أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - الأقصى 801 - إستغلال هجوم أستراليا: بين الإدانة الأخلاقية وتكميم أصوات التضامن مع غزة















المزيد.....

الأقصى 801 - إستغلال هجوم أستراليا: بين الإدانة الأخلاقية وتكميم أصوات التضامن مع غزة


زياد الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 8557 - 2025 / 12 / 15 - 23:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


طوفان

ترجمة وتحليل د. زياد الزبيدي


16 ديسمبر 2025


تمهيد: مأساة تُستدعى كسلاح سياسي

في صباحٍ مثقلٍ بالدم والذهول، اإستفاق الرأي العام الأسترالي على هجوم دموي إستهدف إحتفالًا يهوديًا بعيد الحانوكا في شاطئ بونداي، أودى بحياة ستة عشر مدنيًا وأصاب العشرات. حدثٌ كهذا، بحد ذاته، جريمة مكتملة الأركان تستوجب الإدانة الأخلاقية المطلقة. غير أن ما تلى الجريمة من خطابٍ سياسي وإعلامي، هو ما تضعه الكاتبة والناشطة السياسية الأسترالية كيتلين جونستون في قلب تفكيكها النقدي الحاد.
جونستون لا تُخاصم حقيقة الألم، ولا تُراوغ في الموقف المبدئي، بل تبدأ من مسلّمتين واضحتين لا تقبلان الإلتباس:
«من الواضح أن قتل المدنيين لمجرد كونهم يهودًا شرٌّ مطلق».
«ومن الواضح أيضًا أن مذابح إسرائيل بحق المدنيين يجب أن نستمر في معارضتها، وسنستمر».

المشكلة – كما ترى – أن «أسوأ الناس في العالم» يسعون لتصوير هاتين الحقيقتين كأنهما متناقضتان.


الثنائية المصطنعة: إدانة الجريمة مقابل إسكات النقد

القلب التحليلي لمقال جونستون يكمن في فضح هذه الثنائية الزائفة. فإدانة هجوم بونداي لا تستلزم، منطقيًا ولا أخلاقيًا، تعليق أو تجريم الإحتجاج على «الإبادة الجماعية» في غزة. لكن الخطاب الصهيوني الغربي – كما تصفه – يحاول فرض معادلة قسرية: إما أن تُدين الهجوم وتصمت عن غزة، أو تُتّهم بالتواطؤ مع العنف.

تكتب جونستون بلهجة ساخرة مُرّة: «من المقزز مشاهدة حماسة أنصار إسرائيل وهم يهللون لأن لديهم سلاحًا بلاغيًا جديدًا يجلدون به الأصوات المؤيدة لفلسطين حتى يجب وهم على الصمت».

هذا «الفرح الإنتهازي بالمأساة» – بحسب تعبيرها – لا ينبع من تعاطف حقيقي مع الضحايا، بل من فرصة سياسية لتكميم أفواه المعارضين.

من نتنياهو إلى نيويورك تايمز: تسلسل الإتهام

تستعرض الكاتبة، بأسلوب توثيقي سردي، سلسلة المواقف التي سارعت لربط الهجوم بالإحتجاجات المؤيدة لفلسطين:
•بنيامين نتنياهو، الذي لم ينتظر نتائج التحقيق، أعلن أن الهجوم جاء ردًا على خطوات أستراليا نحو الإعتراف بالدولة الفلسطينية.
•بريت ستيفنز في نيويورك تايمز كتب أن «شاطئ بونداي هو الشكل العملي لشعار: عولمة الإنتفاضة»، معتبرًا أن شعارات مثل «المقاومة مبرّرة» تُفضي حتميًا إلى القتل.
•ديفيد فروم في ذا أتلانتيك وصف ما جرى بأنه «قدوم الإنتفاضة إلى بونداي»، منتقدًا تفسير الإحتجاجات بعد 7 أكتوبر بوصفها حرية تعبير.
وتعلّق جونستون ضمنيًا بأن هذا الخطاب لا يسأل: من الذي أطلق النار؟ بل يسأل فقط: من الذي يمكن إسكاتُه؟


شيطنة الإحتجاج: من الإعلام إلى التشريع

تتوسع الدائرة لتشمل سياسيين وإعلاميين أستراليين:
•السيناتور بولين هانسون إعتبرت الإحتجاجات الأسبوعية «علامات تحذير» للهجوم.
•قناة Sky News منحت منصة لنائبة وزير الخارجية الإسرائيلية شارين هاسكل التي قالت صراحة: «هذا هو معنى السماح بترديد شعار: عولمة الإنتفاضة».
•زعيمة المعارضة سوزان لي إستثمرت الدم للمطالبة بتمرير خطط قمع الخطاب التي إقترحها ما يسمى «مبعوث مكافحة معاداة السامية».
وترى جونستون في ذلك مسارًا واضحًا: تحويل مأساة إنسانية إلى ذريعة تشريعية لقمع الحريات.

قلب المفارقة: الإعتراف بالجريمة… وتوجيه اللوم للضحايا السياسيين

أخطر ما تشير إليه الكاتبة هو التناقض العميق في خطاب إسرائيل وأنصارها: «هم يعترفون ضمنيًا بأن الإبادة تدفع نحو تطرّف الناس بعنف، لكن بدل أن يستنتجوا أن على إسرائيل أن تتوقف عن الإبادة، يستنتجون أن على الناس أن تتوقف عن الإحتجاج عليها».
بدل تحميل المسؤولية:
للجناة الفعليين، أو
للسياسات التي تُغذّي العنف،
يتم تحميلها «للأكثر سلمية في المعادلة»: «الذين يحملون لافتات ويقولون إن المذابح يجب ألا تحدث».
وتصف جونستون هذا المنطق بأنه: «أكثر أشكال التلاعب جنونًا وشرًا يمكن تخيله».

من بونداي إلى غزة: وحدة المعيار الأخلاقي

في خاتمة إنسانية مؤثرة، ترفض الكاتبة الإنتقائية الأخلاقية: «قتل المدنيين خطأ. هو خطأ في بونداي، وهو خطأ في غزة».
وتضيف أن محاولة إستخدام مأساة بونداي لإغلاق ملف غزة ليس سوى: «تلاعب ساخر يهدف إلى حماية دولة فصل عنصري إبادي من النقد».
ثم تُنزِل التحليل من مستوى السياسة إلى عمق الفقد الإنساني، حيث يصبح الألم واحدًا، والغياب واحدًا، سواء كان في أستراليا أو فلسطين.

الخلفية الأمنية: نافيد أكرم وتحقيقات الإستخبارات

تضيف معلومات جديدة من New York Post ووكالات الإستخبارات الأسترالية (ASIO) بعدًا أمنيًا مهمًا: نافيد أكرم، 24 عامًا، كان على صلة بعدد من المنظمات الإسلامية في أستراليا، ودرس في مركز "أل-موراكا" الديني، كما خضع لتحقيقات قبل ست سنوات حول صلات محتملة بتنظيم داعش. هذه التفاصيل تشير إلى أن السلطات كانت على دراية جزئية بالتطرف المحتمل، لكنها لم تجد أدلة ملموسة قبيل الحادث. إدراج هذا الخبر يُظهر أن التحليل السياسي للجريمة لا يغفل عن السياق الأمني، لكنه يؤكد كذلك على التوظيف السياسي للحادث لتكميم الإحتجاجات، كما تشير جونستون، خاصة وأن الحادث لا علاقة له بالحملة الشعبية المناوئة للإبادة في غزة.

خاتمة: حرية التعبير في مرمى النار

تصل جونستون إلى خلاصة قاتمة: «الصهيونية هي التهديد الأكبر لحرية التعبير في العالم الغربي بأسره».
ليس لأن النقد يقتل، بل لأن السلطة – حين تُواجَه بالحقائق – تبحث عن دمٍ آخر لتخويف الأصوات.
بهذا المعنى، لا يصبح هجوم بونداي مجرد جريمة إرهابية، بل لحظة إختبار أخلاقي وإعلامي: هل نُدين القتل دون أن نُسلّم رقابنا للإبتزاز السياسي؟ أم نقبل أن يُحوَّل الحزن إلى أداة قمع؟
هذه الدراسة، إستنادًا إلى مقال كيتلين جونستون المنشور في 15 ديسمبر 2025، تُظهر أن المعركة لم تعد فقط على الأرض، بل على المعنى ذاته: معنى التضامن، ومعنى الإدانة، ومعنى أن تقول «لا» للقتل أينما كان، دون أن تُجبر على الصمت عن قتلٍ آخر.

حين رفضت كانبيرا السردية الإسرائيلية

في تطوّرٍ لافت أعقب نشر مقال كيتلين جونستون، خرج رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي ليرفض تمامًا الإدعاء الإسرائيلي الذي ربط بين الإعتراف بدولة فلسطينية والهجوم في بونداي، مؤكّدًا أن هذه الرواية تلاعب سياسي سافر. هذا الموقف الرسمي يشدد على حجج جونستون ويجعلها أكثر قوة هجومية: محاولات إستغلال الدم لتكميم أصوات التضامن مع فلسطين ليست مجرد تحريف، بل تلاعب ساخر مُمنهج – كما وصفته الكاتبة – يسعى لتغطية السياسات الإجرامية، بينما تظهر الحكومة الأسترالية أن الحقيقة الواقعية يمكن أن تقف في وجه هذا التلاعب.

الشجاعة الفردية: أحمد البطل

من جانب آخر، يضيء خبر آخر جديد نشر للتو جانبًا إنسانيًا من الحادثة: البطل الذي تصدى لأحد المسلحين كان أحمد الأحمد، مسلم وأب لطفلين، الذي تمكن من السيطرة على أحد المهاجمين وتفكيك سلاحه رغم إصابته في الحادث. وقد تلقت بطولته دعمًا ماليًا كبيرًا من المجتمع الدولي، حيث أرسل المستثمر الأمريكي بيل إيكمان تبرعًا بقيمة 99,999 دولار، فيما تجاوزت المساهمات الأخرى 493 ألف دولار حتى الآن. هذا العنصر يضيف عمقًا إنسانيًا وإيجابيًا إلى القصة، ويؤكد أن الأبطال ليسوا محصورين بالهوية الدينية وأن الشجاعة الفردية يمكن أن تلهم المجتمع دون أن تُستغل سياسياً.

*****

المرجع

1) مقال الكاتبة Caitlin Johnstone
«Israel Apologists Hasten To Use Bondi Shooting To Attack Anti-Genocide Activists»
15 ديسمبر/كانون الأول 2025
2) تصريح رئيس وزراء أستراليا يرد على نتنياهو: لا أقبل الإدعاء الذي يربط بين الإعتراف بدولة فلسطينية والهجوم
جريدة الإتحاد الحيفاوية
, 15 كانون أول/ديسمبر, 2025
3) صحيفة New York Post
حول هوية القتلة

2



#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ألكسندر دوغين - ضباب كثيف يلف الدبلوماسية - برنامج إيسكالاتس ...
- طوفان الأقصى 800 - يائير لابيد: إسرائيل عند مفترق تاريخي
- حرب أوكرانيا - وجهة نظر تاريخية سياسية دينية
- طوفان الأقصى 799 - مراجعة كتاب - بيتر بينارت: -أن تكون يهودي ...
- ألكسندر دوغين…تأمّلات حول الحرب
- طوفان الأقصى 798 - ما لا نسمعه عن الضفة الغربية
- الولايات المتحدة تعيد صياغة نفسها: قراءة في «إستراتيجية الأم ...
- طوفان الأقصى 797 - عقيدة ترامب الجديدة - الخليج أولاً… وتركي ...
- طوفان الأقصى 796 - «وجه واحد للنازية»: قراءة في مقالة دميتري ...
- طوفان الأقصى 795 - سوريا بعد عام على سقوط نظام الأسد: هل وُل ...
- البيريسترويكا بعد أربعين عاماً: سقوط الإمبراطورية السوفياتية ...
- طوفان الأقصى 794 - بين الرياض وتل أبيب: طريق محفوف بالتوترات
- طوفان الأقصى 793 - العلاقات التركية–الأذربيجانية في ضوء “الع ...
- ألكسندر دوغين - أوروبا تحت سيطرة الشبكة الليبرالية العالمية: ...
- طوفان الأقصى 792 - المواجهة المؤجلة: قراءة هادئة في إحتمالات ...
- طوفان الأقصى 791 - «إسرائيل الجديدة: دولة صغيرة بدورٍ إمبراط ...
- ألكسندر دوغين - -وإذا لزم الأمر، فسنمحو أوروبا من على وجه ال ...
- طوفان الأقصى 790 - الذهب الدامي والنفط المحترق: حرب السودان ...
- تحرير كراسنوأرميسك: قراءة تحليلية في دلالات الإختراق الميدان ...
- طوفان الأقصى 789 - إعدامات ميدانية في الضفة الغربية: صفقة تر ...


المزيد.....




- رائحة غريبة.. تقود رجلًا الى إكتشاف ثعبان تحت غطاء محرك سيار ...
- العراق: إقالة مسؤولين عن إدراج حزب الله وجماعة الحوثي بقائمة ...
- اليانصيب الأمريكي يصنع المليونيرات: تعرف على أكبر 10 جوائز ع ...
- بيروت تستضيف موكب عيد الميلاد الملون رغم التوتر مع إسرائيل
- نازحو غزة يواجهون أمطارا غزيرة وطقسا باردا في خيام هشة
- الأردن في مواجهة المغرب للفوز بـ-عرش- كأس العرب 2025
- من هو الملياردير الأفريقي -السخي- الذي وزع مكافآت بأكثر من 2 ...
- الأردن في مواجهة المغرب للفوز بـ-عرش- كأس العرب 2025
- تبون يعفو عن المؤرخ الجزائري محمد الأمين بلغيث بعد سجنه بسبب ...
- الكرملين: روسيا تسعى لإنهاء الحرب وترفض الحلول المؤقتة


المزيد.....

- الطبقة، الطائفة، والتبعية قراءة تحليلية منهجية في بلاغ المجل ... / علي طبله
- قراءة في تاريخ الاسلام المبكر / محمد جعفر ال عيسى
- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - الأقصى 801 - إستغلال هجوم أستراليا: بين الإدانة الأخلاقية وتكميم أصوات التضامن مع غزة