أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حجي قادو - انتصاراتُ الكُردِ في ميدانِ المعركةِ تُمحى على طاولةِ المفاوضات.














المزيد.....

انتصاراتُ الكُردِ في ميدانِ المعركةِ تُمحى على طاولةِ المفاوضات.


حجي قادو
كاتب وباحث

(Haji Qado)


الحوار المتمدن-العدد: 8551 - 2025 / 12 / 9 - 22:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يذهب كثيرون إلى القول إنّ الكورد يحققون مكاسب ميدانية على الأرض، لكنهم سرعان ما يفقدون ثمار تلك المكاسب على طاولة المفاوضات السياسية. وأجدني ميّالًا إلى الاتفاق مع هذا الطرح، ليس من باب جلد الذات، بل من باب القراءة الواقعية لتجارب سياسية متراكمة.

المفارقة المؤلمة أن الخلل لا يكمن غالبًا في صدق القضية، ولا في عدالة المطالب، بل في كيفية توظيف الخطاب السياسي والإعلامي في المكان والزمان الصحيحين. فالكورد يمتلكون في العادة خطابًا عاطفيًا صادقًا، نابعًا من عمق المعاناة، لكنه في كثير من الأحيان يُستخدم في سياقات لا تخدم الهدف الاستراتيجي المرجو.

نشهد في مناسبات عديدة اعتصامات ومظاهرات واسعة في مدن العالم، تُرفع خلالها شعارات، وتُستخدم رموز وصور لا تنسجم دائمًا مع طبيعة الحدث أو رسالته الأساسية. فتخرج الفعالية عن مسارها، وتضيع البوصلة، وتتحول الطاقة الجماهيرية إلى فعلٍ رمزيٍّ محدود الأثر، لينتهي المشهد بالعودة إلى نقطة الصفر.

وفي حالات أخرى، تتخذ ردود الأفعال طابعًا انفعاليًا يضرّ بالقضية أكثر مما يخدمها. ويمكن ملاحظة ذلك في مواقف الاحتجاج على وجود بعض القوى الدولية، حيث تم التعبير عن الرفض بأساليب تتناقض مع التفاهمات السياسية المسبقة، ما يُظهر الحركة السياسية بمظهر المتناقض مع نفسه، ويُضعف صدقيته أمام الرأي العام الدولي.

أما في المحافل الدولية، فإن الإشكالية تتكرر بصيغة أكثر وضوحًا. ففي مؤتمرات تُعنى بقضايا محددة، كحقوق الأقليات، أو حماية اللغات والثقافات، يُفترض أن يكون الخطاب موجّهًا بدقة نحو الموضوع المطروح. لكن كثيرًا ما يتحوّل الخطاب الكردي إلى مسارٍ عام يتناول الانتهاكات، والجرائم، والدساتير، بدل التركيز على العنوان المركزي للمؤتمر، ما يُفقد الرسالة تركيزها، ويُضعف أثرها السياسي والحقوقي.

ورغم كل ذلك، لا يمكن إنكار أنّ الخطاب الكردي في جوهره صادق، عميق، ومؤثّر، لأنه يستند إلى معاناة حقيقية وتجربة تاريخية طويلة. غير أنّ المشكلة تكمن في غياب الاحترافية في إدارة هذا الخطاب، لا في مضمونه.

إنّ ما يحتاجه الكورد اليوم ليس فقط إيصال الصوت، بل إتقان لغة المخاطبة السياسية. فمن الضروري الانتقال من ردّ الفعل إلى الفعل المنظّم، ومن العاطفة وحدها إلى الاستراتيجية الواعية. كما أنّ من المهم إعادة تعريف الخطاب: فالكورد ليسوا “أقلية” بالمعنى التاريخي، بل شعبٌ يعيش على أرضه التاريخية، وما تعرّض له من تجزئة لم يكن نتاج ضعف داخلي، بل نتيجة لتقاطعات المصالح الدولية، والتحالفات التي أعادت رسم خرائط المنطقة.

إنّ الحديث عن النِّسَب السكانية في ظلّ واقع التقسيم القسري لا يخدم القضية بقدر ما يخدم سرديات الخصوم. فالحقّ التاريخي لا يُقاس بالأرقام وحدها، بل بالجغرافيا والهوية والامتداد الحضاري.

وخلاصة القول: إنّ الانتصار الحقيقي لا يكتمل في ساحات القتال وحدها، بل يُصان على طاولات السياسة، ويُحرس بخطابٍ رصين، مدروس، واحترافي. فالقضية العادلة لا يكفي أن تكون عادلة، بل يجب أن تُدار بعدالة وحكمة.



#حجي_قادو (هاشتاغ)       Haji_Qado#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين حقّ الاحتفال وذاكرة الجراح: قراءة في الموقف الكردي
- سوريا بين الخطاب المعلن والواقع الميداني
- ارتباك في الخطاب السياسي… ومصير سوريا رهينة التناقضات
- السلام المؤجَّل وحقوق الكرد… بين الوعود السياسية وواقع الإنك ...
- الاتجاه المعاكس… حين يتحول الإعلام إلى منصّة للفتنة-
- بهجلي وقلق أنقرة المتجدد من تقارب كوردي كوردي
- الكورد تاجٌ على رؤوس من أراد إهانتهم
- التسوية أم الاستسلام؟ القضية الكردية بين المساومات السياسية ...
- بين خطاب التهدئة وواقع الإقصاء… قراءة في رسالة الشرع إلى أبن ...
- رسالة إمرالي… بين الواقع السياسي وكرامة التضحيات
- سوريا بين التفكّك والإنقاذ… لا حلّ دون 2254
- حين تتحول الثورة إلى نقيض شعاراتها… قراءة نقدية في التجربة ا ...
- بيان لجنة إيمرالي… ومفارقات اتفاق 10 آذار في سوريا
- تصريح محمد إسماعيل رئيس المجلس الوطني الكوردي… تساؤلات مفتوح ...
- قبل توجيه الاتهامات… فلننظر في المرآة أولًا
- رسالة عبد الله أوجلان… سلامٌ بلا هوية أم سياسةٌ بلا وضوح؟
- لقاء غير مُفهوم… بين الجلاد والضحية
- اتفاق 10 آذار بين الشرع والجنرال مظلوم… إنقاذ للبلاد أم مجام ...
- من الاحتلال التركي إلى التوغل الإسرائيلي، وتغييب القضية الكر ...
- ظهور مظلوم عبدي في ملتقى ميبس في دهوك… رسالة سياسية تتجاوز ح ...


المزيد.....




- ترامب يمازح الحضور في تجمع جماهيري: -لو قرأت المكتوب في جهاز ...
- الأول من نوعه عالميا.. أستراليا تبدأ حظر استخدام الأطفال لوس ...
- النواب الفرنسيون يقرون بفارق ضئيل ميزانية -الضمان الاجتماعي- ...
- زيلينسكي مستعد لإجراء انتخابات وتقديم -وثائق منقحة- بشأن إنه ...
- من 20 نقطة.. أوكرانيا تستعد لتقديم -مقترح منقح- لوقف الحرب
- تقرير عن -صفقة 2019- للعفو عن نتنياهو.. وهرتسوغ يرد
- ترامب يكذّب زعيما أوروبيا بعد -تصريح العشرين مليار دولار-
- عقوبات أميركية على شبكة تجنّد كولومبيين في قوات الدعم السريع ...
- -أقرب تهديد-.. مقاتلتان أميركيتان تحلقان فوق خليج فنزويلا
- إنفانتينو أمام شكوى لدى محققي أخلاقيات -الفيفا- بسبب جائزة ا ...


المزيد.....

- قراءة في تاريخ الاسلام المبكر / محمد جعفر ال عيسى
- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حجي قادو - انتصاراتُ الكُردِ في ميدانِ المعركةِ تُمحى على طاولةِ المفاوضات.