أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسن مدبولى - تعديل القرآن ، وتعديل الانجيل














المزيد.....

تعديل القرآن ، وتعديل الانجيل


حسن مدبولى

الحوار المتمدن-العدد: 8569 - 2025 / 12 / 27 - 00:01
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في أبريل/نيسان عام 2018، خرج إلى العلن بيان مثير للجدل وقّع عليه عدد من الشخصيات الفرنسية المعروفة، وجرى تداوله على نطاق واسع في وسائل الإعلام، أبرزها صحيفة لوباريزيان الفرنسية. دعا البيان – الذي تبنّاه مثقفون وسياسيون وفنانون محسوبون على التيار اليميني – إلى ما سموه «مراجعة» أو «تعديل» بعض آيات القرآن الكريم، بزعم أنها تحض على العنف ضد اليهود والمسيحيين والملحدين.
وقد ضمّت قائمة الموقّعين قرابة 300 شخصية عامة، من بينهم الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي، ورئيس الوزراء السابق مانويل فالس، إلى جانب أسماء ثقافية وفنية معروفة. ورغم اختلاف مواقع هؤلاء وتوجهاتهم، فإنهم التقوا عند فكرة واحدة شديدة الخطورة: مطالبة المسلمين بـ«تعديل» نص مقدس، على غرار ما ادّعى البيان أنه جرى في المسيحية، حين “تخلّت الكنيسة” – بحسب زعمهم – عن العداء التاريخي لليهود،عقب تعديل الإنجيل ،

البيان ايضا لم يكتفِ بالدعوة إلى النقاش أو النقد، بل ذهب إلى حد المطالبة الصريحة بحذف آيات قرآنية، بحجة أن المسيحية عرفت تعديلات مماثلة في نصوصها ومواقفها اللاهوتية، انتهت – كما يقول أصحاب البيان – إلى إنهاء العداء المسيحي لليهود.
وهي مقارنة مضلِّلة، تتجاهل الفروق الجوهرية بين طبيعة النصوص المقدسة في الديانتين، كما تتغافل عن السياقات التاريخية والسياسية التي حكمت تطور الخطاب الديني الغربي.
الأخطر من مضمون البيان، كان الصمت شبه الكامل الذي قوبل به آنذاك في الأوساط العربية والإسلامية، باستثناء ردود محدودة وباهتة من بعض رجال الدين في فرنسا ومصر والجزائر. صمتٌ يثير التساؤل، لا سيما إذا قورن بحجم الجرأة التي انطوى عليها الطرح، وبما يحمله من مساس مباشر بعقيدة مليار ونصف المليار مسلم.
المفارقة الأكثر إيلامًا أن بعض الأصوات العربية المتطرفة في المهجر، هلّلت لتلك الدعوات الفرنسية، واعتبرتها “تقدمية” أو “شجاعة”، بينما تجاهلت تمامًا الإشارة الصريحة الواردة في البيان نفسه إلى حدوث تعديلات لاهوتية عميقة في المسيحية، كان من نتائجها إعادة صياغة العلاقة مع اليهود، بل وتحويلها لاحقًا إلى غطاء ديني لدعم المشروع الصهيوني.

هذا السياق يعود إلى الذاكرة، بمناسبة الحملة الهستيرية التي شُنّت على إعلامية مصرية لمجرد إشارتها، في برنامج تلفزيوني، إلى مفهوم «المسيحية الصهيونية» ودوره في تشكيل الموقف الغربي المنحاز لإسرائيل. وهي الفكرة ذاتها التي لمّح إليها بيان 2018 الفرنسي، وإن بصياغة مختلفة.

وبالمناسبة أيضا فالمسيحية الصهيونية، خلافًا لما يحاول البعض إخفائه أو إنكاره، ليست اختراعًا إعلاميًا ولا فزاعة أيديولوجية، بل تيار ديني–سياسي راسخ، بات أحد محددات الخطاب الديني الغربي، خصوصًا في الولايات المتحدة. وهو تيار يرى في قيام دولة إسرائيل عام 1948 تحقيقًا لنبوءات توراتية، ويعتبر تهجير الفلسطينيين واحتلال الأرض والحروب المتلاحقة جزءًا من “خطة إلهية” تمهّد لعودة المسيح المنتظر.
ووفق هذا التصور، يتحول دعم إسرائيل من موقف سياسي قابل للنقاش، إلى واجب ديني مقدّس. وهكذا فالسياسي الغربي أو الجندي الاوروبى الداعم لإسرائيل،لايرى نفسه شريكًا في ظلم أو عدوان، بل صاحب “رسالة روحية”، تؤدى باسم الإيمان. وهذا الغلاف اللاهوتي هو ما يمنح آلة الحرب الإسرائيلية شرعية زائفة، ويطمس الجرائم خلف خطاب ديني مشحون باليقين المطلق.
الخطير أن هذا النمط من التفكير لم يعد حكرًا على الغرب. فقد بدأ يتسلل، بدرجات متفاوتة، إلى بعض الأوساط العربية، خصوصًا بين أقليات دينية أو نخب معزولة ثقافيًا، حيث يجري الخلط بين الإيمان الديني، والانحياز السياسي، إلى حد اعتبار إسرائيل “دولة مقدسة”، ودعمها التزامًا عقائديًا لا يقبل النقاش.
هنا لا نكون أمام اختلاف في الرأي، ولا حتى أمام جدل ديني مشروع، بل أمام انزلاق خطير نحو تديين الاستعمار، وتقديس الاغتصاب، وتحويل المأساة الفلسطينية إلى تفصيلة ثانوية في “ملحمة لاهوتية” كبرى، يُستعجل فيها خراب العالم على حساب شعوب المنطقة.

فمن يريد فهم سر ظاهرة الاصطفاف الغربي الأعمى خلف إسرائيل، أو تبرير بعض الأصوات العربية لذلك الاصطفاف، عليه أن يتجاوز الحسابات السياسية السطحية، وينفذ إلى عمق البنية الدينية والفكرية التي تشكّل هذا الوعي. وعيٌ لم يعد يرى فلسطين وأهلها، بقدر ما يرى “أرض الميعاد”، ويستدعي الخراب باعتباره شرطًا للخلاص،وهو فى ظنى ما كانت تقصده الاعلامية فى طرحها الذى أثار جدلا كبيرا،،



#حسن_مدبولى (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أزمات سورية ،،
- الشعر والهدم،،،
- تركيا والمخدرات ،،،
- العلاقة بين -برياه فيهر - والمسجد الأقصى !!
- عندما يكون الهدف نبيلا !!
- صفقة الغاز المصرية الإسرائيلية
- حينما تصبح كرة القدم ، مرآة للسياسة
- وهم الحصانة،،،
- حين تصبح كرة القدم مرآة للسياسة ،،
- حملات دعائية !!
- سيكتب عنها اللاحقون !؟
- البعد الإنسانى لحبس الفتيات ،،
- وداد مترى أنطون ، إمرأة من مصر،،
- فاطمة نعمت راشد، والحزب النسائى المصرى
- الأم المصرية ، وولدها
- إبراهيم يسرى ، القابض على جمر الوطن
- أزمة الإسطورة محمد صلاح وقميص عثمان !!
- أبطال نسيهم التاريخ
- المخرج، وسيدة القرن !
- ست البلاد ، الدكتورة نعمات أحمد فؤاد


المزيد.....




- الصدر: تفجير مسجد الإمام علي (ع) إعلان لبدء الطائفية وسوريا ...
- قداس الميلاد في كاتدرائية واشنطن الوطنية
- تركيا تعتقل شخصا يشتبه بانتمائه لتنظيم الدولة الإسلامية خطط ...
- بينها -بوكو حرام- و-أنصارو-.. أبرز الجماعات المسلحة في نيجير ...
- ضربات أمريكية على نيجيريا لوقف -قتل المسيحيين-
- مسيحيو غزة.. أعياد الميلاد بلا بهجة والعائلات فرقتها الحرب
- ناج من تفجير مسجد حمص يروي لحظات الرعب بين الأذان والإقامة
- الجزيرة نت تواكب احتفال المسيحيين في غزة بعيد الميلاد على وق ...
- مجموعة -سرايا أنصار السنة- المتطرفة تتبنى تفجير المسجد في حم ...
- تفاصيل الضربات الأميركية في نيجيريا.. هل استهدف ترامب المسيح ...


المزيد.....

- رسالة السلوان لمواطن سعودي مجهول (من وحي رسالة الغفران لأبي ... / سامي الذيب
- الفقه الوعظى : الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- نشوء الظاهرة الإسلاموية / فارس إيغو
- كتاب تقويم نقدي للفكر الجمهوري في السودان / تاج السر عثمان
- القرآن عمل جماعي مِن كلام العرب ... وجذوره في تراث الشرق الق ... / مُؤْمِن عقلاني حر مستقل
- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسن مدبولى - تعديل القرآن ، وتعديل الانجيل