتى المذكر في الإدارة كما هو السطح و ممرات الطواف ... كان لابد من حماية البطلة صاحبة الكلب الشابة البئيسة في وضعية انكسر فيها الإحساس كإنسان هي الأقرب في عرفهم إلى الحيوان ... رسمت في مخيالي عنوان مسرحية صاحبة الكلب واخترت له المناسب المبكي ( البؤس ) ... بالنسبة لي على الأقل كان لابد من حماية بطلة مسرحية البؤس محورها تم بناؤه على تجارة متعة جنسية مع الكلب يقوده إنسان شاذ ... نساء العلوة وكافة المعتقلات تشرئب أعناقهن عند النداء سواء زيارة أو الإستعداد للنقل إلى المحكمة من أجل المثول أمام القضاء ...البئيسة القائمة بدور عاهرة الكلاب لابد من حمايتها فعلى خطى المكلفات بتوزيع القسوة والعنف وما بينها من تقزيم خليقة اسمها الإنسان سجانات أو عريفات الغرف السوداء تنادي بصوت جهوري ( صاحبة الكلب شدي الصف المحكمة ) حتى موعد العمل وتنظيف الساحة والممرات تنادي الرئيسة صاحبة السوط : صاحبة الكلب دورك أن تتكلفي بتنظيف مجاري الصرف الصحي في الصبح والمساء ... بالفعل حتى البلطجيات المحليات بنات جامع الفنا والخطارات ينتظرن مناسبة التقريع و إبداع شتى الأوصاف ...معاملة وحشية قاسية .
لم أكتف بما تردده المنكسرات من وصف وسرد ولغة حمولتها إنسان رسمت له صورة بالإكراه , لكي أضع نفسي في صورة المنقبة على حقيقة بطلة مسرحية ( البؤس) لممت ورتبت آليات استفساري ومباشرة إلى البطلة أستأنف ما هو الخطب عزيزتي ولم هذه القسوة التي وقع عليها الإجماع ؟ ...
مكتوب علي الفشل وأسرة بوالدين يعانيان من سقم بين وشلل وإخوة صغار لم يملأ بطونهم عائدات هزيلة جدا مقابل عرق كتافي عند سيدات يسحبن آخر نفس لقوتي الجسدية يمارسن قوة فيزيائية في رفع ما ثقل أثاثا وما صعب علي الوصول اليه تنظيفا حتى إذا ما حاولت إحدى نهارات القسوة سقطت أرضا ألمم كسوري استدعى جبرها سنة ونيف ... ساقني قدر تجارة بيع المتعة الجنسية العابرة إلى عجوز أجنبي انتهت صلاحية سلاحه ... بحثه على اللذة مررها إلى كلبه كان هو بوابة الغوص في الاستنماء هكذا تلصص أحدهم من ثقب في لوح التخفي ومباشرة إلى حراس تسريب الرديلة حيث عاينوا مشهدا غير طبيعي قمت بدوره وكلب العجوز وهكذا تم تصفيد معصمي وتم اقتيادي بتهمة ممارسة البغاء مع كلب , اكتفيت بهذا البوح ...
والآن أختزل الميلودراما الحية المحكية من البطلة بالمباشرفي ما سبق و قرأت للأكاديمية المغربية زهور كرام :
ليس هناك سيناريو جاهز أو قصة مكتوبة أو ممثلون يتهيأون لتقمص الأدوار و ديكورات مصطنعة لتشخيص الأحداث و لكن هناك واقع يومي ملموس تجتهد الصورة السينمائية لالتقاطه قبل أن تذوب آخر ملامحه مع غروب الشمس .
انتهى كلام الدكتورة وتلاه تفاصيل حياة مترعة بالفجيعة والكوابيس المفزعة يطفو على سطح أحداثه بؤس الصورة بكلب يضاجع صاحبته الإنسان .