أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - طوفان الأقصى 807 - الإمارات في مواجهة السعودية: تفكك معسكر “مناهضة الحوثيين” وإعادة رسم اليمن















المزيد.....

طوفان الأقصى 807 - الإمارات في مواجهة السعودية: تفكك معسكر “مناهضة الحوثيين” وإعادة رسم اليمن


زياد الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 8563 - 2025 / 12 / 21 - 20:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ترجمة وتحليل د. زياد الزبيدي

22 ديسمبر 2025

لم تعد الحرب في اليمن، كما يشير المستشرق والباحث والمحلل السياسي الروسي ليونيد تسوكانوف في مقاله المنشور بتاريخ 10 كانون الأول/ديسمبر 2025 بعنوان: «الإمارات في مواجهة السعودية: أعداء الحوثيين يقتسمون اليمن ويتقاتلون فيما بينهم»، مجرد صراع بين “شرعية” مدعومة خليجيًا وحركة أنصار الله (الحوثيين)، بل تحولت إلى ساحة تصادم مباشر بين رعاة الحرب أنفسهم. فالتحول الأبرز الذي شهده مطلع ديسمبر لم يكن تقدم الحوثيين أو تراجعهم، بل إنشطار التحالف المعادي لهم من الداخل، وإنفجار الصراع بين أبو ظبي والرياض عبر وكلائهما المحليين.
يكتب تسوكانوف بوضوح: «على المسرح اليمني وقع إنقلاب حاد في ميزان القوى: التحالف الذي قاتل الحوثيين لسنوات إنقسم إلى نصفين، ورفع الحلفاء السابقون السلاح بعضهم في وجه بعض».

جذور الإنقسام: تاريخ دولتين لا دولة واحدة

لفهم ما جرى، يعيد الكاتب القارئ إلى الجذر البنيوي للأزمة اليمنية، حين لم يكن اليمن كيانًا واحدًا بل دولتين متنافستين: الجمهورية العربية اليمنية في الشمال، وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية في الجنوب، ذات الخلفية الإشتراكية والعلاقات الدولية المختلفة.
ورغم أن الطرفين إنتميا شكليًا إلى “المعسكر الإشتراكي”، فإن التنافس بينهما لم يكن أيديولوجيًا بقدر ما كان صراع نفوذ وسيطرة على الممرات البحرية والتجارة الدولية. لذلك، فإن وحدة عام 1990 لم تُنهِ الصراع، بل أخفته مؤقتًا تحت سقف سياسي هش.
كما يلاحظ تسوكانوف:
«الوحدة لم تكن إندماجًا متكافئًا، بل إنتصارًا للشمال، مقابل وعود غامضة للجنوب بالتمثيل السياسي».


من التهميش إلى التمرد: ولادة “الحركة الجنوبية”

إقصاء النخب الجنوبية بعد الوحدة خلق ذاكرة سياسية جريحة. لكن الجنوب لم يمتلك أدوات التمرد إلا بعد منتصف العقد الأول من الألفية، حين موّلت الإمارات إنشاء حركة “الحراك الجنوبي” (الحراك)، التي بقيت لفترة طويلة بلا ثقل عسكري حاسم.
حتى إندلاع الحرب الشاملة عام 2015، حين إستغل الجنوبيون إنشغال الشمال بالحرب مع الحوثيين وأعلنوا إدارة ذاتية من طرف واحد. وبعد سنوات من الفوضى، تبلور هذا التمرد في كيان سياسي–عسكري منظم هو المجلس الإنتقالي الجنوبي.
لكن هذا المشروع كاد أن يُدفن نهائيًا بين عامي 2020 و2021، عندما نجح الشمال – بدعم سعودي – في تقليص مناطق سيطرة المجلس الإنتقالي إلى حدٍّ بالغ الخطورة.

صفقة الضرورة: وحدة مؤقتة ضد الحوثيين

هنا يتدخل العامل الإقليمي. فمع تمدد الحوثيين نحو المناطق الساحلية والنفطية، رأت كل من السعودية والإمارات أن صراعهما البيني يجب أن يُجمَّد مؤقتًا. وهكذا نشأت “تسوية فوقية” عام 2022، أُدمج بموجبها قادة المجلس الإنتقالي في مجلس القيادة الرئاسي.
لكن، كما يصف تسوكانوف بدقة: «كانت تلك وحدة إضطرارية لا تصالحًا حقيقيًا. الجنوب لم يتخلَّ عن فكرة الإنفصال، بل أخفاها إلى حين».


ديسمبر 2025: لحظة الإنقضاض

التحول الحاسم وقع في 3 ديسمبر 2025، حين أطلق المجلس الإنتقالي ما سُمِّي “عملية مكافحة الإرهاب” في حضرموت. عملية بدت روتينية، لكنها كانت في الحقيقة أكبر حشد عسكري جنوبي منذ سنوات.
يقول الكاتب: «إلقاء ثلثي القوات الجنوبية في المعركة لم يكن خطأً تكتيكيًا، بل قرارًا إستراتيجيًا للإنقضاض».
خلال أيام، سيطر الجنوبيون على حضرموت، والمهرة، وشبوة، وأعادوا رسم خريطة سيطرتهم بما يكاد يطابق حدود دولة الجنوب السابقة. أما الضربة الرمزية الكبرى فكانت السيطرة الكاملة على عدن، وفرار ممثلي الشمال إلى السعودية.

الإمارات: اللاعب الذي قرر كسر التوازن

لم يكن هذا التحول ليحدث دون ضوء أخضر إماراتي. ويرى تسوكانوف أن أبو ظبي قررت التضحية بالتفاهم مع الرياض لصالح رهان إستراتيجي أوسع، مرتبط بثلاثة عناصر:
1. التحالف المتصاعد مع إسرائيل
2. تحجيم الحوثيين دون المرور عبر السعودية
3. السيطرة على عقد التجارة البحرية
ويشير الكاتب إلى أن إسرائيل، التي فشلت سابقًا في إنتزاع ممر جوي عبر السعودية، وجدت في الجنوب اليمني منصة مثالية للضغط على الحوثيين، خصوصًا مع وجود قاعدة عسكرية في أرخبيل سقطرى، تُستخدم – بموافقة إماراتية – لأغراض إستخباراتية إسرائيلية.
كما يلاحظ: «تحفظ الشمال اليمني على إستعداد إيران والحوثيين جعل العمليات الإسرائيلية شبه عديمة الفاعلية. الجنوب المنفصل قد يغير هذه المعادلة».

اليمن كساحة تصفية حسابات خليجية

إلى جانب البعد الإسرائيلي، ترى الإمارات في جنوب اليمن رافعة إقتصادية وجيوسياسية: التحكم بالموانئ، وخطوط الملاحة، والتجارة العالمية. وهذا لا يعزز نفوذ أبو ظبي فحسب، بل يضرب موقع السعودية مباشرة كمركز ثقل إقليمي.
ولا يكتفي الإماراتيون بالإعتماد على الجنوبيين وحدهم؛ إذ يشير تسوكانوف إلى تدفق مقاتلين من ساحات أخرى، خصوصًا من السودان، إضافة إلى وصول ممثلي شركة A4SI الأمنية، المعروفة بدورها في بناء شبكات الوكلاء العسكريين للإمارات في المنطقة.

السعودية أمام إختبار النفوذ

الرياض، من جهتها، لم تتحرك بعد عسكريًا، لكنها بدأت حشد الآليات المدرعة على الحدود. التريث السعودي، كما يرى الكاتب، ليس ضعفًا بل محاولة لقياس مدى إستعداد أبو ظبي للذهاب بعيدًا في كسر التوازن الخليجي.
ويختم تسوكانوف مقاله بإشارة دالة: «السؤال لم يعد ما إذا كان الجنوب سينفصل، بل من سيدفع ثمن ذلك، وإلى أي حد سيتحول اليمن من حرب أهلية إلى حرب وكلاء بين حلفاء الأمس».


الخلاصة

يكشف مقال ليونيد تسوكانوف أن اليمن دخل مرحلة جديدة تمامًا: لم يعد ساحة صراع داخلي فقط، ولا مجرد حرب بالوكالة ضد الحوثيين، بل أصبح ميدان صدام مباشر بين مشاريع إقليمية متنافسة.
وفي هذا السياق، يبدو أن التحالف الخليجي الذي تشكّل عام 2015 قد إنتهى فعليًا، وأن اليمن يتجه نحو تفكك مُدار من الخارج، حيث تُرسم الحدود بالنار، وتُكتب “الدولة” وفق مصالح الموانئ لا إرادة الشعوب.



#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طوفان الأقصى 806 - كيف وضعت إسرائيل والولايات المتحدة نفسيهم ...
- ألكسندر دوغين - يجب تدمير الإتحاد الأوروبي (برنامج إيسكالاتس ...
- طوفان الأقصى 805 - المستوطنون لن يرحلوا: تفكيك الإستعمار لا ...
- طوفان الأقصى 804 - إيران بين تلقي الضربة والرد - كيف أعادت ط ...
- ألكسندر دوغين - الاتحاد الأوروبي إلى مزبلة التاريخ: كيف سيقس ...
- طوفان الأقصى 803 - نهاية «الإستثناء الإسرائيلي»: حين تتحوّل ...
- جيفري ساكس - عداء روسيا: كارثة لأوروبا
- طوفان الأقصى 802 - إسرائيل والشرق الأوسط بعد الزلزال: من وهم ...
- ألكسندر دوغين - ترامب يدهش العالم مجددًا
- الأقصى 801 - إستغلال هجوم أستراليا: بين الإدانة الأخلاقية وت ...
- ألكسندر دوغين - ضباب كثيف يلف الدبلوماسية - برنامج إيسكالاتس ...
- طوفان الأقصى 800 - يائير لابيد: إسرائيل عند مفترق تاريخي
- حرب أوكرانيا - وجهة نظر تاريخية سياسية دينية
- طوفان الأقصى 799 - مراجعة كتاب - بيتر بينارت: -أن تكون يهودي ...
- ألكسندر دوغين…تأمّلات حول الحرب
- طوفان الأقصى 798 - ما لا نسمعه عن الضفة الغربية
- الولايات المتحدة تعيد صياغة نفسها: قراءة في «إستراتيجية الأم ...
- طوفان الأقصى 797 - عقيدة ترامب الجديدة - الخليج أولاً… وتركي ...
- طوفان الأقصى 796 - «وجه واحد للنازية»: قراءة في مقالة دميتري ...
- طوفان الأقصى 795 - سوريا بعد عام على سقوط نظام الأسد: هل وُل ...


المزيد.....




- مرتبطة بـ-بعقوبات النفط الإيراني-.. مسؤول أمريكي: خفر السواح ...
- لماذا يكثف ترامب هجماته على فنزويلا؟
- رغم الجدل.. ويكيبيديا تُبقي توصيف -الإبادة- لأفعال إسرائيل ف ...
- بايرن -بطل الخريف- ويبتعد عن دورتموند قبل العطلة بتسع نقاط
- كأس الأمم الأفريقية 2025: المغرب يسجل أول انتصار في الدورة ب ...
- كأس الأمم الأفريقية 2025: المغرب يبدأ حملة البحث عن اللقب بف ...
- -مجربة ميدانيا-.. إسرائيل استغلت إبادة غزة لتسويق أسلحتها وح ...
- جلين.. -قرية أفريقية- في قلب حوران السورية
- تفاكر.. لماذا نحتاج اليوم إلى المراجعات الفكرية؟
- انتقادات لتواطؤِ شركات التقنية العالمية مع إسرائيل


المزيد.....

- الوثيقة التصحيحية المنهجية التأسيسية في النهج التشكيكي النقد ... / علي طبله
- الطبقة، الطائفة، والتبعية قراءة تحليلية منهجية في بلاغ المجل ... / علي طبله
- قراءة في تاريخ الاسلام المبكر / محمد جعفر ال عيسى
- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - طوفان الأقصى 807 - الإمارات في مواجهة السعودية: تفكك معسكر “مناهضة الحوثيين” وإعادة رسم اليمن