أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود السلمان - لماذا الإساءة إلى السياب؟














المزيد.....

لماذا الإساءة إلى السياب؟


داود السلمان

الحوار المتمدن-العدد: 8569 - 2025 / 12 / 27 - 13:39
المحور: الادب والفن
    


إذا أردت أن تنقد أو تنتقد إنسانًا ما، عليك أن تنقد أقواله وأفعاله وفكره، لا سيما إن كان عالمًا أو مفكرًا أو أديبا، لا أن تنتقد شكله الخارجي، أو بنيته الجسمانية، أو خَلقته أو حتى عوقه أو بعض العاهات التي ولدت معه، لأنّ ذلك يعود – أي العوق أو العاهة – إلى الإله الذي خلقه بتلك الصيغة، وصوره بذلك التصوير، بل الأحرى بك أن تنتقد ذلك الإله (إله سبينوا وإينشتاين) الذي أخرجه للوجود، فلإنسان الذي جاء الى الوجود، وهو بذلك الشكل، لم يخلق نفسه بنفسه؛ هذا هو المنطق الصحيح، وهذا ما يراه العاقل، وجُبلت عليه النفوس السليمة.
أقول هذا وأنا استمعت (كلام امرأة بالصورة والصوت) من خلال بعض مواقع التواصل الاجتماعي، هذه المرأة تتهجم على رمز من رموز الأدب العراقي المعاصر، المرأة هذه تدعى بلقيس شرارة يقال أنها أديبة - الله يشهد أنني لم أسمع بها من قبل – وهي تتهجم على الشاعر الكبير بدر شاكر السياب، وتتفوه عنه بكلام لا يمكن أن يصدر من شخص مثقف أديب، فضلا عن إنسان بسيط.
إن النقد الأدبي الحقيقي لا يقوم على الهجوم الشخصي أو على نزع القيمة عن الرموز التي تركت بصمة واضحة، للأدب والثقافة بصورة عامة، بل النقد يقوم على التحليل، والموضوعية، وفهم السياق التاريخي والاجتماعي الذي أنتج النص. والسياب، مهما اختلفنا حول بعض نصوصه أو مواقفه - إن كانت لديه مواقف لا يرغب بها الآخرين - يبقى ظاهرة أدبية لا يمكن القفز فوقها أو اختزالها في أحكام انفعالية. فالشعر لا يُقاس فقط بذائقة آنية، بل بتأثيره العميق والممتد في الوعي الجمعي للأمة.
والحقيقة أن السياب ليس اسماً عابراً في سجل الثقافة، بل هو ركنٌ أساسي من أركان حركة الشعر الحر، وأحد الذين غيّروا مسار القصيدة العربية شكلاً ومضموناً. فقد استطاع، عبر تجربته الشعرية العميقة، أن يمزج بين الهمّ الشخصي والهمّ الجمعي، وأن يحوّل معاناته الذاتية ومرضه وغربته إلى صوت إنساني واسع الصدى. من هنا، فإن التعامل مع هذه التجربة بمنطق التجريح أو التقليل، دون قراءة نقدية منهجية، يُعد ظلماً ثقافياً قبل أن يكون اختلافاً في الرأي.
وأظن إن مثلا كذا اساءات، تكمن على مستويين أثنين لا ثالث لهما:
1- تكمن عن حقد شخصي دفين، إثر موقف معاكس، اثمر عن تصور سلبي، ظل كامن في نفس ذلك الشخص الذي وقع عليه الموقف.
2- حسد ازاء السياب كونه اصبح علمًا من أعلام الأدب، وصار قدوة يحتذى بها من قبل الكثير، كونه قد نجح ايما نجاح، وغيره فشل ولم يرتق للمركز المطلوب.
وأختم بالقول: إن الثقافة العراقية، وهي تمر بظروف صعبة، أحوج ما تكون إلى خطاب نقدي مسؤول، يحافظ على منجزها الأدبي، ويناقشه بعقل مفتوح لا بروح الهدم. فالسياب ليس ملكاً لشخص أو جيل، بل هو جزء من الذاكرة الثقافية العراقية والعربية، والدفاع عن قيمته ليس تعصباً، بل احترام للتاريخ الإبداعي الذي صنع ملامح قصيدتنا الحديثة. لذا فمن حق الجمع أن يرفض هذه الاساءة، للسياب أو لغيره من رموز الثقافة العراقية.



#داود_السلمان (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصعاليك الجدد/ 4
- صعاليك العراق الجُدد/ 3
- صعاليك العراق: شعرٌ يُكتب على حافة الخراب/ مقدمة
- منحة المبدعين بين الاستحقاق والمنّة
- معارض الكتب.. جعجعة بلا طحين
- أدباء مرضى نفسيين: ما هو التعالي الفارغ؟
- لماذا نعيش إذا كانت الحياة بلا معنى؟
- فصول الحزن الدفين قراءة في نص(رياح) لـ عبد الإله الفهد
- تجربتي الأدبية وزيف البشر
- المتاهة التي نسكنها
- بلدٌ غنيّ وفنانٌ جائع لماذا انهار رضا الخياط؟
- من هم أدباء الدمج؟
- السفر الى الماضي والى الحاضر - كتاب يضلّ الفكر باسم المعرفة
- فضيحة من العيار الثقيل تهز المشهد الثقافي
- ما عاد لي وطنٌ
- صوتي ليس للبيع…لهذا لن أنتخب
- رؤية الحيدري.. التشيع كاجتهاد مفتوح نحو الحقيقة
- كمال الحيدري كما أراه
- الحيدري: هل الله موجود أم وجود؟*
- كمال الحيدري: آدم أول نبي لا أول مخلوق


المزيد.....




- قضية صور ريهام عبد الغفور.. نقابة المهن التمثيلية تتدخل وتتخ ...
- إعلان بيع وطن
- أفلام من توقيع مخرجات عربيات في سباق الأوسكار
- «محكمة جنح قصر النيل تنظر دعوى السيناريست عماد النشار ضد رئي ...
- منتدى الدوحة 2025: قادة العالم يحثون على ضرورة ترجمة الحوار ...
- بدا كأنه فيلم -وحيد في المنزل-.. شاهد كيف تمكن طفل من الإيقا ...
- -رؤى جديدة-.. فن فلسطيني يُلهم روح النضال والصمود
- رسائل فيلم ردع العدوان
- وفاة محمد بكري، الممثل والمخرج الفلسطيني المثير للجدل
- استشهاد فلسطينيين اثنين برصاص الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة


المزيد.....

- دراسة تفكيك العوالم الدرامية في ثلاثية نواف يونس / السيد حافظ
- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود السلمان - لماذا الإساءة إلى السياب؟