حجي قادو
كاتب وباحث
(Haji Qado)
الحوار المتمدن-العدد: 8566 - 2025 / 12 / 24 - 15:10
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لا يمكن للعالم أن يتجاهل القضية الكردية، مهما حاولت المصالح الجيوسياسية أن تفرض منطقها على العلاقات الدولية، أو أن تُبنى التحالفات على سياسات انتقامية تجاه الشعب الكردي، لأسبابٍ متخلّفة تعود جذورها إلى عداءات تاريخية امتدت لمئات السنين، وأخرى حديثة العهد نتجت عن تخبّطٍ سياسي مارسته بعض الجماعات الكردية في مراحل سابقة، حين ارتبطت بأجندات إقليمية. غير أن تلك المرحلة قد انتهت، وتلك القوى تلاشت وانمحَت، ولم تعد تشكّل أي تأثير يُذكر في المشهد السياسي الكردي الراهن.
إن المجتمع الدولي مطالب اليوم بإدراك حقيقة جوهرية، وهي أن قيام الدولة الكردية يمثّل أحد المفاتيح الأساسية لتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط. فبدون إقامة دولة كردية مستقلة على أرض كردستان التاريخية، سيظل استقرار المنطقة هشًّا، ومعرّضًا للانهيار في كل منعطف سياسي أو أمني جديد.
لقد كشفت التطورات التي أعقبت ما عُرف بـ«الربيع العربي»، ولا سيما بعد انهيار عدد من الأنظمة الاستبدادية، عن فراغٍ أمني وسياسي عميق، وعجزٍ واضح لدى كثير من القوى المحلية عن مواجهة الإرهاب بجدية وفاعلية. وفي هذا السياق، برزت القوات الكردية كقوة حقيقية وموثوقة في محاربة الإرهاب، حيث أثبتت كفاءتها العالية، وقدّمت نموذجًا لقوة منضبطة ومعتدلة، مقارنةً بالعديد من القوى الأخرى في المنطقة. وعلى الرغم من محدودية إمكانياتها العسكرية والاقتصادية، فإنها امتلكت إرادة صلبة مستمدة من عدالة قضيتها الوطنية.
كما تميّزت الحركة الكردية بابتعادها عن سياسات المقايضة والمساومات الإقليمية، والتزامها بعدم تهديد أو استهداف أي دولة مجاورة، الأمر الذي جعل منها عامل استقرار حقيقي، لا مصدر توتر أو تهديد في محيطها الإقليمي.
إن إعادة وضع المنطقة على مسارها الصحيح تتطلب مراجعة جذرية للإرث السياسي الذي خلّفته اتفاقية سايكس–بيكو، تلك الحدود المصطنعة التي قسّمت كردستان إلى أربعة أجزاء، وأُلحق كل جزء منها بدولة مجاورة. وقد نتج عن هذا التقسيم سياسات ممنهجة لطمس الهوية الكردية، تجلّت في التعريب في كلٍّ من سوريا والعراق، والتتريك في تركيا، والتفريس في إيران.
إن إنصاف الشعب الكردي، ومنحه حقه المشروع في تقرير مصيره، لا يُعدّ مطلبًا قوميًّا فحسب، بل يُشكّل خطوة أساسية نحو إرساء سلامٍ دائم واستقرارٍ حقيقي في الشرق الأوسط، سلامٍ يقوم على العدالة واحترام حقوق الشعوب، لا على فرض الأمر الواقع بالقوة أو استمرار الظلم التاريخي.
#حجي_قادو (هاشتاغ)
Haji_Qado#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟