أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسن مدبولى - العلاقة بين -برياه فيهر - والمسجد الأقصى !!














المزيد.....

العلاقة بين -برياه فيهر - والمسجد الأقصى !!


حسن مدبولى

الحوار المتمدن-العدد: 8565 - 2025 / 12 / 23 - 16:21
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ما شهدته المنطقة الحدودية بين تايلاند وكمبوديا منذ مايو الماضي من احتكاكات عسكرية، تصاعدت إلى اشتباكات أوسع في ديسمبر، لم يكن حدثًا طارئًا ولا خلافًا حدوديًا عابرًا، بل انفجارًا مؤجَّلًا لصراع ظل كامنًا لعقود، ينتظر لحظة عالمية مواتية ليطفو على السطح.
ورغم أن هذه المواجهة تبدو محدودة عسكريًا، فإنها تذكّرنا بحقيقة ثابتة، وهي أن النزاعات المنسيّة لا تنتهي، بل تُؤجَّل، وأن الخرائط التي تُرسَم بقلم المستعمر قد يُعاد رسمها لاحقًا بالمدافع.
تعود جذور الصراع الكمبودي–التايلاندي إلى تاريخ إمبراطوري معقّد؛ فكمبوديا هي الوريثة التاريخية لإمبراطورية الخمير، التي بسطت سيطرتها بين القرنين التاسع والخامس عشر على مساحات واسعة من أراضي تايلاند الحالية. غير أن ميزان القوة انقلب لاحقًا مع صعود مملكة سيام (تايلاند)، فتأجّج التنافس بين الطرفين، ثم جاء الاستعمار الفرنسي ليُعمّق هذا التناقض؛ إذ خضعت كمبوديا للاحتلال، بينما حافظت تايلاند على استقلالها، قبل أن تُعيد فرنسا رسم الحدود بين البلدين بما يخدم مصالحها، وهي مصالح التقت حينها مع الرؤية الكمبودية.
غادرت فرنسا المنطقة تاركةً وراءها خرائط تحوّلت لاحقًا إلى مرجعية قانونية دولية، لكنها ظلت موضع شك ورفض داخل الوعي القومي التايلاندي. وهكذا تشكّل التناقض المركزي في هذا النزاع بين حدودٍ صاغها الاستعمار ونالت شرعية قانونية، وذاكرة قومية معادية ترفض الاعتراف بها.
في قلب هذا الصراع يقف معبد برياه فيهر (Preah Vihear)، أو "براسات برياه فيهير" بلغة الخمير، ويعني اسمه حرفيًا "معبد الإله المقدّس" شُيّد المعبد في القرن الحادي عشر على يد إمبراطورية الخمير، وهو معبد بوذي مقدس في الوجدان الكمبودي، لكنه لم يعد مجرد أثر تاريخي أو موقع ديني، بل تحوّل إلى رمز سيادي وأداة تعبئة سياسيةللأمة، ورغم أن محكمة العدل الدولية أقرت بتبعيته لكمبوديا، ظل الواقع الميداني قابلًا للاشتعال مع كل أزمة داخلية أو توتر سياسي، إذ لم يعد المعبد حجرًا صامتًا، بل صار عنوانًا لصراع أوسع: من يملك حق رواية التاريخ؟ ومن يمتلك أدوات القوة لفرض هذه الرواية؟

وهذا المشهد نفسه يتكرر، وبصورة أكثر حدّة وعنفًا، في منطقتنا العربية. فالقدس والمسجد الأقصى لم يعودا مجرد مدينة مقدسة أو مكان للعبادة، بل تحوّلا إلى قلب الصراع العربي–الإسرائيلي، وإلى الرمز الأعلى كثافة في معركة السرديات. تتحرّك إسرائيل في الأقصى كما تتحرّك تايلاند حول برياه فيهر من فرضٌ للأمر الواقع، وبسطٌ للسيطرة الميدانية بالقوة، وتغييرٌ ديموغرافي، وإعادة تعريف للرمز تحت حماية السلاح، بينما يُدفع القانون الدولي إلى الهامش، ويُختزل في بيانات إدانة بلا أثر.
فلا يمكن فصل التصعيد التايلاندي–الكمبودي عن لحظة عالمية أوسع تتراجع فيها هيبة النظام الدولي وقدرته على الردع. ففي عالم كهذا، لا تبدو القدس استثناءً، بل نموذجًا قابلًا للتكرار. فحين يُسمح لإسرائيل بفرض وقائع جديدة في الأقصى دون ثمن، وحين يُترك القانون الدولي عاجزًا عند حدود غزة، يصبح من الطبيعي أن تجرؤ قوى أخرى على اختبار القوة في نزاعات مؤجَّلة، كما يحدث اليوم على حدود كمبوديا.
ومن الناحية القانونية، تميل الكفّة في نزاع تايلاند وكمبوديا لصالح الأخيرة، تمامًا كما يميل الحق التاريخي والقانوني في القدس لصالح الشعب الفلسطيني. لكن السياسة العالمية اليوم لا تكافئ الحق، بل تكافئ من يملك القدرة على فرض روايته بالقوة. ومن هنا، لا يعود الصراع على القدس شأنًا فلسطينيًا أو عربيًا فحسب، بل يتحوّل إلى معيار عالمي: ما يُسمَح به في الأقصى سيُستنسخ في أماكن أخرى، وما يُغضّ الطرف عنه في برياه فيهر، سيعود لاحقًا كسابقة تُستدعى في نزاعات جديدة حول العالم.



#حسن_مدبولى (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عندما يكون الهدف نبيلا !!
- صفقة الغاز المصرية الإسرائيلية
- حينما تصبح كرة القدم ، مرآة للسياسة
- وهم الحصانة،،،
- حين تصبح كرة القدم مرآة للسياسة ،،
- حملات دعائية !!
- سيكتب عنها اللاحقون !؟
- البعد الإنسانى لحبس الفتيات ،،
- وداد مترى أنطون ، إمرأة من مصر،،
- فاطمة نعمت راشد، والحزب النسائى المصرى
- الأم المصرية ، وولدها
- إبراهيم يسرى ، القابض على جمر الوطن
- أزمة الإسطورة محمد صلاح وقميص عثمان !!
- أبطال نسيهم التاريخ
- المخرج، وسيدة القرن !
- ست البلاد ، الدكتورة نعمات أحمد فؤاد
- أربعة مبدعين ،،،
- أربعة شعراء،انحنوا جميعا،إلا واحد!؟
- دولة التلاوة، وضياع الهوية !؟
- من الديانات الإبراهيمية ،،،


المزيد.....




- إدانة متهمين بالتخطيط لهجوم يستهدف مئات اليهود في بريطانيا
- إدانة ثنائي بايعا داعش بتخطيط -أعنف هجوم- ضد يهود مانشستر
- هل يوجد حد الرجم في الإسلام حقا؟
- 121 مستوطنا يقتحمون المسجد الأقصى ويؤدون طقوسا تلمودية
- استشهاد شاب فلسطيني برصاص الاحتلال شمال سلفيت
- بعد اتفاق تبادل الأسرى.. عمان تثمن الروح الإيجابية التي سادت ...
- شجرة الميلاد لم تشتعل في غزة.. المسيحيون يصارعون أنقاض كنائس ...
- شيخ الأزهر: القضية الفلسطينية بلغت حدا من الظلم لا يقبل الحي ...
- مصر.. حكم بالمؤبد والمشدد لـ5 رجال أعمال في تنظيم -الإخوان- ...
- شيخ الأزهر: حل الدولتين مجرد مناورات ولا يعكس مشروعا حقيقيا ...


المزيد.....

- رسالة السلوان لمواطن سعودي مجهول (من وحي رسالة الغفران لأبي ... / سامي الذيب
- الفقه الوعظى : الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- نشوء الظاهرة الإسلاموية / فارس إيغو
- كتاب تقويم نقدي للفكر الجمهوري في السودان / تاج السر عثمان
- القرآن عمل جماعي مِن كلام العرب ... وجذوره في تراث الشرق الق ... / مُؤْمِن عقلاني حر مستقل
- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسن مدبولى - العلاقة بين -برياه فيهر - والمسجد الأقصى !!